اعتباراً من 25 أغسطس/آب 2023، يطبق الاتحاد الأوروبي قانون الخدمات الرقمية الأوروبي الذي يضم لوائح تنظيمية غير مسبوقة، ستُلزِم أكثر من 40 شركة عملاقة على الإنترنت، من ضمنها فيسبوك وإكس (تويتر سابقاً) وجوجل وتيك توك، على تحسين مراقبة المحتوى الذي تقدمه داخل المنطقة، ويحملها مسؤولية المحتوى الذي ينشر على منصاتها.
وقانون الخدمات الرقمية الأوروبي الرائد سيُطبَّق على أية عملية رقمية تخدم الاتحاد الأوروبي، مما يُجبِر مقدمو الخدمة على تحمل المسؤولية القانونية عن كل شيء بدءاً من الأخبار المزيفة وحتى التلاعب بالمتسوقين والدعاية الروسية والنشاط الإجرامي وضمن ذلك إساءة معاملة الأطفال، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وقالت سوزان فيرنيول، أستاذة قانون التكنولوجيا في المعهد الوطني للفنون والحرف في باريس: "إن قانون الخدمات الرقمية هو جزء من استراتيجية أكبر لمنح الأفراد والهيئات الناظمة والمجتمع المدني المزيد من الصلاحيات".
وأوضحت لوكالة الأنباء الفرنسية: "إنها خطوة إضافية نحو مزيد من المساءلة".
وبموجب قانون الخدمات الرقمية، تجبر المواقع التي لديها على الأقل 45 مليون مستخدم نشط شهرياً، على التزام قواعد أكثر صرامة بما فيها مكافحة المعلومات الكاذبة بشكل فعال.
ما تفاصيل قانون الخدمات الرقمية الأوروبي وكيف سينفَّذ؟
وسيسري قانون الخدمات الرقمية الأوروبي على كبار المُشغّلين وصغارهم، لكن القواعد متدرجة، إذ تنطبق الالتزامات الأكثر صرامة على 17 شركة، من ضمنها فيسبوك وأمازون، والمُصنَّفة على أنها "منصات كبيرة جداً على الإنترنت"، واثنين من "محركي البحث الكبيرين جداً عبر الإنترنت"؛ وهما جوجل ومايكروسوفت بينغ.
ويواجه أولئك الذين لا يمتثلون للقواعد عقوبات تشمل غرامات كبيرة، قد تصل إلى مئات الملايين من اليورو، وحظراً على مستوى الاتحاد الأوروبي.
إليك القواعد الجديدة التي يتضمنها القانون؟
تتمحور القواعد الجديدة حول خمس قضايا رئيسية، تشمل المعلومات المضللة عبر الإنترنت والمخاطر المجتمعية الأخرى
1- المنتجات غير القانونية
وستكون المنصات مُلزَمة بمكافحة بيع المنتجات والخدمات غير القانونية، وهو ما سيؤثر في أمازون ومتجر فيسبوك وغيرهما
2- محتوى غير قانوني
صيغت القواعد الجديدة للقضاء على المحتوى غير القانوني -وضمن ذلك الدعاية الروسية، والتدخل في الانتخابات، وجرائم الكراهية، وإلحاق الأضرار عبر الإنترنت وضمن ذلك المضايقات وإساءة معاملة الأطفال- وضمان احترام الحقوق الأساسية التي يكفلها القانون في جميع أنحاء أوروبا، وضمن ذلك حرية التعبير وحماية البيانات.
3- حماية الأطفال من الاستهداف بناءً على بياناتهم الشخصية
بالنسبة للآباء والأمهات غير القادرين على مراقبة كل ما يراه أطفالهم، ربما تكون هذه المجموعة من القواعد هي الأهم.
إذ سيُحظَر على المنصات استهداف الأطفال بالإعلانات بناءً على بياناتهم الشخصية أو ملفات تعريف الارتباط.
وسيُطلَب من شركات الشبكات الاجتماعية الكبرى إعادة تصميم أنظمتها لضمان "مستوى عالٍ من الخصوصية والأمن والسلامة للقاصرين"، وإثبات أنها فعلت ذلك أمام المفوضية الأوروبية.
وسيتعين على هذه الشركات أيضاً إعادة تصميم محتوى "أنظمة التوصية" على منصاتها لتقليل المخاطر التي يتعرض لها الأطفال.
وستكون مُلزَمة أيضاً بإجراء تقييم لمخاطر الآثار السلبية على الصحة العقلية للأطفال وتقديمه إلى المفوضية الأوروبية في أغسطس/آب.
وفي العام الماضي، اتُّهِمَت أكبر شركات الشبكات الاجتماعية في العالم بـ"التربُّح من التعاسة" بعدما خلص تحقيق إلى أنَّ المحتوى الضار عبر الإنترنت ساهم في وفاة مولي راسل، البالغة من العمر 14 عاماً، في المملكة المتحدة.
4- التنوع العرقي والجنساني
لن تتمكن شركات الشبكات الاجتماعية من استخدام البيانات الشخصية الحساسة وضمنها العرق والجنس والدين، لاستهداف المستخدمين بالإعلانات
5- حظر التلاعب بالمتسوقين عبر توريطهم في عمليات الشراء
توفر هذه القاعدة الحماية من الواجهات اليومية المُستخدَمة للتلاعب بالمتسوقين لشراء أشياء لا يحتاجون إليها ولا يريدونها.
ووجدت مراجعة لـ399 متجراً عبر الإنترنت، أجرتها المفوضية الأوروبية والسلطات الوطنية لحماية المستهلك في دول الاتحاد هذا العام، أنَّ 40% منها اعتمدت على "ممارسات تلاعبية لاستغلال نقاط ضعف المستهلكين أو خداعهم".
وكشف مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي أنَّ 42 موقعاً استخدمت أجهزة توقيت مزيفة للعد التنازلي مع مواعيد نهائية زائفة للشراء، مع لجوء 70 موقعاً إلى "إخفاء" معلومات مهمة مثل تكاليف التسليم أو توافر خيارات أرخص.
ووجدت المراجعة أنَّ 23 موقعاً أخفت المعلومات بهدف "التلاعب بالمستهلكين لدفعهم إلى الاشتراك فيها".
وبموجب القواعد الجديدة، ينبغي للشركات التخلي عن هذه الأساليب.
المستهلكون سيكونون قادرين على الإبلاغ عن أي تجاوزات
سيتمكن المستهلكون من الإبلاغ عن التجاوزات وتوقع التغييرات.
إضافة إلى ذلك، ستُمنَع شركات التكنولوجيا من تصنيف خدماتها على أنها أفضل من غيرها، وسيتعين عليها التوقف عن جعل إلغاء تثبيت البرامج والتطبيقات المُحمَّلة مسبقاً أمراً صعباً.
وقال متحدث باسم المفوضية: "بالنسبة لمنصات الإنترنت الكبيرة جداً، تكون المخاطر المجتمعية أعلى، وتشمل القواعد تدابير إضافية لتقييم وتخفيف المخاطر المجتمعية المرتبطة بأنظمتها الإعلانية، على سبيل المثال تحفيز المعلومات المضللة".
إليك رد فعل شركات التكنولوجيا الكبرى، ولماذا تم توجيه تنبيه خاص لمنصة إكس (تويتر سابقاً)؟
وقد اعتمدت 44 شركة من عمالقة التكنولوجيا بالفعل مدونة الممارسات الطوعية للمفوضية، التي يُنظَر إليها على أنها فترة تمهيدية لإعداد الأنظمة الداخلية للقواعد التنظيمية الجديدة.
في المقابل، انسحبت شركة إكس من اتفاقية قواعد الممارسة الطوعية في وقت سابق من هذا العام.
لكن الشركة قالت في يونيو/حزيران إنها ستلتزم بالقواعد بعدما زار فريق من مسؤولي الاتحاد الأوروبي بقيادة مفوض السوق الداخلي، تييري بريتون، مقرها الرئيسي في كاليفورنيا لإجراء "اختبار كفاءة" لأنظمة الاعتدال والامتثال في الشركة.
ورحب بريتون، المفوض المسؤول عن تطبيق قانون الخدمات الرقمية، بتغيير رأي إيلون ماسك، لكنه حذر من أنه لن تكون هناك "تدابير نصفية" عندما يتعلق الأمر بالعقوبات على الجرائم عبر الإنترنت.
الاتحاد الأوروبي أبلغ شركة إكس ضرورة معالجة المحتوى غير القانوني
عقب رحلته إلى مقر ماسك في يونيو/حزيران، قال بريتون إنَّ الاتحاد الأوروبي سيكون يقظاً للغاية قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي العام المقبل.
وأضاف بريتون: "أخبرت إيلون ماسك وليندا ياكارينو [الرئيس التنفيذي لشركة تويتر] بأنَّ تويتر يجب أن يجتهد بشدة في الاستعداد لمعالجة المحتوى غير القانوني في الاتحاد الأوروبي. وسنركز أيضاً على مكافحة المعلومات المضللة، وضمن ذلك الدعاية المؤيدة لروسيا، قبيل فترة الانتخابات في أوروبا".
عقوبات فادحة، إليك الغرامة التي قد يدفعها إيلون ماسك
قد تواجه الشركات التي لا تمتثل للقانون حظراً كاملاً في أوروبا أو غرامات تصل إلى 6% من إيراداتها العالمية.
وفي الشهر الماضي، قالت شركة إكس (تويتر سابقاً) إنها في طريقها لتحقيق إيرادات بقيمة 3 مليارات دولار (2.4 مليار جنيه إسترليني)؛ مما يعني أنَّ غرامة بنسبة 6% تعادل 144 مليون جنيه إسترليني.