رسالة تحذير.. لماذا يحث بعض رؤساء “الشاباك” السابقين بايدن على عدم استضافة نتنياهو في البيت الأبيض؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/03 الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/03 الساعة 14:21 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أرشيفية/رويترز

حثَّ عامي أيالون ويوفال ديسكين، الرئيسان السابقان لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، الرئيسَ الأمريكي جو بايدن على عدم دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض خلال زيارته المقررة للولايات المتحدة منتصف سبتمبر/أيلول. وأعربا عن خشيتهما أن يرى الإسرائيليون في هذه الدعوة رسالةَ دعم من بايدن لخطةِ نتنياهو المعروفة بـ"الإصلاح القضائي".

هل سيجتمع بايدن مع نتنياهو كما هو مقرر في سبتمبر؟

انتظر نتنياهو ثمانية أشهر منذ توليه منصبه حتى دُعي أخيراً إلى زيارة البيت الأبيض، ولم تأتِ هذه الدعوة إلا في 17 يوليو/تموز 2023، قبل يوم واحد من سفر الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى الولايات المتحدة للقاء بايدن. 

ويقول موقع Al-Monitor الأمريكي، إن نص المحادثة الهاتفية بين الزعيمين لم يكشف عما إذا كان بايدن ينوي دعوة نتنياهو إلى واشنطن أم سيجتمع به في نيويورك على هامش لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن توقعات المراقبين السياسيين تميل إلى أن بايدن سيلتقي نتنياهو خلال اجتماعات الأمم المتحدة.

أبدت الرئاسة الأمريكية تردداً في دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى لقاء رسمي بالبيت الأبيض؛ لاعتراضها على التصريحات العنصرية والمعادية للعرب وللأجانب التي أدلى بها العديد من الوزراء اليمينيين المتطرفين بالحكومة الإسرائيلية، وسياسات تلك الحكومة تجاه الفلسطينيين، والتوسع الاستيطاني غير المسبوق، وخطة الإصلاح القضائي التي تهدد بتقويض الديمقراطية في إسرائيل.

ومع ذلك، قال مقربون من نتنياهو إن الاجتماع سيُعقد في البيت الأبيض، لكن مكتب بايدن لم يؤكد ذلك بعد. وذكرت صحيفة The Times of Israel أن الاجتماع من المقرر أن يُعقد في 21 سبتمبر/أيلول.

"نتنياهو يضر بالعلاقة بين واشنطن وإسرائيل"

من جانب آخر، حذَّر أيالون، الرئيس السابق لـ"الشاباك"، في حديث إلى صحيفة Haaretz الإسرائيلية، من أن "زيارة نتنياهو الرسمية للبيت الأبيض ستُعدُّ إضفاء للشرعية على الانقلاب الحكومي الذي يقوده، ويرمي به إلى إضعاف النظام القضائي وإقامة نظام استبدادي في إسرائيل"، ولذلك "نتوقع من رئيس الولايات المتحدة ألا يفعل ذلك"، لكي نوضح للجميع أن "التحالف بيننا [الولايات المتحدة وإسرائيل] يقتضي الحفاظ على هوية إسرائيل بروحِ إعلان الاستقلال الأمريكي" الذي اشتمل على مقاصد الحرية والمواطنة وحقوق الإنسان، حسب تعبيره.

وذهب ديسكن إلى أبعد من ذلك قائلاً: "إذا لم يحدث هذا (وقف الإصلاح القضائي) على الفور، فإنني أخشى أن تُحدث هذه الإجراءات آثاراً لا رجعة عنها، وتؤدي إلى ضرر استراتيجي لدولة إسرائيل والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط"، وأنا أرى أن "نتنياهو يلحق ضرراً جسيماً بالعلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط".

"نتنياهو سيعتبر اللقاء انتصاراً دبلوماسياً له"

أما نداف تامير، الخبير البارز في شؤون العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، فقال لموقع Al-Monitor الأمريكي إن "اللقاء بين نتنياهو وبايدن موضع ترحيب من جميع الأطراف السياسية في الأوقات العادية، لكن ما نشهده الآن ليست أوقاتاً عادية"، و"نعلم جميعاً أنه حتى لو انتقد الرئيس الأمريكي الإصلاحات القضائية خلال اجتماعه بنتنياهو، ولو انتقد التصعيد الحاد للتوترات في الضفة الغربية، وطالب رئيسَ الوزراء الإسرائيلي بتغيير مساره، فإن نتنياهو سيقدِّم هذا اللقاء على أنه إنجاز دبلوماسي كبير له. وهو خبير في مثل هذه الأمور".

يرى تامير أن نتنياهو سيصعب عليه أن يروج اجتماعه بالرئيس الأمريكي في الأمم المتحدة على أنه إنجاز دبلوماسي. ولذلك تركز المعارضة الإسرائيلية على إفشال مساعي نتنياهو الرامية إلى عقد اللقاء في البيت الأبيض. وأشار تامير إلى أن إدارة بايدن لها مصالحها وحساباتها الخاصة في لقاء نتنياهو، لكنه يذهب إلى أن واشنطن لن تتجاهل الأصوات القادمة من إسرائيل والولايات المتحدة.

وقال تامير: "الأمر لا يقتصر على أيالون وديسكن. فكثير من الشخصيات الإسرائيلية البارزة حثَّت بايدن على عدم استقبال نتنياهو في المكتب البيضاوي، ومنهم شيكما بريسلر [الفيزيائية في معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم] أحد أبرز قادة الحركة الاحتجاجية على الإصلاح القضائي، وكثيرون غيرها ممن يؤيدون (رفض التعديلات القضائية) في الولايات المتحدة". ولفت تامير إلى أن من أبرز الموضوعات في هذا السياق "تأثير كلِّ هذه الدعوات على موقف الجالية اليهودية الأمريكية، وعلى موقف الحزب الديمقراطي".

موقف جماعة "أيباك"

في المقابل، يرى نمرود باركان، السفير الإسرائيلي السابق لدى كندا والرئيس السابق لمركز أبحاث السياسات التابع لوزارة الخارجية، أن دعوات أيالون وديسكن، اللذين تراهما إدارة بايدن من المحسوبين على الحركة الاحتجاجية، ربما لن تؤثر في رأي البيت الأبيض تأثيراً يُذكر. ويتفق مع تمير في أن الإدارة الأمريكية لديها حساباتها الخاصة في هذا الشأن.

وقال باركان: "الأمر لا يتوقف على هذه الدعوات، فنحن لدينا أيالون وديسكن وقادة حركة الاحتجاج من جهة، ولدينا اللوبي المؤيد لإسرائيل، أي لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (أيباك) ومجموعة لا بأس بها من المانحين اليهود الأمريكيين للنظام السياسي من جهة أخرى. ونتنياهو ظهر عدة مرات في وسائل الإعلام الأمريكية خلال الأشهر الماضية، ومن المثير للدهشة أن المعارضة الإسرائيلية لم تعترض على ذلك، ولم تتقدم بتحركات مضادة تقريباً".

يذهب باركان إلى أن لقاءات نتنياهو الإعلامية عززت حجة المؤيدين للتعديلات داخل "أيباك" ممن يرون أن الرئيس الأمريكي يجب أن يقف إلى جانب حليفه -الحكومة الإسرائيلية- وليس إلى جانب المعارضة الإسرائيلية.

ويرى أن المقابلات التي أجراها نتنياهو مع الصحافة الأمريكية والموقف الذي تبنته لجنة أيباك خفَّفا بقدرٍ ما من آثار الانتقادات الحادة التي صدرت عن مسؤولي إدارة بايدن ونواب الكونغرس الأمريكي على خطة الإصلاح القضائي للحكومة. وحدث الأمر نفسه في ما يتعلق بالتصعيد في الضفة الغربية، فقد اكتفت الإدارة الأمريكية بالتصريحات، لكنها لم تتخذ أي خطوات ملموسة لإيقاف السياسات الإسرائيلية.

يخلص باركان من ذلك إلى أن "نتنياهو لا بد أنه أدرك تقاعس إدارة بايدن عن الضغط عليه، وقال لنفسه: (يمكنني المضي قدماً كما أريد، لأنني تمكنت من تحييد الضغط الأمريكي بالغ التأثير في هذا الشأن)". وانتهى رأي باركان إلى أن المعارضة الإسرائيلية لم تبذل جهدها في فهم السياسة الأمريكية، ولا في بناء قاعدة دعم لها في الولايات المتحدة، ولذلك يستبعد أن يكون لدعوات أيالون وديسكن أي تأثير يُذكر في رأي الإدارة الأمريكية من دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض، حسب تعبيره.

تحميل المزيد