بينما لم يتم الإعلان حتى الآن عن التوصل لأي اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية خلال اليومين الماضيين ما أسمته مسودة الاتفاق المحتمل بين الطرفين، التي تشرف عليها واشنطن في محاولة أمريكية للإعلان عن التوصل إلى اتفاق قبل نهاية ولاية الرئيس جو بايدن.
يأتي ذلك بينما يتمسك حزب الله بأن أي اتفاق يجب أن يتم على أساس مبدأ "وقف إطلاق النار أولاً"، وعدم فك الارتباط بين جبهتي غزة ولبنان.
وكانت الساعات الأخيرة قد شهدت حراكاً دبلوماسياً لمحاولة استئناف المفاوضات بين الجانبين بإشراف أمريكي.
وسائل إعلام أمريكية كانت قد أشارت إلى زيارة لمبعوثي الرئيس الأمريكي جو بايدن، آموس هوكشتاين وبريت ماكجورك، إلى إسرائيل الخميس لمحاولة التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب في لبنان والسماح للمدنيين النازحين بالعودة إلى منازلهم.
وقالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية إن هوكشتاين الذي وصل إلى تل أبيب، الخميس، سيلتقي مع كل من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ووزير الدفاع يوآف غالانت، لبحث مسودة الاتفاق.
ونقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين إنه من الممكن التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال بين إسرائيل وحزب الله خلال بضعة أسابيع.
وكانت العمليات العسكرية قد تصاعدت بين الجانبين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت حتى الآن عن أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيّ، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وقد وسّعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق حربها لتشمل مناطق في لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزواً برياً في جنوبه.
ما هي بنود مسودة الاتفاق المحتمل؟
قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) الأربعاء، إن مبعوث بايدن "هوكشتاين يصيغ مسودة اتفاق بين إسرائيل ولبنان تقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان خلال أسبوع على أن يستأنف عملياته العسكرية في حال تم خرق الاتفاق".
فيما تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها قناة كان، تفاصيل مسودة الاتفاق المحتمل بين حزب الله وإسرائيل، والتي شملت البنود التالية:
- التزام كل من إسرائيل ولبنان بقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي أنهى الحرب بين إسرائيل ولبنان في عام 2006، ونص على وقفٍ كامل للعمليات القتالية في لبنان، وسحب إسرائيل كل قواتها من جنوب لبنان، ووقف حزب الله لهجماته ضد إسرائيل.
- إعلان وقف إطلاق النار يليه فترة انتقالية مدتها 60 يوماً.
- يتعين على إسرائيل سحب قواتها من جنوب لبنان خلال 7 أيام، وسيحل محلها الجيش اللبناني، وسيشرف على الانسحاب الولايات المتحدة ودول أخرى.
- إيجاد منطقة بين "الخط الأزرق" (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل).
- لن يمنع الاتفاق الطرفين من حق الدفاع عن أنفسهما حال خرق أي منهما للاتفاق.
- يُمنع انتشار السلاح في الجنوب اللبناني إلا بإشراف من الحكومة اللبنانية نفسها.
- منح الحكومة اللبنانية الصلاحيات اللازمة لتنفيذ قرار منع "حزب الله" من التسلح، مع مراقبة وتفكيك المنشآت العسكرية التي لا تعترف بها الحكومة لإنتاج الأسلحة، فضلاً عن تفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تتوافق مع القرار 1701.
- تشرف الولايات المتحدة ودول وهيئات دولية أخرى على تنفيذ بنود الاتفاق.
- سيتولى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الرسمية للحكومة اللبنانية مسؤولية فرض تنفيذ الاتفاق على الجانب اللبناني، مع إمكانية فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية لضمان تنفيذه.
- لإسرائيل حق الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الناشئة خارج جنوب لبنان إذا فشلت الحكومة اللبنانية في إحباط التهديد، بما في ذلك إنتاج وتخزين ونقل الأسلحة الثقيلة والصواريخ وغيرها من الأسلحة المتقدمة.
وقد دعا وزراء في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) إلى أن تحصل إسرائيل على الصلاحيات التي منحتها مسودة الاتفاق للجيش اللبناني فيما يتعلق بتنفيذ قرار منع "حزب الله" من التسلح، مع مراقبة وتفكيك المنشآت العسكرية التي لا تعترف بها الحكومة لإنتاج الأسلحة، فضلاً عن تفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تتوافق مع القرار 1701.
وبجانب التفاصيل التي تضمنتها مسودة الاتفاق، أشارت تقارير غربية أيضاً نقلاً عن دبلوماسيين أن إسرائيل تطالب اليونيفيل بتوسيع نطاق مراقبتها لتشمل المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني ومحافظة البقاع الشرقية والمناطق القريبة من الحدود السورية.
وأضافت التقارير أنه من غير المرجح أن يوافق لبنان على بعض المطالب الإسرائيلية التي تشمل أيضاً منح حرية لسلاح الجو الإسرائيلي للتحليق فوق الأراضي اللبنانية.
وأفادت وسائل إعلام أمريكية أن الاتفاق قيد الدراسة يشمل نشر الجيش اللبناني نحو 8,000 جندي على طول الحدود مع إسرائيل.
لكن ماذا عن موقف حزب الله من المفاوضات؟
أكد حزب الله على أنه لن يقبل بأي اتفاق لوقف إطلاق النار إلا بشروطه القائمة على مبدأ "وقف إطلاق النار أولاً" وبالتفاوض غير المباشر، كما أكد على أنه لم يتعهد لأي طرف بفك الارتباط بين جبهتي غزة ولبنان.
وقال الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم، الأربعاء، إنهم يواجهون "حرباً عالمية" ضد المقاومة لا تقتصر على لبنان وقطاع غزة، مؤكداً أنهم لن يقبلوا بوقفها إلا بشروطهم القائمة على أساس "وقف إطلاق النار أولاً" وبالتفاوض غير المباشر.
جاء ذلك في كلمة مصورة له الأربعاء، هي الأولى له بعد اختياره أميناً عاماً لـ"حزب الله" خلفاً لحسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل بغارة عنيفة على منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
ولوقف هذه الحرب، أكد قاسم في كلمته على قبولهم لأي حل يلبي شروطهم ويتم التوصل إليه عبر "التفاوض غير المباشر ويقوم أولاً على وقف إطلاق النار".
وقال قاسم عن ذلك: "مستمرون في التصدي للعدوان وإذا أراد العدو وقفه نقبل بالشروط التي نراها مناسبة وأي حل يبقى بالتفاوض غير المباشر".فيما قالت مصادر سياسية مطّلعة إن حزب الله ليس بعيداً عن الاتصالات الجارية، بحسب ما نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله.
وأضافت المصادر أن ثوابت حزب الله في المفاوضات واضحة، ولخّصتها بالآتي:
- يؤكد الحزب أن الرئيس بري هو من يمثله في أي مفاوضات تتعلق بملف الحرب ووقف إطلاق النار، وأنه ينسق بشكل دائم مع بري، كما لديه قنوات اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجهات أخرى لبنانية معنية بملف التفاوض.
- لم ينقطع التواصل بين حزب الله وبعض الجهات الخارجية التي تعمل على خط المفاوضات، من بينها مصر والجزائر وقطر وفرنسا. وقد أكد الحزب لهذه الأطراف على ثوابته التي تستند أولاً وأخيراً إلى أن وقف إطلاق النار بصورة كاملة هو شرط إلزامي لأي بحث حول ما يفترض حصوله لاحقاً.
- لا يرى حزب الله أن ما قامت به إسرائيل يمنحها أي أفضلية لفرض أي تعديل على الوضع القائم منذ عام ٢٠٠٦، وأن الحزب لن يقبل تحت أي ظرف بإدخال أي تعديل لا على بنود القرار ١٧٠١ ولا على آليات التنفيذ.
- لم يعارض الحزب زيادة عدد القوات الدولية أو الجيش اللبناني وفق ما كان مقرراً أصلاً في القرار ١٧٠١. لكنه يرفض إضافة أي دولة جديدة على القوات الدولية، ويطالب بإبعاد ألمانيا بصورة نهائية عن عمل القوات الدولية، بعدما تحولت إلى "شريك للعدو" في الحرب.
- لا يراهن الحزب على تغييرات دراماتيكية في الموقف الأمريكي، وهو يتعامل بشكل هادئ مع التسريبات الأمريكية، ويعتقد بأن إسرائيل تريد مواصلة الحرب لفترة أطول.
- لا يزال الحزب يضع في بياناته العسكرية العبارات التي تقول بأن ما تقوم به المقاومة هو إسناد للمقاومة في غزة مع إضافة عبارة "الدفاع عن لبنان". وهو لم يقدم أي التزام، لأي طرف في لبنان أو خارجه، بالقبول بفك الارتباط بين جبهة لبنان وجبهة غزة.
- لا يتعامل الحزب بتوتر أو انفعال مع كل ردود الفعل الداخلية التي أظهرت حقداً على المقاومة، أو حتى تلك التي تظهر في موضع الشريك للعدو، ويرى أن حفظ السلم الأهلي مهمة مركزية، علماً أنه لن يتعامل بلامبالاة مع أي محاولة للنيل من حضوره السياسي أو قاعدته الاجتماعية.
- يؤكد الحزب للشعب اللبناني أن سلاح المقاومة لن يكون محل تفاوض مع أحد، وأن المقاومة تمثل خياراً إلزامياً وسيعمل الحزب بكل ما يملك لحفظها.