الراعي الأول لسرقة الأراضي الزراعية بالضفة.. كل ما تريد معرفته عن منظمة “أمانا” الاستيطانية التي عاقبتها أمريكا 

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/19 الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/20 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يكرس سيطرته على الضفة الغربية/عربي بوست

جاءت العقوبات الأمريكية على منظمة أمانا الاستيطانية، في ظل تزايد إنشاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، وتفاقم أعمال عنف المستوطنين اليهود الذين تدعمهم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وعقب خطوات مماثلة من كندا وبريطانيا قبل أشهر، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، الإثنين 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فرض عقوبات على "أمانا" وشركتها الفرعية "بنياني بار أمانا" على خلفية تمويل ودعم أنشطة استيطانية، وأفراداً متورطين بالعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وفي بيانها، أوضحت الوزارة الأمريكية، أن "أمانا" التي تعمل في مجال بناء وتطوير المستوطنات، تقوم بـ"التوسع بالبناء بشكل يهدد السلام والاستقرار في المنطقة".

بموجب العقوبات، تُجمد أصول المنظمة وشركتها الفرعية في الولايات المتحدة، وتُمنع أي معاملات مالية معهما من قبل الأفراد أو المؤسسات الأمريكية.

هذا التقرير يستعرض ماهية هذه المنظمة الاستيطانية، ودورها البارز في دعم الأنشطة الاستيطانية، وتبعات القرار الأمريكي لا سيما أنه جاء قبل أسابيع من تسليم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن البيت الأبيض للرئيس المنتخب دونالد ترامب.

ما هي منظمة أمانا الاستيطانية؟

لعبت منظمة أمانا الاستيطانية دوراً محورياً في تشكيل ودعم البؤر الاستيطانية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية، من خلال منح القروض لتمويل إنشائها.

وتقف خلف تشكيلها منظمة "غوش إيمونيم" وهي حركة يهودية أرثدوكسية يمينية متطرفة، التزمت بإنشاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، ورغم أنه لم يعد لها وجود رسمي في إسرائيل، إلا أن آثار نفوذها لا تزال موجودة في المجتمع الإسرائيلي.

يعود تأسيس "أمانا" إلى عام 1976، وأصبحت كـجمعية مسجلة رسمياً في العام 1978، واعترفت بها المنظمة الصهيونية العالمية، ومع مرور الوقت أصبحت مستقلة تقريباً عن حركة "غوش إيمونيم" المتطرفة.

وتعد مستوطنات "كدوميم" شمال الضفة الغربية، و"معاليه أدوميم" شرق القدس، ومستوطنة "عوفرا" شمال شرق محافظة رام الله والبيرة (وسط)، من أوائل التجمعات الاستيطانية الكبيرة التي عملت "أمانا" على تطويرها.

المستوطنات في الضفة الغربية/ الأناضول
المستوطنات في الضفة الغربية/ الأناضول

بحسب منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، فإن منظمة أمانا الاستيطانية تعتبر واحدة من أقوى المنظمات الاستيطانية مالياً وسياسياً من حيث تأثيرها على إنشاء المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الأراضي المحتلة، بأصول تقدر قيمتها نحو (600 مليون شيكل إسرائيلي) نحو (161 مليون دولار)، وميزانية تقدر بعشرات الملايين من العملة المحلية.

كما تصفها منظمة "السلام الآن"، فإن "أمانا" تعتبر "الأم والأب" للبؤر الاستيطانية غير القانونية، وركزت أنشطتها خلال السنوات الماضية على إقامة البؤر الاستيطانية الزراعية غير القانونية التي تشكل في السنوات الأخيرة عاملاً رئيسياً في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

حيث يقوم هؤلاء المستوطنون بإحراق بساتين الزيتون والمنازل وسرقة المواشي، وتحويل إمدادات المياه، وإغلاق الطرق المؤدية إلى القرى، وترهيب القرويين من الوصول إلى أراضيهم في الضفة الغربية.

ومع العام 2018، تزايد أعمال إنشاء المزيد من المزارع الاستيطانية للمستوطنين بشكل منهجي بمختلف أنحاء الضفة الغربية، وبحسب منظمة "السلام الآن" فإن الوثائق أظهرت تورط "أمانا" بالأمر.

وفي شباط/فبراير 2021، عقدت منظمة أمانا مؤتمراً عرضت فيه أنشطتها بالمزارع والبؤر الاستيطانية، حيث تباهى رئيسها زئيف هيفر (زامبيش)، بإنشاء 30 مزرعة ووعد حينها، بإنشاء 10 مزارع أخرى.

خريطة توضح كيف تبتلع المستوطنات الضفة الغربية/عربي بوست
خريطة توضح كيف تبتلع المستوطنات الضفة الغربية/عربي بوست

وفي مقابلة أجرتها معه مجلة "يوش" العقارية عام 2023، قال زئيف هيفر: "مهمتنا الرئيسية في الحفاظ على المناطق المفتوحة، والوسيلة الرئيسية لذلك هي المزارع"، كما أشار إلى أن المساحة التي تشغلها هذه المزارع تعادل 2.5 ضعف المساحة التي تشغلها مئات المستوطنات.

وبحسب تحقيق سابق لصحيفة "هآرتس"، فإن المنظمة الاستيطانية تقوم بجمع رسوم شهرية من سكان المستوطنات، وهي إحدى آليات الإيرادات الرئيسية لديها.

وفي عالم العقارات، أنشأت "أمانا" أو تعمل على الترويج لـ83 مستوطنة في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتعرض على موقعها الالكتروني منازل للبيع في المستوطنات من خلال شركة "بنياني بار أمانا".

واللافت أنه يتم بناء المستوطنات بواسطة منظمة أمانا الاستيطانية على أراضي تخصصها حكومة الاحتلال مجاناً لها، من خلال المنظمة الصهيونية العالمية، وفي تلك التجمعات فإن المستوطنين الذين يشترون منزلا من المنظمة ليسوا أصحاب "أرض طابو"، بل يتم تعريفهم على أنهم أصحاب "تصاريح".

وإلى جانب شركة "بنياني بار أمانا"، فإن للمنظمة الاستيطانية شركة أخرى تدعى "وطن"، والتي تصدرت عناوين الأخبار قبل تسع سنوات، عندما كشف تحقيق أجراه موقع "همكور" العبري، أنها كانت تستولي على الأراضي التي يملكها فلسطينيون باستخدام وثائق مزورة.

ما تأثير القرار الأمريكي على منظمة أمانا الاستيطانية؟

تحتفظ منظمة أمانا الاستيطانية بعلاقات اقتصادية مع الشركات الأخرى والجمهور الإسرائيلي، حيث أنها تعمل مع كافة البنوك في إسرائيل، والتي سجلت معها على مر السنين امتيازات على الأراضي والأصول، وبالتالي فإن القرار من شأنه تعطيل مشاريع البناء.

حيث يعني القرار الأمريكي أنه لا يمكن لأي كيان له علاقات بالنظام المالي الأمريكي تقديم أي خدمة تجارية أو مالية للمنظمة الاستيطانية، ومن بين هذه المؤسسات جميع البنوك والمؤسسات المالية في إسرائيل.

وفي تصريحات لموقع "ذا ماركر"، قدرت الباحثة والمحاضرة بجامعة حيفا، سارة يائيل هيرشهورن، أن حوالي 60 ألف أمريكي يهودي يعيشون أو لديهم منازل وأراضي في المستوطنات، قد يتأثروا بالعقوبات.

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن عدداً من المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن العقوبات المفروضة على منظمة أمانا الاستيطانية، قد يكون لها عواقب أبعد مدى من أي عقوبات محتملة على وزراء إسرائيليين مثل بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير.

حيث اعتبر المسؤولون الأمريكيون أن العقوبات المفروضة على منظمة أمانا الاستيطانية، قد يكون لها تأثير أكثر واقعية على الوضع على الأرض.

آثار اعتداءات المستوطنين على أملاك الفلسطينيين في قرية المغير بالضفة الغربية - الأناضول
آثار اعتداءات المستوطنين على أملاك الفلسطينيين في قرية المغير بالضفة الغربية – الأناضول

لكن الأوساط الاستيطانية الإسرائيلية، رغم غضبهم من القرار الأمريكي، إلا أنهم قللوا من أهميته، لأنه جاء قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس الديمقراطي جو بايدن.

وذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل"، أنه من المتوقع أن يقوم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بإلغاء القرار المتعلق بمنظمة أمانا الاستيطانية.

وانتقد السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، العقوبات، زاعماً أن الشركة الإسرائيلية تبني المستوطنات في الضفة الغربية بشكل قانوني.

بدوره أدان رئيس مجلس "يشع" الاستيطاني، يسرائيل غانتس، العقوبات واتهم الإدارة الأمريكية بـ"تعزيز محور الشر"، "والتصرف ضد الكتاب المقدس".

ما هي أبرز الجمعيات الاستيطانية الفاعلة بالضفة الغربية؟

ورغم أن منظمة أمانا الاستيطانية، أكبر جمعية تعاونية تنشط في ملف الاستيطان في الضفة الغربية، إلا أن هناك العديد من الحركات الاستيطانية التي تبرز بهذا المجال وهي:

  • الاتحاد الزراعي: وهي حركة استيطانية تتألف من قرى زراعية إسرائيلية، تم إنشاؤها في أكتوبر/تشرين الأول 1960، وترتبط بها حركة شبابية تأسست عام 1978.
  • حركة الكيبوتسات: وهي أكبر منظمة تعني بالكيبوتسات (كلمة بالعربية تعني تجمّع)، وهي مستوطنات تعاونية تضم جماعة من المستوطنين الإسرائيليين يعيشون ويعملون سويا ويتعاونون في الزراعة.

وهي تمثل الكيبوتسات أمام السلطات، وتقدم الحركة للمسؤولين في الكيبوتسات مجموعات من الخدمات في مختلف مجالات الحياة.

  • حركة الكيبوتسات الدينية: وهي إطار تنظيمي للكيبوتسات الأرثوذكسية في إسرائيل، تضم عضويتها 22 تجمع استيطاني أبرزها "غوش عتصيون" قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية، 16 منها كيبوتسات، و6 موشاف.
  • حركة الموشافيم: هي إحدى الحركات الاستيطانية الرئيسية في إسرائيل، وترتبط أنشطتها في الأراضي الزراعية (الموشاف) والتي تعتبر مملوكة للصندوق القومي اليهودي أو للدولة.
تحميل المزيد