"جنون الثأر يجتاح إسرائيل بعد تعرضها لهجوم غير مسبوق في تاريخها استهدف ما تعتبرها أراضيها، من قبل حماس وفصائل المقاومة؛ مما أدى إلى سقوط قتلى يقدر عددهم بنحو ربع ما سقط في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 التي استمرت لنحو 18 يوماً، فكيف سيكون انتقام إسرائيل بعد هذا الإذلال الذي تعرضت له من حركة غير نظامية محاصرة منذ 15 عاماً وخاصة في ظل إعلان تل أبيب حالة الطوارئ لأول مرة منذ عام 1973.
وخلال السنوات الماضية شنت إسرائيل حروباً وحشية متعددة على غزة، ولكن كان لافتاً أنه في مقابل ضراوة القصف الجوي، والذي يسقط أعداداً هائلة من الضحايا في غزة أغلبهم من المدنيين، تتراجع توجهات إسرائيل لتنفيذ عملية توغل برية داخل قطاع غزة.
ويبدو أن النقطة المفصلية التي جعلت إسرائيل تتوجس من التوغل البري في غزة، كانت حرب عام 2014، التي عرفتها إسرائيل باسم الجرف الصامت وسماها الفلسطينيون العصف المأكول.
ففي اليوم الأول من الحرب استدعت إسرائيل 40 ألفاً من قوات الاحتياط، وكان هناك حالة كبيرة من التخبط لدى إسرائيل، نتيجة الخسائر التي تلقاها جيشها بفعل ضربات المقاومة، الأمر الذي جعلها ترتكب العديد من المذابح منها مجزرة الشجاعية التي راح ضحيتها نحو مئة شهيد فلسطيني.
في مقابل الوحشية الإسرائيلية، ردت المقاومة بالرد بشكل يومي، بصواريخ وطائرات مسيرة واستخدام الأنفاق بطريقة لم تتوقعها إسرائيل.
وأكدت جميع التحليلات أثناء الحرب وبعدها أن المقاومة الفلسطينية نجحت في تحقيق عنصر المفاجأة وخلق قوة ردع لمواجهة ترسانة الاحتلال الإسرائيلي الحربية. وكشفت كتائب القسام جزءاً من صناعاتها العسكرية، تمثلت في عدد من الصواريخ التي غطت معظم جغرافيا الأرض المحتلة، والمصنعة محلياً، والتي استهدفت مطارات عسكرية ومناطق استراتيجية، كمدينة ديمونا النووية، إضافة إلى طائرات دون طيار تحلق في العمق الإسرائيلي.
ويبدو أن هذه الحرب، جعلت إسرائيل أكثر حذراً مع غزة، وكانت حرب مايو/أيار 2021، قد تمت بمبادرة من حركة حماس رداً على الانتهاكات بحق الأقصى، حيث ازداد فيها مدى صواريخ المقاومة وفاعليتها.
السيناريوهات المتوقعة للرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى
انتقام إسرائيل قد يكون عبر قصف وحشي على غزة لترويض حماس
بلغة تحريضية يقول موقع Ynet الإسرائيلي: "عام 2006، بعد اختطاف حزب الله جنديين، حولت طائرات سلاح الجو حي الضاحية الشيعي في بيروت إلى ركام، وجاء القصف بنتيجة فعالة"، حسب زعمه.
وهناك مطالب بتوجيه ضربة مماثلة في غزة، ولا يوجد أي عائق عملي أمام ذلك.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، حسب الموقع الإسرائيلي: ما الهدف الذي سيحققه قصف غزة؟ فقد سئم الإسرائيليون المحاولات المتكررة لتلقين حماس درساً بالقصف الجوي. ولو أن هجوم أمس علّم الإسرائيليين شيئاً عن حماس، فهو أنها غير قابلة للترويض، وفقاً لموقع Ynet.
والأهم أن مصير عشرات الرهائن معلق في الهواء. ولن يؤدي قصف مُدمِّر إلى زيادة احتمالات عودتهم إلى ديارهم بأمان. وقد تضعهم حماس فوق الأسطح لتصنع منهم دروعاً بشرية، وفقاً للموقع الإسرائيلي.
لكن الحركة قادرة على شل الحياة في إسرائيل
إن تزايد ترسانة حماس الصاروخية يجعلها قادرة على الرد على إسرائيل، وحتى لو أسقطت القبة الحديدية الجزء الأكبر من صواريخ المقاومة، فإن الجزء اليسير الذي يصل إلى هدفه يؤدي لوقوع إصابات في صفوف الإسرائيليين، كما حدث في الهجمات الصاروخية التي استهدفت تل أبيب أمس.
إضافة إلى أن الهجمات تؤدي لشل الحياة في إسرائيل بما في ذلك إغلاق المطارات، وتدمير السياحة والأهم تدمير فرص إسرائيل معها؛ لأنها تصبح جزءاً من ممرات النقل العالمية مثل الممر الهندي بين نيودلهي ودول الخليج وصولاً لأوروبا، والذي يعتقد أن الدولة العبرية سوف تتخذه ممراً رئيسياً لها رغم عدم الإعلان رسمياً عن ذلك.
كما تستطيع حماس ضرب أهداف حيوية في إسرائيل مثل محطات الطاقة ومنشآت الغاز في البحر المتوسط، الأمر الذي قد يحطم حل تل أبيب لتصبح مصدراً عالمياً للغاز.
هل ينتهي الأمر بالتفاوض حول صفقة شاليط مكبرة لتبادل الأسرى؟
والخيار الثاني، حسب الموقع الإسرائيلي، هو التفاوض.
في صفقة شاليط، أطلق نتنياهو سراح 1027 أسيراً مقابل جندي أسير إسرائيلي واحد.
ويتساءل الموقع فكم عدد الأسرى الذين ستطالب حماس بالإفراج عنهم مقابل عشرات الأسرى الإسرائيليين؟.
كما أن صفقة مع حماس قد تمنحها نصراً آخراً، حسب الموقع الإسرائيلي.
أما الخيار الثالث فهو أن تشن إسرائيل عملية برية ضد غزة، وفقاً لموقع Ynet الإسرائيلي.
فالفرق الأربع التي أنزلها الجيش الإسرائيلي أمس إلى الجنوب، لم تخرج لحماية المستوطنات المحيطة بغزة، وإنما للانضمام إلى عملية برية، إذا اتخذت الحكومة الإسرائيلية المتطرفة قراراً بشنها.
هل تستطيع إسرائيل القضاء على قيادات حماس؟
الجزء الأكبر من الجمهور الإسرائيلي سيؤيد هذه العملية في البداية. لكنه سيطرح تساؤلات بعد ذلك: ماذا سيحدث في اليوم التالي للاحتلال، فلو بقي الاحتلال هناك فسيستمر في النزيف، وإذا غادر، فما الذي فعله؟ هل ينوي خلال هذا الاحتلال القضاء على كامل قيادات حماس؟ ومن سيأتي مكانهم؟
تجدر الإشارة إلى أنه سبق أن قتلت إسرائيل جيلاً كاملاً من قادة حماس، على رأسهم مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين والقيادي البارز عبد العزيز الرنتيسي وعدد من قادة ومؤسسي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، ولكن ما حدث هو أن جاء جيل جديد من القيادة طور الحركة وجعلها أكثر قوة وكفاءة، وزاد من عدد مقاتليها.
نظراً للطابع السكني المكتظ لقطاع غزة الذي قد يكون الجزء الأعلى من حيث الكثافة السكانية في العالم، حيث يعيش نحو 2.2 مليون إنسان في مساحة تزيد قليلاً عن مئتي كيلومتر مربع فيما وصف بأكبر سجن بلا سقف في العالم، ونظراً لشبكة الأنفاق التي أسستها المقاومة، التي تعرفها إسرائيل باسم مترو حماس أو غزة التحتانية، ونظراً لتعاظم حجم حركة حماس وثقلها الشعبي، فإن القضاء على حماس يعني ضرورة غزوها واحتلالها لفترة طويلة، فهل هذا ممكن؟.
إسرائيل الرسمية تجنبت غالباً الحديث عن احتلال غزة
وخلال السنوات الماضية ظهرت أحياناً تهديدات باحتلال غزة، وإسقاط حكم حماس، ولكنها كانت تأتي غالباً من أقصى اليمين المتطرف الإسرائيلي، مثل التصريح الذي صدر في مارس/آذار 2023 من وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية أوريت ستروك، والتي قالت فيه إن المستوطنات التي انسحبت منها تل أبيب في قطاع غزة عام 2005، "جزء من أرض إسرائيل، وسيأتي اليوم الذي نعود فيه إليه".
وبينما تتكرر التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة، بما في ذلك التهديد بإسقاط حكم حماس، أو عملية عسكرية تتوغل داخل القطاع لتدمير بنية المقاومة، ولكن نادراً ما يتم توجيه تهديد بإعادة احتلال قطاع غزة باعتباره جزءاً من أرض إسرائيل المزعومة، أو التلويح بإعادة احتلال غزة بشكل دائم وضمها لإسرائيل.
نتنياهو لا يحبذ السقوط في مستنقع حرب طويلة
فرغم أن نتنياهو يقدم دوماً كرجل حازم وقوي، ولكن عكس الشائع فهو رجل اللاحرب واللاسلم، فهو رئيس الوزراء الذي ارتبط اسمه بأكبر قدر من محاولات الاستيطان والإساءة للأقصى، والتنصل من الاتفاقات مع السلطة الفلسطينية، ولكنه لا يميل للتورط في الحروب الدموية الطويلة مثل سلفه أرئيل شارون، لأن معادلة نتنياهو مع الشعب الإسرائيلي أنه يحاول الاستيلاء على أكبر قدر من الحقوق الفلسطينية بأقل قدر من الحروب ليس لأنه رجل سلام، ولكن لأن المجتمع الإسرائيلي مع ازدياد رفاهيته أصبح أقل استعداداً لدفع ثمن الحروب، وأنه رغم تطرفه وتسليمه القياد لأقصي اليمين، فإن لديه رغبة في الاستمتاع بالرخاء الاقتصادي الكبير الذي تحقق في عهد نتنياهو الطويل الذي يعد أكثر رؤساء الحكومات من حيث طول مدة حكمه.
ولكن هل يختلف الأمر مع تزايد سيطرة المتطرفين على الحكومة الإسرائيلية أمام ضعف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتزايد، والذي أصبح في موقف محرج بعد أن قدم نفسه بأنه حامي الإسرائيليين ولكن الآن اسمه لم يعد فقط مرتبطاً بالانقسام الداخلي جراء التعديلات القضائية بل أيضاً بواحدة من أسوأ الإهانات التي لحقت بإسرائيل منذ نشأتها.
ولذا فإن احتمالات اللجوء لسيناريوهات متطرفة وشديدة الدموية تتصاعد، خاصة في ظل ما يبدو أنه دور أخضر أمريكي حصل عليه نتنياهو من الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي بدا في مؤتمره الصحفي القصير الذي عقده بعد عملية طوفان الأقصى أكثر انزعاجاً من نتنياهو نفسه، متناسياً أن العملية جاءت رداً على سلسلة من الانتهاكات غير المسبوقة بحق الفلسطينيين خاصة الأقصى والأسرى، إضافة لعنف المستوطنين بحق سكان الضفة دون أن تحرك أمريكا والمجتمع الدولي ساكناً، بل ساهمت في تطبيع هذه الجرائم وتحويلها لأمر عادي يتذيل نشرات الأخبار.
ولذا يثار تساؤل: هل يمكن حقاً لإسرائيل احتلال غزة وفرض السيطرة عليها وهل تكتفي بمحاولة القضاء على حكم حركة حماس أم تعمد لاحتلال غزة طويلاً؟.
الخيار الأكثر تطرفاً، ولكن الأكثر إرضاء للكبرياء الإسرائيلية المهدرة هو شن عملية عسكرية برية إسرائيلية في غزة، وفقاً لموقع Ynet.
والجزء الأكبر من الجمهور الإسرائيلي سيؤيد هذه العملية في البداية. لكنه سيطرح تساؤلات بعد ذلك: ماذا سيحدث في اليوم التالي للاحتلال، فلو بقي الاحتلال هناك فسيستمر في النزيف، وإذا غادر، فما الذي فعله؟. هل ينوي خلال هذا الاحتلال القضاء على كامل قيادات حماس؟ ومن سيأتي مكانهم؟.
إسرائيل سبق أن هرولت هاربة من غزة
في مواجهة شراسة المقاومة في غزة مع قلة موارد الإقليم صغير المساحة المكتظ بالسكان، قرر أقوى وأعنف شخصية في تاريخ إسرائيل، رئيس الوزراء الراحل أرييل شارون الانسحاب من القطاع بعد أن كان يقول إن مستوطنات غزة بمثل أهمية تل أبيب.
في عام 2005، بدأت إسرائيل إخلاء مستوطناتها من قطاع غزة، في حدث تاريخي، حيث لم يسبق لها أن أخلت أرضاً تستولي عليها منذ احتلالها فلسطين التاريخية عام 1948.
ثم شنّت خمس حروب عليها
ومنذ انسحابها من قطاع غزة عام 2005، وتنفذ إسرائيل عمليات عسكرية في القطاع من حين لآخر، بعضها تحول إلى حروب استمرت أسابيع وخلفت آلاف الشهداء.
وبعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، إثر خلافها مع حركة فتح واتهامها لها بأنها تعرقل عمل الحكومة التي شكلتها الحركة الإسلامية بعد فوزها بالانتخابات، أعلنت إسرائيل في سبتمبر/أيلول 2007 غزة "كياناً معادياً"، وفي أكتوبر/تشرين الأول من السنة نفسها فرضت عليها حصاراً شاملاً.
ومنذ ذلك الحين نفذت إسرائيل نحو خمس عمليات عسكرية كبرى ضد غزة يمكن وصفها بالحروب، آخرها حارس الأسوار بالتسمية الإسرائيلية في عام 2021، بعد الانتهاكات بحق الأقصى والقدس والتي سمتها المقاومة الفلسطينية سيف القدس إضافة للعمليات الأصغر، مثل العملية العسكرية ضد حركة الجهاد في مايو/أيار 2023.
يلاحظ أن وتيرة رد فصائل المقاومة الفلسطينية على إسرائيل وشدة الرد أقوى من ردود إيران وحلفائها على هجمات تل أبيب التي تصاعدت مؤخراً لتشمل مهاجمة أهداف حيوية على الداخل الإسرائيلي.
ولم تؤد العمليات العسكرية ضد قطاع غزة إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية، بل جعلتها أقوى، فلقد بدأت المقاومة الفلسطينية في غزة بإلقاء الحجارة وعمليات الطعن بالسكاكين والخناجر، ثم انتقلت للصواريخ البدائية التي كان يسخر منها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويعتبرها بلا جدوى وينعتها بالصواريخ الكارتونية، ولكن هذه الصواريخ طُوّرت تدريجياً لتصل تل أبيب دافعة إسرائيل لتطوير القبة الحديدية التي ينظر لها كأكفأ نظام في العالم للتصدي للمقذوفات والصواريخ الصغيرة، ولكن حماس طورت ترسانتها الصاروخية كماً ونوعاً بدرجة أصبحت تستطيع اختراق القبة الحديدية عبر تخطي عدد الصواريخ للقدرة القصوى للقبة الحديدية، كما طورت طائرات مسيرة التي يعتقد أنها أكثر صعوبة بالنسبة للقبة الحديدية؛ لأنها أبطأ ومصنوعة من موارد غير معدنية ومحركاتها أحياناً ما تكون كهربائية عكس المحركات الحرارية للصواريخ، إضافة إلى أنها تطير على ارتفاع منخفض كل ذلك جعلها أكثر صعوبة في الرصد من الصواريخ.
واليوم بعدما ركزت إسرائيل على تطوير قدرتها على التصدي لصواريخ المقاومة ومسيراتها، باغتت الفصائل الفلسطينية بقيادة حماس جيش الاحتلال بهجوم بري وجوي وبحري عبر المظليين المزودين بالمراوح والمقاتلين الذين يمتطون الدراجات النارية وعربات الدفع الرباعي وحتى الزوارق الحربية.
كما لدى حماس قوات كوماندوز بما فيها كوماندوز بحرية، والتي يعتقد أنها شاركت في الهجوم الأخير.
إسرائيل تصف قوة حماس بأنها تعادل دولة أوروبية صغيرة، ولهذه الأسباب تقلق من غزو القطاع
وتصف مصادر عسكرية إسرائيلية قوة حماس العسكرية بأنها تعادل القوة النيرانية لدولة أوروبية صغيرة.
قد يبدو كل ذلك دافعاً لإسرائيل للقيام بغزو قطاع غزة للقضاء على المقاومة الفلسطينية التي باتت قوتها تتزايد.
ولكن الأمور ليست بهذه البساطة، فالقطاع يعد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم؛ حيث يقطنه نحو 2.2 مليون فلسطيني.
وأثبتت التجارب على مدار التاريخ أن حروب المدن أصعب على أقوى الجيوش، وظهر ذلك بدءاً من معجزة ستالينغراد الروسية خلال الحرب العالمية الثانية إلى مدينة السويس المصرية التي تصدت للجيش الإسرائيلي خلال حرب 1973، وصولاً للفلوجة والموصل العراقيتين وماريوبول الأوكرانية.
فإذا قررت مدينة مقاومة جيش، فإنها تستطيع أن تلحق به خسائر فادحة مهما كانت قوته.
إليك أعداد وأسلحة قوات المقاومة التي ستواجه إسرائيل إذا اجتاحت غزة
في غزة، سيواجه جيش الاحتلال أعداداً كبيرة من أعضاء الفصائل الفلسطينية المسلحة التي طالما نحّت خلافاتها في مواجهة إسرائيل؛ فصائل تتنوع بين بقايا فتح وبعض القوى السلفية وحركة الجهاد.
وفي عام 2021، قال قائد كبير في الجيش الإسرائيلي إن حماس لديها 30 ألف رجل، من بينهم 400 كوماندوز بحري تلقوا تدريبات ومعدات متطورة لتنفيذ عمليات بحرية، إضافة إلى و7 آلاف صاروخ وعشرات الطائرات بدون طيار، حسبما نقل عنه موقع the Times of Israel.
ولدى حماس 300 صاروخ مضاد للدبابات و100 صاروخ مضاد للطائرات، حسب القائد الإسرائيلي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، وقد تكون هذه الأرقام قد ارتفعت بشكل كبير؛ لأن هذا التصريح صدر قبل أكثر عامين.
ويعتقد أن حماس تقسم قواتها إلى قوات كوماندوز أو النخبة وقوات عسكرية أساسية وقوات شرطة، إضافة لقوات احتياطية من المتطوعين والشباب، وقد تكون الأخيرة أكبر حجماً من التقديرات السابقة.
وقال القائد الإسرائيلي إن حركة الجهاد الإسلامي الأصغر، والتي غالباً ما تعمل بشكل مستقل عن حماس، تمتلك ترسانة مماثلة. ويشمل ذلك 6000 صاروخ وعشرات الطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات ونحو 400 من القوات البحرية.
70 ألفاً من الشباب سيخرجون من باطن الأرض
وفقاً لمزاعم وردت في بيان صادر عن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية جورج تينيت في عام 2000، فقد سعت حماس إلى القدرة على شن هجمات بمواد كيميائية سامة.
وسبق أن وجه قائد حماس في غزة يحيى السنوار في خطاب باسم كل الفصائل المسلحة، ما يشبه رسالة تحذير لإسرائيل إن حاولت احتلال غزة، قائلاً إن "عدد المقاتلين في القطاع يقدر بحوالي 70 ألفاً من الشباب، سيخرجون من باطن الأرض بمضادات دروع، وسيطلقون صواريخ ستحيل مدن إسرائيل إلى مدن أشباح"، وأنّهم يملكون مئات الكيلومترات من الأنفاق تحت الأرض، وآلاف الكمائن، وجميعها صنعت في غزة.
كما هدّد السنوار إسرائيل، بقدرة المقاومة على ضرب تل أبيب مدة ستة أشهر متواصلة، برشقات صاروخية متتالية، تفوق أعدادها عشرات المرات، لما تعرضت له من قصف خلال عام 2014.
وعلى إسرائيل البحث عن المقاتلين في مترو حماس
ولكن هناك ما هو أسوأ بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وهو ما يعرف بـ"مترو حماس" أو مترو غزة، وهي شبكة واسعة من الأنفاق تحت غزة، وتوصف بأنها مدينة كاملة تحت أرض القطاع، وهي معدة لحماية أنشطة المقاومة من الطيران الإسرائيلي، وكذلك قد تُستخدم لشن هجمات مباغتة على قوات الاحتلال في حال تنفيذها توغلاً أو غزواً للقطاع.
تعبير "مترو حماس" أول من استخدمه رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي في الأيام الأولى لجولة القتال مع غزة في عام 2021، وتحديداً بعد ارتكاب الطائرات الحربية مجزرة شمالي قطاع غزة -عبر بناء ما يعرف "بحزام ناري" مكثف- تم عبر قصف الطائرات الحربية بـ200 غارة جوية في أقل من نصف ساعة لمنطقة شرقي مدينة غزة، بالتزامن مع تسريب الجيش الإسرائيلي أخباراً مضللة لوسائل إعلام محلية إسرائيلية ودولية عن استعداد الجيش لدخول غزة برياً لاستدراج المقاومين ضمن خطة استعداد تدرب عليها الجيش لثلاث سنوات وفقاً لما كشفته صحيفة معاريف الإسرائيلية.
الصحيفة ذاتها اعترفت بفشل الهجوم، وفقاً لمصادرها في الجيش.
ولن تواجه فصائل المقاومة فحسب
والمرات القليلة التي توغل فيها جنود الاحتلال داخل قطاع غزة أدت لكوارث للطرفين، يعلق الجنود الإسرائيليون وسط قتال المدن، فيحاول جيش الاحتلال تغطيتهم بقصف عشوائي بالمدفعية أو الطائرات يصيب المدنيين الفلسطينيين قبل مقاتلي المقاومة مثلما حدث في مجرزة حي الشجاعية عام 2014.
ولا تعني محاولة احتلال غزة خوض إسرائيل معارك مع حماس والفصائل الفلسطينية بما فيها المحسوبة على فتح فقط، بل قد تشهد انضمام قطاعات من الشعب الفلسطيني غير المسيس للمعركة، وستنتج خسائر كبيرة للجيش الإسرائيلي وخسائر أكبر للمدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي سيطلق ضغوطاً كبيرة من قبل الرأي العام الإسرائيلي بسبب خسائر تل أبيب وكذلك صغوط من الرأي العام العربي والدولي جراء المجازر المتوقعة من قبل جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين.
في المقابل، حتى لو نجحت إسرائيل في احتلال غزة بعد دفعها تكلفة كبيرة، ففي الأغلب، ستستمر أعمال المقاومة بشكل أكثر شراسة مثلما حدث بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وقد تؤدي محاولة إسقاط حركة حماس، لظهور بديل أكثر تشدداً، سواء تشدد وطني فلسطيني أو تشدد ديني، وقد يكون البديل سلفياً أو داعشياً، خاصة أن سيناء المجاورة بها وجود قوي لداعش، كما أن حماس هي التي قضت على نفوذ المجموعات المتطرفة مثل مجموعة عبد اللطيف موسى عام 2008 الذي سبق أن أعلن إنشاء إمارة في مسجد ابن تيمية بغزة.
فرغم أن حماس أثبتت أنها واحدة من أكثر الأعداء لإسرائيل، ذكاءً وقدرة على بناء القدرات من الصفر، كما أنها مفاوض صعب المراس (عبر الوساطة) ولكنها أيضاً حركة قوية ومنضبطة يمكن الوصول معها لتفاهمات عبر وسيط.
فحماس لديها تمييز واضح بين أهدافها المعلنة بعيدة المدى لتحرير فلسطين من البحر والنهر، وبين الأهداف السياسية قصيرة ومتوسطة المدى، والتي تتركز على فك الحصار على غزة، ووقف الانتهاكات بحق الأقصى والمقدسيين وإنهاء الممارسات القمعية بحق أهل الضفة ووقف وتفكيك الاستيطان وإطلاق الأسرى، وهي أهداف كانت تسعى للحركة لتنفيذ بعضها مؤخراً عبر الوسطاء تحديداً، ولكن تجاهلت إسرائيل عروضها، حسبما ذكر تقرير إعلامي لقناة الجزيرة مؤخراً نقلاً عن قيادي بالحركة.
وألمحت حماس مراراً لاستعدادها للمشاركة في هدنة مع إسرائيل دون اعتراف بها، مع التلميح إلى أنه يمكن أن تشمل هذه الهدنة إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة 1967، (بالنسبة للحركة هي دولة مرحلية تمهد لدولة على أرض فلسطين بأكملها).
وبحسب مسؤولين ميدانيين، فإن حركة "حماس" باتت الأكثر اعتدالاً بين الفصائل المسلحة في وجهة نظرها المتعلقة بالاشتباك مع إسرائيل، وهي تلتزم بالتفاهمات التي تبرم عبر الوسيط المصري، وهي الوحيدة القادرة على ضبط القطاع الذي يعج بالسلاح.
بل ستفتح على نفسها أبواب الجحيم
على الجانب الآخر، يتناسى متطرفو إسرائيل أنه رغم قوة جيشها الهائلة، فإن الإسرائيليين باتوا يعيشون في رفاهية مثل الغرب، بينما الغزاويون محاصرون منذ عقود، وقد تعني محاولة احتلال قطاعهم منحهم فرصة للتنفيس عن غضبهم في وجه من يحاصرهم، ويمنع عنهم أبسط حقوقهم الإنسانية.
ومثلما حدث في الغزو الأمريكي للعراق الذي استهدفت به إدارة جورج بوش القضاء على نظام صدام حسين، خرج لها ما أسوأ وتحول العراق لمرتع للعنف والإرهاب الذي توسعت بفضله القاعدة وظهرت داعش، وانتهى الأمر بسقوط البلاد في يد إيران عبر حلفائها الذين يحكمون العراق.
وقياساً على ذلك، فتدمير حماس المزعوم وغيرها من الحركات الفلسطينية الحليفة لها، وإيقاع مذابح بالشعب الفلسطيني قد يطلق موجة جديدة لا يمكن السيطرة عليها من العنف، ويجب تذكر أن حركتي حماس والجهاد ألزمتا نفسيهما بأن تقتصر ساحات الصراع على الأراضي الفلسطينية المحتلة في عامي 48 و67 فقط، ولكن بعض الحركات الفلسطينية السابقة خلال الستينيات والسبعينيات كانت قد خرجت بالصراع لإطار دولي، واحتلال غزة قد يعيد هذا التوجه.
هل أعدت حماس رداً حاسماً على أي محاولة لاحتلال غزة؟
وإضافة لذلك، فإن حماس أثبتت لأعدائها دهاءً استراتيجياً لافتاً، ولذلك فإنه على الأرجح قبل أن تنفذ عملية طوفان الأقصى، قد أعدت العدة لكل السيناريوهات بما في ذلك محاولة احتلال غزة، وقد يكون في جعبتها أدوات ردة قاسية وغير متوقعة للرد على أي سيناريو إسرائيلي متطرف، كما أن وجود الأسرى قد يعني سيناريو كارثياً لإسرائيل في حال تنفيذ أي تصرف متطرف.
في كل الأحوال رغم الإهانة التي لحقت بنتنياهو، ورغم انقياده للمتطرفين في الملف الداخلي الحساس، ورغم دعوات الثأر المدوية في إسرائيل، فإن سيناريو احتلال غزة، ما زال غير مرتفع، ولكنه زاد لأعلى مستوى منذ سنوات.
ويبقى السيناريو الأرجح وهو حملة قصف جوية على قطاع غزة تؤدي لمذابح وحشية لإزالة الإهانة التي لحقت بإسرائيل عبر إراقة أكبر قدر ممكن من الدم الفلسطيني سواء المقاوم أو المدني، مع عملية توغل بري محدودة لحفظ ماء الوجه ومحاولات لاغتيال قادة المقاومة بمن فيهم السياسيون، ولكن يبقى رهان حماس على قدرتها على الرد بالهجمات الصاروخية.
والأهم هو استخدامها لورقة الأسرى الإسرائيليين لتقييد الثأر الإسرائيلي، وهو ما يفتح باباً ثانياً للتساؤل حول كيف ستتعامل إسرائيل مع قضية أسراها، وهل تقبل ببقاء هذه الأعداد الضخمة من مواطنيها بمن فيهم من مدنيون ورتب عسكرية رفيعة محتجزون لسنوات في قطاع غزة كما حدث مع الجندي غلعاد شاليط أم تقبل تل أبيب بصفقة تبادل للأسرى مع المقاومة الفلسطينية بما يمثله من انتصار مدوٍّ لحماس، وما هي الضمانات التي ستقبلها حماس لإتمام هذه الصفقة وخاصة الشق الذي تؤكد عليه بضرورة وقف الانتهاكات بحق الأقصى واعتداءات المستوطنين على سكان الضفة وتجميد الاستيطان.