تضاربت الأنباء داخل وخارج إيران حول مصير قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، الذي كان في مهمة إلى الضاحية الجنوبية في بيروت للقاء هاشم صفي الدين بمقر استخبارات حزب الله.
ومما زاد من حدة هذه الشكوك غياب إسماعيل قاآني عن صلاة الجمعة التي قادها المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، يوم الجمعة 4 أكتوبر/ تشرين الأول على مراسم الجنازة الرمزية التي أقامتها إيران لحسن نصرالله وقائد الحرس الثوري عباس نيلفوروشان، الذي قتل مع نصر الله في نفس الغارة.
قاآني أُصيب أم قُتل في بيروت؟
كشف مصدران مطلعان في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لـ"عربي بوست" أن "الجنرال إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني سافر إلى بيروت بعد أيام قليلة من اغتيال حسن نصرالله، في محاولة لإعادة ترتيب القيادة الداخلية لحزب الله".
وأضاف المصدر نفسه أن الجنرال قاآني أُصيب إصابة خطيرة ليلة الخميس 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 وهو في طريقه إلى الاجتماع مع هاشم صفي الدين، وأُصيب معه أحد مرافقيه، وقُتل الآخر مع السائق".
وأضاف المصدر ذاته أن "سيارتين كانتا تتبعان الجنرال إسماعيل قاآني لتأمين طريقه إلى الضاحية الجنوبية، وهما من قاما بإنقاذه ونقله إلى مكان آمن بعد إصابته"، مؤكداً أن "قاآني لم يُقتل ولم يتم سجنه كما يُشاع، وهو في العناية المركزة الآن في مكان آمن".
وعن سبب عدم وجود أي بيان رسمي من الحرس الثوري حول مصير قائد فيلق القدس، خاصة بعد تزايد الأخبار والشائعات، أكد المصدران أن هذه هي رغبة القيادات الأمنية داخل الحرس الثوري، دون أن يرغبا في الإفصاح عن المزيد من التفاصيل.
قاآني قُتل في غارة إسرائيلية
في المقابل أكد مصدران أمنيان آخران في طهران، مقتل إسماعيل قاآني في بيروت، كما قال مسؤول أمني في استخبارات الحرس الثوري لـ"عربي بوست": "فقدنا الاتصال مع قاآني منذ ليلة الخميس 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، والتأمين الخاص به أعلن انفجار سيارته".
وأضاف المصدر نفسه أن سيارة قاآني انفجرت قبل خطوات قليلة من المكان الذي كان من المفترض أنه سيجتمع فيه مع هاشم صفي الدين لبحث أمور خلافة حسن نصرالله، وإعادة ترتيب القيادة داخل حزب الله ومسألة دفن جثمان حسن نصرالله.
وأكد المصدران الأمنيان أن احتمالات تزيد عن 70% تُفيد بأن قائد فيلق القدس ومرافقيه وسائقه قد قتلوا في الغارة الإسرائيلية يوم الخميس 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وأن لا حزب الله ولا فيلق القدس استطاعوا انتشال جثامينهم إلى الآن.
إذ أكد مسؤول في وزارة الاستخبارات الإيرانية لـ"عربي بوست" أن "إسماعيل قاآني ذهب بأمر من المرشد الأعلى إلى بيروت، بعد أن قام بتعزية شقيق هاشم صفي الدين في مكتب حزب الله بطهران، بعد مقتل حسن نصرالله".
وأضاف المتحدث ذاته قائلا "تعرض قاآني لتوبيخ شديد من خامنئي بسبب الإخفاقات الأمنية التي وقع فيها فيلق القدس في تعامله مع الأحداث الأخيرة، خاصة وأن الشركة الإيرانية التي استوردت أجهزة البيجر، كانت من ضمن مسؤوليات فيلق القدس الذي يقوم بالتنسيق بين طهران وحزب الله وباقي قوى محور المقاومة".
وأضاف المصدر الثاني قائلا "صدرت أوامر عليا من مكتب خامنئي لقاآني بضرورة إصلاح أوضاع حزب الله الأمنية والاستخباراتية والاتصالات الخاصة بالحزب في أسرع وقت، وأن هذا الأمر من مسؤولية فيلق القدس كما كانت دائما".
لم يستطع فريق "عربي بوست"، الجزم بصحة أي من التصريحات السابقة للمصادر الإيرانية المطلعة، فكل فريق متمسك بتصريحاته ومعلوماته.
تضارب المعلومات وغياب بيان الحرس الثوري
يعلق المصدران من فيلق القدس على تضارب المعلومات والتصريحات حول مصير إسماعيل قاآني، قائلين لـ"عربي بوست"، "الوضع مربك جدا داخل إيران، كل فريق يعمل بشكل أحادي، ولدى كل فريق شكوك في الفريق الآخر، خاصة بعد موجة الاعتقالات والتحقيقات التي طالت الغالبية".
وأضاف المصدران أن المعلومات التي تدور داخل فيلق القدس بالتحديد، أن قاآني أصُيب إصابة خطيرة لذلك لجأ الحرس الثوري إلى التكتم على الأمر لضمان عدم استهداف إسرائيل مرة ثانية لقاآني وضمان سلامته في المكان الذي يوجد به.
أما المصدران الأمنيان من وزارة الاستخبارات واستخبارات الحرس الثوري واللذان يؤكدان مقتل إسماعيل قاآني في بيروت، قالا لـ"عربي بوست"، "لدينا معلومات مؤكدة بنسبة كبيرة أن قاآني مات مع صفي الدين في بيروت يوم الخميس 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وسبب التكتم من قبل السلطات الإيرانية هو المأزق الكبير الحالي".
وأضاف المصدر من استخبارات الحرس الثوري قائلا لـ"عربي بوست"، "إذا قامت طهران بالإعلان عن وفاة قاآني في الغارة الإسرائيلية فهذا يتطلب ردا من إيران، ونحن الآن ننتظر رد إسرائيل على هجوم يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى أن إعلان مقتل قاآني سيؤدي بالضرورة إلى إعلان مقتل صفي الدين".
هل خضع قاآني للتحقيق قبل مغادرته إلى بيروت؟
وذكرنا في تقرير سابق لـ"عربي بوست"، أن القيادة الإيرانية العليا تعمل على تحقيقات واسعة النطاق لكل قادة الحرس الثوري من الصف الأول والثاني، وحتى المؤسسات الأمنية الإيرانية الكثيرة وتُخضع التحقيقات بإشراف مباشر من المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي.
أما بخصوص هل شملت هذه التحقيقات قائد فيلق القدس بعد اتهامه بالتقصير في مسؤولية فيلق القدس في الحفاظ على أمن وأمان حزب الله، قال مسؤول أمني في مكتب المرشد الأعلى لـ"عربي بوست"، "خضع قاآني للتحقيق، وعائلته قيد الإقامة الجبرية بعد اكتشاف وجود اختراق إسرائيلي لأحد أفراد عائلته، وليس هو فقط بل هناك قادة كبار في الحرس الثوري اكتشفنا وجود اختراقات إسرائيلية من خلال أفراد عائلاتهم".
لكن المسؤول الأمني رفيع المستوى رفض الإفصاح عن تفاصيل هذا الكشف، مكتفيا بقول "ليس من الضروري أن يكون الاختراق بأن إحدى أفراد العائلة يعمل بشكل مباشر مع الموساد الإسرائيلي، لكن أيضا هناك تسلسل يحدث من قبل عملاء للموساد وإيرانيين في الخارج يعملون مع الموساد لأفراد عائلات قادة الحرس الثوري".كما أنه تحفظ عن الإجابة على سؤال حول مصير إسماعيل قاآني وهل قُتل في بيروت أم أُصيب إصابة بالغة، قائلا "كل شيء سيتم الكشف عنه في الوقت المناسب لعدم تمكين الإسرائيليين من أي معلومات تفيدهم".