نقل أسلحة ودعم استخباراتي ولوجستي.. تفاصيل دعم حكومة حزب العمال البريطانية لإسرائيل في حرب غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/19 الساعة 11:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/19 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر / رويترز

واصلت حكومة حزب العمال البريطاني النهج الذي اتبعته حكومة المحافظين السابقة في دعم إسرائيل في حربها على قطاع غزة، التي عادت أدراجها من جديد بعدما شنّ جيش الاحتلال غارات مكثفة فجر الثلاثاء، أسفرت عن سقوط ما يقرب من 400 شهيد.

وتعددت أشكال الدعم الذي قدمته حكومة حزب العمال البريطاني، بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر، لتشمل دعماً عسكرياً ولوجستياً واستخباراتياً، وحتى سياسياً.

وبرز آخر أشكال هذا الدعم السياسي بعدما كشفت تقارير بريطانية، الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، أن ستارمر وبّخ وزير الخارجية، ديفيد لامي، بعد اتهامه إسرائيل مرتين بارتكاب جرائم حرب أمام مجلس العموم هذا الأسبوع.

ورغم أن حكومة حزب العمال قد استفادت من حالة الرفض الشعبي تجاه المحافظين بسبب الدعم الذي تلقته إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحققت فوزاً كبيراً خلال الانتخابات العامة الماضية، فإننا لم نشهد تغييراً ملحوظاً في السياسة البريطانية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة.

نستعرض في هذا التقرير أشكال الدعم البريطاني الاستخباراتي والعسكري لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ توليها مهام الحكم في البلاد في يوليو/تموز 2024.

أولاً: تقديم الدعم اللوجستي للطائرات الأمريكية خلال الغارات الجوية الأخيرة على اليمن

نفّذت طائرة تزويد بالوقود من طراز "فوييجر" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني رحلتين من قاعدة أكروتيري الجوية في قبرص إلى شمال البحر الأحمر، لدعم حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس. ترومان" خلال الغارات الأمريكية التي استهدفت الحوثيين في اليمن مطلع هذا الأسبوع، وفق تقرير حصري لموقع "ديكلاسيفايد" البريطاني.

وقال موقع "ديكلاسيفايد" إن دعم التزود بالوقود الذي شاركت فيه طائرات بريطانية يشكّل المشاركة الأولى لستارمر في الغارات على اليمن منذ تولي حزب العمال السلطة، على الرغم من أن سلاح الجو الملكي البريطاني لم يعلن عن مشاركته.

وأظهرت بيانات تتبع الرحلات الجوية أنه في يوم السبت 15 مارس/آذار، غادرت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز "فوييجر" قاعدة أكروتيري في الساعة 17:49 بالتوقيت العالمي المنسق، واتجهت جنوباً إلى البحر الأحمر.

حرائق في ميناء الحديدة بفعل قصف للاحتلال الإسرائيلي – اليمن – رويترز

ووصلت ناقلة التزود بالوقود إلى المنطقة الواقعة جنوب جدة مباشرة في المياه قبالة سواحل السعودية، حيث كانت السفن البحرية الأمريكية متمركزة، حوالي الساعة 19:20.

وأمضت سفينة "فوييجر KC2″، التي تبلغ سعتها أكثر من مائة طن من الوقود، أكثر من ساعتين في موقع حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس. ترومان".

وسُجّلت الضربات الأولى في اليمن حوالي الساعة 17:15 بالتوقيت العالمي المنسق، واستمرت لأكثر من خمس ساعات.

وأكد مصدر دفاعي لموقع "ديكلاسيفايد" أن "المملكة المتحدة قدّمت دعماً روتينياً للحلفاء في مجال التزود بالوقود جواً، للمساعدة في الدفاع عن حاملة طائرات أمريكية في المنطقة التي انطلقت منها الضربات".

وقُتل ما لا يقل عن 27 مدنياً وأصيب 22 آخرون في الليلة الأولى من الغارات الجوية الأمريكية على سبع محافظات يمنية.

ثانياً: عقد اجتماعات سرية مع أكبر شركة أسلحة إسرائيلية في بريطانيا

وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، عقدت حكومة ستارمر اجتماعاً خاصاً مع شركة "إلبيت سيستمز"، أكبر شركة أسلحة في إسرائيل.

وعُقد الاجتماع بمشاركة ثلاثة ممثلين من شركة "إلبيت سيستمز" وثلاثة مسؤولين من وزارة الداخلية البريطانية.

وأشار تقرير إلى أن الاجتماع الخاص عُقد بعد أشهر من استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلية طائرةً بدون طيار من إنتاج شركة "إلبيت سيستمز" لقتل ثلاثة من قدامى المحاربين البريطانيين في غزة، والذين كانوا يتولون مهام الحماية لقافلة مساعدات إنسانية.

وفي ظل حكومة المحافظين السابقة، اجتمعت وزارة الداخلية أيضاً مع مسؤولين من شركة "إلبيت سيستمز"، التي حاولت تشجيع الشرطة البريطانية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحراك المؤيد لفلسطين في البلاد.

ويبدو أن جهود شركة "إلبيت سيستمز" لمواجهة الحركات الداعمة لفلسطين، والتي تنظم احتجاجات مستمرة ضد شركة الأسلحة الإسرائيلية، ومن بينها حركة "فلسطين أكشن"، في بريطانيا قد ذهبت إلى أبعد من ذلك.

وتعرّضت السلطات البريطانية لضغوط مستمرة لتقليص النشاط المؤيد لفلسطين، مما أثار تساؤلات حول غرض الاجتماع الأخير بين وزارة الداخلية وشركة "إلبيت سيستمز".

قوة إسرائيلية خاصة
جنود من جيش الاحتلال في قطاع غزة / الأناضول

وتشير وثائق إلى أن شركة الأسلحة الإسرائيلية تمتلك خلية استخبارات خاصة بها، وتشارك المعلومات المتعلقة بالتظاهرات المناهضة للحرب الإسرائيلية على غزة مع الشرطة في جميع أنحاء البلاد.

وتعدّ شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية أحد المورّدين الرئيسيين للأسلحة وأنظمة المراقبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك طائرات بدون طيار عسكرية من طراز Skylark وHermes، والتي تشكل غالبية أسطول إسرائيل من الطائرات بدون طيار الكبيرة، وقد تم استخدامها على نطاق واسع في غزة.

كما تستخدم إسرائيل قنابل MPR 500 متعددة الأغراض، التي تصنعها الشركة، في هجماتها على قطاع غزة. وتزوّد الشركة جيش الاحتلال الإسرائيلي بقذائف مدفعية عيار 155 ملم والعديد من أنظمة الأسلحة والتكنولوجيات الأخرى.

ثالثاً: تشغيل رحلات جوية إسرائيلية من قواعد بريطانية

قامت القوات الجوية الإسرائيلية أيضاً بتشغيل ثلاث رحلات نقل على الأقل من قاعدة بريز نورتون التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

ووفقاً لتقارير، انطلقت رحلتان – في 13 أكتوبر/تشرين الأول و28 نوفمبر/تشرين الثاني – إلى قاعدة دوفر الجوية الأمريكية بولاية ديلاوير. أما الرحلة الثالثة، فقد وصلت من دوفر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، وانطلقت في اليوم نفسه إلى قاعدة نيفاتيم الجوية، وهي القاعدة الرئيسية لسلاح الجو الإسرائيلي جنوب إسرائيل.

ولم يُعرف بعد من أين انطلقت الرحلتان الأوليتان أو المدة التي قضتها الطائرات الإسرائيلية في المملكة المتحدة.

وهناك شكوك في أن هذه الرحلات كانت تحمل أسلحة أمريكية. وأفادت التقارير أن طائرات إسرائيلية محملة بـ"أسلحة متطورة" كانت تحلّق بانتظام من دوفر إلى نيفاتيم منذ أن بدأت الحرب على غزة.

وكانت الطائرات الإسرائيلية من طراز بوينغ 707 للنقل، وهي طائرات معروفة بقدرتها على نقل البضائع لمسافات طويلة.

سلسلة غارات عنيفة على رفح
إسرائيل قتلت 7 عاملين في المنظمة الإغاثية "المطبخ المركزي العالمي" في غزة/ الأناضول

وتُعدّ قاعدة بريز نورتون القاعدة الرئيسية لسلاح الجو الملكي البريطاني. ويؤكد سلاح الجو الملكي البريطاني أن "أسطوله المتنوع من الطائرات يُتيح تنقلاً عالمياً سريعاً لدعم العمليات والتدريبات البريطانية في الخارج".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تهبط فيها طائرات عسكرية إسرائيلية في المملكة المتحدة.

ففي فبراير/شباط 2024، أقرت حكومة المحافظين البريطانية بأن تسع طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي أقلعت وهبطت من الأراضي البريطانية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لكن وزارة الدفاع رفضت إبلاغ البرلمان بما كانت تحمله الطائرات الإسرائيلية.

وقال وزير الدفاع جيمس هيبي آنذاك: "لأسباب أمنية عملياتية، وكمسألة تتعلق بالسياسة، لا تقدم وزارة الدفاع أي تعليقات أو معلومات تتعلق بتحركات أو عمليات الطائرات العسكرية للدول الأجنبية".

رابعاً: تسيير طائرات مراقبة فوق غزة بالتزامن مع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار

وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، كشف موقع ديكلاسيفايد أن سلاح الجو الملكي البريطاني قام بتنفيذ طلعات استطلاعية قرب غزة طوال الأيام التي شهدت عمليات تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي.

وتنطلق الطائرات من القاعدة الجوية البريطانية في قبرص، قاعدة أكروتيري الجوية، وتتجه نحو غزة، عندما تطفئ أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها.

وقبل وقف إطلاق النار، كانت مثل هذه الرحلات الجوية تحدث بشكل يومي تقريباً، حيث زعمت الحكومة البريطانية أن هذه الرحلات تساعد إسرائيل في العثور على الأسرى.

من جهته قال زكي الصراف، وهو ضابط قانوني في المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين لموقع ديكلاسيفايد: "منذ أشهر، قالت الحكومة إن طائرات سلاح الجو الملكي التي تحلق حول غزة تستخدم فقط لتحديد أماكن الأسرى، فلماذا يتم إرسال هذه الرحلات الجوية الآن بعد توقف الأعمال العدائية؟".

عملية تبادل أسرى بين الاحتلال والمقاومة في غزة برعاية قطرية /رويترز

ووفق بيانات،  انطلقت رحلة تجسس من قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص في الساعة 15:32 وعادت في الساعة 20:59 بالتوقيت المحلي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 

وأوقفت الطائرة أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها فوق شرق البحر الأبيض المتوسط، مما أثار تساؤلات حول ما كانت تفعله على وجه التحديد في الجو بينما كانت حماس تطلق سراح الأسيرة البريطانية المتبقية، إيميلي داماري.

وصرح النائب العمالي برايان ليشمان لموقع ديكلاسيفايد: "إن الاستخدام المستمر لقاعدة عسكرية بريطانية في قبرص، من خلال طائرات تجسس تحلق قرب غزة، أمر مثير للقلق. يجب التساؤل عن غرض هذه الرحلات، والأنشطة التي تقوم بها، وما يحدث مع أي معلومات تجمعها، وتوضيح ذلك".

تحميل المزيد