"عاقبوا الجزائر" ظهرت هذه الصيحات في الكونغرس الأمريكي، لتكشف عن الطبيعة المعقدة للعلاقات بين الجزائر وأمريكا، إذ يكاد يكون هناك خلافات بين البلدين في كل الملفات تقريباً، ولكن رغم ذلك العلاقات بينهما جيدة، وهناك تعاون في مجال مكافحة الإرهاب تحديداً إضافة للتعاون الاقتصادي، كما ازدادت حاجة الغرب للجزائر بعد تراجع إمدادات الغاز الروسية لأوروبا.
وسلطت زيارة وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف الأخيرة إلى واشنطن الضوء على "الحالة الجيدة" للعلاقات بين البلدين، رغم ما أُثير على مدار نحو عام عن انزعاج أمريكي محتمل من الموقف الجزائري تجاه الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير/شباط 2022.
ونهاية الأسبوع الماضي، قدمت واشنطن والجزائر صورة عن علاقات قائمة على صداقة تاريخية طويلة وطموح بتوسيع مجالات الشراكة الاقتصادية إلى قطاعات جديدة، ما يشير بحسب مراقبين إلى نجاح الجزائر باتباع براغماتية وتوازن في إدارة علاقات استراتيجية مع كبار الفاعلين على الساحة الدولية.
وقام عطاف في 8 أغسطس/آب الجاري بزيارة واشنطن بدعوة من نظيره الأمريكي أنطوني بلينكن، دامت يومين، وشهدت إجراء الجانبين محادثات "شاملة وصريحة"، بحسب بيان للخارجية الجزائرية.
الزيارة أظهرت توافقاً جزائرياً أمريكياً حول أبرز الملفات ذات الاهتمام المشترك، على غرار التسوية السلمية لأزمة الانقلاب العسكري في النيجر جارة الجزائر، وتوسيع التعاون الاقتصادي خارج قطاع الطاقة، فيما لم تصدر أي معلومات أو تصريحات عن وجود قضايا خلافية بين البلدين.
لماذا ينظر للجزائر أحياناً كخصم محتمل للولايات المتحدة؟
تتغذى القراءات التي تسوق لأضرار محتملة في علاقات البلدين من موقف الجزائر القائم على الحياد في الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرارها في تعميق علاقاتها الاستراتيجية مع موسكو، التي تعد تاريخياً حليفاً للجزائر وما زالت أكبر مورد للسلاح لها، فيما تعد الجزائر من أكبر مستوردي السلاح الروسي.
وامتنعت الجزائر عن التصويت على مشاريع القرارات المقدمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة موسكو بسبب حربها مع أوكرانيا.
وأمام حالة الاستقطاب الشديد جراء الحرب الروسية الأوكرانية، واصلت الجزائر تطوير علاقاتها مع روسيا والصين، ألد غريمين للولايات المتحدة.
وقام الرئيس عبد المجيد تبون في يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين بزيارتين وُصفتا بـ"التاريخية" إلى كل من موسكو وبكين، ومكث في كل منهما 5 أيام.
وفي يونيو/حزيران 2023، وقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة موسكو إعلان "الشراكة العميقة" بين البلدين، ووصف الطرفان المحادثات بـ"المثمرة".
وساد اعتقاد بأن الجزائر ستكون "الضحية الجانبية" لمبدأ السياسة الخارجية للولايات المتحدة القائم على مقولة "من ليس معي فهو ضدي"، وتحديداً خلال محاولة واشنطن عزل موسكو، وهو ما يظهر في التربص الأمريكي بأي مظاهر لدعم صيني لو شكلي لروسيا.
27 عضواً بالكونغرس طالبوا بمعاقبة الجزائر
وفي 30 سبتمبر/أيلول الماضي، زادت التكهنات بشأن مواجهة الجزائر لمشاكل جادة مع الولايات المتحدة، عندما رفع 27 عضواً من الكونغرس رسالة إلى بلينكن طالبوا فيها بفرض عقوبات على الجزائر ووضعها تحت طائلة قانون "خصوم أمريكا".
وبرر هؤلاء خطوتهم بـ"استمرار العلاقات المتنامية بين الجزائر وروسيا"، خاصة بعد تقارير تحدثت عن "صفقة لتوريد أسلحة (روسية) متطورة إلى الجزائر بقيمة 7 مليارات دولار".
ويومها، كانت الجزائر منشغلة بالتحضير لاحتضان القمة العربية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورفضت التعليق على تلك الرسالة رغم تداولها على نطاق واسع بوسائل الإعلام المحلية والدولية.
روسيا تمتدح صلابة الجزائر أمام ضغوط أمريكية مزعومة
وبعدما تأجلت زيارته المجدولة إلى فرنسا، دار حديث عن خيارات الجزائر الاستراتيجية وابتعادها قليلاً عن الغرب بقيادة الولايات المتحدة، خاصة بعد توقيع تبون ونظيره فلاديمير بوتين "إعلان الشراكة العميقة بين الجزائر وروسيا".
وبينما لم تتحدث الجزائر عن تعرضها لضغوط أمريكية، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في فبراير/شباط إن "الولايات المتحدة تحاول إملاء سياستها على الجزائر، لكنها هاجمت الشخص الخطأ".
وخلال مشاركته في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي، رد تبون على سؤال بهذا الخصوص قائلاً: "الجزائريون ولدوا أحراراً وسيظلون كذلك في أفعالهم وتصرفاتهم".
وعبَّر في المحادثات الثنائية مع بوتين عن أن رغبة الجزائر في الانضمام إلى مجموعة "بريكس" نابعة من الدخول في نظام اقتصادي بديل للدولار واليورو.
هذا التصريح وصف بـ"القوي" وأثار جدلاً واسعاً كونه يحمل لغة تحدٍّ لهيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، فيما برره مراقبون بأن المقصود هو أن الجزائر تستهدف تعددية اقتصادية وليس التخلص من العملة الأمريكية.
الجزائر تصف أمريكا بـ"البلد الصديق" مثلها مثل روسيا والصين
ورغم كل ما يثار عن تقارب الجزائر مع روسيا والصين، خاصة بمجال الدفاع، إلا أن الجزائر تؤكد أنها تلتزم بـ"عدم الانحياز"، وأن الخمسة الكبار في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا) كلها دول صديقة.
وفي مناسبات عديدة، قال تبون إن "أمريكا بلد صديق مثلما روسيا والصين بلدان صديقان"، مشدداً على ثبات بلاده على الحياد التام.
واختارت الجزائر الولايات المتحدة ضيف شرف بالمعرض الدولي الاقتصادي لديها عام 2022، وعبَّر تبون لسفيرة واشنطن إليزابيث مور أوبين عن رغبة بلاده في بناء شراكة اقتصادية مع واشنطن، خاصة في الزراعة والصناعة.
تاريخ العلاقة بين الجزائر وأمريكا، بدأ بحرب خلقت أكبر بحرية في العالم
ووظف بلينكن هذه الخلفية لدى استقباله نظيره الجزائري في 9 أغسطس/آب، إذ قال إن "العلاقة بين الجزائر والولايات المتحدة تعود إلى سنوات عديدة حتى عام 1795".
وقد تكون المفارقة أن بايدن تجاهل أن هذه العلاقة بدأت بهزيمة جزائرية لأمريكا، حيث هاجم مجاهدو البحر الجزائريون (القراصنة وفقاً للتوصيف الغربي) سفناً أمريكية، مما دفع الأمريكيين لتطوير مشاة بحريتهم وأسطولهم الحربي الذي أصبح اليوم أكبر بحرية في العالم.
فالجزائر تكاد تكون أول عدو خارجي لأمريكا بعد استقلالها عن بريطانيا ومن أقدم الدول التي أبرمت مع واشنطن معاهدات للسلام.
فلقد بدأت العلاقة بين الجزائر وأمريكا في نهاية القرن الثامن عشر، بعد أن استولت البحرية الجزائرية على سفينتين أمريكيتين عام 1785، وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال مندوب لحل هذه المشكلة، وبعدها سعت واشنطن إلى عقد معاهدة مع الجزائر التي كانت أقوى النيابات العثمانية آنذاك حفاظاً على سلامة السفن التجارية الأمريكية في البحر المتوسط.
ومع توالي استيلاء الجزائر على سفن أمريكية إذا تأخر دفع الإتاوة المفروضة، أحدث ذلك إثارة كبيرة في الولايات المتحدة، وأقرّ الكونغرس في عام 1794 إنشاء أسطول مكون من 6 سفن أمريكية لاستخدامها ضد الاعتداءات المعادية في البحر المتوسط.
وفي عام 1795، أبرمت معاهدة صداقة بين البلدين تدفع الولايات المتحدة بموجبها للجزائر إتاوة سنوية مقدارها 12 ألفاً من الذهب الجزائري.
ولكن بعد نهاية الحرب الأمريكية البريطانية (1812 – 1814)، قررت الولايات المتحدة إجبار الجزائر على الرضوخ لمطالبها بسبب تدهور أوضاعها الداخلية، فأعلن الرئيس الأمريكي جيمس ماديسون في عام 1815م الحرب على الجزائر والتي انتهت بانتصار الأسطول الأمريكي، واضطرت الجزائر إلى عقد معاهدة مع الولايات المتحدة طبقاً لشروطها في 22 ديسمبر/كانون الأول 1816م ومن أهم موادها عدم دفع الأمريكيين أية إتاوة للجزائر اعتباراً من ذلك التاريخ.
وبعد توقيع هذه المعاهدة لم يحدث بين الولايات المتحدة والجزائر أي أحداث ذات أهمية، ولعل ذلك يعود إلى تفاقم تدهور الأوضاع الداخلية للجزائر؛ مما مكّن الولايات المتحدة من زيادة تدعيم وجودها في البحر المتوسط.
وبعد استقلال الجزائر عن فرنسا، ورغم أن الجزائر كانت حليفة للمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي، حافظ البلدان خلال حقبة الحرب الباردة على علاقة دافئة ولكن ليست حارة.
وتبني الجزائر والولايات المتحدة علاقاتهما إلى حد كبير على خلفية تاريخية صنعتها المواقف الإيجابية للرئيس جون كينيدي تجاه الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962) واحتفاء الأمريكيين بمؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر، والذي تحمل مدينة أمريكية اسم "القادر" نسبة إليه.
الجزائر أيدت القضية الفلسطينية بقوة
ولكن الجزائر كانت دوماً سياستها مختلفة عن الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وشاركت الجزائر في حرب 1973 بقوات، كما ساهمت في حملة حظر النفط التي نفذتها دول عربية لعدة أشهر ضد الولايات المتحدة ودول غربية داعمة لإسرائيل.
ورغم أن الجزائر لم تتخذ مواقف حادة مماثلة لتلك التي كانت تصدر عن الأنظمة العربية الاشتراكية مثل ليبيا وسوريا والعراق، التي تتسم بتأييد زاعق للقضية الفلسطينية وخطاب حاد ضد إسرائيل، وأحياناً أمريكا، إلا أن الجزائر ظلت حاضنة للقضية الفلسطينية ودعمت القوى الفلسطينية المسلحة في بعض الأوقات خاصة خلال حرب لبنان.
واللافت أن الجزائر كانت الدولة الوحيدة من بين الدول العربية المصنفة أمريكياً آنذاك بـ"راديكالية"، أو (تقدمية بالتسميات اليسارية) التي زارها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيسنغر ثلاث مرات في أقل من عام واحد في ذروة محاولته للتسويق لعملية السلام بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول، وهي الجهود التي اعترضت أو تحفظت عليها أغلب الدول العربية الاشتراكية في ذلك الوقت.
كما أنه مع صعود مسار التسوية السلمية في المنطقة في أوائل التسعينيات، لم تنضم له الجزائر، ولكن لم تعارضه بحدة.
ولكن مع سقوط نظامي صدام حسين والقذافي وعزلة نظام الأسد في سوريا بدت الجزائر الدولة العربية الوحيدة الفاعلة التي تتمسك بخطاب تجاه القضية الفلسطينية يشبه الخطاب القومي القديم، حتى لو بشكل أقل حدة من السابق وبطريقة غير مستفزة لأمريكا.
ترامب يحدث صدمة في العلاقات بين البلدين
وعندما بلغ قطار التطبيع العربي مع إسرائيل، ذروته في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، عبر ما يعرف بصفقة القرن، اعتبرت الجزائر أنها دفعت ثمناً لرفضها التطبيع عبر الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء الذي رأت فيه، عقاباً لها من قبل الإدارة الأمريكية على عدم انضمامها لهذا المسار بالاعتراف لمنافستها المغرب بأن الصحراء جزء من أراضيها، في خروج واضح عن الموقف الأمريكي التقليدي، وخاصة أن واشنطن كانت وسيطاً أو شبه وسيط في الأزمة في كثير من الأوقات.
وعلقت الجزائر على إعلان ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2022، اعتراف بلاده بأن الصحراء جزء من المغرب بالقول إنه "ليس له أي أثر قانوني"، مُجددة دعمها لجبهة البوليساريو "ضد منطق القوة والصفقات المشبوهة"، حسب التعبير الصادر آنذاك.
وشدد البيان على أن اعتراف ترامب "يتعارض مع جميع قرارات الأمم المتحدة، خاصة قرارات مجلس الأمن بشأن مسألة الصحراء الغربية، وآخرها القرار رقم 2548 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الذي صاغه ودافع عنه الجانب الأمريكي".
ورغم أن إدارة بايدن لم تتراجع عن القرار، ولكنها تحاول التخفيف من وطأته على العلاقات بين الجزائر وأمريكا.
ويبدو أن الجزائر تتجاوب معها في تبريد تأثير هذا الملف على العلاقات بين البلدين.
هل تكون النيجر سبباً إضافياً للخلافات بين البلدين؟
ولكن إضافة للخلافات المذكورة آنفاً المتعلقة بروسيا والقضية الفلسطينية، فلقد ظهر تباين في المواقف بين الغرب ولا سيما فرنسا وبين الجزائر، في مسألة احتمال التدخل العسكري الخارجي لإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم والذي غالباً سيكون من قبل تجمع دول غرب إفريقيا "الإيكواس" مدعوماً بقوة من باريس.
وحذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من أن التدخل العسكري إذا حدث سيكون "تهديداً مباشراً للجزائر، لما له من تداعيات عليها وعلى المنطقة ككل".. وقال: "على من يملكون عقلاً النظر إلى البلدان التي تم التدخل فيها عسكرياً، فالمشاكل ما زالت موجودة إلى غاية اليوم في ليبيا واليمن وسوريا".
وموقف الجزائر من التدخل العسكري في النيجر مهم للغاية، بالنظر لقوة الجيش الجزائري ودوره في محاربة الإرهاب بمنطقة الصحراء، كما أن الجزائر لديها حدود شاسعة مع النيجر، إضافة إلى أن أي دعم أمريكي أو فرنسي للعملية العسكرية المحتملة قد يحتاج لاستخدام المجال الجوي الجزائري.
وعلى المستوى الأمني، تجمع البلدين اتفاقات منها اتفاق تسيير دوريات مشتركة لتأمين الحدود منذ 2021، والتواجد ضمن دول مجموعة الميدان التي تضم قادة أركان جيوش البلدين، إلى جانب مالي وموريتانيا.
وإلى جانب الجوانب الأمنية تتربط الجزائر بروابط ثقافية واجتماعية مع النيجر، جسدها السكان من قبائل الطوارق المنتشرة في البلدين وبعض القبائل العربية التي ينحدر منها الرئيس بازوم.
ولكن في هذا الملف لا يبدو الخلاف كبيراً بين الجزائر وأمريكا، لأن الأخيرة تبدو بدورها متحفظة في تأييد التدخل العسكري وتخشى تداعياته على الحرب ضد الإرهاب.
حليف طبيعي في الحرب ضد الإرهاب رغم الاختلافات العميقة
تظل الجزائر "حليفاً طبيعياً لأمريكا رغم الاختلافات الاستراتيجية العميقة بين البلدين"، حسبما يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا الأمريكية حمود صالحي.
وقال صالحي للأناضول إنه يلاحظ "حرصاً واضحاً من واشنطن على العمل مع الجزائر وبناء علاقة أمنية استراتيجية معها؛ اعترافاً بالدور القيادي الجزائري".
واستدل بتصريح سابق للسفيرة الأمريكية قالت فيه إن "الجزائر حليف طبيعي لأمريكا، وللجزائر سجل حافل بالإنجازات العملاقة في محاربة الإرهاب والجرائم".
صالحي أعرب عن اعتقاده بأن سبب الاعتراف الأمريكي بالدور الجزائري هو اتباع الجزائر "سياسة عدم الانحياز الإيجابي"، وحنكتها في استعمال "الدبلوماسية الذكية" واستثمار التطورات الدولية على غرار الأزمة الأوكرانية واستعمال حلفائها الطبيعيين، وبالأخص روسيا والصين، لتعزيز أمنها الاستراتيجي.
ولفت إلى "التوظيف الذكي لأوراقها" في العلاقة مع أوروبا والولايات المتحدة، إذ "أصبحت الجزائر من أكبر الممونين للاتحاد الأوروبي بالغاز الطبيعي، وبات من مصلحته ألا تعادي الولايات المتحدة الجزائر وألا تفرض عليها عقوبات، أي أن أوروبا أصبحت تخاف من رد الفعل الجزائري على أي تصرف أمريكي غير ودي تجاهها".
تطور كبير في المجال الاقتصادي
العلاقات بين الجزائر وأمريكا تحافظ على طبيعتها "الصلبة" ولها "هامش تطور كبير" خاصة بالمجال الاقتصادي، حسب وصف الخبير الاقتصادي صالح سليماني.
ولفت سليماني في حديثه للأناضول إلى أن المبادلات التجارية بين البلدين قفزت من 2 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار في 2022، "وهو رقم مهم جداً وكبير".
وشدد على أن "الجزائر تقف على نفس المسافة مع شركائها روسيا والصين وأمريكا، وهناك براغماتية في التعامل"، وهو ما يفسر صمود العلاقات بين البلدين في مستوى جيد.
وأشار إلى أن التعاون الثنائي لا يتوقف على الأمن ومكافحة الإرهاب، "الاستثمارات الأمريكية حاضرة في قطاعات الزراعة والصيدلة والاتصالات"، بينما ساهمت الشركات الأمريكية على مدار عقود بتطوير صناعة الطاقة بالجزائر.
وفي 10 أغسطس/آب 2023، قال عطاف أمام اقتصاديين أمريكيين إن التعاون بمجال الطاقة يمثل 90% من الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ودعاهم إلى الاستثمار في قطاعات الزراعة والرعاية الصحية وتكنولوجيات المعلومات.
شركتان أمريكيتان نفطيتان قد تدخلان قريباً للجزائر
وتتحدث تقارير إعلامية محلية عن احتمال اتجاه شركتين من أهم الشركات الأمريكية في مجال النفط، وهما شيفرون وإيكسون موبيل، إلى الجزائر للتنقيب عن النفط.
وبين الجزائر والولايات المتحدة مجلس أعمال مشترك يتولى قضايا الاستثمار والشراكة، كما ترتبطان بحوار استراتيجي سنوي على مستوى وزيري الخارجية.
تثبت العلاقة المعقدة بين الجزائر وأمريكا، والتي بها هامش اختلاف وأحياناً خلاف ليس بالقليل، أنه يمكن للدول العربية أن تحافظ على مساحة استقلالية كبيرة خاصة في ملفين حساسين مثل العلاقة مع روسيا والقضية الفلسطينية، مع الحفاظ على صلة وثيقة مع واشنطن، تصل إلى حد الصداقة أو التحالف الجزئي، حسب الوصف الأمريكي.
وقد يكون النهج الجزائري في هذا الصدد دليلاً على أنه ليس ضرورة لتقديم تنازلات في مجال التطبيع لتوثيق العلاقة مع أمريكا.