"أفضل مروحية هجومية في العالم"، هكذا يصف الكرملين المروحية الروسية Ka-52، وحتى لو لم يعترف المراقبون الغربيون بذلك، ولكنهم يقرون بأن لها دوراً حاسماً في محاولات روسيا لإحباط الهجوم المضاد الأوكراني، الذي بدأ في 4 يونيو/حزيران الماضي، ولم يحقق حتى الآن الاختراق المتوقع.
فهذه المروحية، المرهوبة الجانب التي تُلقَّب بـ"التمساح"، تعد آلة عسكرية روسية حديثة متطورة، وهي تأتي من تصميم "مكتب كاموف للتصميم"، وهو هيئة خاصة بالمروحيات الروسية، وتبلغ تكلفتها ما يصل إلى 16 مليون دولار، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
إنها تطوير لمروحية بمقعد واحد
المروحية الروسية Ka-52 هي إصدار مزود بمقعدين مشتق من المروحية الهجومية Ka-50، والأخيرة، هي مروحية بمقعد واحد وهو أمر نادر في المروحيات.
المروحية Ka-52، تشتهر بقدرتها الاستثنائية على المناورة، وفقاً لموقع Airforce Technology، المختص بمجال الطيران العسكري.
إذ تستطيع القضاء على الأهداف الأرضية مثل المركبات المدرعة وغير المدرعة، والدبابات، والأهداف الجوية بطيئة الحركة، والأفراد على خطوط الجبهات.
ويمكن أيضاً أن تكون منصة للمراقبة ومركز قيادة جوي لأسطول من المروحيات الهجومية.
المروحية الروسية Ka-52 هي منافسة الأباتشي الأمريكية الشهيرة
ومنذ أن خرجت المروحية Ka 52 للنور، تم تصويرها من قِبل الروس كواحدة من أفضل طائرات الهليكوبتر الهجومية في العالم، مع عدم وجود منافسين لها، فيما يعتبرها هواة الطيران العسكري منافس الأباتشي الأمريكية الأبرز.
وفي حين يقول بعض الخبراء العسكريين الغربيين إنَّ مروحية الأباتشي الأمريكية تتفوق على المروحية Ka-52، فإنَّ المروحية القتالية الروسية تحظى بتقدير كبير.
فكتب موقع Military-Today.com، في مراجعته لأفضل 9 مروحيات هجومية: "المروحية Ka-52 واحدة من أسرع وأكثر المروحيات الهجومية قدرة على المناورة بسبب دوَّاريها الرئيسيين المحوريين المتضادين. ويتحمَّل درع هذه المروحية الضربات من مقذوفات عيار 23 ملم. ويجلس الطياران في مقاعد قابلة للقذف".
ذيل إحدى مروحيات Ka-52 انفجر لكنَّها استمرت في الطيران
مروحية كاموف Ka-52 سبقتها المروحية الهجومية Ka-50، والتي حلَّقت لأول مرة في 25 يونيو/حزيران 1997. وبدأ تطوير مروحية كاموف الأولى هذه في عام 1994.
وتحتفظ المروحية Ka-52 تقريباً بنفس الشكل والوظيفة والقدرات التسليحية التي كانت تتمتَّع بها سابقتها. وتضم أيضاً مجموعة رادار مع إضافة إمكانية لحمل عضو ثانٍ في طاقم المروحية. وتبلغ نسبة القواسم المشتركة بين النموذجين نحو 85%.
ويُغني نظام الدوَّارين الرئيسيين المحوريين في مروحية التمساح (وهما نظامان يتألفان من ثلاث شفرات لكلٍ منهما) عن الحاجة لوجود وحدة دوار معاكس في الذيل، مما يساهم في النجاة في ساحة المعركة.
في الواقع، ظهر دليل على قوة المروحية حين انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهِر مروحية من طراز Ka-52 منفجرة الذيل وبقايا الزعنفة العمودية تتدلَّى منها بشكل خطير، لكنَّها كانت لا تزال قادرة على التحليق.
وتعتمد الطائرة على محركين توربينيين من طراز Kilmov VK-2500. ووفقاً لموقع Military Factory، تُعَد مجموعة إلكترونيات الطيران في المروحية حديثة وتنطوي على مستويات عالية من الأتمتة لتقليل حمل العمل عن فريق المروحية.
تمنح روسيا أفضلية استراتيجية في مواجهة أي هجوم مدرع
في يونيو/حزيران الماضي، كتب الصحفي بموقع Business Insider الأمريكي ريان بيكريل أنَّ مروحيات التمساح Ka-52 "تبرز باعتبارها تهديداً للقوات البرية الأوكرانية، ولا بد أن يتم الاشتباك معها بصواريخ دفاع جوي قبل أن تتمكَّن من القضاء على المدرعات الثقيلة (للقوات الأوكرانية)، مثل الدبابات ومركبات المشاة القتالية".
كبَّدت المروحية الروسية Ka-52، التي تُلقَّب في الإعلام الأوكراني بـ"نسر بوتين"، أوكرانيا ثمناً فادحاً، الأمر الذي يشير إلى أفضلية استراتيجية لروسيا في مواجهة أي هجوم مدرع، وذلك وفقاً للاستخبارات العسكرية البريطانية.
وكتبت وزارة الدفاع البريطانية على تويتر أنَّ المروحية Ka-52 "واحدة من أقوى منظومات السلاح الروسية" في مواجهة العمليات الهجومية للقوات الأوكرانية في مقاطعة زابوروجيا.
وفي يونيو/حزيران الماضي، نشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو من داخل قمرة قيادة إحدى مروحيات، Ka-52 وهي تدمر دبابتين أوكرانيتين خلال 25 ثانية باستخدام صواريخ موجهة مضادة للدروع تُطلَق من الجو. لكنَّ محللين عسكريين قالوا إنَّ ما ظهر من عملية تدمير الدبابتين تشير إلى أنَّ طاقميّ الدبابتين ربما غادرا قبل تدميرهما.
أوكرانيا تضغط على الغرب لمنع وصول الأجزاء المستوردة الخاصة بهذه المروحية
واشتكت أوكرانيا من أنَّ مروحيات Ka-52 لا تزال تحلق بفضل الأجزاء المستوردة.
وقال أندري يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني: "لا يجب أن يكون لدى المجمع الصناعي – العسكري الروسي القدرة على الوصول إلى التكنولوجيا". ووفقاً ليرماك، يجري تزويد المروحيات بمكونات من بلدان أخرى، ولا بد من تشديد العقوبات لمنع هذا.
كيف تواجه أوكرانيا هذه المروحية؟
المروحية Ka-52 هي أكثر الطائرات الهجومية انتشاراً في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.
بدأ الهجوم المضاد الأوكراني في إظهار أنَّه تكيَّف مع تهديد المروحية Ka-52، فقالت أوكرانيا إنَّها أسقطت مروحيتين من ذلك الطراز في يوم واحد الأسبوع الماضي.
وظهر مقطع فيديو يُظهِر ما يبدو أنَّها عملية إسقاط لإحدى المروحيات الهجومية Ka-52، وهو ما قال جنرال أمريكي سابق لموقع Business Insider الأمريكي إنَّه يكشف ضعف روسيا. ويشير المقطع إلى أنَّ طياري موسكو قليلو الخبرة، لأنَّه يُظهِر مروحية تُحلِّق على مستوى منخفض بما يكفي لتكون عرضة للصواريخ التي تُطلَق من الأرض.
وأثَّر تعثر الغزو الروسي لأوكرانيا أيضاً بشكل خاص على طياري المروحيات في الأشهر الأولى من الحرب، ما أدَّى إلى مقتل طياري المروحيات الأكثر مهارة. فقال المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، وهو مركز أبحاث عسكري: "جرى إسقاط أفضل أطقم Ka-52 في بداية الحرب أثناء محاولتهم الاختراق عميقاً خلف الخطوط الأوكرانية".
وأفادت مجلة Forbes الأمريكية بأنّ منظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، بما في ذلك صواريخ Stinger (ستينغر) أمريكية الصنع، كانت من بين الأسلحة الأكثر نجاعة في قتل أطقم مروحيات Ka-52. لكنَّ تقارير تفيد بأنَّ مخزونات ستينغر لدى الولايات المتحدة وصلت إلى مستويات منخفضة للغاية بسبب محدودية الإنتاج في الولايات المتحدة وبعد عام من التسليم المتواصل لشحنات من هذه الصواريخ لأوكرانيا.
وتُظهِر أحدث التقديرات من مجموعة الرصد المستقلة Oryx، والتي تحصي فقط الخسائر القتالية المؤكدة من المصادر المفتوحة، أنَّ روسيا فقدت 41 مروحية تمساح من طراز Kamov Ka-52 من أصل حوالي 100 موجودة في ترسانتها.
والمروحيات دوماً الهدف الأسهل للدفاعات الجوية والمقاتلات المعادية بسبب بطئها، وتزداد ضعفاً، أمام الصواريخ المحمولة على الكتف؛ لأن المروحيات تطير على ارتفاعات أقل من الطائرات النفاثة، وهي مشكلة عانت منها مروحيات الجيش السوفييتي في الحرب الأفغانية أمام صواريخ ستينغر الشهيرة التي زودت بها الولايات المتحدة المجاهدين في ثمانينات القرن العشرين، وقد قدمت آلافاً من نسخها الحديثة للجيش الأوكراني إضافة لصواريخ غربية مشابهة أخرى، مما شكل على ما يعتقد جزءاً من مشكلة المروحيات الروسية في الحرب.
ورد أن موسكو غيرت التكتيكات القتالية لمنع طائرات الهليكوبتر باهظة الثمن والمتطورة، وخاصة Ka-52 Alligator، من السقوط بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، أرض-جو وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، حسب موقع Eurasian Times.
أول شيء فعله الروس، قاموا بتقليص مسافة الاختراق وتوقفوا عن الطيران في عمق الأراضي الأوكرانية.
تفيد التقارير بأن طائرات الهليكوبتر الروسية مثل Ka-52 وMi-28 والمروحية الأقدم Mi-24 أصبحت نادراً ما تعمل خلف الخطوط الأوكرانية؛ بل تتحرك على طول خط المواجهة، وتضرب أهدافاً أوكرانية بصواريخ غير موجهة أو موجهة.
لا تزال طائرات الهليكوبتر الروسية عرضة للدفاعات الأوكرانية، ولكن أقل بكثير مما كانت عليه قبل عام، حينما سجلت أكبر الخسائر.