"من أرض الميعاد" حتى السور الحديدي حول غزة، مروراً بخط بارليف والجيش الذي لا يُقهر وواحة الديمقراطية والجدار العازل.. ما قصة أساطير إسرائيل المنهارة؟
قالوا إن فلسطين "وطن بلا شعب لشعب بلا وطن"، وقالوا إن خط بارليف يستحيل اقتحامه، وقالوا إن "جيشها لا يُقهر"، وقالوا إنها "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وقالوا إن "القبة حديدية" لا تخترقها الصواريخ..
روّجوا طويلاً لأساطير، منها أن "الجدار العازل" حول الضفة و"السور الحديدي" حول غزة يستحيل اختراقهما.. قالوا إن "الميركافا" لا يمكن تدميرها، وقالوا إنهم "الخير" في مواجهة "الشر"..
إنها إسرائيل.. ذلك الكيان الذي زرعه الغرب الاستعماري في فلسطين قبل 75 عاماً، وظل يتغذى على الأكاذيب وينسج الأساطير ويستعطف العالم أجمع بشعارات المظلومية والشتات، لكن الحقيقة لا بد لها أن تظهر وتسود، مهما طال الزمن وتراكمت الأكاذيب، أو بمعنى أدق "الأساطير" التي بُنيت عليها إسرائيل، الي تمثل ذلك الكيان الصهيوني الذي وُلد مشوَّهاً لينشر القتل والدمار، ويقضي على آمال السلام والسكينة!
أسطورة "أرض الميعاد"
ربما كانت "أرض الميعاد" من أشهر الأساطير المؤسسة لإسرائيل وأكثرها انتشاراً، فمن أين جاءت؟ سنجد إجابات كثيرة ومتناقضة في حقيقة الأمر بشأن محاولة وضع إجابة دقيقة، أو على الأقل منطقية لهذا السؤال.
فتاريخ الحركة الصهيونية نفسه متضارب، وهي مشتقة من كلمة "صهيون" التي تشير بالعبرية إلى منطقة جبل صهيون في فلسطين، وربما يكون أول من وظف هذا المصطلح في إطار سياسي هو الكاتب والفيلسوف النمساوي ناتان برنباوم، حيث أطلق في كتاباته مصطلح "الحركة الصهيونية" للإشارة إلى "أحباء صهيون". قيل لاحقاً إن برنباوم كان يسعى لتأسيس وطن قومي لليهود الذين يتعرضون للاضطهاد في أوروبا، وخاصة وسط وشرق القارة العجوز، لكن برنباوم نفسه تنكر للفكرة الصهيونية في نهاية حياته وأعلن معارضته لفكرة إنشاء وطن قومي لليهود من الأساس.
أما الكيميائي اليهودي النمساوي، تيودور هرتزل، فهو من تبنى الفكرة وروّج لها ونجح في عقد المؤتمر الأول للحركة الصهيونية عام 1897 في مدينة بازل السويسرية. وتوالت مؤتمرات الحركة الصهيونية، وبدأت تكتسب زخماً ودعماً، ولا بد هنا من ذكر عدة حقائق:
– خلال المؤتمر السادس للحركة الصهيونية عام 1903 (بالتحديد يوم 23 أغسطس/آب) في بازل، قدم هرتزل مقترحا لإقامة وطن قومي لليهود في أوغندا، وجاءت معارضة المقترح من جانب بريطانيا (التي كانت تحتل شرق أفريقيا حيث تقع أوغندا) وذلك خوفاً على التأثير السلبي لمصالحها الاستعمارية هناك وحول العالم.
– كانت الأرجنتين أيضاً مقترحاً آخر لإقامة وطن قومي يجمع اليهود المضطهَدين في أوروبا، كما جاءت شبه جزيرة سيناء المصرية كأحد المقترحات.
– تؤكد هذه المقترحات أن مسألة "أرض الميعاد" اليهودية في فلسطين ما هي إلا أسطورة تمت بلورتها لاحقاً، بعد أن تجمعت عدة ظروف سهلت هجرة كثير من يهود شرق ووسط أوروبا إلى الدولة العربية، وبخاصة قبيل وأثناء وبعد الحرب العالمية الثانية بسبب الهولوكست، الذي قام به زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر بحق اليهود.
– حدث ما حدث وتأسست إسرائيل منذ عام 1948 على جزء من أرض فلسطين طبقا لقرار أممي بالتقسيم، فهل هاجر إليها جميع اليهود حول العالم بصفتها "أرض الميعاد" كما يزعمون؟ يوجد أكثر من 16 مليون يهودي حول العالم، أما في فلسطين فيوجد فقط نحو 7 ملايين يهودي، بحسب إحصائيات 2023! ولإستكمال القراءة يرجى الضغط هنا