36 تريليون دولار ديوناً على أمريكا.. كيف تراكمت عليها كل هذه الأموال، ومن هي الدول الدائنة؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/07 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/07 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
ما هو سقف الدين الأمريكي وماذا سيحدث للاقتصاد الأمريكي والعالمي إذا لم يرفع؟ shutterstock

أمريكا مدينة بأكثر من 36 تريليون دولار شاملة الديون الداخلية والخارجية المستحقة لدول أجنبية. ربما لم يكن أحد يتخيل أن أكبر دولة في العالم مدينة بهذا المبلغ الكبير، ولكن الواقع أسوأ من ذلك، حيث يشكّل الدين القومي الأمريكي حالياً حوالي 120% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. 

وقد شغلت قضية الدين القومي الأمريكي وخفض الديون الخارجية الإدارة الأمريكية الجديدة بعد تولي الرئيس دونالد ترامب مهام ولايته الثانية في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

وقبل يومين، تعهّد الرئيس الأمريكي بإحداث توازن في الميزانية الاتحادية بهدف تقليص الديون الأمريكية خلال خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه في الكونغرس، الثلاثاء 4 مارس/آذار 2025.

ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

يأتي ذلك في الوقت الذي حثّ فيه المشرعين على وضع برنامج شامل لخفض الضرائب، والتي يقول محللون غير حزبيين إنها قد تضيف أكثر من خمسة تريليونات دولار عبء ديون على الحكومة الاتحادية البالغة 36 تريليوناً. 

وسيتعين على الكونغرس التحرك لرفع سقف الديون في وقت لاحق من هذا العام أو المخاطرة بالتخلف عن السداد المدمر، وفق تقرير لوكالة رويترز.

وبينما حازت مسألة خفض الإنفاق الحكومي وتقليص الديون الخارجية على اهتمام كبير من إدارة ترامب، فقد استحدث الرئيس الجمهوري وزارة الكفاءة الحكومية التي يشرف عليها قطب التكنولوجيا إيلون ماسك بهدف خفض الإنفاق الحكومي وترشيد النفقات.

وفي فبراير/شباط الماضي، قال ترامب إن إدارته تراجع مدفوعات ديون الخزانة الأمريكية للكشف عن أي عمليات احتيال محتملة، وأِشار إلى أن إجمالي الدين العام البالغ 36 تريليون دولار قد يكون أقل من الرقم المعلن.

وفيما يلي نستعرض أبرز التفاصيل عن الدين القومي الأمريكي، وأبرز الدول الدائنة للولايات المتحدة وما إذا كان بمقدور ترامب خفض الدين القومي الأمريكي. 

1- ما هو الدين القومي الأمريكي؟

الدين القومي الأمريكي هو إجمالي مبلغ الأموال المقترضة المستحقة التي تراكمت لدى الحكومات الفيدرالية بمرور الوقت.

وتنفق الولايات المتحدة كل عام أموالاً أكثر مما تحصل عليه، مما يؤدي إلى عجز في الميزانية السنوية.

ويتراكم هذا العجز بمرور الوقت، مما يخلق فجوة مالية وعجزاً تغطيه الولايات المتحدة جزئياً بالاقتراض من المستثمرين، وإلا فإن الحكومة ستضطر إلى خفض الخدمات، أو زيادة الإيرادات، أو مزيج من الأمرين. وتشكل هذه القروض ــ بالإضافة إلى الفائدة المستحقة ــ الدين القومي.

وينمو الدين القومي كل عام، وهناك عجز، حيث تقترض الدولة مبالغ متزايدة من المال. 

وعانت الولايات المتحدة من عجز في الميزانية كل عام على مدى السنوات العشرين الماضية، وخلال هذه الفترة تضاعف الدين القومي خمسة أضعاف.

ولتمويل عجز الميزانية ــ الفجوة بين ما تنفقه وما تكسبه ــ تبيع الحكومة الأمريكية أنواعاً مختلفة من الأوراق المالية الحكومية مثل سندات الخزانة، والسندات، والأوراق المالية، وغير ذلك. وتسمح هذه الأموال للولايات المتحدة بتغطية عجزها في الأمد القريب من خلال الوعد بسداد الأوراق المالية الحكومية مع الفائدة في تاريخ لاحق.

الدولار رويترز
الدولار/ رويترز

2- ما هي أنواع الدين القومي الأمريكي؟

يتم تصنيف الدين القومي الأمريكي إلى نوعين: الدين العام والديون الداخلية. 

والدين الحكومي الداخلي هو الدين الذي تحتفظ به الوكالات والكيانات الفيدرالية داخل الولايات المتحدة. ويشمل هذا الدين الأموال المستحقة للضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد العسكرية والرعاية الطبية وصناديق التقاعد الأخرى.

أما الباقي فهو دين عام. وتحتفظ الحكومات الأجنبية بحصة كبيرة من الدين العام، في حين تمتلك البنوك الأمريكية والمستثمرون الأفراد، والبنك الاحتياطي الفيدرالي، وحكومات الولايات والحكومات المحلية، وصناديق الاستثمار المشترك، وصناديق التقاعد، وشركات التأمين، وحاملي سندات الادخار الباقي.

واعتباراً من 23 يناير/كانون الثاني 2025، بلغ إجمالي الدين الوطني المملوك للعامة 28.88 تريليون دولار.

3- كيف تغير الدين القومي الأمريكي بمرور الزمن؟

ارتفع الدين القومي الأمريكي بمقدار 30.71 تريليون دولار منذ عام 1993، ونحو 16.79 تريليون دولار في العقد الماضي. وجاءت أكبر الزيادات في الدين القومي بعد الركود الكبير في عام 2008 وجائحة كوفيد-19 في عام 2020.

وارتفع الدين القومي الأمريكي بمقدار 2.41 تريليون دولار خلال الفترة من أغسطس/آب 2023 وحتى أغسطس/آب 2024، أي بزيادة قدرها حوالي 6.6 مليار دولار يومياً.

وحتى نهاية 2034، تشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى وصول إجمالي الدين القومي الأمريكي إلى مستوى 50.7 تريليون دولار، وهو رقم يعادل 200% تقريباً من الناتج المحلي الأمريكي لعام 2023.

هذا الرقم، يفوق تقديرات مماثلة لنفس المؤسسة مطلع عام 2024، عندما توقعت أن يبلغ مجمل الدين القومي 48.3 تريليون دولار بحلول 2034، وفق أرقام اطلعت عليها وكالة الأناضول.

ويشير مكتب الميزانية بالكونغرس إلى أنه من غير المرجح أن يتقلص الدين على مدى السنوات العديدة القادمة، وفق تقارير أمريكية

أمريكا
البيت الأبيض/ رويترز

4- لماذا تنفق حكومات أمريكا الكثير من الأموال؟

فيما يلي بعض الأسباب المحددة التي تجعل الحكومة الأمريكية تنفق أموالاً أكثر مما تحصلها:
برامج الاستحقاق: تحظى برامج الاستحقاق، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية بشعبية كبيرة، ومن الصعب سياسياً إجراء تخفيضات عليها، هذه البرامج هي مصدر رئيسي للإنفاق لحكومة الولايات المتحدة.

الحروب: شاركت الولايات المتحدة في حروب في العراق وأفغانستان لسنوات عديدة، فلقد كانت هذه الحروب باهظة الثمن، ولم يتم دفع ثمنها من الضرائب.

التخفيضات الضريبية: خفضت الحكومة الأمريكية الضرائب في السنوات الأخيرة،  أدت هذه التخفيضات الضريبية إلى انخفاض الإيرادات الحكومية.

الركود العظيم: أدى الركود العظيم في 2008-2009 إلى انخفاض حاد في الإيرادات الضريبية، فاستجابت الحكومة الأمريكية بزيادة الإنفاق لتحفيز الاقتصاد. 

5- ما هي الدول التي تمتلك الجزء الأكبر من الديون الأمريكية؟

اعتباراً من أبريل/نيسان 2024، تمتلك الدول الأجنبية ما يقرب من 7.9 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية ــ أو 22.9% من إجمالي الدين الأمريكي.

وتمتلك اليابان والصين والمملكة المتحدة وجزر كايمان ولوكسمبورغ معظم الديون الأمريكية الخارجية.

وتحتفظ الدول الخمس بنحو 3.3 تريليون دولار في سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يعادل نحو 40% من إجمالي الأصول المملوكة للأجانب على النحو التالي:

1. اليابان:

بلغت قيمة سندات الخزانة اليابانية 1.09 تريليون دولار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، متفوقة على الصين باعتبارها أكبر حامل أجنبي للديون الأمريكية.

2. الصين

تحظى الصين بقدر كبير من الاهتمام بسبب حيازتها لجزء كبير من ديون الحكومة الأمريكية. 

وتحتل الصين المرتبة الثانية بعد اليابان بين حاملي الديون الأمريكية الأجانب، حيث تبلغ حيازتها من سندات الخزانة 768.6 مليار دولار اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

3. المملكة المتحدة

يحتفظ المستثمرون البريطانيون بـ 765.6 مليار دولار من الديون الأمريكية.

4. لوكسمبورغ

تعد لوكسمبورغ رابع أكبر دولة حاملة للديون الأمريكية بين الدول الأجنبية، وبلغت ديون لوكسمبورغ الأمريكية 424.5 مليار دولار.

5. جزر كايمان

جزر كايمان هي ملاذ ضريبي عالمي. بالإضافة إلى ذلك، تعد جزر كايمان مركزاً للعديد من شركات الاستثمار التي تمتلك حصة كبيرة من سندات الخزانة الأمريكية. واعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تمتلك جزر كايمان 397 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية.

شرطة اليابان تبحث عن لص سرق فنجان شاي ذهبياً بقيمة 65 مليون دولار
علم اليابان/ الأناضول

6- لماذا تشتري الدول الأجنبية الديون الأمريكية؟

يشتري المستثمرون الأجانب سندات الخزانة الأمريكية لأنها من بين الأصول الأكثر أماناً في العالم.

وأشارت تقارير إلى أن التزام الحكومة الأمريكية بسداد الديون في الوقت المناسب، وخاصة خلال حالة عدم اليقين الاقتصادي، يجعل سندات الخزانة عنصراً أساسياً في العديد من السياسات النقدية الأجنبية.

كما أن امتلاك كمية كبيرة من الدولار الأمريكي قد يكون مفيداً لأنه عملة مقبولة على نطاق واسع في التجارة والمعاملات الدولية. كما أن امتلاك سندات الخزانة الأمريكية قد يوفر فوائد أخرى مثل تنويع المحفظة الاستثمارية.

ومع ذلك، فإن الملكية الأجنبية للديون الأمريكية تفرض عدة مخاطر يمكن أن تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.

فالكيانات الأجنبية التي تحتفظ بكميات كبيرة من سندات الخزانة الأمريكية قد تؤثر على السياسات الاقتصادية الأمريكية. وقد تؤثر على القرارات الاقتصادية أو تسبب عدم الاستقرار من خلال بيع حيازاتها بسرعة، وهو ما قد يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة وتعطيل الأسواق المالية، وفق تقرير لموقع US FACTS.

7- كيف بدأت أزمة الديون الأمريكية؟

بدأت مشكلة سقف الديون لأن حكومة الولايات المتحدة كانت تعاني من عجز ضخم في الميزانية لسنوات عديدة، وتمكنت الحكومة من تمويل عجزها عن طريق اقتراض الأموال، لكن سقف الديون منع الحكومة من اقتراض المزيد من الأموال.

وكانت حكومات الولايات المتحدة تعاني من عجز في الميزانية لسنوات عديدة بسبب ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، هذه البرامج مهمة، لكنها باهظة الثمن أيضاً كما تنفق الحكومة المزيد من الأموال على الجيش وعلى التخفيضات الضريبية.

الكونغرس
الكونغرس الأمريكي/الأناضول

8- ما هو سقف الدين؟

سقف الدين، أو حد الدين، هو قيد يفرضه الكونغرس على مقدار الدين الوطني المستحق الذي يمكن للحكومة الفيدرالية أن تتحمله. 

وسقف الدين هو المبلغ الذي يمكن لوزارة الخزانة اقتراضه لسداد الفواتير المستحقة ودفع تكاليف الاستثمارات المستقبلية. وبمجرد الوصول إلى سقف الدين، لا يمكن للحكومة الفيدرالية زيادة مبلغ الدين المستحق، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على سداد الفواتير وتمويل البرامج والخدمات. 

ومع ذلك، يمكن لوزارة الخزانة استخدام تدابير استثنائية يأذن بها الكونغرس لتعليق بعض الديون الحكومية مؤقتاً مما يسمح لها بالاقتراض لتمويل البرامج أو الخدمات لفترة محدودة من الوقت بعد وصولها إلى السقف.

وبما أن الولايات المتحدة لم تتخلف قط عن سداد التزاماتها، فإن نطاق التداعيات السلبية المرتبطة بالتخلف عن السداد غير معروف، ولكن من المرجح أن تكون له تداعيات كارثية في الولايات المتحدة وفي الأسواق في مختلف أنحاء العالم.

9- هل يستطيع ترامب خفض الدين الخارجي؟

سيواجه ترامب وصناع السياسة النقدية في 2025 أزمة متصاعدة، تتمثل في الاستمرار بالاقتراض لتغطية العجز، وانتهاء تخفيضات ضريبية أقرت في عام 2017.

ويعني ذلك، أن مزيداً من الأعباء المالية، ستضاف على الأسر والشركات؛ وفوق كل ذلك، سينتهي العمل بقرار الكونغرس تعليق حد الدين الذي أعلن عنه في مايو/أيار 2023، مما يؤدي إلى مواجهة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن الإنفاق الفيدرالي.

وأضافت التخفيضات الضريبية التي تم إقرارها عام 2017 ما يقرب من 2 تريليون دولار إلى الدين القائم.

واليوم يقترح ترامب تمديد كل هذه التخفيضات لسنوات قادمة، وهو ما قد يضيف تريليونات أخرى إلى الدين.

ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي ارتفاع رصيد الدين إلى إبقاء أسعار الفائدة الفيدرالية مرتفعة، مما يجبر الكونغرس على تحويل قدر كبير من عائدات الضرائب إلى خدمة الدين، وفق تقرير وكالة الأناضول.

تحميل المزيد