الناخبون مرتبكون والمعارضة تراها فرصة.. هل تشهد مصر انتخابات رئاسية تنافسية أم يتكرر النهج السابق؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/28 الساعة 14:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/29 الساعة 16:11 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/رويترز

تبدو انتخابات الرئاسة المصرية مختلفة عن السابقة، لاسيما الأخيرة التي أجريت بلا حماس، ولم يعرف الناخبون منافس الرئيس عبد الفتاح السيسي الوحيد بها إلا عشية الانتخابات، وتبين أنه من أشد مؤيديه، ولكن الأمر مختلف هذه المرة؛ حيث تتردد أسماء مرشحين أكثر قوة وفي ظل وضع اقتصادي ضاغط على المواطنين.

وفي بداية مفعمة بالدلالات، أعلن أحمد الطنطاوي المرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المصرية تعليق حملته لمدة 48 ساعة بسبب التضييق الأمني على أنصاره وما وصفه بـ"حرب التوكيلات"، حيث قيل إن بلطجية منعوا أنصار الطنطاوي من تسجيل توكيلات لصالحه، وأعلن الطنطاوي أنه لم يحصل خلال اليومين الأولين إلا على توكيلين اثنين، بينما تجاوز عدد المتطوعين في حملته الانتخابية 22 ألف متطوع.

كان وليد حمزة، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية قد أعلن مؤخراً، إن انتخابات الرئاسة المصرية ستجرى يومي 10 و12 ديسمبر/كانون الأول، على أن تجري جولة إعادة يومي 8 و10 يناير/كانون الثاني إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات. وأضاف أن المصريين المغتربين سيصوتون في الفترة من 1 إلى 3 ديسمبر/كانون الأول، وفي جولة الإعادة يومي 5 و7 يناير/كانون الثاني.

وجرى تبكير موعد انتخابات الرئاسة المصرية، ويعزو مراقبون ذلك إلى أن السلطات تواجه ضغوطاً لخفض قيمة العملة واتخاذ خطوات أخرى لإنهاء الأزمة الاقتصادية والحصول على التمويل من صندوق النقد الدولي، ولذا قررت التعجيل بالانتخابات حتى لا تؤثر هذه الإجراءات المالية التقشفية على أجوائها، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

ويكشف قرار التبكير عن أنه رغم أنه يُنظر إلى أن النتيجة محسومة للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ولكن السلطات تضع في اعتبارها تأثير الاستياء الشعبي من الوضع الاقتصادي على الانتخابات.

السيسي فاز في انتخابات الرئاسة الماضية بأكثر من 90%

وتم انتخاب السيسي لأول مرة في عام 2014 وأعيد انتخابه في عام 2018 لفترة ثانية مدتها أربع سنوات. وأضافت التعديلات الدستورية، التي تم إقرارها في استفتاء عام 2019، عامين إلى فترة ولايته الثانية، لتصبح مدتها ست سنوات.

كما ألغت هذه التعديلات الحد الأقصى لبقاء الرئيس في منصبه بفترتين. ومهدت المراجعات الطريق أمام السيسي للترشح لولاية ثالثة مدتها ست سنوات، وربما البقاء في السلطة حتى عام 2030.

وفي الدورتين الانتخابيتين السابقتين، في عامي 2014 و2018، أُعلن فوز السيسي بنسبة 97% تقريباً من الأصوات.

ولم يعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تنتهي فترة ولايته الحالية البالغة ست سنوات في عام 2024، عن نيته الترشح لولاية ثالثة بعد، ورغم ذلك أعلنت 5 أحزاب مصرية دعمها للسيسي في الانتخابات الرئاسية.

وتشمل هذه الأحزاب حزب مستقبل وطن، الذي يتمتع بالأغلبية في البرلمان، وحزب المصريين الأحرار، وحزب المدافعين عن الوطن.

وقامت وسائل الإعلام المصرية، والتي تخضع في الغالب لسيطرة السلطة، لاسيما جهاز المخابرات العامة، في الأسابيع الأخيرة، بنشر إعلانات مؤيدة للسيسي من رجال الأعمال والنقابات المهنية والعمالية التي تهيمن عليها الدولة، ونجوم السينما والمطربون.

في المقابل، أعلنت 7 شخصيات سياسية عن خططها للترشح، من بينها أحمد طنطاوي، البرلماني السابق، الذي يُنظر إليه على أنه مرشح معارض قوي إذا دخل السباق رسمياً.

ويجب على المرشحين الذين يسعون للترشح الحصول على تأييد 20 مشرعاً أو 25 ألف ناخب مسجل في 15 محافظة على الأقل، بحد أدنى 1000 تأييد من كل محافظة.

وبينما من شبه المؤكد أن يفوز السيسي بإعادة انتخابه، لكن تبدو انتخابات الرئاسة المصرية الحالية مختلفة عن السابقة.

كان يتمتع بشعبية كبيرة في 2014

وبعد عزل مرسي وعد السيسي المصريين بالرخاء الاقتصادي وبمستقبل وردي، وأصبح جزء من الجماهير مولعاً بالسيسي، وهناك مجال للقول إنه فاز حقاً بأول انتخابات رئاسية بعد الانقلاب في عام 2014، سواء تم تزويرها أم لا، حسب ما ورد في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

ولكن بعد سنوات من الوضع الاقتصادي الضاغط وتراجع الحريات، وقضايا إقليمية مثيرة للجدل مثل سد النهضة وجزيرتي تيران وصنافير، تزعم المعارضة المصرية ووسائل الإعلام المصرية أن شعبية السيسي تراجعت بشكل كبير، وهو ما تنفيه القوى المؤيدة للسلطة.

في انتخابات 2018 نافس السيسي مرشحاً مغموراً مؤيداً له

وفي انتخابات الرئاسة المصرية عام 2018، كانت الأجواء أكثر تقييداً، حيث سبقها إلقاء القبض على المنافس الرئيسي الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش السابق، وتم وضع المنافس الثاني، أحمد شفيق (رئيس الوزراء السابق والعسكري المقرب من مبارك)، قيد الإقامة الجبرية، بعد إعلانهما عزمهما الترشح لمنافسة السيسي.

ودفعت الاعتقالات مرشحين جديدين آخرين إلى الانسحاب، بحجة المضايقات والترهيب، حسب ما ورد في تقرير لموقع المجلس الأطلسي "Atlantic council".

وفي النهاية، لم يواجه السيسي سوى سياسي غير معروف هو موسى موسى انضم إلى السباق في اللحظة الأخيرة؛ لتجنيب الحكومة إحراج انتخاب مرشح واحد، بعد إجبار العديد من المرشحين على التنحي أو اعتقالهم.

هل تكون انتخابات الرئاسة المصرية مختلفة هذه المرة؟

لكن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ووجود بعض الحراك من قبل قوى المعارضة، ومتابعة دولية حثيثة للوضع في مصر، يرى تقرير موقع Atlantic council أن العديد من المصريين يأملون أن تؤدي الانتخابات إلى التغيير الذي تشتد الحاجة إليه. 

في المقابل، يدرك كثيرون آخرون أن فرص فوز منافس في صناديق الاقتراع ضئيلة، بل وحتى معدومة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي من المتوقع على نطاق واسع أن يُعاد انتخابه لولاية ثالثة مدتها ست سنوات.

وقد أدت إجراءات التقشف القاسية التي تم تطبيقها في عام 2016 إلى ترك العديد من الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط ​​تعاني من تضخم مكون من رقمين، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

انتخابات الرئاسة المصرية
ارتفاع الأسعار بات مشكلة تضغط بشدة على المصريين/رويترز

وزاد الوضع سوءاً مع تدهور الاقتصاد عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، التي أدت لهروب رأس المال الأجنبي الساخن من سوق الديون المصرية، تاركاً القاهرة معلقة مع قروض خارجية ضخمة تبلغ قيمتها نحو 160 مليار دولار، ما اضطرها للعودة للاستدانة من صندوق النقد، حيث أبرمت اتفاقاً معه بقيمة أكثر من 3 مليارات دولار، وخفضت عملتها من 15.5 للدولار إلى 30.5، بينما وصل سعر الجنيه في السوق السوداء لـ40 للدولار، وسط فرض قيود على التصدير ضاعفت الضغوط التضخمية التي سببها تدهور الجنيه، وحصلت القاهرة على الدفعة من الأولى من قرض صندوق النقد فقط بقيمة 347 مليون ولم تحصل على باقي الدفعات ولا على التدفقات المالية من دول الخليج، في انتظار التزامها بشروط الاتفاق، بما في ذلك تحرير واقعي للجنيه، وتخفيف البصمة العسكرية في الاقتصاد، وبيع بعض الشركات الحكومية والعسكرية.

كما أدت الحملة الأمنية المستمرة ضد المعارضة والقيود المفروضة على حرية التعبير إلى تأجيج السخط العام، ما جعل منتقدي الحكومة يعيشون في خوف من الاعتقال، أو الاختفاء القسري، أو مصير أسوأ.

وتقدّر منظمات حقوقية أن عدد السجناء السياسيين في مصر يتراوح بين 65 ألفاً إلى 70 ألفاً، حسب ما ورد في تقرير لموقع دويتش فيليه الألماني "DW".

وفي الآونة الأخيرة، اضطر المصريون إلى التعامل مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر وسط موجة حارة شديدة. إن انقطاع التيار الكهربائي اليومي -الذي يُقال إنه ناجم عن نقص إمدادات الغاز لمحطات الطاقة- يختبر صبر المواطنين الذي بدأ ينفد بالفعل، حسب موقع Middle East Eye البريطاني.

اختلاف بين النشطاء حول كيفية التعامل مع الانتخابات، وريبة تجاه المرشحين المحتملين

ويختلف مجتمع الناشطين المحبطين والمحاصرين، والمواطنين بشكل عام، في وجهات نظرهم حول ما يجب القيام به. ودعا البعض إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة المصرية، لأن النتيجة النهائية معروفة بالفعل، وفقاً لموقع Middle East Eye.

 وبناءً على هذه الرواية، يُنظر إلى العديد من المتنافسين الذين يعتزمون خوض الانتخابات ضد السيسي بعين الريبة، باعتبارهم متعاونين لا بد أنهم عقدوا صفقة ما مع الأجهزة الأمنية. ومن المؤكد أن بعض السياسيين، الذين يؤيدون النظام بقوة أو لديهم تاريخ من التعاون مع الدولة، ينطبق عليهم هذا الوصف.

ويؤيد تيار آخر بين المنشقين وعامة السكان المشاركة في الانتخابات، لكنه يقدم تصويتاً احتجاجياً للمعارضة "الحقيقية". هنا، تصبح الأمور أكثر تعقيداً.

ومن بين الذين أعلنوا عن ترشحهم عبد السند اليمامة، رئيس حزب الوفد، وهو أحد أقدم الأحزاب في مصر، ولكن الحزب يُنظر له كتابع للسلطة، حيث دعم الوفد إعادة انتخاب السيسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2018. 

أما أبرز الشخصيات التي تصنف معارضة والتي يحتمل ترشحها للانتخابات وأعلنت نيتها خوضها هم: أحمد الطنطاوي، البرلماني السابق عن حزب الكرامة الناصري. وجميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور شبه الليبرالي، وفريد ​​زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

واكتسب الطنطاوي زخماً أكثر من غيره، وهو صحفي ونائب سابق، اشتكى مراراً وتكراراً من مضايقات الأجهزة الأمنية لموظفي حملته. 

انتخابات الرئاسة المصرية
المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية أحمد الطنطاوي/رويترز

وكان الطنطاوي منتقداً حاداً للنظام عندما كان نائباً؛ حيث هاجم السيسي علناً ودعاه إلى ترك منصبه، ما أثار غضب السلطات، وأجبر الطنطاوي على مغادرة مصر إلى لبنان العام الماضي.

منذ أواخر أبريل/نيسان، تم اعتقال واحتجاز ما لا يقل عن اثني عشر من أفراد عائلة أحمد الطنطاوي ومؤيديه. وقال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن الاعتقالات، التي جاءت في أعقاب إعلان الطنطاوي ترشحه لمنصب الرئيس، تهدف إلى "خنق المعارضة السلمية"، حسب تعبيره.

 وفي المنفى، أعلن الطنطاوي عن نيته الترشح في انتخابات الرئاسة المصرية.

وفي موقف لافت، عاد الطنطاوي إلى مصر في شهر مايو/أيار الماضي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أسباب سماح السلطة له بذلك، وهل لأنه بات أهم من أن يتم منع دخوله أم أنه في إطار مساعي السلطة لإعطاء شكل تنافسي للانتخابات الرئاسية، خاصة في ظل حاجة مصر لدعم الغرب لاتفاق البلاد مع صندوق النقد الدولي.

ومنذ عودته، يبني طنطاوي حملة على الأرض، على الرغم من الحملات الأمنية المتكررة على أقاربه والناشطين في الحملة. 

وتصدر طنطاوي الأخبار الدولية مؤخراً عندما قال إنه تم اكتشاف أن جهاز iPhone الخاص به قد تم استهدافه ببرامج تجسس (على الأرجح من قِبل الأجهزة الأمنية المصرية)، ما دفع شركة Apple إلى نشر تحديثات أمنية لجميع منتجاتها.

في المقابل، اتُهم إسماعيل وزهران في وقت سابق من هذا العام بالاجتماع مع رئيس المخابرات المصرية، حيث زُعم أن الأخير شجعهما على الترشح للانتخابات لتوفير واجهة ديمقراطية. وقد نفى كلاهما هذا الاتهام. ولم تصل المناقشات الرامية إلى توحيد صفوف المعارضة للوقوف خلف مرشح واحد إلى أي نتيجة.

بعض المعارضين يرون فائدة في المشاركة بالانتخابات حتى لو خسروها

رغم صعوبة تصور فوز مرشح منافس، لكن الأساس المنطقي الشائع بين المعارضين الداعين لخوض انتخابات الرئاسة المصرية بسيط هو أن النظام الحالي قضى على العمل السياسي المعارض، وألغى أي هامش للتنظيم في الشوارع أو في الفضاء الإلكتروني.

وينقل الموقع البريطاني عن دعاة مشاركة المعارضة في الانتخابات قولهم إنه الآن في ظل الوضع الاقتصادي وتراجع قوة النظام، وأنه بات أقل ثقة مما كان عليه قبل عقد من الزمان،  فإن الانتخابات تقدم فرصة نادرة لإحياء القدرة على التنظيم، على مستوى متواضع على الأقل. ويقول الناشطون إن هذه خطوة واحدة على الطريق الطويل نحو استعادة الشوارع.

 ودعا مجلس أمناء الحوار الوطني، وهو المنتدى الذي أعلنه السيسي العام الماضي للمساعدة في رسم خارطة طريق مصر من خلال التوصيات، إلى إجراء إصلاحات لضمان إجراء انتخابات رئاسية "تعددية وتنافسية".

وطالب مجلس الأمناء، في بيان له مؤخراً، بالسماح لجميع المرشحين وأحزاب المعارضة بالتفاعل مباشرة مع الجمهور، وأن تحافظ مؤسسات الدولة وأجهزتها على مسافة متساوية من جميع المرشحين للرئاسة، وذلك حفاظاً على حقوقهم القانونية والدستورية وتكافؤ الفرص بينهم جميعاً.

حنين لأيام مبارك  

اللافت أن هناك حديثاً عن أن هناك آفاقاً مواتية لمرشحين من قلب النظام أو محسوبين على نظام مبارك.

ويعتقد أنه جرت محاولات مستمرة لردع المنافسين المحتملين المحسوبين على نظام مبارك مثل جمال مبارك، الابن الأصغر للرئيس السابق حسني مبارك، ومحمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات.

وقد استبعدت وسائل الإعلام المصرية الموالية للدولة والنائب مصطفى بكري -الموالي للسيسي- إمكانية تنافس أي من هؤلاء السياسيين في انتخابات الرئاسة المصرية.

وبالإشارة إلى مادة في قانون الانتخابات تنص على أنه لا يجوز لمن صدر ضده حكم نهائي الترشح لرئاسة الجمهورية، أكد بكري أنه لا يجوز لمبارك ولا السادات الترشح للانتخابات، لأنهما محكوم عليهما. ومع ذلك، يبرز جمال من بين الاثنين.

وحُكم على جمال عام 2016 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة اختلاس أموال الدولة؛ حيث اتُهم هو وشقيقه رجل الأعمال علاء مبارك باختلاس ما يقرب من 125 مليون جنيه مصري من أموال الدولة كانت مخصصة لتجديد وصيانة القصور الرئاسية.

وفي مناظرة متلفزة على قناة العربية منتصف يوليو/تموز 2023، سأل ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، جمال عما إذا كان يفكر في الترشح للانتخابات المقبلة. ورفض شقيقه علاء هذا السؤال.

وغرَّد علاء مبارك دون أن يذكر رشوان بالاسم، قائلاً: "ليس من شأنك، لماذا أنت فضولي إلى هذا الحد؟ الناس واختياراتهم ليس لها علاقة بك".

وفي حين أن خطط جمال لخلافة والده قد أججت الغضب الشعبي في السنوات الأخيرة من حكم مبارك -ما أدى في النهاية إلى الإطاحة به في 11 فبراير/شباط 2011 من خلال الاحتجاجات التي تسامح معها الجيش- فقد تغير الكثير منذ ذلك الحين. وقد أدت الأزمة الاقتصادية العميقة في مصر إلى تراجع شعبية السيسي، وهناك حنين لدى البعض لعهد مبارك خاصة لدى غير المسيسين إضافة للمحسوبين على النظام السابق ورجال الأعمال.

فلقد غيّر العديد من المصريين المتعبين مواقفهم بشأن ثورة عام 2011 التي أدت إلى الإطاحة بمبارك، ويشعرون بالحنين إلى "الأيام الخوالي" في ظل حكم الرئيس السابق. وتنتشر صور مبارك مبتسماً على منصات التواصل الاجتماعي مع تعليقات حول مدى توفر السلع الأساسية في عهده أو كيف تدهور الوضع الاقتصادي منذ ذلك الحين، حسب تقرير المجلس الأطلسي.

وبتشجيع من هذا الدعم العلني، يقال إن جمال مبارك اتخذ خطوات لتحقيق طموحاته السياسية. وفي أبريل/نيسان 2022، قضت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي بتأييد إلغاء عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد مبارك وعائلته، ووصفت العقوبات بأنها "غير قانونية". كما أسقط المدعون الفيدراليون السويسريون قضية غسيل أموال ضد أبناء مبارك، وأفرجوا عما يقرب من 430 مليون دولار من الأصول المجمدة لعائلة مبارك.

 وتحظى تغريدات نجلي مبارك جمال وعلاء وبالأخص الأخير بمتابعة شعبية، وكذلك ظهورهما في المناسبات.

ولكن رغم ذلك، ليس هناك مؤشرات على أنهما سيتقدمان لمنافسة السيسي في الانتخابات القادمة.

مرشح محتمل من بيت السيسي

اللافت أيضاً ظهور مرشح عسكري سابق بارز هو رئيس أركان الجيش السابق، الفريق محمود حجازي، صهر الرئيس السيسي (والد زوجة ابن السيسي)، علماً بأن الرجل أقيل من منصبه واختفى من الحياة العامة. 

ويقول أصحاب هذا الطرح إن حجازي يمكن أن يكون مرشحاً مقبولاً من الجيش والأحزاب التي توصف بالمعارضة. 

وأعلن مجدي حمدان، القيادي في الحركة المدنية المصرية، أن "حجازي في حال ترشحه قد يكون له فرص كبيرة، لأنه الأقرب لتلقي دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وربما يكون -من وجهة نظرهم- البديل المناسب للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة المقبلة، وفي حال إعلانه الترشح رسمياً للانتخابات، ستكون الأمور محسومة تماماً لصالحه".

وفي موقف مشابه، طرح المتحدث الرسمي باسم التيار الحر، عماد جاد، فكرة ترشيح حجازي، ولكنه أقر بعدم التوافق حتى الآن على ذلك، بعد تبرؤ التيار الحر من هذا التصريح.

وقال جاد، في معرض تبريره لطرحه بترشيح محمود حجازي: "نريد مرحلة انتقالية يقودها أحد أبناء مؤسسات الدولة، نريد رئيساً تتعاون معه مؤسسات الدولة وأجهزتها، لا نريد استمرار السياسات الحالية ولا تكرار تجربة رئيس من خارج المؤسسات في الوقت الحالي كما حدث عام 2012". 

فالرئيس القادم سيكون رئيساً انتقالياً يأتي بعده رئيس مدني بعد فتح المجال العام"، وفق ما كتبه جاد على فيسبوك.

وفسر موقفه بأنه نابع من أن البلاد لن تستطيع الصمود أكثر من ذلك على نفس منهج الحكم والإدارة، ولا تتحمل أن يكون التغيير بنزول الناس إلى الشارع مجدداً في ثورة جديدة.

وبينما ينظر البعض لحجازي كمرشح مقبول من المؤسسة العسكرية ومن المعارضة الرسمية، يراه آخرون مجرد أداة لخلق أجواء تنافسية للانتخابات وخلط الأجواء.

ولم يتسنَّ التأكد من مصدر مقرب لحجازي بشأن موقفه من الترشح المحتمل لانتخابات الرئاسة.

ورغم أن الحملات التي تستهدف المرشحين المحتملين والمعارضين تبدو حتى الآن أقل حدة مما حدث في عام 2018، ولكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن التصويت محفوف بالخاطر في ظل مزاعم عن قمع حكومي، وتقول هذه الجماعات إن ما لا يقل عن 35 من أنصار المعارضة اعتقلوا في الأشهر الأخيرة، حسبما نقل عنها تقرير لموقع "فرانس 24".

ولكن يقول مراقبون إنه بينما أنه من شبه المؤكد أن يعاد انتخاب السيسي، عبر دور أجهزة الدولة، لكن فترة الحملة الانتخابية يمكن أن تعزز نشاط المعارضة.

تحميل المزيد