خلال عملية اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله مساء الجمعة 27 سبتمبر/أيلول 2024 قصفت مقاتلات إسرائيلية٬ 6 مبان خلال في حارة حريك الواقعة بالضاحية الجنوبية لبيروت٬ مستخدمة قنابل خارقة للتحصينات أو (Bunker busters) كما يعرف بالإنجليزية.
وعقب الهجوم قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن "طائرات من السرب 69 أسقطت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات، تزن الواحدة منها طناً، على مقر إقامة نصر الله"٬ ما أحدث دوياً هائلاً تردد صداه في العاصمة بيروت ومحيطها، وأثار حالة من الرعب والهلع لدى السكان.
على إثر ذلك٬ سُويّت 6 أبنية تماماً بالأرض في حارة حريك٬ وأظهرت مقاطع الفيديو ولقطات تلفزيونية بنايات مستوية على الأرض، وأخرى مدمرة بالكامل ظلت نيران الدخان تتصاعد منها لوقت طويل. ووفقاً لمقاطع فيديو منشورة من المكان فإن الغارات الجوية كانت قوية إلى الحد الذي أدى إلى تشكل حفرة وانهيار المباني المحيطة بها٬ كما بدت بعض الشوارع المحيطة بالمنطقة محطمة بعد القصف الإسرائيلي.
ما نوع القنابل الخارقة للتحصينات التي اغتالت فيها إسرائيل حسن نصر الله؟
- بحسب مقطع فيديو نشره سلاح الجو الإسرائيلي عبر قناته الرسمية على تليغرام٬ فإن ما لا يقل عن 8 طائرات استخدمت في الهجوم على حارة حريك٬ كانت مسلحة بقنابل خارقة للتحصينات (Bunker busters) ٬ حيث شوهدت طائرات مقاتلة من طراز F-15i من السرب 69 التابع لسلاح الجو الإسرائيلي وهي تقلع من قاعدة هاتسريم الجوية لتنفيذ عملية اغتيال نصر الله.
- مقطع الفيديو أظهر بعض الطائرات وما تحمل من قنابل٬ لكن بعضها الآخر كان بعيد جداً بحيث لا يمكن تحديد طرازها أو القنابل التي تحملها بوضوح، لكن الطائرات الأقرب كانت مسلحة بقنابل من نوع BLU-109.
- أظهر الفيديو أن 8 طائرات كانت مزودة بما لا يقل عن 15 قنبلة تزن 2000 رطل، بما في ذلك قنابل BLU-109 المصنعة في الولايات المتحدة مزودة بأنظمة JDAM، وهو نظام توجيه دقيق يتم تثبيته على القنابل.
- إلى جانب مقطع الفيديو الذي نشره الجيش الإسرائيلي وأظهر طائرات من طراز F-15i ٬ قالت هيئة البث الإسرائيلية السبت إن مقاتلات من طراز "إف-35" الشبحية شاركت في الغارات على مقر قيادة حزب الله بحارة حريك٬ مما قد يشير إلى مشاركة أكثر من نوع لطائرات إسرائيلية في الهجوم٬ وقد تحمل كل منها أنواع قنابل خارقة للتحصينات مختلفة.
- في هذا السياق٬ قال مسؤولان عسكريان إسرائيليان كبيران لصحيفة نيويورك تايمز إن أكثر من 80 قنبلة ألقيت خلال دقائق لقتل حسن نصر الله، لكنهما لم يؤكداً نوع الذخائر المستخدمة.
ما هي قنابل BLU-109 الخارقة للتحصينات؟
- تعرف هذه القنابل الأمريكية، بأنها من الذخائر التي يمكنها اختراق باطن الأرض قبل إحداث الانفجار النهائي٬ وتصنف بأنها "قنابل فراغية خارقة للتصحينات".
- هذه القنابل مصممة لاختراق الملاجئ الخرسانية والهياكل الصلبة تحت الأرض قبل انفجارها٬ وهي من ذخائر "السقوط الحر"٬ لذلك يمكن تزويدها بأنظمة JDAM التي تحولها لقنابل موجهة ذكية٬ والتي سنأتي على ذكرها في هذا التقرير.
- يحتوي صاروخ BLU-109 على إطار فولاذي يبلغ سمكه حوالي 1 بوصة (25 مم). ويمتلئ رأسه الحربي بـ 550 رطلاً (250 كجم) من مادة تريتونال شديدة الانفجار.
- أما وزن هذه القنبلة فيبلغ 2000 رطل (910 كجم). وطولها يبلغ 7 قدم 11 بوصة (2.41 متر)٬ وقطرها يصل إلى 14.6 بوصة (37 سم).
- دخلت قنبلة BLU-109 الأمريكية الخدمة في عام 1985 واستخدمتها أمريكا في حروب أفغانستان والعراق. كما تُستخدم أيضاً كرأس حربي لبعض القنابل الموجهة بصرياً كهربائياً مثل GBU-15 ، والقنابل الموجهة بالليزر GBU-24 Paveway III و GBU-27 Paveway III، بالإضافة إلى صواريخ GBU-31 وصواريخ جو-أرض AGM-130 .
- منذ بداية معركة "طوفان الأقصى" قال جيش الاحتلال إنه استخدم هذه القنابل ضد حماس "لاختراق شبكة الأنفاق والمخابئ تحت الأرض وتدمير البنية التحتية" للمقاومة.
- أفاد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة قدمت بين 7 أكتوبر و1 ديسمبر الماضيين٬ شحنة كبيرة من القنابل الخارقة للتحصينات ومجموعة من الذخائر الأخرى لإسرائيل في حربها على غزة٬ كان من بينها 100 قنبلة من طراز BLU-109 المخصصة لاختراق الأماكن المحصنة قبل أن تنفجر.
- في مايو/أيار، أعلنت إدارة بايدن أنها أوقفت شحنة قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل من هذا النوع٬ بسبب المخاوف بشأن "سلامة المدنيين في غزة"٬ لكن الاحتلال ظل يستخدم هذه القنابل في غارات نفذها في غزة ولبنان رغم ما تحدثه من حجم دمار وقتل لعشرات وربما مئات المدنيين.
- تقول صحيفة "جيروزاليم بوست" إنه في كثير من الأحيان، يستخدم في صناعة هذه الأنواع من القنابل "اليورانيوم المنضب" في أغلفتها، على غرار مما يعزز قوتها في الاختراق. ورغم أن هذا "لا يجعلها أسلحة نووية"، إلا أنها "تنشر التلوث الإشعاعي في موقع التأثير، والذي يمكن الشعور به في منطقة عدة أمتار، على مستويات منخفضة"٬ بحسب الصحيفة.
- خلال شن هجوم على هدف ما٬ يمكن ضرب هذه القنابل في تتابع متعدد لاختراق عمق أكبر مما تستطيع قنبلة واحدة أن تفعله (تماماً كالهجوم الذي اغتيل به حسن نصر الله كما يظهر في هذا الفيديو) لكن ذلك يتطلب تنسيقاً دقيقاً من جانب الطيارين أثناء إطلاق القنابل كما تقول الصحيفة٬ بحيث يتم توجيه هذه القنابل بواسطة أشعة الليزر أو الأقمار الصناعية مثل أنظمة JDAM من إنتاج شركة بوينج الأمريكية.
ما هي أنظمة قنابل JDAM الموجهة؟
- من أكثر القنابل الي استخدمها الاحتلال في الحرب على قطاع غزة هي قنابل JDAM، التي تحوّل القنابل غير الموجهة إلى قنابل موجهة ذكية. وتعرف بـ"ذخائر الهجوم المباشر المشترك" (Joint Direct Attack Munition) واختصارها "JDAM".
- و"جدام" هي حزمة توجيه وتحكم تُثبت على القنابل غير الموجهة التي توصف بعضها بـ "الغبية"، وتحوّلها إلى أسلحة ذكية متقدمة. بدأ استخدام هذه القنابل لدى الجيش الأمريكي في عام 1997. وتتراوح زنة القنابل المجهزة بجدام (JDAM)، من 500 رطل (227 كلغ) إلى 2.000 رطل (907 كلغ).
- كل القنابل الخارقة للتصحينات٬ يمكن تحويلها إلى ذخائر موجهة باستخدام أنظمة الذخيرة JDAM وهي من إنتاج شركة بوينج الأمريكية.
ما القنابل الأخرى الخارقة للتحصينات التي يستخدمها جيش الاحتلال؟
- قنابل GBU-39: استخدم الاحتلال آلاف القنابل ذات قطر صغير من طراز GBU-39، "جي بي يو 39 بي" وهي قنبلة ذكية موجّهة ذات جيل متقدّم مخصّصة لاختراق التحصينات والثكنات العسكرية ونسفها من الداخل مثل المستودعات والملاجئ الخرسانية. وتُسمّى القنبلة "الآمنة"، كونها تُدمّر فقط الهدف من الداخل دون إلحاق أضرار بالجوار. وسبق أن استخدمها جيش الاحتلال في اغتيال قيادات للمقاومة الفلسطينية.
- قنابل Mk84: استخدمت إسرائيل في حربها على غزة حتى شهر تموز الماضي٬ أكثر من 5400 قنبلة ذات رؤوس حربية من طراز Mk84 وتعرف أيضاً بـ"مارك 84″، وتسمى أيضاً بـ"المطرقة" نسبة إلى الضرر الشديد الذي تلحقه إثر انفجارها، تزن ألفي رطل (900 كيلوغرام تقريباً)، وهي قنبلة موجهة لها رأس حربية متفجر، استخدمت في حربي الخليج وفيتنام.
- يرجح أن Mk84 هي القنبلة التي ألقتها "إسرائيل" على المدنيين في مجزرتي مستشفى المعمداني ومخيم جباليا في حربها على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ يرى خبراء عسكريون أن تأثير الغارات الإسرائيلية وضررها في المكانين المذكورين يتطابق مع الآثار التي تحدثها قنبلة "المطرقة".
- قنابل GBU-28 و GBU-72: وهما الأخف وزناً والأقل قدراً على إحداث اختراق٬ بين أنواع القنابل الأمريكية القادرة على اختراق التحصينات٬ وتمتلك إسرائيل نسخاً منها٬ منذ تسعينيات القرن الماضي.
- تعد شركة "جنرال ديناميكس" الأمريكية هي الشركة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تصنع الهياكل المعدنية لسلسلة القنابل الخارقة للتصحينات التي تعد من أكثر الذخائر الجوية الأساسية التي تستخدمها إسرائيل في قصف غزة ولبنان.
ما هي "أم القنابل" الخارقة للتحصينات التي تتمنى "إسرائيل" امتلاكها لضرب إيران؟
- أم القنابل GBU-57: أكبر القنابل الأمريكية الخارقة للتصحينات والمنشآت الكبيرة تحت الأرض٬ وتعد أكبر قنبلة غير نووية في الترسانة الأمريكية٬ حيث تزن 30000 رطل (14000 كجم) ويمكنها إحداث اختراق تحت الأرض بعمق 61 متراً.
- في مايو/أيار الماضي٬ نشرت القوات الجوية الأميركية صوراً نادرة لـ"GBU-57″ في 2 مايو 2023 قبل أن تحذفها في وقت لاحق "لأنها على ما يبدو كشفت تفاصيل حساسة تتعلق بتكوين السلاح وقوته"، بحسب ما أفادت وكالة "أسوشيتد برس". وتعد القاذفات الشبحية "بي 2″، هي الطائرات الوحيدة القادرة على حمل القنبلة "GBU-57".
- كانت القناة العبرية 12 في ديسمبر الماضي قد قالت إن "إسرائيل" تسعى للحصول هذه القنبلة "للقضاء على أنفاق حركة حماس" لكن لم يرد تقارير أو معلومات تفيد بامتلاك "إسرائيل" لهذه القنبلة أو استخدامها في الحرب.
- تقول صحيفة "إسرائيل هيوم" في تقرير نشرته في حزيران الماضي٬ إن إسرائيل قد لا تستطيع تدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل إلا بامتلاكها قنابل من نوع GBU-57. لكن الصحيفة أشارت إلى امتلاك إسرائيل أنواعاً أخرى من القنابل الخارقة للتحصينات، لكنها أخف وزناً كثيراً ولديها قدرات اختراق أقل.
- لكن الصحيفة تقول إن المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية طورت قنابلها الخارقة للتحصينات التي تزن مئات الكيلوجرامات لكل منها، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت ستتسبب في أضرار على عمق كبير.
- وتقول الصحيفة إن هناك مشكلة أخرى تتلخص في أنه حتى لو امتلكت إسرائيل أثقل القنابل القادرة على اختراق المخابئ، فسوف يكون من الصعب عليها أن تنقلها إلى الهدف لإنه كما ذكرنا سابقاً٬ فإن الطائرات الوحيدة التي يمكنها حمل قنابل GBU-57 هي القاذفة الشبحية "بي 2". لكن وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، ربما تتمكن إسرائيل من تحديث طائرات إف-15 لحمل قنابل جي بي يو-57، إلى جانب حل مشكلة الوقود والذخائر الإضافية٬ وهذه مهمة معقدة من الناحية الفنية.