تراقب الأسواق العالمية عن كثب مضيق هرمز، وهو ممر حيوي للنفط والغاز الطبيعي المسال، وسط مخاوف من أن إطالة أمد الهجمات بين إسرائيل وإيران قد يعطل حركة المرور عبر الممر المائي الضيق.
وخلّف الهجوم الإسرائيلي على إيران، الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، اضطراباً في الأسواق المالية العالمية وخاصة ما يتعلق منها بأسعار النفط، ما أثار مخاوف من أن طهران قد ترد باستهداف الشحن عبر مضيق هرمز، أحد أهم نقاط عبور الطاقة في العالم.
وإذا أغلقت إيران المضيق، فقد يؤدي ذلك إلى تعطيل إمدادات النفط والغاز، ما قد يطلق موجة جديدة من التضخم في جميع أنحاء العالم.
🎥ـ آثار الدمار في منطقة "ريشون لتسيون" جنوبي "تل أبيب"، نتيجة قصف صاروخي إيراني.. وفرق الطوارئ التابعة للاحتلال تبحث عن مفقودين بين الأنقاض pic.twitter.com/8jJbgXBKpN
— عربي بوست (@arabic_post) June 14, 2025
وشهدت أسعار النفط، الجمعة، ارتفاعاً بنسبة 7% بعد تبادل إسرائيل وإيران ضربات جوية، مما أجج مخاوف المستثمرين من أن يعطل القتال صادرات النفط من الشرق الأوسط على نطاق واسع.
وقالت القوة البحرية المشتركة متعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة إن حركة الملاحة التجارية مستمرة في المرور عبر مضيق هرمز على الرغم من الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق.
ما هو مضيق هرمز؟
- يقع المضيق بين عُمان وإيران، ويربط بين الخليج شمالاً وخليج عُمان وبحر العرب جنوباً.
- يبلغ اتساعه 33 كيلومتراً عند أضيق نقطة، ولا يتجاوز عرض ممري الدخول والخروج فيه ثلاثة كيلومترات في كلا الاتجاهين.
ما أهميته؟
- يمر عبر المضيق نحو خمس إجمالي استهلاك العالم من النفط، أي ما يقرب من 20 مليون برميل يومياً من النفط والمكثفات والوقود.
- ويذهب نحو 70% من حجم النفط إلى آسيا عبر هذا الممر، وتعد الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند وباكستان والفلبين من بين أكبر المتلقين، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
- وتُصدر السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، معظم نفطهم الخام عبر المضيق، لا سيما إلى آسيا.
- وتسعى الإمارات والسعودية إلى إيجاد طرق أخرى لتفادي عبور المضيق. وذكرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في يونيو/حزيران العام الماضي أن نحو 2.6 مليون برميل يومياً من طاقة خطوط الأنابيب الإماراتية والسعودية غير المستغلة قد تكون بديلاً لمضيق هرمز.
- وتنقل قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، كل غازها الطبيعي المسال تقريباً عبر المضيق، وهو ما يمثل نحو ربع استخدام الغاز الطبيعي المسال عالمياً. وتُعد أوروبا وجهة رئيسية للغاز الطبيعي المسال الذي يمر عبر مضيق هرمز.

هل يمكن لإيران إغلاق المضيق؟
- هددت إيران مراراً وتكراراً بإغلاق المضيق في حال تعرضها لهجوم، لكنها لم تتمكن قط من منع حركة المرور بالكامل، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز.
- ورأى محللون أن إغلاق المضيق، وإن كان مستبعداً في الوقت الحالي، سيمثل الإجراء الأكثر تطرفاً الذي قد تتخذه إيران.
- ونقلت فايننشال تايمز عن أمينة بكر، رئيسة قسم الشرق الأوسط وأوبك+ في مجموعة تحليلات الطاقة كبلر، قولها: "في حين أن القوات الأمريكية في المنطقة سترد فوراً وتعيد فتح المضيق، فإن هذا سيدفع أسعار خام برنت إلى ما يزيد بكثير عن عتبة 100 دولار للبرميل".
- ونظراً لوجود الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية في البحرين، صرّحت حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في آر بي سي كابيتال ماركتس، بأنه سيكون "من الصعب للغاية" على إيران إغلاق المضيق تماماً لفترة طويلة. وأضافت أن طهران قد تشن هجمات على ناقلات النفط لتعطيل حركة المرور، كما فعلت خلال الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي.
- ومع ذلك، فإن مثل هذه الخطوة ستؤدي أيضاً إلى تعطيل أكثر من مليون برميل يومياً من صادرات إيران إلى الصين.
- من جانبه، قال فيفيك دار، مدير أبحاث التعدين والسلع الطاقية في بنك الكومنولث الأسترالي: "أي حصار لمضيق هرمز سيكون خياراً أخيراً بالنسبة لإيران، ومن المرجح أن يتوقف على مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران".
- فيما رأى محللون آخرون أن غلق المضيق لن يكون بالسهولة الممكنة لطهران، نظراً لأن معظمه يقع في عُمان، وليس في إيران، ولأنه واسع بما يكفي بحيث لا يستطيع الإيرانيون إغلاقه، بحسب ما نقل موقع سي إن بي سي عن أنس الحاجي، الشريك الإداري في شركة إنرجي أوتلوك أدفايزرز.
- وعلى نحو مماثل، أشارت إيلين والد، رئيسة شركة ترانسفيرسال للاستشارات، إلى أنه على الرغم من أن العديد من السفن تمر عبر المياه الإيرانية، فإن السفن لا تزال قادرة على سلوك طرق بديلة عبر الإمارات وعُمان.
- وأضافت والد أنه لا توجد أي فائدة تُذكر من إعاقة مرور النفط عبر مضيق هرمز، خاصةً أن البنية التحتية النفطية الإيرانية لم تُستهدف بشكل مباشر. وأضافت أن أي إجراء من هذا القبيل من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من الانتقام.
كيف سيتأثر العالم إذا أغلقت إيران المضيق؟
إذا أغلقت إيران مضيق هرمز، فإن الاقتصاد العالمي سيتأثر بشكل كبير ويواجه ما وصفه بعض الخبراء بـ "كابوس مطلق". وإليك بعض التأثيرات الرئيسية التي قد تحدث:
1- ارتفاع أسعار النفط:
سيؤدي إغلاق المضيق إلى تأثير مباشر على حوالي 20% من تدفقات النفط العالمية. ومن المحتمل أن تتجاوز أسعار النفط 100 دولار للبرميل، مما سيسهم في ارتفاع تكاليف الطاقة على مستوى العالم.
وقال أرن لومان راسموسن، كبير المحللين ورئيس الأبحاث في جلوبال ريسك مانجمنت، لوكالة الأناضول: "إذا أغلقت إيران هذا الممر المائي الضيق، فقد يؤثر ذلك على ما يصل إلى 20% من تدفقات النفط العالمية. ومن المرجح أن يؤدي إغلاقه إلى ارتفاع أسعار النفط إلى ما يزيد عن 100 دولار".
ويُقدر محللو بنك جي بي مورغان، أن تعطل حركة ناقلات النفط عبر مضيق هرمز، بالإضافة إلى صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال، ينذر بحدوث عواقب وخيمة، وقد ترتفع أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل.
2- زيادة تكاليف الشحن:
وسيؤدي ارتفاع أسعار النفط أيضاً إلى زيادة أقساط التأمين على الشحن، التي سيتم تحميلها في النهاية على المستهلكين في جميع أنحاء العالم. وهذا سيؤثر على تكلفة المنتجات والخدمات التي تعتمد على الطاقة في إنتاجها أو نقلها.
3- التضخم العالمي:
سيتسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط في زيادة التضخم في العديد من الاقتصادات. على سبيل المثال، وفقاً لصندوق النقد الدولي، سيرتفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة بنحو 0.4 نقطة مئوية لكل زيادة قدرها 10% في أسعار النفط.
4- تأثيرات على الصين ودول الخليج:
الصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط من الخليج، لن تكون راغبة في أي انقطاع في تدفق النفط، حيث أن هذا سيؤثر على اقتصادها بشكل كبير. كذلك، دول مثل قطر والإمارات، التي تعتمد على المضيق لنقل النفط والغاز، قد تتأثر أيضاً بشكل كبير.
5- زيادة في التوترات الجيوسياسية:
قد يثير إغلاق المضيق غضب العديد من الأطراف العالمية، بما في ذلك الصين والولايات المتحدة، ويؤدي إلى تصعيد التوترات العسكرية والاقتصادية. وهذا التصعيد من شأنه أن يزيد من عدم الاستقرار في السوق العالمية.

وقائع سابقة شهدها مضيق هرمز
- في يوليو/تموز 1988، أسقطت البارجة الحربية الأمريكية "فينسينس" طائرة إيرانية ما أسفر عن مقتل 290 شخصاً هم جميع من كانوا على متنها، فيما قالت واشنطن إنه حادث اعتقد فيه الطاقم أن الطائرة التجارية طائرة مقاتلة. وقالت الولايات المتحدة إن "فينسينس" كانت في المنطقة لحماية السفن المحايدة من هجمات البحرية الإيرانية.
- وفي مطلع 2008، قالت الولايات المتحدة إن الزوارق الإيرانية هددت سفنها الحربية بعدما اقتربت من ثلاث سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المضيق.
- وفي يونيو/حزيران 2008، قال قائد الحرس الثوري الإيراني وقتها محمد علي جعفري إن إيران ستفرض قيوداً على المرور في المضيق إذا تعرضت للهجوم.
- وفي يوليو/تموز 2010، تعرضت ناقلة النفط اليابانية "إم ستار" لهجوم في المضيق. وأعلنت جماعة متشددة تُعرف باسم كتائب عبدالله عزام، والتي لها صلة بالقاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم.
- وفي يناير/كانون الثاني 2012، هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على عقوبات أمريكية وأوروبية استهدفت إيراداتها النفطية في محاولة لوقف برنامج طهران النووي.
- وفي مايو/أيار 2015، أطلقت سفن إيرانية طلقات صوب ناقلة ترفع علم سنغافورة قالت طهران إنها دمرت منصة نفطية إيرانية، ما دفع الناقلة إلى الفرار. كما صادرت سفينة حاويات في المضيق.
- وفي يوليو/تموز 2018، ألمح الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى أن بلاده قد تعطل مرور النفط عبر مضيق هرمز رداً على دعوات أمريكية لخفض صادرات إيران من الخام إلى الصفر. وقال قائد بالحرس الثوري أيضاً إن إيران ستوقف كل الصادرات عبر المضيق إذا تم إيقاف الصادرات الإيرانية.