أنهت الفصائل الفلسطينية اجتماعاتها الأولية في القاهرة، الجمعة، قبل إصدار بيان تضمن مجموعة من النقاط المتفق عليها. فيما أكدت مصادر شاركت في الاجتماعات أن مصر ستدعو إلى اجتماع تحضره كافة الفصائل للاتفاق على تفاصيل إدارة قطاع غزة خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر المقبل، وأن التباينات كانت بشأن أدوار اللجنة المستقلة، ورفض التطرق إلى مسألة إصلاح السلطة الفلسطينية في هذا التوقيت.
تجاوز الخلافات من أجل الوصول إلى رؤية موحدة
وأكد مصدر فلسطيني مطلع شارك في الاجتماعات، أن الأنباء التي تحدثت عن عقد اجتماع بين حركتي فتح وحماس يوم الخميس الماضي لم تكن دقيقة، وأن ما جرى هي محادثات ثنائية بين حماس والسلطة الفلسطينية التي مثلها نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وأنها تركزت بالأساس على أدوار حركة حماس في قطاع غزة عقب مرحلة وقف إطلاق النار، وعبرت الحركة خلال هذه الاجتماعات عن رغبتها في أن تكون حاضرة في المشهد على مستوى تأمين القطاع لحين تشكيل لجنة إدارة القطاع.
وأوضح المصدر ذاته أن القاهرة لم يكن لديها هذه المرة رؤية لاجتماع موسع بين جميع الفصائل، وبالتالي لم تكن حركة فتح ممثلة في الاجتماعات، مشيراً إلى أن جهاز المخابرات المصري عقد اجتماعات منفردة بين كل فصيل على حدة خلال الأيام الماضية، واستمع إلى رؤيتهم بشأن مستقبل إدارة القطاع في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة، ثم عقدت اجتماعاً بعد ذلك مع جميع الفصائل.
وأشار إلى أن عدد من الفصائل عقدت أيضاً اجتماعاً الجمعة، وانتهت إلى البيان الذي جرى إصداره مشيراً إلى أن الفصائل التي شاركت هي حركة حماس والجهاد الإسلامي وتيار الإصلاح الديمقراطي بحركة فتح والجبهة الشعبية "القيادة العامة" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والمبادرة الوطنية الفلسطينية، والجبهة الديمقراطية، مشيراً إلى أن الاجتماع أكد على مركزية السلطة الفلسطينية رغم مطالب تيار الإصلاح بحركة فتح وكذلك عدد من الفصائل الأخرى إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
وذكر أن الفصائل "أدركت الخطر الذي يحيط بالسلطة الفلسطينية مع الرفض الإسرائيلي لها، وقررت تجاوز الخلافات من أجل الوصول إلى رؤية موحدة يضمن التوافق على أدوارها المستقبلية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية"، موضحاً أن مصر كانت شريكة في تجاوز هذا الخلاف، ما جعلها تدعو إلى لقاءات تشاورية وليست لقاءات ينتج عنها قرارات نهائية على أن دعوة الفصائل جميعها للاجتماع مرة أخرى في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر أو في منتصف الشهر على أقصى تقدير للإعلان عن أسماء لجنة التكنوقراط والتوافق على ماهية أدوارها داخل القطاع.
وشدد على أن الأسماء حدث توافق مبدئي عليها بدرجة معقولة بين جميع الفصائل، لكنه رفض الإفصاح عن أي منها، مشدداً على أنها سوف تخضع لمراجعات و"فلترة" أخرى في اجتماعات القاهرة المقبلة إلى جانب كونها ستخضع لمراجعة وفلترة أيضاً من جانب الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية.
حزمة من الخطوات السياسية والإدارية
وتوصلت الفصائل الفلسطينية المجتمعة في العاصمة القاهرة، إلى توافقات جديدة حول مستقبل قطاع غزة، تضمنت حزمة من الخطوات السياسية والإدارية أبرزها تشكيل لجنة فلسطينية مؤقتة من المستقلين لإدارة شؤون القطاع، والمطالبة بقرار من مجلس الأمن لنشر قوات أممية مؤقتة تشرف على مراقبة وقف إطلاق النار.
وجاء في البيان الختامي الصادر عن الفصائل أن المجتمعين أكدوا دعمهم الكامل لاستمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه بصورة شاملة، وفتح جميع المعابر، وفي مقدمتها معبر رفح، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية، والشروع في عملية إعادة إعمار شاملة تعيد الحياة الطبيعية إلى غزة وتنهي معاناة سكانها.
أما اللجنة المؤقتة التي سيجري تشكيلها من شخصيات مستقلة و تكنوقراطية من أبناء القطاع، ستتولى إدارة الملفات المدنية والخدمية بالتنسيق مع عدد من الدول العربية والمؤسسات الدولية، على أساس من الشفافية والمساءلة الوطنية، فضلًا عن إنشاء لجنة دولية للإشراف على تمويل وتنفيذ عملية إعادة الإعمار لضمان توجيه الموارد بالشكل الأمثل.
وشدد البيان على أهمية استصدار قرار أممي يسمح بنشر قوات أممية مؤقتة في غزة، تكون مهمتها مراقبة وقف إطلاق النار وحفظ الأمن والاستقرار داخل القطاع.
وأكدت الفصائل أن المرحلة الحالية تتطلب موقفاً وطنياً موحداً، ورؤية سياسية تقوم على وحدة الصف والكلمة والمصير، ورفض جميع أشكال الضم أو التهجير في غزة والضفة الغربية والقدس، معتبرة أن الوحدة الوطنية هي الرد العملي على هذه السياسات.
ودعت الفصائل إلى عقد اجتماع وطني عاجل يضم جميع القوى الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية شاملة وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
الحصول على تنازلات وإذابة الخلافات
وقال مصدر مصري مطلع على الاجتماعات، إن القاهرة أكدت خلال اجتماعاتها مع الفصائل على ضرورة الإسراع في ترتيبات إدارة قطاع غزة كي لا تجد إسرائيل ذريعة لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار، وسعت إلى أن تحصل على موافقات مبدئية من الفصائل بشأن الأسماء التي ستكون ضمن اللجنة الفلسطينية، ورغم أن الأسماء كان بها اعتراضات من جانب حركة فتح وأخرى اعترضت عليها حماس لكن القاهرة انتزعت تنازلات من الطرفين تساهم في دعم تشكيلها من التكنوقراط على أن تكون من 15 شخصية.
وذكر أن القاهرة حرصت على أن تفتح ملف الإصلاحات الهيكلية في السلطة الفلسطينية وتوافقت على أن يكون ذلك ضرورة لكن عقب الانتهاء من مشاورات تشكيل لجنة إدارة غزة المؤقتة، هذا بالإضافة إلى أن الحصول على موافقات مبدئية من حركة حماس لأن تتحول إلى فصيل سياسي يمكنه أن يكون في إطار منظمة التحرير الفلسطينية في وقت لاحق، ورغم إدراك القاهرة بأن إسرائيل والولايات المتحدة قد يواجهان اعتراضات على ذلك لكنها حريصة على أن تضع ذلك على طاولة مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
وشدد على أن مصر تدرك بأن ملف إدارة غزة لابد أن يحظي بتوافق من جميع الفصائل ومن دون ذلك فإن القطاع قد يدخل في دوامة من العنف الداخلي، فيما تركز القاهرة في الوقت الحالي على تثبيت الوضع الأمني بالقطاع، وضغطت باتجاه الحصول على تنازلات وإذابة الخلافات تحديداً بين حماس والسلطة الفلسطينية، بناء على الموقف الأخير من السلطة تجاه الحركة في أعقاب حرب السابع من أكتوبر، وهو ما نجحت فيه مصر إلى حد كبير شريطة أن يدعم أبو مازن الأسماء التي جرى ترشحيها، وكذلك آليات عمل اللجنة المؤقتة وهو ما يفتح الباب أمام مفاوضات ونقاشات أكبر في المستقبل حول سلاح حركة حماس.
من جانبه، قال حسام بدران، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في مقابلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، إن الحركة ملتزمة بجميع تعهداتها في إطار الاتفاق المبرم الذي تم التوقيع عليه في مدينة شرم الشيخ.
وأضاف بدران أن الهدف الأساسي من الاتفاق هو وقف إطلاق النار ووقف المجزرة بحق الشعب الفلسطيني، مؤكداً حرص الحركة على عدم العودة إلى المربع السابق، ومشدداً على أن الحوار في القاهرة هدف إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وتثبيت وقف إطلاق النار بصورة دائمة.
أكدت حركة (حماس)، الجمعة، حرصها على التوافق الوطني الفلسطيني لحل جميع القضايا العالقة بما يتعلق بشكل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، مشيرة إلى أن المرحلة الثانية من الاتفاق تتطلب مزيدا من النقاش، وقالت الحركة، في بيان، "مقبلون على حوار وطني فلسطيني وندعو إلى الانحياز لحالة الإجماع الوطني الموجودة في غزة"، بحسب تعبيرها.
الدولة الفلسطينية الآن في مهب الريح
وفي المقابل أكد مصدر فلسطيني أخر على صلة بالاجتماعات الأخيرة، أن جميع من تم اختيارهم في لجنة إدارة قطاع غزة من أبناء القطاع وهؤلاء عرضت القاهرة أسماءهم على مؤسسات دولية سيكون لها دور إنساني في قطاع غزة وحظيت بتوافق أيضاً، وهو ما شجع على أن تحظى أيضاً بموافقة الفصائل الساعية لإنقاذ الوضع الإنساني المتردي، مشيراً إلى أن الفصائل توافقت بشكل مبدئي على تشكيل حكومة تكنوقراط خلال عام ونصف إلى عامين وبعدها سيكون انتخابات قيادة وطنية جديدة للسلطة الفلسطينية داخل إطار منظمة التحرير ويبقى ذلك متوفقاً على انضمام حماس للمنظمة لإنهاء الانقسام.
وأوضح أن القوى الأمنية الفلسطينية ستتولى مسألة سلاح حماس سواء كان ذلك بتسليمه إليها إو بدمج عناصر من الحركة بها وهو ما سيتم النقاش حوله في اجتماعات القاهرة المقبلة على نحو تفصيلي أكبر، مشيراً إلى أن القاهرة سعت أيضاً للحصول على موافقة الفصائل بشأن تشكيل قوة السلام الدولية وهو ما وافقت عليه الفصائل شريطة أن يكون ذلك بقرار أممي ينظم عملها، وطالبت بأن يتم ربط ذلك بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وأن تقوم بدور فاصل بين فصائل قطاع غزة وبين إسرائيل.
ولفت إلى أن الفصائل تدرك خطورة وضعها لأن الدولة الفلسطينية الآن في مهب الريح مع مساعي الاحتلال للفصل الكامل بين غزة والضفة الغربية وقدمت الفصائل مقترحات بأن يكون لجنة إدارة غزة ذات ارتباط تكاملي على المستوى الأمني مع الضفة الغربية.
وذكر أن مصر حاولت أن تحصل على مواقف نهائية بشأن أسماء لجنة الإسناد وآلية عمل القوة الدولية في غزة لكن ذلك لم يكن ممكنا مع طلب حماس والسلطة الفلسطينية العودة إلى القواعد السياسية قبل اتخاذ أي قرارات نهائية، تحديداً السلطة الفلسطينية التي أكدت على ضرورة إجراء مباحثات داخل حركة فتح وكذلك مع الرئيس محمود عباس أبومازن قبل التأكيد النهائي.
أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، اليوم السبت، أن ما صدر عن عدد من الفصائل الفلسطينية في اجتماع لها بالعاصمة المصرية القاهرة يوم أمس الجمعة، يثبت مجددًا، أن الضامن الحقيقي لأي رؤية فلسطينية جامعة هو الانطلاق من مربع الشرعية الوطنية الفلسطينية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، باعتبارهما الإطار الجامع والوحيد القادر على حماية المشروع الوطني من محاولات التهميش أو صناعة البدائل، فيما أكدت أن التوافق على لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة لفترة محددة تُعد خطوة مهمة ومطلوبة، شريطة أن تكون هذه اللجنة تحت مرجعية حكومة دولة فلسطين.
ورأت الحركة أن التوافق على لجنة إدارية مهنية من الكفاءات لإدارة شؤون قطاع غزة، لفترة محددة تُعد خطوة مهمة ومطلوبة، شريطة أن تكون هذه اللجنة تحت مرجعية حكومة دولة فلسطين، وأي تجاهل لهذه المرجعية من قبل أي طرف يعتبر تكريساً للانقسام، ويخدم أهداف الاحتلال الساعية إلى فصل غزة عن الضفة والقدس، ومنع تجسيد الدولة الفلسطينية الموحدة.
وأكدت حركة "فتح" أن الأمن في قطاع غزة هو مسؤولية الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية، وأن أي قوة دولية -إن وُجدت- يجب أن تكون على الحدود لا داخل القطاع، وبتفويض واضح ومحدد من مجلس الأمن بما لا يمس بالسيادة الفلسطينية ولا بدور مؤسساتها الرسمية.