تتساقط المدن والمحافظات السورية واحدة تلو الأخرى بيد فصائل المعارضة المسلحة الزاحفة من الشمال، فبعد إتمام سيطرتها منذ 27 نوفمبر 2024 على إدلب وريفها وحلب وريفها، تلتهما مدينة حماة وما حولها يوم الخميس، أصبحت قوات المعارضة أو ما يعرف بـ"إدارة العمليات المشتركة" على مشارف مدينة حِمص، أكبر المحافظات السورية.
وبدأت الفصائل المسلحة الجمعة 6 ديسمبر 2024، التوغل في مدينة حمص وسط البلاد، ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق. وذلك بعد أن سيطرت على مدينتي الرستن وتلبيسة التابعتين لمحافظة حمص، قبل أن تبدأ التوغل في حي الوعر غربي مدينة حمص.
تعد مدينة حمص واحدة من أبرز المدن السورية، وتقع وسط البلاد على ضفاف نهر العاصي، مما يجعلها مركزاً حيوياً يربط المحافظات الشمالية والجنوبية بالساحل السوري. وحمص ليست مجرد مدينة تاريخية وثقافية بل اكتسبت أهمية استراتيجية خلال الثورة السورية، واليوم تفصل مدينة حمص عملية "ردع العدوان" عن العاصمة دمشق حيث مقر حكم النظام السوري.
أكبر المحافظات السورية.. ماذا نعرف عن حِمص؟
- تعد حمص ثالث أكبر المدن السورية بعد دمشق وحلب، فهي تمتد على حدود لبنان والعراق والأردن، وهي عاصمة محافظة حمص التي تُعد من أكبر المحافظات السورية مساحةً على الإطلاق.
- تُعرف حمص بـ"مدينة ابن الوليد" حيث تحتوي على جامع الصحابي خالد بن الوليد وفيها ضريحه الذي تم قصفه من قبل قوات النظام، بالإضافة إلى جامع النوري الكبير وكان معبدًا وثنيًّا ثم تحوَّل بعد الفتح الإسلامي إلى مسجدٍ رمَّمه وجدّده الملك الزنكي محمود نور الدين، فحمل اسمه "النوري". وتتميز حمص بتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين منذ العصر البرونزي.
- تمتد محافظة حمص على مساحة حوالي 42,223 كيلومتر مربع، مما يجعلها الأكبر في سوريا، في حين تبلغ مساحة المدينة التاريخية نفسها حوالي 1,000 كيلومتر مربع.
- تقع المدينة على مفترق طرق استراتيجي يربط بين جنوب سوريا وشمالها M5، وهي بوابة دمشق الشمالية، بالإضافة إلى قربها من الساحل الغربي، مما يعزز أهميتها الجغرافية والتجارية.
- يقدر عدد سكان مدينة حمص بنحو 1.5 مليون نسمة، معظمهم من المسلمين السنة مع وجود بعض الأقليات من العلويين والمسيحيين.
الأهمية الاستراتيجية لمدينة حمص
- قبل اندلاع الثورة السورية، كانت حمص مركزاً زراعياً وصناعياً رئيسياً لسوريا، حيث تعتمد على محاصيل استراتيجية كالحبوب والقطن. وفي الصناعات الثقيلة مثل تكرير النفط، كما أن الموقع الجغرافي الذي يسهل حركة التجارة الداخلية والخارجية، عززاً مكانتها الاقتصادية.
- كانت حمص قبل انطلاق الثورة السورية تعتبر بمثابة الرئة الاقتصادية للبلاد، إذ تقع في غربيها وشرقيها مصاف للنفط وحقول للغاز ومراكز صناعية عدة.
- تحتضن حمص شبكات طرق وخطوط سكك حديدية ومرافق صناعية، مثل مصافي النفط في بانياس، ما يجعلها محركاً اقتصادياً.
حمص في الثورة السورية
- خلال الثورة السورية، أصبحت حمص نقطة ارتكاز عسكرية رئيسية وسميت بـ"عاصمة الثورة" أو "قلعة الثورة"، وإثر الاحتجاجات الشعبية العارمة في 2011، أحكم النظام السوري سيطرته على مركز هذه المدينة بشكل كامل عام 2014. وبعد 4 سنوات من هذا التاريخ، فرض نفوذه كاملا على المناطق الواقعة في ريفها الشمالي (عام 2018)، بينها تلبيسة والرستن، وهي التي تدخلها الفصائل الآن.
- شهدت حمص مظاهرات سلمية منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، وسرعان ما تحولت إلى ساحة مواجهات عسكرية شرسة. أبرز المعارك:
- معركة بابا عمرو: كانت من أولى المعارك الكبرى بين المعارضة المسلحة والنظام في عام 2012، فخلال شهر شباط من ذلك العام شن النظام حملة عسكرية شنيعة أدت إلى سقوط قرابة 1,000 سوري وإصابة آلاف وقد جاءت المجزرة في اليوم الذي صادف إحياء الذكرى الثلاثين لمجزرة حماة التي وقعت عام 1982.
- حصار حمص: تعرضت حمص لأطول حصار في الثورة، مما أدى إلى دمار كبير وخسائر بشرية ضخمة. استمر الحصار ثلاث سنوات، من مايو 2011 إلى مايو 2014، وأسفر عن انسحاب المعارضة من المدينة
- في أيار/مايو 2014 بدأت قوافل المهجرين تخرج من أحياء حمص القديمة بموجب اتفاق مع النظام، بحيث أصبحت أحياء المدينة تحت سيطرة الأخير بشكل كامل باستثناء حي الوعر، الذي تعرض بدوره لحصار شديد وعمليات قصف متقطعة استمرت عامين، إلى أن شنت عليه قوات النظام حملة قصف عنيفة اضطرت الأهالي للرضوخ إلى اتفاق جديد يقضي بإخلائه على دفعات وتسليمه للنظام، وتضم كل دفعة حوالي 1500 إلى 2000 شخص.
- ولأن حمص تشكل معبراً رئيسياً إلى لبنان، فقد استمات حزب الله اللبناني في السيطرة على مدينة "القصير" في حمص، التي تشكل بوابته الرئيسية إلى مناطقه في جنوب لبنان، حيث خاض الحزب إلى جانب النظام معارك عديدة هناك ضد الثوار.
- سيطرة المعارضة على حمص اليوم تعني التحكم في خطوط الإمداد بين الساحل ودمشق. موقعها يجعلها أخطر ساحة للصراع بين النظام والمعارضة، وخاصة في أحياء مثل بابا عمرو والخالدية، ويمهد الدخول لحمص السيطرة على دمشق.