في جريمة حرب واضحة الأركان وفي عمل غير مسبوق تاريخياً، استهدف الطيران الإسرائيلي المستشفى المعمداني في غزة، موقعاً أكثر من 500 شهيد، فيما تصل بعض التقديرات بالعدد إلى ألف شهيد، مما قد يجعل مذبحة المستشفى المعمداني أكبر مذبحة توقعها إسرائيل بالشعب الفلسطيني وبأي من الشعوب العربية.
بشاعة جريمة المستشفى العربي المعمداني لا تأتي فقط من العدد الهائل من الشهداء، ولكنها لكونها استهدفت مستشفى وهو مكان له طبيعة خاصة، تجعل أكثر الجيوش وحشية يتجنب قصفه، كما أنه مستشفى ديني مسيحي، حيث تديره الكنيسة الإنجليكانية المعمدانية، وبه كنيسة.
ومن الواضح أن من بين الضحايا لاجئين فروا إلى المستشفى هرباً من القصف الإسرائيلي، ولكن القصف طاردهم في هذا المكان الذي ظنوه آمناً.
وذكرت قناة الجزيرة أن بعض الذين كانوا قد فروا إلى المستشفى قالوا إنهم أبلغوا أنه تم التواصل مع الصليب الأحمر من قبل إدارة المستشفى والذين أكدوا أن المستشفى محمي بالقانون الدولي، ولذا لجأ الكثيرون إلى المستشفى، خاصة بعد أن بعض التقارير تفيد بأنه إسرائيل عادت وطمأنت إدارة المستشفى بأنها لن تستهدفه.
وقال مدير عام الادارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة بغزة لقناة الجزيرة إن الأطباء يجرون العمليات الجراحية على الأرض، والجثث ملقاة ككومة فوق بعضها، أطفالاً وشيوخاً ومسنين.
ويستمر توافر المصابين إلى المستشفى وكثير من الحالات تحتاج إلى عمليات دقيقة، مما يشغل غرف العمليات التي يجري في بعضها عمليتان أو أكثر، بينما تجرى بعض العمليات في طرقات المستشفى وجوانبها، وما زالت أعداد الجرحى الذين يفقدون حياتهم تزداد تباعاً.
وكثير من الشهداء كانوا أصلاً من الجرحى، بينما ما زال بعض الشهداء في طرقات المستشفى لأن ثلاجات المستشفى ليس بها مكان.
وأصابت أسر الضحايا حالة من الهستيريا، بعدما فقد بعضهم أفراد أسرته بالكامل.
يبدو أنها عملية عمدية
ويبدو أن مذبحة المستشفى المعمداني عمدية ولم تحدث بالخطأ، لأن المستشفى استُهدف بصاروخين استطلاعيين بالقرب منه، كما أن الطيران الإسرائيلي هو واحد من أقوى القوات الجوية في العالم ولديه أجهزة رصد متطورة وأسلحة دقيقة ويفترض أنها ذكية.
كما أن افتراض أن هناك هدفاً عسكرياً لحماس أو غيرها من حركات المقاومة داخل المستشفي، كما تتذرع إسرائيل عادة، لا يبدو حتى قابلاً للنقاش، لأن هذا مستشفى إدارته مسيحية، فلا يعقل أن يكون هناك تواجد لحركة مقاومة ذات مرجعية إسلامية به.
إحدى الأمور المثيرة للسخرية المبكية، هو اتهام إسرائيل لحركة الجهاد بارتكاب هذه المذبحة، علماً بأنه ليس لدى أي حركة فلسطينية صواريخ قادرة على إلحاق مثل هذا التدمير، بل إن حتى الصواريخ الروسية العملاقة لم تلحق دماراً مماثلاً بأوكرانيا.
ما هو الهدف من مذبحة المستشفى المعمداني؟
قال خبراء حقوقيون غربيون إن الهدف من الغارة قد يكون تنفيذ تطهير عرقي لسكان غزة لأنه لو استمر الوضع الإنساني بهذا الشكل مع استمرار الحصار وعملية التجويع، والسماح لهذا القصف بالاستمرار ستكون هناك رغبة طبيعية للسكان في غزة أن يسعوا إلى ملاذ آمن بما في ذلك مصر، ووصف هؤلاء الخبراء مجزرة المستشفى المعمداني بأنه عمل يرقى إلى جريمة حرب
وكان المستشفى قد تلقى تحذيرات من الجيش الإسرائيلي بضرورة إخلائه، ضمن ستة مستشفيات أخرى، حسب ما ورد في تقرير لقناة الجزيرة، ولكن لم يتم إخلاؤه، لأنه ببساطة لم يعد هناك مكان في غزة يمكن الهروب إليه من القصف الإسرائيلي.
وسيذكر التاريخ هذه المذبحة التي وقعت بعد أن منح الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقادة الدول الأوروبية الضوء الأخضر لتدمير قطاع غزة، وهم يعلمون أن آلة الحرب الإسرائيلية لا تميز بين مدني وعسكري، بل إنها تستهدف عادة المدنيين سواء بهدف الانتقام أو لأنها لا تستطيع أن تصل لرجال المقاومة المتحصنين في الأنفاق.
وفي ظل مؤشرات قوية على أن العملية عمدية، وفي ظل التوقعات بأن العملية سوف تحرك قليلاً الضمير الدولي فإنه يثار تساؤل، هل هدف إسرائيل من مذبحة المستشفى المعمداني، إرضاء تعطش مواطنيها للانتقام عبر دماء المدنيين الفلسطينيين في ظل مخاوف الجيش الإسرائيلي الواضحة من التوغل العسكري وخاصة أنه لا يعلم ماذا أعدته المقاومة خاصة أن نجاح عملية طوفان الأقصى قد فاجأ إسرائيل، التي أصبحت غير واثقة من قدرتها على التعامل مع المقاومين الفلسطينيين والذين أثبتوا كفاءة لافتة في القتال داخل أراضي إسرائيل نفسها (الأرض المحتلة عام 48)، الأمر الذي يثير تساؤلات حول كيفية كيف سيكون شكل القتال إذا دخلت قوات الاحتلال لملعب المقاومة الفلسطينية في قلب غزة، حيث يوجد الأنفاق وعشرات الآلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح والغضب في ذات الوقت.
إنها قد تكون أبشع مجزرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي
ولو وقعت هذه الجريمة في أي مكان آخر، لسارع العالم الغربي بمقاضاة مرتكبيها دولياً، ولو وقعت في أوكرانيا لأرسلوا لها أسلحة بقيمة مليارات من الدولارات.
ولكنها ليست أول مذبحة ترتكبها إسرائيل، ولن تكون آخرها، بل إن بعض المذابح أوقعتها إسرائيل أو حلفاؤها بالفلسطينيين بعد أن حصلوا على ضمانات أمريكية، مثل مذبحة صابرا وشاتيلا عام 1982، التي تنافس مذبحة المستشفى المعمداني على صدارة قائمة أكبر المذابح الإسرائيلية، وللأسف لا يمكن حسم من الأكبر؛ لأن في المذبحتين الأرقام ليست نهائية لأن الفوضى والوضع المأساوي في المجزرتين منعت حتى توافر إحصاء دقيق للضحايا.
إليك أبشع المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والعرب
بدأت المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني ومجمل العرب، حتى قبل أكثر من عقد من النكبة وتأسيس إسرائيل.
ويظهر تتبع وتير المذابح الإسرائيلية بأنه كلما زاد تطور أسلحة دولة الاحتلال المستوردة، وكلما نما اقتصادها وتطورت ديمقراطيتها المفترضة تزداد بشاعة المذابح التي ترتكبها.
ومن أوائل المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، كانت مجزرة القدس في عام 1937، ونفذتها عصابة الأرجون الصهيونية، وعدد ضحايا مجهول وتلاها في مارس/آذار 1938 مذبحة في حيفا نفذتها عصابة الأرجون أيضاً وراح ضحيتها 18 شهيداً.
وتواصلت المذابح الصهيونية إلى أن بلغت ذروتها سواء من حيث عدد المجازر وأعداد ضحاياها مع اندلاع حرب 1948، حيث وقعت مذبحة دير ياسين على يد عصابتي أرغون وشتيرن وراح ضحيتها 254 شهيداً في 10 أبريل/نيسان 2023.
وفي ليلة الـ22 مايو/أيار، ونهار الـ23 من مايو/أيار 1948، احتلت عصابات "الهاغاناه" الإرهابية الصهيونية "الطنطورة"، وأجبرت العشرات من أهلها على حفر خنادق، قبل أن تطلق النيران عليهم، وتدفنهم في تلك الخنادق، وفي مقابر جماعية.
مذبحة "اللد" التي أعقبتها موجة تهجير كبيرة
وبعد ذلك استغلت العصابات الصهيونية الهدنة الأولى التي أُعلنت في فلسطين في 11 يونيو/حزيران 1948 لمدة أربعة أسابيع فرصة للإسرائيليين لاستكمال مخططات احتلال المدن والقرى الفلسطينية وتهجير سكانها، وكانت مدينتا اللد والرملة الهدف القادم.
فبين انتهاء الهدنة الأولى في 9 يوليو/تموز وبداية الثانية في 18 يوليو/تموز، وقعت مذبحة اللد فأُضيفت إلى سلسلة المذابح التي حفلت بها حرب فلسطين. واللافت وقوع المذبحة على مرحلتين: الأولى عند احتلال المدينة، والثانية خلال عملية الطرد الجماعي والتي تعتبر من أكبر عمليات التطهير العرقي ("الترانسفير") التي نفذها الإسرائيليون، حسبما ورد في تقرير لموقع الموسوعة الفلسطينية التفاعلية.
صباح 11 يوليو/تموز 1948، ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات دعت الأهالي إلى التسليم ومغادرة المدينة قبل أن تسقط على رؤوسهم، وظهراً بدأ الإسرائيليون هجومهم على اللد من الناحية الشرقية عند قرية دانيال، وتمكن المدافعون عن المدينة من صد الهجوم بعد معركة عنيفة. وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي ألحقها المدافعون بالقوات المعادية، فإن عتادهم القليل نفد، الأمر الذي مكّن الإسرائيليين من شن هجوم جديد بدعم من المدرعات ودخول المدينة مساءً، فبدأوا بإطلاق النار عشوائياً. وفي اليوم الثاني للهجوم في 12 يوليو/تموز، تمركز الإسرائيليون حول وسط المدينة. ومع أن اللد لم تستسلم، وأن عمليات المقاومة المتفرقة بإمكانات متواضعة استمرت، إلاّ أن الإسرائيليين تمكنوا من السيطرة على المدينة، فاحتجزوا عشرات المدنيين ودعوا السكان الذكور إلى التجمع في الجامع الكبير وفي جامع دهمش والكنائس وفرضوا حظر تجول في المدينة.
وروت مجندة إسرائيلية أن أحد الجنود كان يجول في شوارع اللد حاملاً مكبراً للصوت واعداً السكان بالحماية شرط البقاء في المنازل وفي المسجدين اللذين دخلهما المئات. غير أن الجنود الإسرائيليين كانوا يرمون قنابل يدوية داخل المنازل بحجة وجود قناصين فيها، الأمر الذي جعل السكان، المذعورين من استمرار إطلاق النار، يخرجون ويحاولون الهرب، فما كان من الإسرائيليين إلا إطلاق النار عليهم. أمّا الذين احتموا في مسجد دهمش، فقد أطلق الإسرائيليون النار عليهم، فقُتل العشرات منهم (بين 80 و176 شخصاً). ويقدر أن مجموع القتلى داخل المدينة تجاوز 400 شخص.
لم تقتصر مأساة اللد على عمليات القتل العشوائي ومذبحة المسجد، إذ في اليوم نفسه، 12 يوليو/تموز 1948، اُتخذ قرار إسرائيلي، بحسب المؤرخ بني موريس، بطرد جميع السكان من مدينة اللد.
وفي اليوم التالي، في 13 يوليو/تموز، أجبر الجنود الإسرائيليون سكان اللد (والبلدات المجاورة بما فيها الرملة) البالغ عددهم نحو 70 ألفاً على الخروج من المدينة خلال نصف ساعة وسلوك طريق وعرة للوصول إلى رام الله، فقضى المئات في الطريق بسبب العطش والجفاف والتعب، بينما كانت طائرة عسكرية إسرائيلية صغيرة تحلق فوق رؤوسهم على علو منخفض لإرغامهم على مواصلة الرحيل.
مذبحة "الدوايمة" المنسية أولى نتائج الدولة الجديدة
وتُعتبر مذبحة الدوايمة، من كبرى المجازر التي شهدتها حرب 1948، وربما كانت أكبرها وأبشعها. وكان اختلافها عن مذبحة مثل مذبحة دير ياسين التي نفذتها منظمات صهيونية ميليشياوية في 9 أبريل/نيسان/، هو أنه في حالة الدوايمة، نفّذتها قوات عسكرية نظامية وذات قدرة تخطيطية عملياتية، بعد أن وطدت الدولة الجديدة أركانها وسعت لاعتراف دولي بها وتهيأت لتقديم طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة والتعهد باحترام جميع الالتزامات التي ينص عليها ميثاقها.
من جهة أُخرى، وبخلاف حالة دير ياسين، لم تتبع مذبحة الدوايمة في حينه حملات فلسطينية-عربية تندد بها، ولم يجرِ التعامل البحثي-الإعلامي مع حجمها ومجرياتها إلاّ بعد أكثر من ثلاثة عقود.
كانت الكتيبة 89 التابعة للواء الثامن بقيادة يتسحاق ساديه مؤسس البالماخ هي الوحدة التي نفذت الهجوم. وقد انطلق أفرادها في دبابات مزودة برشاشات ومدافع، وعند وصولهم إلى مشارف القرية، توزعوا في مجموعات هاجمت القرية من ثلاث جهات.
لم يكن في القرية سوى 20 رجلاً مسلحاً متمركزين في الجهة الغربية منها، وقد حاول المدافعون إعاقة الهجوم فراح قسم منهم يطلق النار من البنادق، وقسم راح يضع الحجارة على مداخل القرية لإعاقة تقدم القوات المهاجمة، بينما احتمى عدد من الأهالي في مسجد القرية، وآخرون اختاروا البقاء في منازلهم، وفرَّ عدد آخر في اتجاه منطقة دورا وقراها، واختبأ قسم في كهوف ومغارات قريبة من القرية، حسب الموسوعة التفاعلية الفلسطينية.
ولم يشهد على المجزرة سوى شاهدين أحدهما مختار القرية، وشهادة جندي إسرائيلي سجّلها أحد أعضاء حزب مبام، ش. كابلان وضمّها في رسالة وجّهها إلى رئيس تحرير الصحيفة الناطقة باسم الحزب، "عال همشمار"، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1948، أي بعد 9 أيام من وقوع المذبحة. لكن الرسالة بقيت طي الكتمان إلى حين عثر عليها المؤرخ الإسرائيلي بني موريس وذكرها في كتابه عن ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الصادر سنة 1987. (نُشر النص الكامل للرسالة في صحيفة هآرتس سنة 2016).
يذكر الجندي أنه لم يكن هناك قتال أو مقاومة في الدوايمة، وأن الفوج الأول من المهاجمين قتلوا ما بين 80 و100 عربي، وقاموا بتحطيم جماجم الأطفال بواسطة العصي. ثم قام فوج ثانٍ بمحاصرة مَن كانوا في بيوتهم، واستجلبوا خبراء متفجرات قاموا بتفجير المنازل على رأس من فيها. ويروي الجندي كيف أن امرأتين مسنتين وضعتا في أحد المنازل وأمر أحد القادة زارع ألغام بتفجيره، وعلى الرغم من رفض زارع الألغام تنفيذ الأمر، فإن العملية نُفذت.
والأبشع قصة امرأة كانت قد أنجبت حديثاً، استخدمها الجنود لتنظيف الفناء الخلفي حيث كانوا يتناولون الطعام قبل أن تُقتل مع طفلها.
ويتحدث ش. كابلان في رسالته، كيف كان يستمع على مدى أسبوعين إلى روايات جنود وقيادات يتباهون ببراعتهم في عمليات القتل والاغتصاب، وكيف أن هذه الأفعال كانت تُعتبر مهمة رائعة بالنسبة إليهم. واعترف أن حزبه كان في مأزق، إذ لم يكن من الوارد نشر المعلومات لأنها ستلحق الضرر بصورة الدولة.
تختلف المصادر بشأن تحديد عدد دقيق لضحايا المذبحة، لكن التقديرات، استناداً إلى البيانات والتصريحات، تتحدث عن مئات الضحايا. فقد أشارت تقارير في مركز شرطة الخليل، إلى مقتل نحو 200 من أبناء الدوايمة الذين احتموا في مسجد القرية ومعظمهم من كبار السن الذين لم يتمكنوا من الهرب. أمّا الحامية المصرية في بيت لحم، فأبلغت قيادتها أن 500 من أبناء الدوايمة وقعوا ضحية المذبحة، بينما ورد في تقرير القنصل الأمريكي في القدس، نقلاً عن أنباء وصلته، أن 500 – 1000 عربي قتلوا في الدوايمة. من ناحيته، أكد مختار القرية، أنه أحصى 455 ضحية، وقد سلم قائمة بأسماء الضحايا إلى الحاكم العسكري الأردني. كما ذكر أنه كان أيضاً عدد آخر من الضحايا من بين الذين كانوا قد التجأوا إلى القرية، ولكنه لم يستطع إحصاءهم. أمّا بن غوريون، فقد تحدث عن شائعات بشأن قيام الجيش الإسرائيلي بقتل نحو 70-80 شخصاً.
مذبحة خان يونس خلال العدوان الثلاثي
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1956 أثناء اجتياحها لقطاع غزة خلال العدوان الثلاثى، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي مذبحة في مدينة خان يونس بقطاع غزة الذي كانت تحكمه مصر، منذ عام 1948.
ولم يدرك أهل غزة آنذاك حجم المجزرة التي اقترفها الاحتلال إلا عندما سمح لهم بدفن الجثث لاحقاً لتتكشف أعداد الضحايا.
وبدأت خيوط المجزرة بإلقاء الاحتلال منشورات من الطائرات تحذر السكان من مقاومة القوات الإسرائيلية، قبل أن تدفع بآلياتها العسكرية بشوارع خان يونس وتطالب عبر مكبرات الصوت بخروج الذكور من عمر 16 وحتى 50 عاماً.
ورغم توثيق استشهاد نحو 520 مدنياً فلسطينياً بالمجزرة، فإن أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الأقصى الدكتور سامي الأسطل يعتقد أن الأعداد تتجاوز ذلك، إذا ما أخذ بعين الاعتبار الشهداء غير الموثقين وأضفنا إليهم أعداداً أخرى من الجنود المصريين والفلسطينيين، حسبما ورد في تقرير لموقع "الجزيرة.نت".
مجزرة الأسرى المصريين عام 1967
كشف الصحفي الإسرائيلي البارز المختص بشؤون الأمن الصحفي يوسي ميلمان في يوليو/تموز 2022، النقاب عن مجزرة مروعة راح ضحيتها ما لا يقل عن 20 جندياً مصرياً في حرب عام 1967.
وذكر في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر، أن الجنود المصريين "أُحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية دون علامات قرب القدس".
مذبحة مدرسة بحر البقر المصرية عام 1970
فى 8 أبريل/نيسان 1970، أقدمت إسرائيل على ارتكاب مذبحة بشعة في حق أطفال مصريين رداً على النجاحات المصرية في حرب الاستنزاف.
إذ قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة بحر البقر الابتدائية، الأمر الذي أدى إلى استشهاد ثلاثين طفلاً دفعة واحدة، وهي مدرسة تقع بمركز الحسينية – محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة، جنوب بورسعيد)، والمدرسة كانت تتكون من طابق واحد يضم ثلاثة فصول، تضم 150 طفلاً.
وأصيب جراء الغارة، أكثر من خمسين طفلاً بجروح وإصابات بالغة، وقد جاء القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر للقبول بإنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز، وكعادتها أكدت إسرائيل أنها قصفت أهدافاً عسكرية وليست مدرسة، فقد جاء القصف متزامناً مع مساعٍ دولية لوقف حرب الاستنزاف.
المذبحة الأبشع حتى مجرزة المستشفى.. صابرا وشاتيلا
في يونيو/حزيران 1982، غزت إسرائيل لبنان مع النية المعلنة للقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية. وتم ترتيب وقف لإطلاق النار، وانسحبت قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت ونقلت إلى الدول المجاورة.
وعلى الرغم من ضمانات بشأن سلامة اللاجئين الفلسطينيين، والتي قدمتها أمريكا، ويفترض أنها ملزمة لحليفتها إسرائيل، وقعت مذبحة واسعة النطاق في مخيمي صبرا وشاتيلا، التي نفذتها ميليشيات لبنانية مسيحية بتوجيه من الجيش الإسرائيلي بقيادة وزير الدفاع آنذاك أرئيل شارون.
وبعد عقود من المجزرة، ما زال عدد الأشخاص الذين راحوا ضحيتها غير واضح، وتشير التقديرات إلى سقوط قتلى يقدّر عددهم بين 700 و5 آلاف.
وخرقت إسرائيل بجريمتها اتفاق فيليب حبيب (المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان إلى الشرق الأوسط)، وهو أول اتفاق رسمي يُتوصل إليه بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية ووقعه الطرفان في 24 يوليو/تموز 1981.
ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وانسحاب مقاتلي المنظمة مقابل التعهد بحماية المخيمات واللاجئين في لبنان، وعدم دخول الجيش الإسرائيلي إلى بيروت مع نشر قوات متعددة الجنسيات لضمان ذلك.
في نهاية 1982 أفادت حصيلة رسمية لبنانية أن الاجتياح الإسرائيلي أسفر عن سقوط حوالي عشرين ألف قتيل وثلاثين ألف جريح.
مئة شهيد في بعلبك بلبنان عام 1948
في 5 يناير/كانون الثاني 1984، أوقعت غارة إسرائيلية على بعلبك (شرق لبنان) مئة شهيد. وفي 5 سبتمبر/أيلول 1987، قتلت غارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان 46 شهيداً.
في مارس/آذار 1988 أدت سلسلة من الغارات الإسرائيلية على لبنان بعد هجوم على حافلة إسرائيلية بصحراء النقب جنوب إسرائيل، إلى استشهاد مئة شخص.
مذبحة قانا التي استهدفت مقراً للأمم المتحدة
بين يومي 25 إلى 31 يوليو/تموز 1993، استهدفت إسرائيل جنوب لبنان بعملية ركزت خصوصاً على حزب الله إثر هجمات شنها الحزب ومجموعات فلسطينية. سميت بعملية "يوم الحساب" وأدت هذه العملية إلى استشهاد 132 شخصاً معظمهم من المدنيين اللبنانيين، وتسببت بنزوح مئات الآلاف من اللبنانيين.
في 11 أبريل/نيسان 1996، شنت إسرائيل عملية "عناقيد الغضب" ضد القوة العسكرية لحزب الله. وشن الجيش الإسرائيلي نحو 600 غارة جوية خلال 16 يوماً قتل خلالها 175 شخصاً وجرح 351 آخرون بلبنان معظمهم من المدنيين (بينهم 105 مدنيين قتلوا يوم 18 أبريل/نيسان خلال قصف مقر للأمم المتحدة في قانا حيث لجأوا).
مذبحة جنين التي مازالت مستمرة
أدت عملية اقتحام مخيم جنين عام 2002، إلى تدمير كامل للمخيم، فيما تشير تقديرات إلى استشهاد ما لا يقل عن 52 فلسطينياً، من بينهم نساء وأطفال، وفقاً لتحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش. في المقابل، قُتل 23 جندياً إسرائيلياً نتيجة الاشتباكات مع المقاومة، وأُصيب عدد آخر.
وعادت إسرائيل مؤخراً لاستهداف المخيم بعد أن عاد ليصبح معقل للمقاومة في الضفة الغربية مجدداً.