ما فعلته طالبان خالف التوقعات بشكل، كبير، هذا ما قاله مراقبون ومحللون غربيون عن حكم طالبان لأفغانستان بعد عامين من توليها السلطة، إثر انسحاب القوات الأمريكية من البلاد في أغسطس/آب 2021.
بينما يقول خبراء الأمم المتحدة إن 20 عاماً من التقدم في مجال حقوق النساء والفتيات قد مُحيت منذ استيلاء طالبان على السلطة، فإن الحركة لم تنصب المشانق للمعارضين والمتعاونين مع الغرب، كما قيل عندما انسحبت القوات الأمريكية والغربية من البلاد عندما تعلق الأفغان العاملون مع التحالف الغربي في عجلات الطائرات وهي تستعد للطيران، لأنهم يخشون أن يعدموا من قِبَل طالبان.
في المجال الاقتصادي كان أداء طالبان مفاجئاً، حسب خبراء، بينما كان مثيراً للإعجاب في مجال مكافحة المخدرات، حسب وصف مجلة "إيكونوميست" البريطانية.
أداء طالبان في الاقتصاد فاق التوقعات
لقد قامت حركة طالبان بعمل أفضل مما كان متوقعاً في إدارة الاقتصاد الأفغاني على الرغم من بعض العثرات، حسب وصف الدكتور ويليام بيرد، الخبير في الشؤون الأفغانية في دراسة نشرها في موقع "معهد الولايات المتحدة للسلام" (USIP).
واجه حكم طالبان مشاكل اقتصادية كلية هائلة عندما تولى السلطة. أدى الانقطاع المفاجئ لجميع المساعدات تقريباً، والتي تصل إلى حوالي 8 مليارات دولار سنوياً (ما يعادل حوالي 40% من إجمالي الناتج المحلي)، إلى حدوث صدمة اقتصادية ضخمة لم يكن بوسع أي بلد في العالم معالجتها دون عواقب وخيمة، حسب الخبير الأمريكي.
إذ كان ما يقرب من 80٪ من ميزانية الحكومة الأفغانية السابقة المدعومة من الغرب جاءت من المجتمع الدولي. هذه الأموال -التي انقطعت الآن إلى حد كبير- تمول المستشفيات والمدارس والمصانع والوزارات الحكومية. لقد أدى جائحة كوفيد -19 ونقص الأدوية وتغير المناخ وسوء التغذية إلى جعل حياة الأفغان أكثر يأساً. تدخلت وكالات الإغاثة في الخرق لتقديم الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية.
تفاقمت الصدمة بسبب توقف المعاملات المالية الدولية، والانهيار المستمر للنظام المصرفي، والعقوبات الأمريكية والأمم المتحدة الحالية ضد قادة طالبان، وتجميد احتياطيات النقد الأجنبي في أفغانستان البالغة 9 مليارات دولار.
كما تكافح أفغانستان للعام الثالث على التوالي من ظروف شبيهة بالجفاف، والانهيار المستمر في دخل العائلات، والقيود المفروضة على الخدمات المصرفية الدولية. كما أنها لا تزال تعاني من عقود من الحروب والكوارث الطبيعية.
يقول ويليام بيرد: لقد تجاوزت الإدارة الاقتصادية لطالبان التوقعات، خاصة بالنظر إلى الرياح المعاكسة والمشاكل التي واجهوها.
ويقول ويليام بيرد: "إذا نظرنا إلى الوراء في عامين من الإدارة الاقتصادية لطالبان"، لنجد أنها جاءت أفضل مما كان متوقعاً، كما يتضح من استقرار سعر الصرف، وانخفاض التضخم، وتحصيل الإيرادات بشكل فعال، وزيادة الصادرات.
حكم طالبان الأخير أفضل كثيراً من التجربة الأولى
لا توجد مقارنة على الإطلاق مع إدارتهم للاقتصاد خلال حكم طالبان السابق 1996-2001. لم يكن لهذا النظام سيطرة على العملة الأفغانية وكان هناك تضخم مفرط؛ كانت الإيرادات الحكومية ضئيلة، كان الاقتصاد الأفغاني محتضراً إلى حد كبير، خاصة بعد حظر الأفيون الأول من قِبَل طالبان في عام 2000، كان متوسط دخل الفرد أقل من 200 دولار للفرد؛ والمؤشرات الاجتماعية مثل وفيات الأمهات والأطفال كانت فظيعة.
هذه المرة، استفادت طالبان من التعلم أثناء مواجهة المِحَن خلال ما يقرب من 20 عاماً من التمرد. على سبيل المثال، قاموا بجمع إيرادات كبيرة في منافسة مع الحكومة السابقة، وقدموا إيصالات ضرائب لشركات النقل لمنع الضرائب المتعددة في نقاط التفتيش على الطرق المختلفة، وأصدروا تصاريح التعدين وغيرها.
مع الاستيلاء السريع غير المتوقع على السلطة، ورثت طالبان مؤسسات إدارة الاقتصاد الكلي الحكومية العاملة، وهي وزارة المالية والبنك المركزي (Da Afghanistan Bank، أو DAB). يتناقض هذا بشكل حاد مع التسعينيات، عندما دمرت المؤسسات الحكومية إلى حد كبير بسبب سنوات من الحرب الأهلية المدمرة. علاوة على ذلك، حاولت طالبان الحفاظ على بعض القدرات في الوكالات التي يُنظر إلى عملها على أنه مفيد للنظام (على سبيل المثال، الإيرادات والميزانية)، بينما تتجاهل أخرى مثل مؤسسات العدالة ووزارة شؤون المرأة.
العملة الأفغانية ترتفع
وقال البنك الدولي الشهر الماضي إن العملة المحلية الأفغانية ارتفعت مقابل العملات الرئيسية. يمكن للعملاء سحب المزيد من الأموال من الودائع الفردية التي تمت قبل أغسطس/آب 2021 ويتم دفع رواتب معظم موظفي الخدمة المدنية. ووصف البنك الدولي تحصيل الإيرادات بأنه "صحي"، وقال إن معظم العناصر الأساسية ظلت متاحة، على الرغم من انخفاض الطلب.
رغم عدم الاعتراف الدولي بها، تجرى حركة طالبان محادثات مع دول المنطقة الغنية برؤوس الأموال لضخ استثمارات مثل الصين وكازاخستان. إنهم يريدون رفع العقوبات والإفراج عن أموال مجمدة بمليارات الدولارات، قائلين إن هذه الإجراءات ستخفف من معاناة الأفغان. لكن المجتمع الدولي يقول: لن يتخذ مثل هذه الخطوات إلا بعد أن تتخذ طالبان إجراءات معينة، بما في ذلك رفع القيود المفروضة على النساء والفتيات.
من الصعب قياس الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان، لكن تشير التقديرات إلى انخفاضه بنحو 20 في المئة في أعقاب أغسطس 2021، مما زاد من الجوع والحرمان في بلد فقير للغاية بالفعل.
بعد بضعة أشهر من السقوط الحر، أظهر الاقتصاد علامات على الاستقرار عند مستوى أقل من النشاط، مما يعكس جزئياً الشحنات النقدية للأمم المتحدة لدفع تكاليف المساعدة الإنسانية التي يبلغ متوسطها حوالي 40 مليون دولار في الأسبوع والتي بدأت في نهاية عام 2021.
وأحد أسباب هذا الاستقرار أيضاً القيود الحكومية على الواردات المهربة وهروب رأس المال، والقيود المفروضة على المعاملات المصرفية لمنع البنوك من الانهيار، والإدارة الصارمة للاقتصاد الكلي وبعض التكيف الذي جعل الاقتصاد يحاول تقليل اعتماده السابق على المعونة والخدمات.
في الآونة الأخيرة، كانت هناك بعض العلامات على انتعاش اقتصادي متواضع، وأبرزها زيادة بنسبة 36 في المئة في الواردات في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، مما يشير إلى أنه قد يكون هناك بعض الانتعاش في الطلب في الاقتصاد. ومع ذلك، لا يزال التوازن الحالي هشاً وغير مستقر وعرضة لمخاطر هبوط شديدة.
علاوة على ذلك، إنه "توازن المجاعة" الذي يترك معظم الأفغان عاجزين عن تلبية احتياجاتهم المعيشية، مما يستلزم كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية لمنع حدوث مجاعة فعلية. بلغت الشحنات النقدية للأمم المتحدة، التي تمول البرامج الإنسانية في البلاد، مليار دولار في النصف الأول من عام 2023، مقارنة بـ 1.8 مليار دولار في عام 2022 بالكامل.
تهدد الرياح المعاكسة الجديدة بالتعجيل بمزيد من التدهور الاقتصادي، مما يهدد بتكرار الانهيار الاقتصادي الحر الذي شوهد في الأشهر الأولى بعد استيلاء طالبان في أغسطس/آب 2021.
سيعتمد الكثير على ما إذا كانت المساعدات تنخفض بشكل حاد أو تدريجي، ومدى جدية حظر الأفيون للعام الثاني خلال موسم الزراعة هذا الخريف، وما إذا كانت قيود طالبان على النوع الاجتماعي قد تم تشديدها أو الحفاظ عليها أو إضعافها.
يقول الكاتب: كان هناك قدر ضئيل من الاهتمام من قِبل سلطات طالبان بتقديم الخدمات الاجتماعية أو توفير شبكة أمان اجتماعي للفقراء، وقد تم التنازل إلى حد كبير عن مجالات الحكم هذه للمساعدات الإنسانية الدولية.
القيود على النساء تضر بالاقتصاد
الجانب الأسوأ في تجربة طالبان بعد عامين هو وضع النساء.
إذ يقول تقرير لوكالة أسوشيتد برس "AP" الأمريكية إن الحركة بدعوى مخالفة الحجاب أو قوانين منع الاختلاط، منعت النساء من استخدام المتنزهات والصالات الرياضية والجامعات والوظائف في المنظمات.
جاءت هذه الأوامر في أعقاب حظر سابق، صدر في السنة الأولى من حكم طالبان، على الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بعد الصف السادس.
يقول ويليام بيرد إن الحظر المفروض على تعليم الإناث والحظر المفروض على النساء الأفغانيات العاملات في المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة سوف يلحقان أضراراً بالغة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفغانستان على المدى الطويل.
كما أنها ستسرع من "هجرة الأدمغة" للنساء والرجال المتعلمين -وهو أمر لا يمكن لأفغانستان أن تتحمل خسارته- بمغادرة البلاد.
قللت هذه القيود من رغبة المانحين في تقديم مساعدات إنسانية مستمرة، ناهيك عن المساعدة الأخرى، وربما أدى ذلك إلى تسريع وتيرة الانخفاض في المساعدات التي كانت متوقعة بالفعل.
تحسن الوضع الأمني
لقد حسّنت طالبان الوضع الأمن الداخلي، ولا تواجه معارضة داخلية كبيرة، وأمراء الحرب الأفغان الذين كان يحكمون في العهد الأمريكي، لم يظهروا الشراسة المتوقعة منها في مقاومة الحركة، والمراهنة على ابن أحمد شاه مسعود من قِبل بعض الدوائر الغربية لم تفضِ إلى شيء.
في الواقع حكم طالبان الحالي هو أول حكم يفرض سيطرته على مجمل البلاد تقريباً منذ أكثر من خمسة عقود أو أكثر، وقد يكون منذ نهاية الحكم الملكي.
وتنظم حركة طالبان حملة هدم لقصور أعضاء النظام السابق، إضافة لمنازل مواطنين في العاصمة الأفغانية كابول، ولكن اللافت أن الحملة تقابَل بقدر كبير من الرضا من السكان، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.
ضمن عملية تطوير العاصمة كابول التي تنفذها طالبان شهد حي شربور الراقي في وسط المدينة إزالة الجدران المقاومة للانفجار المحيطة بالقصور الفخمة، التي كان يقطنها أمراء الحرب ومسؤولو الحكومة في السابق. وتحركت الجرافات لرصف وتمهيد الشوارع التي لطالما كانت مغلقةً في وجه العامة، من أجل تقصير مسافات التنقل والسماح للسكان بإلقاء نظرةٍ على عرائن أصحاب النفوذ المهجورة، حسب وصف الصحيفة الأمريكية.
أكبر تحدٍّ أمني يواجه حكم طالبان هو الجماعات المسلحة المتطرفة، وخاصةً تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقد يكون أحد أسباب تحفظ طالبان على الانفتاح في مجال النساء تحديداً خوف قادتها من أن يؤدي ذلك لانشقاق العناصر المتطرفة من الحركة وانضمامها لداعش.
رغم أن حركة طالبان معزولة رسمياً على المسرح العالمي، يبدو أن لديها تفاعلات ومشاركة كافية للعلاقات مع الدول للتقدم ببطء نحو التطبيع. يعد التعاون مع طالبان في مجال المخدرات واللاجئين ومكافحة الإرهاب ذا أهمية عالمية، بما في ذلك الغرب، دول مثل الصين وروسيا وباكستان المجاورة تريد إنهاء العقوبات.
نموذج طالبان لمحاربة المخدرات مثير للإعجاب
أثنى تقرير في مجلة الإيكونوميست (THE ECONOMIST) البريطانية على الحرب التي تشنها حكومة حركة طالبان في أفغانستان على المخدرات، ووصفتها بأنها مثيرة للإعجاب.
وأوضحت المجلة أن صوراً التقطتها أقمار صناعية بيّنت أن مساحات زراعة الخشخاش في ولاية هلمند الجنوبية تراجعت من أكثر من 120 ألف هكتار، في أبريل/نيسان من العام الماضي، إلى أقل من ألف هكتار بعد عام.
وترى المجلة أن القضاء النهائي على الخشخاش في المناطق النائية، مثل باداخشان في الشمال الشرقي، سيكون أمراً عسيراً، لكن مع ذلك تشير النتائج حتى الآن إلى نجاح باهر.
طالبان تحاول إعادة إعمار كابول
شرعت سلطات طالبان في تنفيذ مشروع طموح لتغيير وجه العاصمة الأفغانية كابول، المدينة المزدحمة بخمسة ملايين نسمة، ولا تزال تحمل ندوب وآثار وملامح فترات الصراع الأهلي، والغزو الأجنبي، ورخاء الأموال الجديدة، حسب تقرير صحيفة Washington Post الأمريكية.
وفّرت حكومة بلدية كابول التابعة لطالبان خدمات المرافق للمنازل والشركات، ثم تجمع الرسوم بعدها لدعم ميزانيتها.
وبدأت الحكومة مؤخراً في العمل على تطوير بعض الزوايا المختارة والأزقة المهملة في العاصمة. وتُدير الحكومة 180 مشروعاً في الوقت الراهن تشمل غرس الأشجار في الفواصل الوسطية بالطرق، وتنصيب المعالم التذكارية في ميادين المرور، وتمهيد الطرق الرئيسية من الصفر. ومن المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية إلى نحو 90 مليون دولار.
بينما وقف رجل من السكان بلحية بيضاء يُدعى شهر الدين (68 عاماً) لمشاهدة العمال الذين يغطيهم الغبار وهم يهشمون صفاً من منازل الطوب القديمة، التي تعترض مسار الطريق المستقبلي. وقال شهر الدين: "ننتظر هذه اللحظة منذ وقتٍ طويل". وأردف شهر الدين أن بعض السكان يشعرون بالقلق حيال تعويضهم عن عقاراتهم، لكنه أوضح: "تُعَدُّ حركة طالبان أكثر أمانةً من الحكومات السابقة، ولهذا يجب أن نثق في أنهم سيدفعون التعويضات".
وقال نعمت الله بارکزي، المتحدث باسم مبادرة إعادة إعمار كابول، إن جميع مشروعات التنمية الدولية توقفت بعد تولي طالبان السلطة العام الماضي. وأردف: "لا نريد الانتظار حتى يستأنفوا عملياتهم أو الاعتماد على المساعدات الخارجية".
وقال باركزى: "نريد حل مشكلاتنا الشخصية، ونريد أن نجعل مدينتنا جميلة، لا نريد أن يظن الناس أن كابول أصبحت مدمرةً الآن وأننا لا نهتم بالثقافة".
أموال الغرب كانت تذهب لجيوب المقاولين
وقدمت الولايات المتحدة منذ العام 2002 حوالي 88 مليار دولار من المساعدات الأمنية، و36 مليار دولار من المساعدات المدنية، إضافة لمليارات الدولارات من الدول الغربية الأخرى، إلا أن الحكومات الموالية للغرب ظلت تعتمد على الدعم الخارجي بعد 20 عاماً من الغزو الأمريكي الذي أسقط حكم طالبان الأول.
وكشف تقرير لصحيفة "ديلي تليغراف" عن أن جزءاً من المساعدات البريطانية للحكومة الأفغانية السابقة وقواتها الأمنية، وُجه لدعم فساد ووحشية الشرطة.
وشهدت كابول طفرة إنشاءات في عهد الحكومات الموالية للولايات المتحدة التي حكمت خلال الـ20 عاماً الماضية، مدعومةً بالمساعدات الغربية ومشروعات التنمية. وأسهمت البنايات السكنية الشاهقة الارتفاع في ظهور خط الأفق الجديد للمدينة، مع افتتاح متاجر السوبر ماركت ومراكز التسوق الأنيقة. فضلاً عن رصف الشوارع وحفر مصارف خزانات التجميع في بعض المناطق، لكن سنوات الحرب التي لا تنتهي أبعدت الاستثمارات الأجنبية.
ويقول المنتقدون إن أموال المساعدات تدخل في جيوب المقاولين عادةً. بينما عاد اللاجئون في إيران وباكستان ليجتاحوا المجتمعات الفقيرة، التي كان العديد منها مزدحماً وغير صالح للعيش تقريباً، حسبما ورد في تقرير صحيفة Washington Post.
ورحّب رجل أعمالٍ يقيم في شربور بجهود الحكومة الجديدة، رغم خسارته لنصف منزله وتسع أشجار صنوبر قديمة مع وصول عربات الهدم. وقال إن العاصمة كانت بحاجة للتنظيف بمختلف الطرق.
الرشوة اختفت.. وتم تفكيك قلعة دوستم التي كانت عصية على الشرطة
أوضح عابد بالوش (55 عاماً): "تفشى الفساد والرشوة وانتشرت العصابات والمخدرات في الماضي، لكن جميع هذه الأشياء اختفت الآن. وسأصدق البلدية إذا قالت إنها ستدفع لي المال في غضون عام. تتميز الحكومة الجديدة بالصدق، وبدأت في تغيير المشهدين المادي والسياسي معاً".
ويظهر أحد وجوه التغيير في تفكيك القلعة الحضرية التي كان يقطنها عبد الرشيد دوستم، الجنرال العسكري ونائب الرئيس سابقاً، إذ كانت القلعة تطل على تقاطع ضيق في المدينة طيلة سنوات، وتبطئ حركة المرور بشدة. وحاولت الشرطة اعتقال دوستم ذات مرة لكن قواتها عجزت عن اجتياز الجدران المقاومة للانفجار، والأسلاك الشائكة، وأبراج المدافع. بينما اختفت تلك التحصينات الدفاعية الآن، وأصبح بإمكان المشاة التجول في الممرات المحيطة بالقلعة.
وقال حارس أمني تابع لطالبان في الخمسينيات من عمره، ويُدعى خير الله: "يجعلني هذا أشعر وكأننا فعلنا شيئاً مفيداً، وأن كل السنوات التي قضيتها في المعارك كانت تستحق العناء، لقد جلبنا السلام، وأصبح الرجال يطلقون اللحى ويذهبون إلى المساجد، وصار المواطنون يمشون بحرية"، حسبما نقلت عنه الصحيفة الأمريكية.