"لأول مرة في التاريخ الطائرة إف 16 الأمريكية ستحارب سوخوي وميغ الروسيتين"، فلمَن تكون الغلبة، وهل تستطيع الإف 16 التي وعد بها الناتو أوكرانيا إنهاء التفوق الجوي الروسي في سماء البلاد والذي يمثل نقطة القوة الرئيسية للجيش الروسي في مواجهة التفوق العددي (وأحياناً التقني) للجيش الأوكراني.
وجاء الإعلان عن سماح الولايات المتحدة لهولندا والدنمارك بالتبرع لأوكرانيا بما يصل إلى 61 طائرة مقاتلة من طراز F-16 الأمريكية الصنع ليفتح الباب لنقلة نوعية للحرب، خاصة أن هذه الخطوة قد تعقبها خطوات مماثلة من قبل دول أخرى بالناتو، ومنها الولايات المتحدة التي تمتلك أكثر من ألف طائرة إف 16، فعلى سبيل المثال أعلنت اليونان التي تعد من أقرب أعضاء الناتو لروسيا، أنها سوف تدرب الطيارين الأوكرانيين على استخدام الإف 16.
زيلينسكي يركب مقاتلة إف 16 وروسيا تتوعده بالهاوية
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -الذي طالما ألح على هذا الطلب- قرار هولندا والدنمارك بتزويد بلاده بطائرات مقاتلة من طراز F-16 بأنه "تاريخي وملهم"، ونشرت صور ومقاطع فيديو له وهو يجلس في طائرة من هذا الطراز مع رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن يجلسان في قاعدة جوية في الدنمارك، في 20 أغسطس/آب 2023.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف قبل بضعة أيام، إن برنامج تدريب الطيارين الأوكرانيين قد بدأ بالفعل.
في المقابل، حذر السفير الروسي في الدنمارك فلاديمير باربين، من أن "إعلان كوبنهاغن أنها ستزود أوكرانيا بمقاتلات من طراز F-16 سيؤدي إلى مواصلة كييف مواجهتها العسكرية مع روسيا، وهذا سيدفع أوكرانيا إلى الهاوية، ويحول شعبها إلى ضحايا جدد"، لأن أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا ستتحقق.
وتخطط الدنمارك لتوفير 19 طائرة من طراز F-16، مع بدء تدريب الطيارين الأوكرانيين بالفعل. ومن المأمول أن تصل الطائرات الأولى بحلول نهاية العام.
وقالت هولندا إن لديها 42 طائرة من طراز إف-16، رغم أنه لم يتم الاتفاق على العدد النهائي بعد. يقوم كلا الحليفين بتحديث أساطيلهما بطائرات الجيل الخامس الأمريكية إف 35، حسبما ورد في تقرير بموقع صوت أمريكا "VOA News".
لماذا اتخذت أمريكا هذا القرار بعد تردد دام لفترة طويلة؟
ومنذ بداية الحرب، كانت واشنطن متحفظة في الاستجابة لإلحاح كييف بتزويدها بطائرات إف 16، خوفاً مما قالت واشنطن إنه سيمثل تصعيداً قد يستفز روسيا، إضافة إلى أن تدريب الطيارين والفنيين الأوكرانيين قد يستغرق وقتاً.
ولكن يبدو أن تعثر هجوم الجيش الأوكراني المضاد خلال هذا الصيف والمدجج بمئات الدبابات والمدرعات الغربية أمام التحصينات الروسية، وتحسن أداء القوات الجوية الروسية التي باتت أكثر قدرة على ضرب الأهداف الأوكرانية، وغياب رد فعل روسي متهور على تزويد كييف بدبابات غربية، قد شجع واشنطن على اتخاذ القرار.
وقد يكون السبب في اتخاذ القرار الآن، هو أن الأوكرانيين قد قطعوا شوطاً في التدريب غير الرسمي على هذه الطائرات المعقدة والمختلفة في أساليب قيادتها وصيانتها على الطائرات السوفييتية الصنع التي تعتمد عليها كييف.
ولكن هل تستطيع هذه الطائرات تغيير شكل المعركة وإنهاء التفوق الجوي الروسي الكبير في سماء أوكرانيا، وهل تستطيع صغيرة واشنطن إف 16 أن تهزم كبيرة روسيا سوخوي 30 و35، وكذلك ميغ 29 الطائرة النظيرة للإف 16 لدى روسيا.
روسيا تتمتع بتفوق جوي هائل في أوكرانيا.. إليك المقارنة بين قوتي البلدين الجوية
ويتكون أسطول القوات الجوية الأوكراني الحالي من طائرات قديمة تعود إلى الحقبة السوفييتية، بينما ينظر للقوات الجوية الروسية خاصة قبل الحرب بأنها ثاني أقوى جوية في العالم بعد الولايات المتحدة، فالفارق بين قوتي موسكو وكييف الجوية هائل.
ويذكر دليل القوات الجوية العالمية لشركة Flight Global 2022 أن روسيا تمتلك 1511 طائرة مقاتلة، في حين أن أوكرانيا لديها أقل من 100 طائرة.
ولكن عند المقارنة بين النوعية يظهر الفارق بشكل أكبر.
فلدى أوكرانيا عدد قليل ومتقادم من الطائرات ورثتها عن الاتحاد السوفييتي، بشكل يجعل سلاحها الجوي أضعف من معظم الدول العربية.
وأبرز الطائرات لدى أوكرانيا قبل الحرب كانت37 طائرة ميغ 29، معظمها من نسخ قديمة غير محدثة بمستوى يناهز النسخ الروسية، ولديها 17 مقاتلة متخصصة في القصف الجوي من طراز سوخوي 25، و12 قاذفة من طراز سوخوي 24، وأقوى ما في جعبتها 32 من الطائرة الشهيرة سوخوي 27 التي تعود للثمانينات ويُعتقد أنها تعادل في قدراتها الـ"إف 15″ الأمريكية.
الفارق الهائل يُظهر أن روسيا لديها (229 طائرة) من السوخوي 27، ولكنها تمثل الجيل الأقدم من الطائرات الروسية، إذ لديها نسخ أحدث من هذه العائلة، منها 111 من طائرات سوخوي 30 الروسية الشهيرة التي تقارَن بالـ"إف 15 سترايك إيجل" الأمريكية، وتمتلك موسكو 92 من النسخة الأحدث من هذه العائلة الطائرة الشهيرة سوخوي 35، إضافة إلى 124 من المقاتلة القاذفة سوخوي 34 المطورة عن الأصل نفسه.
إضافة إلى عدد محدود من مقاتلات شبحية من طراز سوخوي 57 الشبحية من الجيل الخامس التي بدأت تدخل الخدمة بشكل محدود.
وكانت روسيا تمتلك نحو 240 مقاتلة من طراز ميغ 29 ولكن يعتقد أن العدد تراجع بسبب الإحالة للتقاعد أو أن بعضها غير صالح للعمل، وتخفض بعد التقديرات ما تملكه موسكو من هذه الطائرة إلى مئة.
كما أن روسيا لديها قاذفات توبيولوف 22 إم، وتوبيولوف 95 (مناظرة للقاذفة الأمريكية الشهيرة بي 52)، وتوبيولوف 160 الأسرع من الصوت (المنافسة للقاذفة الأمريكية بي 1 بي)، وكلها قاذقات ثقيلة بعيدة المدى قادرة على إطلاق صواريخ كروز، وحمل أسلحة تقليدية ضخمة وكذلك أسلحة نووية.
ورغم تفوق القوات الجوية الروسية على نظيرتها الأوكرانية بشكل كبير، من حيث الأعداد والقوة النارية، لا تزال القوات الجوية الأوكرانية تحلّق ولا تزال دفاعاتها الجوية قابلة للحياة، وهي حقيقة محيّرة للخبراء العسكريين.
هل تستطيع الإف 16 إنهاء التفوق الجوي الروسي؟
قال باتريك بوري، محلل شؤون الدفاع بجامعة باث البريطانية، إن طائرات إف-16 ستوفر قوة نيران أكبر بكثير، مما يساعد في الدفاع ضد الطائرات والصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية، حسبما نقل عنه تقرير موقع صوت أمريكا "VOA News".
"يمكن أن تتنافس مع طائرات الميغ (الروسية) وستكون لديها فرصة جيدة ضدها. لذا، أنت تتحدث عن محاولة تحقيق نوع من التفوق الجوي المحلي، وهو ما لا يفعله الأوكرانيون في الوقت الحالي.
إذا نظرت إلى عمليات الطيران الخاصة بهم، فستجد أنهم يحلقون بطائرة أو طائرتين على مستوى (مستويات) منخفضة حقاً، محاولين تجنب الدفاعات الجوية الروسية الهائلة والقوات الجوية الروسية"، قال بوري لإذاعة صوت أمريكا.
قد تشكل فارقاً في الحرب البرية
كما توفر طائرة F-16 لأوكرانيا القدرة على ضرب أهداف بأمان على بعد مئات الكيلومترات، في عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. وأضاف بيري أن هذا أمر حيوي إذا أريد لأي هجوم بري أن ينجح.
"للحصول على أي زخم على الأرض، حقاً بالنوع القديم من الحرب الخاطفة، يجب أن تكون لديك القدرة على الهجوم الأرضي من الجو – أي القدرة على الهجوم جو-أرض. ويمكن للطائرة F-16 أن تفعل ذلك أيضاً. وأخيراً – والدور المهم حقاً في هذا أيضاً – هو أن طائرة F-16 جيدة جداً في قمع أو تدمير الدفاعات الجوية للعدو".
ولكن لتحقيق الهيمنة الجوية الكاملة على سماء البلاد، بمعنى منع عمل المقاتلات الروسية، فإن أوكرانيا في الغالب سوف تحتاج إلى عدد كبير من طائرات إف 16 أكبر مما أعلن عنه، ولدى روسيا نحو 200 طائرة عاملة في أوكرانيا أغلبها من طراز سوخوي 30 و35، وقد تحتاج أوكرانيا إلى عدد مماثل أو أكبر لتستطيع إنهاء وجود السوخوي الأكبر حجماً والمشهورة بقدراتها على المناورة، لكن سيكون لدى طائرات أوكرانيا ميزة أنها تعمل من قواعدها، مما يعني أنها لن تطير لمسافات طويلة، مما يتيح أعداداً أكبر منها للعمل، كما أنها ستحظى بمساعدات الدفاعات الجوية والرادارات الأوكرانية، إضافة للمساعدة من طائرات الحرب الإلكترونية الغربية التي تحلق بالقرب من حدودها.
إليك مقارنة بين الإف 16 والسوخوي؟
جذور طائرات إف 16 وسوخوي 30 و35 مختلفة تماماً.
نشأت الإف 16 كبرنامج أمريكي ضمن مقاربة لإنتاج طائرة مقاتلة رخيصة وكثيرة العدد متعددة المهام محدودة الحمولة والمدى، مع ترك المهام الأصعب والأبعد للإف 15 الأكبر والأكثر تكلفة والأقل في العدد، والتي تعد النظير الأمريكي للسوخوي.
ولكن سرعان ما أثبتت الإف 16 كفاءتها بشكل فاق التوقعات، وتحولت تدريجياً لطائرة متوسطة ناجحة تمثل أكثر مقاتلات الجيل الرابع إنتاجاً، ومن أنجح الطائرات في تاريخ أمريكا، التي لديها منها أكثر من ألف طائرة، وأنتج منها نسخاً متطورة مثل النسخة الإماراتية الأطول مدى وبقدرات قصف عالية.
أما السوخوي 35، فتعود جذورها لسوخوي 27 التي أنتجت كمقاتلة قتال جوي بعيدة نظيرة للأمريكية الشهيرة إف 15، ويفترض أنها مثلها ستركز على دور الهيمنة الجوية مع إنتاجها بأعداد قليلة مقابل إنتاج أعداد كبير من الميغ 29.
ولكن كفاءة سوخوي 27 ومشتقاتها ومشكلات الميغ 29، المتعددة، وقلة الموارد الروسية دفعت موسكو للتركيز على إنتاج وتطوير السوخوي بدلاً من الميغ 29، وتحويلها من طائرة قتال جوي صاف لمقاتلة متعددة المهام.
لتصبح طائرات سوخوي 27 و30 و35 ونسختها القاذفة سوخوي 34 (عائلة فلانكر حسب تسمية الناتو)، هي طائرات روسيا الرئيسية وعماد قوتها الجوية، ودرة تاجها العسكري والتي تروج أن نسختها الأحدث سوخوي 35 تضاهي إن لم تتفوق على الطائرة الأمريكية إف 35 من الجيل الخامس.
ويعتقد أن التوسع في استخدام سوخوي 35 والنسخ سوخوي 30 المحدثة لتصبح أقرب للسوخوي 35 مع تطوير التكتيكات والأسلحة جعل القوات الجوية الروسية أكثر فاعلية في سماء أوكرانيا، في الآونة الأخيرة، وقد يكون ذلك سبب القرار الغربي بمنح أوكرانيا طائرات إف 16 لمواجهة تزايد فاعلية المقاتلات الروسية.
ومنذ بدء إنتاجها في عام 1979، تمت ترقية الطائرة F-16 وتحسينها، مما يعني أن لديها بعض قدرات الجيل الخامس بما في ذلك الرادار المتقدم.
الإف 16 صغيرة نسبياً، من الصعب جداً رؤية طائرة F-16 لأنها أصغر من معظم الطائرات، خاصةً عندما تستهدف بشكل مباشر، حسبما نقلت مجلة Newsweek الأمريكية عن المقدم المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية دان هامبتون.
ويمكن للإف 16 أن تحمل ستة صواريخ جو-جو.
شركة الطائرات المتحدة (UAC)، وهي شركة طيران ودفاع مملوكة إلى حد كبير للحكومة الروسية، تروج لطائرة Su-35 باعتبارها طائرة متطورة من الجيل الرابع مع "تكنولوجيا مقاتلة من الجيل الخامس"، حيث يعتقد أنها تضم بعضاً من عناصر مقاتلة الجيل الخامس الروسية Su-57 Felon المتقدمة، حسب الشركة الروسية المصنعة لها.
ويعد تعلق الهند والصين بطائرات سوخوي العائلة دليلاً على نجاحها، حيث تمتلك البلدان أسطولاً ضخماً منها.
بينما يمكن أن تصل طائرة F-16 إلى 2 Mach، أو ضعف سرعة الصوت، تقول المصادر الروسية إن Su-35 لديها سرعة قصوى تبلغ 2.25 Mach، كما أن مشهورة بقدراتها على المناورة في المعارك القريبة.
الرادار ميزة السوخوي وعيبها الكبير
سوخوي 35 لديها بحكم حجمها الكبير رادار ضخم وله مدى بعيد، ولكن مشكلته أنه من طراز "بيسا"، الأقل تطوراً من الرادار النشط الماسح إلكترونياً (AESA) الموجود في العديد من الطائرات الصينية والغربية بما فيها الأجيال الجديدة من الطائرة F-16.
الرادارات من طراز AESA، أكثر دقة من رادارات بيسا والأخيرة أسهل في كشفها من قبل الرادارات المعادية، وبالتالي تعرض الطائرات التي تحملها للاستهداف.
والسوخوي 35 طائرة "كبيرة جداً"، وهذا يسهل كشفها، حسب المقدم المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية دان هامبتون الذي يقول إن Su-35 هي "آلة روسية نموذجية وتبدو جيدة". "لكن في الأعماق، ليست طائرة جيدة حقاً".
ويضيف: "يبدو جيداً في العروض الجوية". "لكن رأيي الشخصي أنها ستكون مجرد خردة، إذا واجهت الطائرة الأمريكية الأصغر F-16 Fighting Falcon".
ولكن يعتقد أن سوخوي 35 تحديداً خضعت في عملية تصميمها لعملية تعديل قللت بعض الشيء من بصمتها الرادارية، ولكنها لا تصل في ذلك لمستوى مقاتلات الجيل الرابع والنصف الأوروبية يورو فايتر فايتون والفرنسية رافال، والسويدية غريبين.
الأمر الذي يتوقف على فئة الإف 16 التي ستمنح لكييف
ستتوقف نتيجة المواجهة بين سوخوي 35 وإف 16 إلى حد كبير على فئة الإف 16 التي ستقدم لأوكرانيا، هل تكون من النسخ القديمة أم المتقدمة.
ومن المحتمل أن تتلقى أوكرانيا الطائرة F-16A / B الهولندية أو F-16C / D البولندية الأحدث.
كما يقال إن أوكرانيا ستتلقى من الدولتين مقاتلات إف 16 من طراز AM / BM Block 20 القديمة، التي خضعت لبرنامج ترقية يدعى MLU في نهاية القرن الماضي أعطاها قدرة على إطلاق صواريخ جو – جو ورادار محسن بمدى يزيد عن 110 كم، حسبما ورد في موقع "Gagadget".
وMLU هو اختصار لـ Mid-Life Update أي تحديث منتصف العمر، تتوافق قدرات طائرات Block 20 MLU مع قدرات طائرات Block 50/52 وهي نسخة حديثة وواسعة الانتشار من الإف 16.
تم تجهيز F-16 Block 20 MLU برادار AN/APG-66(V)2A جديد. يتمتع الرادار بزيادة في السرعة بمقدار سبعة أضعاف مقارنة بالإصدار السابق. ويمكن للنظام اكتشاف التهديدات الجوية على مسافة تزيد عن 110 كيلومترات.
كما جلبت ترقية MLU نظاماً جديداً للحرب الإلكترونية وإلكترونيات الطيران المحدثة.
يُقال إن متغير F-16A لديه نسبة دفع إلى وزن في مكان ما بين 0.99 إلى 1.02، بينما يُقال إن متغير F-16C يحتوي على نسبة دفع إلى وزن بين 0.91 إلى 1.06، وفقاً للمصادر المفتوحة.
مقارنةً بذلك، يُقال إن سوخوي 35 لديها نسبة دفع إلى وزن يبلغ حوالي 1.30، حسبما ورد في تقرير لموقع EurAsian Times الهندي.
يسمح بنسبة دفع إلى وزن المتفوق للطائرة بالتسارع بسرعة. في حين أن F-16 لديها تحميل جناح أقل بكثير من سوخوي 35، يتيح تحميل الجناح الأقل للطائرة القيام بدوران ضيق دون فقدان السرعة.
لذلك، في الاشتباك القتالي ذي المدى المرئي (WVR) بين مقاتلات سوخوي 35 وإف 16، سيعود الأمر إلى الكفاءة الفردية للطيارين المعنيين لتحديد النتيجة. في هذا السياق، سيكون نظام العرض المثبت على خوذة مفيداً للطيارين.
ومع ذلك، وبالنظر إلى نطاقات الكشف ذات الصلة وتسليح الطائرتين، فمن المرجح أن يكون الاشتباك وراء النطاق المرئي (BVR)، هو الأكثر شيوعاً، حسب الموقع الهندي.
كيف ستكون معركة سوخوي 35 وإف 16 في القتال البعيد؟
يمكن الكشف عن طائرة F-16C مع بصمة رادارية تبلغ 2.5 متر مربع بواسطة رادار Irbis-E متعدد الأوضاع الممسوح ضوئياً إلكترونياً (PESA) الموجود على الطائرة سوخوي 35 من على مدى 191 كيلومتراً.
من ناحية أخرى، بافتراض أن Su-35 لديها مقطع عرضي يبلغ 3 أمتار مربعة، يمكن حتى لأحدث طراز من F-16 اكتشاف Su-35 من حوالي 115 كيلومتراً فقط، باستخدام الرادار ( AESA).
من الواضح أن سوخوي 35 لديها ميزة في الكشف عن الرادار، وهو شرط أساسي للنجاح في قتال ما بعد مستوى الرؤية البصرية، حسب EurAsian Times.
ويعترف الطيارون المقاتلون الأوكرانيون الذين استشهد بهم الخبراء في RUSI البريطاني للدراسات الأمنية والدفاعية بأن Su-35 الروسية تفوقت تماماً على مقاتلات القوات الجوية الأوكرانية خلال الحرب.
وقد يلعب سقف التحليق للطائرتين دوراً مهماً، يبلغ سقف الخدمة للطائرة F-16 حوالي 15 كيلومتراً، بينما يتجاوز سقف فلانكر ذلك بنحو ثلاثة كيلومترات.
علاوة على ذلك، يمكن للطائرة Su-35 أيضاً استخدام صاروخها بعيد المدى R-37M، والذي يثير قلقاً خاصاً للطيارين الأوكرانيين، من مسافة تزيد عن 300 كيلومتر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن رادار سوخوي 35، يوفر لها نظرة أوسع بكثير تبلغ 120 درجة من خط الوسط للطائرة بدلاً من 60 درجة المعتادة، والتي يمكن أن تكون مفيدة للغاية من الناحية التكتيكية لتجنب اكتشاف مقاتل العدو.
أداء طائرات إف -16 سيكون مختلفاً إذا دُعمت برادارات الناتو المحمولة جواً
ولكن إف 16 الأوكرانية قد تُحدث فرقاً إذا تلقت مساعدة خارجية.
فسوف تتضاءل ميزة سوخوي 35 في قتال ما وراء مدى الرؤية، إذا كانت طائرات إف 16 المقدمة لأوكرانيا مزودة بشبكة ربط البيانات التكتيكية Link 16 التابعة لحلف الناتو والتي تمكن جميع الطائرات والأنظمة الدفاعية الجوية في ساحة المعركة من مشاركة الصورة ذاتها، مما سيوجه صواريخ إف -16 الأوكرانية.
وفي الوقت الحالي يعتقد أن طائرات الاستطلاع والرادارات المحمولة جواً التابعة للناتو والتي تحلّق بمحاذاة حدود أوكرانيا، تقدم دعماً فارقاً للقوات الجوية والدفاعات الأوكرانية في مواجهة الطائرات والصواريخ الروسية.
ومع ذلك، يمكن سد فجوة القدرات هذه بالنسبة لطائرات سوخوي 35، على الأقل إلى حد ما، بواسطة مقاتلات ميغ 31 بي إم الروسية الشهيرة ذات السرعة الهائلة والرادار الضخم.
ماذا ستفعل الإف 16 أمام نظيرتها الروسية ميغ 29؟
النظير الروسي للإف 16 هي ميغ 29 المعروفة لدى الناتو باسم "Fulcrum"، وهي أكبر قليلاً من الإف 16، ولم تحقق ذات النجاح الذي حققته السوخوي.
يعتقد أن الروس لا يستخدمون طائرات ميغ 29 في أوكرانيا، ويكتفون بالسوخوي، فنظراً لمحدودية موارد روسيا، فلقد استثمرت بشكل أساسي في إنتاج وتطوير عائلة السوخوي المعروفة باسم فلانكر بدلاً من الميغ التي لديها مشكلات في المحرك ومدى وحمولة أسلحة أقل، ورادار أضعف، وهذا جعل معظم الطائرات ميغ 29 لدى روسيا قديمة، ولكنها قد تضطر لإقحامها لتحقيق تفوق عددي أمام الإف 16.
ولكن ميغ رغم كل عيوبها لديها ميزة رئيسية، أنها طائرة جيدة للغاية في القتال الجوي القريب نظراً لقدارتها العالية في المناورة.
ويفترض أن ميغ 29 وإف 16 صنعتا بالأساس لمواجهة بعضهما البعض كطائرتين صغيرتين أو متوسطتين والفارق الأساسي بينهما أن الإف 16 بمحرك واحد والميغ مزودة بمحركين.
وقال طيار بولندي قاد الطائرتين لمجلة Newsweek الأمريكية (بولندا ورثت ميغ من عضويتها في حلف وارسو، واشترت الإف 16 بعد انضمامها للناتو) إن طائرات ميج 29 تتمتع برؤية أضعف بكثير من طائرات إف 16، حيث تحتوي الأخيرة على قمرة زجاجية فقاعية، توفر للطيار رؤية 360 درجة وصفها بأنها "مذهلة"، في حين أن طيار MiG-29 غير قادر على الرؤية خلفه مباشرة.
وأضاف أن "الكمية الهائلة من البيانات التي يتم تقديمها إلى طياري طائرات F-16 تفوق بكثير تلك التي تم توفيرها لطياري قمرة القيادة من طراز ميغ 29، كما أن طائرات F-16 يمكنها تتبع أهداف متعددة والاشتباك معها، وهي متصلة بشبكة بيانات تكتيكية عسكرية تمنح الطيارين وعياً أفضل بالموقف، بينما تعتمد الميغ على توجيه المحطات الأرضية.
كما أن ميغ 29 ذات قدرات قصف أرضي محدودة، ويترك محركها خلفه دخان العادم، الأمر الذي يجعلها أكثر قابلية للكشف.
ولكن في بعض النواحي تتفوق الميغ 29 على الإف 16، فبفضل محركاتها القوية، يمكنها تحمل معدلات دوران عالية لمدة أطول، إضافة لقدرتها على المناورة بسرعة منخفضة ونظام الرؤية المثبت على الخوذة، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times الهندي.
في حين أن الـF-16 تتمتع بميزة سرعة تزيد عن 200 عقدة، فإن طائرة MiG-29 تتمتع بقدرة مذهلة على توجيه مقدمة الطائرة بسرعة تصل إلى 100 عقدة.
لكن مشكلة روسيا مع الميغ أن أغلب أسطولها قديم وبالتالي لم تدخل به تحديثات مثلما جرى للإف 16، وهذا قد يعطي ميزة كبيرة للطائرة الأمريكية.
يظل مصير المعركة الجوية فوق أوكرانيا مرتبطاً بشكل كبير بعدد الطائرات التي سوف يتم تقديمها من الإف 16 لكييف التي سبق أن قالت إنها تحتاج إلى نحو 200 طائرة من هذا الطراز.
وهذا يتطلب في الأغلب أن تحصل عليها من الترسانة الأمريكية الضخمة، كما أن المسألة تحتاج لتدريب مكثف للوصول لأقصى استفادة من الطائرة، وهو ما يعني أن الأمر قد يستغرق وقتاً رغم أنه على الأرجح أن عملية غير رسمية للتدريب قد بدأت قبل فترة.
ولكن لو حصلت كييف على أعداد كبيرة من طائرات إف 16 بشكل يغير مسار المعركة، فإنها هذا قد يدفع الروس للانتقام، وقد يلجأون لاستخدام أسلحة نووية حتى ولو تكتيكية، الأمر الذي قد يفتح أبواب الجحيم على أوكرانيا وعلى العالم كله.