كيف طوَّع اللوبي الصهيوني فرنسا؟ هذه أذرعه ورموزه التي تحكمت بمفاصل الدولة وقراراتها

عربي بوست
تم النشر: 2024/10/11 الساعة 07:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/10/12 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
توغل اللوبي الصهيوني في فرنسا/ رويترز

منذ انتخابه رئيسًا لفرنسا عام 2017 ظل إيمانويل ماكرون يدافع عن مبدأ العلمانية الذي يفصل بين الكنيسة والدولة، لكن في شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، وبالضبط عشية اليوم الوطني للعلمانية، سيتهم ماكرون بخرق هذا المبدأ عندما شارك في أحد الطقوس اليهودية وكان ذلك داخل قصر الإليزيه.

حيث أُضيئت شمعة عيد الأنوار اليهودي (الحانوكا بالعبرية) في قاعة الاستقبال بقصر الإليزيه، "تخليدًا لذكرى الإسرائيليين" الذين قُتلوا خلال عملية "طوفان الأقصى"، ونددت المعارضة بخطأ ماكرون، بينما قال إن تقديمه "لفتة دينية" أو المشاركة في احتفال "لا يعني عدم احترام العلمانية".

هذا الاحتفال "غير المسبوق" في تاريخ الجمهورية يكشف بالملموس كيف توغلت الحركة الصهيونية ورموزها في فرنسا حتى وصلت إلى أعلى هرم في السلطة، وكيف تمكنت من التأثير حتى في صناعة الرأي العام الفرنسي.

وهو ما أكده الكاتب العراقي، شاكر نوري، في كتابه "الحركة الصهيونية في فرنسا منذ دريفوس حتى الوقت الحاضر"، حيث كشف كيف لجأ اللوبي الصهيوني في فرنسا إلى مختلف الوسائل الدعائية والأدبية والفنية والسياسية وتغلغلت في جميع الميادين حتى وقتنا الحاضر.

من خلال هذا التقرير الذي سنعتمد فيه على وقائع وحقائق من مصادر رسمية ومصادر مفتوحة وباحثين متخصصين، سنقوم برصد بداية نشأة الحركة الصهيونية في فرنسا وكيف استغلت قضية الضابط دريفوس لصالحها؟

ومن هي الأذرع الناعمة التي خدمت اللوبي الصهيوني في فرنسا؟ ومن هم أبرز الشخصيات الصهيونية تأثيرًا في السياسة والاقتصاد والثقافة بفرنسا؟ وكيف عملت على مواجهة التعاطف الشعبي مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان إسرائيلي متواصل؟

ظهور اللوبي الصهيوني في فرنسا

لفهم كيف توغل اللوبي الصهيوني في فرنسا لا بد من العودة قليلًا إلى الوراء وبالضبط إلى نهاية القرن 18 وبداية القرن 19 خلال فترة حكم نابليون بونابارت لفرنسا عندما احتل مصر، ودعا اليهود من آسيا وأفريقيا إلى مساعدته في حملته مقابل دعمهم في الوصول إلى "أرض الميعاد".

وفقًا لرفيق النتشة في كتابه "الاستعمار وفلسطين" فإنه مع فشل حملة نابليون على مصر وفلسطين وعودته بعد 3 سنوات، انطلقت بدايات الاستيطان اليهودي الفعلي في فلسطين في عام 1840، وكانت بريطانيا وقتها هي "عراب إسرائيل".

وقتها عرض اللورد شافتسبري في مؤتمر لندن مشروعًا إلى اللورد بالمرستون وزير الخارجية البريطاني يطلب فيه أن تتبنى الحكومة البريطانية عملية تنظيم هجرة اليهود ونقلهم إلى فلسطين، وتبنى بالمرستون هذه الدعوة وتحمّس لها.

لكن في فرنسا كان دعم اليهود، للفكر الصهيوني أقل واختاروا التركيز على أعمالهم وتنمية ثرواتهم، وتصاعدت معاداة اليهود وانخفضت عدة مرات خلال تلك الفترة، إلى أن بلغت ذروتها فيما بات يعرف بقضية الضابط "دريفوس".

في العقد الأخير من القرن التاسع عشر برزت قضية الضابط "دريفوس"، وبعد نفيه بدأ الضغط الشعبي وتدخلت جهات رسمية لفتح ملف القضية من جديد، كان من بين المدافعين عن دريفوس الكاتب والمفكر الفرنسي إميل زولا الذي خصص كتابًا للقضية كان عنوانه "إني أتهم.. الحقيقة الكاملة".

تقول الرواية الصهيونية إن قضية دريفوس تركت أثرًا بالغًا على مؤسس الصهيونية الحديثة، ثيودور هرتزل، الذي كان وقتها يعمل مراسلًا صحافيًا في باريس ورأى ما حصل بأم عينه، وهذه القضية دفعته إلى وضع كتابه (دولة اليهود).

اعتبرت قضية دريفوس مثالًا على مدى توغل الليوبي الصهيوني في فرنسا، التي تعرضت لضغط حتى توافق على إقامة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين. واستطاعوا إقناعها بإصدار وعد كامبو، الذي اعتبر اعترافًا رسميًا من قبل فرنسا بالحركة الصهيونية يشبه وعد بلفور.

<strong>تاريخ اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست</strong>
تاريخ اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست

صدر الوعد بعد لقاءات عدة تمت بين سوكولوف -وهو أحد زعماء الحركة الصهيونية وممثلها في باريس- ورئيس الوزراء الفرنسي ريبو والسكرتير العام لوزارة الخارجية جول كامبو.

وطالب سوكولوف أن تصدر الحكومة الفرنسية بيانًا كتابيًا تعبر فيه عن عطفها على أهداف الحركة الصهيونية فيما يختص بقيام دولة يهودية في فلسطين، وهو ما استجابت له الحكومة الفرنسية ونشرت في 4 يونيو/حزيران 1917، إعلانًا صريحًا.

مدير مكتب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بباريس، سلام كواكبي، قال لـ"عربي بوست" إن مجموعات الضغط الصهيونية تشكّلت مبكرًا في المشهد السياسي الفرنسي، وكان لها دور كبير في الفترة ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الحرب العالمية الثانية.

وأوضح الكواكبي أنه يمكن اعتبار قضية الضابط دريفوس نقطة انطلاق الشعور بضرورة التكتل في تنظيمات مهنية وثقافية وسياسية، أما العامل الثاني والمفصلي، فهو التعاون الكامل للحكومة الفرنسية مع الاحتلال النازي بما عرف حينها تحت مسمى حكومة فيشي.

إذ قامت الشرطة الفرنسية بتنظيم ترحيل عشرات الآلاف من اليهود نحو معسكرات الإبادة الجماعية في ألمانيا وبولندا. بناء على ذلك، يخلص المتحدث "أن فرنسا دولة متعاونة مع العدو النازي ضد شعبها أولًا، وضد المكونات العرقية الدنيا من وجهة نظر هذا النازي".

لذلك، إثر نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي إطار ظاهرة "عقدة الذنب" وأيضًا في سياق نشاط اللوبي الصهيوني في فرنسا، تمكّنت هذه المجموعات من الوصول إلى مفاصل صنع القرار والتأثير فيه، وذلك في ظل غياب كامل لمجموعات ضغط أخرى، عربية أو إفريقية أو غيرها.

أذرع اللوبي الصهيوني في فرنسا

  • المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا "CRIF"

لا يستقيم البحث في تاريخ اللوبي الصهيوني في فرنسا دون الحديث عن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية "الكريف" (CRIF)، التنظيم الذي طالما أثر في القرار السياسي بفرنسا، وبات اليوم من أهم أدوات إسرائيل للدفاع عن مصالحها وخدمة أجندتها.

التنظيم الذي تأسس عام 1944، ووفق ما يذكر زعماؤه يضم في صفوفه حوالي 100 ألف شخص، ويرتبط على المستوى الدولي بالكونغرس اليهودي العالمي المؤيد للحركة الصهيونية، وتضم في صفوفها مجموعة من المتطرفين اليهود والمدافعين عن الصهيونية.

كل سنة، يدعو المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا نحو 800 شخص إلى مائدة عشاء ينظمه، في مقدمة هؤلاء وجوه بارزة من الطبقة السياسية ورواد الأعمال وخبراء التكنولوجيا، يقدمون خصيصًا للاستماع إلى شكاوى ومطالب يهود فرنسا.

وتبقى مهمتها الأساسية "بناء جسر بين المجتمع اليهودي والدولة ومختلف الفاعلين في المجتمع الفرنسي"، وفق ما ذكر، جان إيف كامو، المشارك في تأليف كتاب "العالم اليهودي"، كما صنفها زعيم حزب "فرنسا الأبية"، جان لوك ميلونشون بأنها تمثل "أقصى اليمين".

خلال السنوات الأخيرة أصبح CRIF فاعلًا رئيسيًا في الحياة السياسية الفرنسية. على الرغم من ذلك، لا يسلط الضوء كثيرًا على كواليس عمله وحقيقة أهدافه في وسائل الإعلام، وقد شكل موضوع تحقيقات نادرة، ما يطرح كثيرًا من التساؤلات حول طبيعة أدواره.

يقول الخبير الفرنسي في السياسات الاستراتيجية، باسكال بونيفاس، أصبح "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا" (CRIF) فاعلًا مركزيًا في الحياة السياسية الفرنسية".

وأكد أن حفل العشاء السنوي الذي ينظمه يُعد من أبرز الفعاليات السياسية والإعلامية التي تحضرها نسبة كبيرة من الطبقة السياسية، بما في ذلك العديد من الوزراء".

في آخر أنشطتها نقلت المنظمة خلال شهر مارس/آذار 2024، عشرات السياسيين والمثقفين ورجال الأعمال إلى معسكر "أوشفيتز" في بولندا، في رحلة تذكارية كما وصفتها المنظمة على موقعها الرسمي.

بل إن المنظمة كانت قادرة حتى على استقطاب خبراء وكتاب عرب مسلمون، كان آخرهم الكاتب والصحفي الفرنسي ذو الأصول الجزائرية، محمد سيفاوي، واحتفت بحوار أجرته معه في 2 سبتمبر/أيلول 2024، كان عنوانه: ""حماس تريد تدمير إسرائيل وإقامة دولة دينية شمولية".

  • اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا "UEJF"

كامتداد للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية، هناك اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا (UEJF)، الذي يضم حوالي 15 ألف عضو، ويبقى هدفها الرئيس "مواجهة خصومهم، الذين يجعلون حياتهم صعبة، وهم اليسار المتطرف والإسلاميون"، حسب جان إيف كامو.

وكان دور اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا، الذي يضم في صفوفه أعضاء معروفون بتطرفهم، بارزًا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث كان يعمد إلى ترهيب المشاركين في المظاهرات المتضامنة مع الفلسطينيين في الجامعات الفرنسية من خلال نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتعرّض المشاركون، بعد نشر صورهم، إلى حملات تهديد من قبل مجموعات إسرائيلية ناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل "اللواء اليهودي" الذي أُعيدت تسميته مؤخرًا وبات يعرف "بالتنينات السماوية" أو "سيوف سليمان" أو "فريق العمل الإسرائيلي".

وهو ما حدث فعلًا خلال اليوم التضامني، الذي دعت إليه "هيئة تنسيق الجامعات الأوروبية ضد الاستعمار في فلسطين"، خلال شهر مارس/آذار 2024، في معهد العلوم السياسية في باريس، بعد أن عمد أعضاء اتحاد الطلبة اليهود لترهيب المشاركين.

وعوض أن يحاسب الطلبة اليهود، أعلن وقتها رئيس الحكومة السابق، غابرييل أتال، أن حكومته سترفع دعوى قضائية وفق المادة 40 من قانون الجنايات لمحاسبة المتورطين في "منع طالبة يهودية من دخول المدرج الذي كان يحتضن يومًا تضامنياً مع الفلسطينيين".

أذرع اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست
أذرع اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست
  • جمعية "بيتار" المتطرفة

تبرز جمعيات يهودية ذات توجه صهيوني متطرف مثل جمعية "بيتار"، وهي حركة توجد في إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وأيضًا في فرنسا. ويقول جان إيف كامو: "تأسست هذه المنظمة على يد فلاديمير جابوتنسكي، الذي يُعد ملهمًا لليمين الإسرائيلي، الذي يمثله اليوم بنيامين نتنياهو"، وقبله أرييل شارون.

كما يوضح كامو: "في الأصل، كانت مجموعة شبابية، وكان من بين أعضائها عضو البرلمان الفرنسي ماير حبيب، لكنها لا تزال غامضة إلى حد ما. في أوائل الألفية، تميزت بأعمال عنيفة، استهدفت أحيانًا اليهود اليساريين"

بحسب جان إيف كامو، فإن الحوادث المرتبطة بالعنف الذي ارتكبته هذه الجماعة جعلتها "الوحش المطلق" بالنسبة لليسار المتطرف واليمين المتطرف على حد سواء.

  • رابطة الدفاع اليهودية الصهيونية

تقوم "رابطة الدفاع اليهودية"، وهي فرع فرنسي لحركة صهيونية تأسست في أمريكا أوائل الألفية الثانية، بأعمال عنيفة وملفتة، وأنجبت حركة "كاخ" الصهيونية المتطرفة التي من أبرز أعضائها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي انضم للحركة وهو في 16 من عمره.

كانت تعتبر رابطة الدفاع اليهودية" منظمة "إرهابية" في أمريكا إلى غاية عام 2022 عندما أزالتها الخارجية الأمريكية من قوائم الإرهاب، وتقول السوسيولوجية الفرنسية مارتين كوهين: "إنهم الأكثر تطرفًا، ويدافعون عن إسرائيل بشكل غير مشروط وبالقوة إذا لزم الأمر".

واقتصرت أعمال الرابطة على الأنشطة الاحتجاجية والتخريبية، بدءًا من سكب الدماء على دبلوماسي سوفياتي خلال حفل استقبال في واشنطن العاصمة، إلى زرع قنبلة دخان في عرض موسيقي للأوركسترا السوفياتية في نيويورك.

ورغم إعلان وزارة الداخلية الفرنسية عام 2014 أنها تدرس حظر "رابطة الدفاع اليهودية"، إلا أن ذلك لم يتم، وعادت الرابطة المتطرفة للظهور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

رموز الحركة الصهيونية

  • الشقيقين آلان وجيرار فيرتهايمر

من أشهر العائلات اليهودية الفرنسية نجد الشقيقين آلان وجيرار فيرتهايمر مالكا شركة "شانيل" وأكبر مليارديرات فرنسا حيث تبلغ ثروتهما نحو 70 مليار دولار.

تأسست علامة شانيل الفاخرة على يد المصممة "كوكو شانيل"، وباعت شانيل أعمالها في عام 1924 لعائلة فيرتهايمر، التي تنتمي إلى أصول يهودية، وفي عام 1974، تولى آلان وجيرارد فيرتهايمر إدارة الشركة بعد وفاة والدهما جاك فيرتهايمر.

لا توجد تقارير كثيرة بشأن العلاقات بين عائلة فيرتهايمر والاحتلال الإسرائيلي، لكن بعد "طوفان الأقصى"، قالت تقارير إن دار الأزياء الفاخرة ستقدم تبرعًا قدره 4 ملايين دولار للمنظمات التي تقدم مساعدات إنسانية طارئة لجنوب إسرائيل.

وأعلن المدير التنفيذي لشركة شانيل لينا ناير ورئيس مجلس الإدارة العالمي آلان فيرتهايمر عن القرار في رسالة بريد إلكتروني داخلية، والتي تم مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي وتم الإبلاغ عنها من قبل Women's Wear Daily (WWD).

  • عائلة روتشيلد اليهودية

كان لعائلة روتشيلد في إنجلترا وفرنسا، دورًا مهمًا في القطاع المالي والمصرفي حيث ساهموا في تمويل الحكومات والحروب وتطوير الرأسمالية في أوروبا وتمويل مشاريعها خلال القرن التاسع عشر.

كبير عائلة روتشيلد ماجيراشيل (1743-1812) تاجر العملات القديمة هو الذي وسَّع نطاق العائلة في مجال المال والبنوك، بعد أن حقق ثروة طائلة أثناء حروب الثورة الفرنسية من خلال عمله في بلاط الأمير الألماني ويليام التاسع.

وقام ماجيراشيل بتفريق أبنائه الخمسة حيث توطنوا وأسسوا فروعًا لبيت روتشيلد في خمس دول أوروبية هي: إنجلترا وفرنسا والنمسا وإيطاليا بالإضافة إلى ألمانيا.

في باريس، أسس جيمس ماير دي روتشيلد (1792-1868) فرع بيت روتشيلد عام 1812، وأصبح شخصية مالية احتفظت بنفوذها الواسع في عالم المال رغم تغيُّر الحكومات، فعمل على تدبير القروض لملوك البوربون.

وكان جيمس ماير دي روتشيلد مقربًا للملك لويس فيليب حيث تولى إدارة استثماراته المالية الخاصة، وقدَّم قروضًا عديدة للدولة، كما حصل على امتياز بناء سكك حديد الشمال الفرنسية التي ظلت ملكًا لعائلة روتشيلد حتى عام 1940.

ولعب إدموند روتشيلد، رئيس فرع العائلة في فرنسا، دورًا في تمويل الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحماية المهاجرين، ثم تولى حفيده والمسمى على اسمه رئاسة لجنة التضامن مع إسرائيل عام 1967، وقدم استثمارات ضخمة لإسرائيل خلال فترة الخمسينيات والستينيات.

رموز اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست
رموز اللوبي الصهيوني في فرنسا/ عربي بوست
  • برنار هنري ليفي

من دول البلقان إلى أفغانستان والسودان وليبيا وبعد ذلك أوكرانيا، ظل ينتقل اليهودي الفرنسي برنار ليفي الملقب بـ"عراب إسرائيل"، بصفته كاتبا وسياسيًا فرنسيًا، لكنه استغل ذلك أيضًا للتنظير لهيمنة الكيان الصهيوني وأمنه.

يعرف برنار ليفي، المولود عام 1948 في الجزائر، بتعصبه الشديد لدولة الاحتلال، عندما يتعلق الأمر بمصالحها وأمنها، فمثلًا رفض في أكثر من مناسبة وصف حروبها على غزة بالإبادة.

وصرح عام 2010، إثر العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة، بأن "الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية"، وهو القائل من قبل إن "الجولان أرض مقدسة".

بسبب نشاطه ولعبه أدوارًا متعددة في صياغة الموقف الغربي من الأنظمة أطلق عليه لقب "عراب ثورات الربيع العربي"، فخلال اندلاعها انطلق ليفي في وسائل الإعلام ليشرح ويحلل أبعاد وخطورة تلك الحركات التغييرية الصادمة وقام بزيارة بعض دول الربيع العربي.

وأثارت زيارته إلى ليبيا عام 2020، جدلًا واسعًا، خاصة بعد أن نشر عبر حسابه بتويتر صورًا له وهو محاط بعشرات المسلحين الملثمين في مدينة ترهونة الليبية.

  • الحاخام الأكبر لفرنسا حاييم كورسيا

خلال شهر يوليو/تموز 2022، عبر الحاخام الأكبر لفرنسا حاييم كورسيا عن "سعادته بالذهاب إلى الجزائر للمرة الأولى في حياته وهو البلد التي ولدت وعاشت فيها عائلته".

لكن سعادة كورسيا لم تكتمل وأمنيته لم تتحقق وغاب عن الوفد الرسمي الذي رافق ماكرون إلى الجزائر، مع العلم أن ورود اسمه ضمن الوفد الفرنسي أثار كثيرًا من الجدل في فرنسا، قبل أن يسقط اسمه من قائمة الوفد في آخر لحظة، بمبرر إصابته بفيروس كورونا.

قبيل تلك الزيارة كشف "عربي بوست" أن، كورسيا، الحاخام السابق في الجيش الفرنسي، كان يسعى إلى اعتراف من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بحق يهود الجزائر، كما يسميهم، في العودة إلى "وطنهم"، وزيارة مقابر عائلاتهم وأجدادهم المدفونين في الجزائر.

كما أن الحاخام كان يسعى لإعادة بعثِ مطالب اليهود بالحصول على تعويضات؛ جراء إخراجهم من الجزائر أو إعادتها لهم.

فيما حذّر وقتها الرئيس السابق لحركة "مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقري، من كورسيا، وكتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "إن كورسيا يدافع بوضوح عن الكيان، ويدعو إلى معاقبة مَن يحارب الصهيونية، مثلما تحارب اللاسامية".

وهو ما تأكد فعلًا خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، عندما أعلن صراحة تأييده للجرائم التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وقال في مقابلة مع القناة الفرنسية "بي إف إم": "ليس لدي أي سبب على الإطلاق يدعوني للخجل مما تفعله إسرائيل".

  • جويل ميرغي رئيس مجمع "الكهنة"

رئيس مجمع الكهنة "الكونسيستوار" في فرنسا، جويل ميرغي، يعتبر من الشخصيات البارزة في المجتمع اليهودي الفرنسي، ويُعرف ميرغي، المولود في مدينة مكناس المغربية، أساسًا بدوره القيادي في الشؤون الدينية والمجتمعية اليهودية.

يشغل جويل ميرغي منصب رئيس "الكونسيستوار" المركزي اليهودي في فرنسا (Consistoire Central Israélite de France) منذ عام 2008، وهو المؤسسة الرسمية التي تمثل الديانة اليهودية في فرنسا وتدير الخدمات الدينية والمعابد وإصدار شهادات الحلال (الكوشير).

بصفته رئيسًا للكونسيستوار، يعمل جويل ميرغي على قضايا تتعلق بالحفاظ على الممارسات الدينية اليهودية، وإدارة المعابد، وتنظيم الغذاء الكوشير، والتعليم اليهودي، وعرف بدوره الكبير في الدفاع عن اللوبي الصهيوني في فرنسا.

كما يُعرف ميرغي بمواقفه النشطة في الدفاع عن التقاليد الدينية اليهودية ومعالجة قضايا الاندماج والهوية في إطار الجمهورية الفرنسية. وأعرب عن قلقه بشأن معاداة السامية، والحفاظ على التراث اليهودي، ومكانة الدين في المجتمع الفرنسي العلماني.

هذه الأذرع والشخصيات الصهيونية التي توغلت في المجتمع الفرنسي كان لها تأثير كبير في مختلف المجالات، وهو ما سنتطرق إليه في تقرير لاحق يكشف الدور الذي لعبه اللوبي الصهيوني في فرنسا سياسيًا واجتماعيًا، وكيف أثرت حتى على علاقات فرنسا مع دول المغرب العربي.

تحميل المزيد