"قوات من المعارضة السورية الحليفة لتركيا سوف تشارك في قتال الميليشيات الموالية لإيران قرب قاعدة التنف الخاضعة لسيطرة أمريكا، وقد يكون هذا تمهيداً من قبل واشنطن لتشكيل حزام سني بشرق سوريا للتصدي لنفوذ طهران"، كان هذا خلاصة تقارير سورية تتحدث عن تغيرات دراماتيكية للسياسة الأمريكية بشمال شرق البلاد.
فقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا شرعت برفع أسماء مقاتلين، تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة التنف التي تتمركز ضمنها قوات "التحالف الدولي" بقيادة أمريكا، لقتال الميليشيات الإيرانية في شرق سورية، وقطع طريق طهران-بيروت والسيطرة على الحدود السورية-العراقية.
والمرصد السوري يُنظر له على أنه يتمتع بمصداقية كبيرة نسبياً خاصة فيما يتعلق بالمعلومات التي يقدمها حول الوضع الداخلي السوري، ويعتقد أنه مقرب من الغرب أو على الأقل من منظمات المجتمع المدني الغربية.
ولم تظهر أية تقارير أمريكية سواء رسمية أم إعلامية، تؤكد هذه الأنباء، ولكن هذا التقرير يأتي وسط تصاعد التوتر بين روسيا وأمريكا في سوريا، في ظل ما يعتقد أنه مسعى روسي لتحدي واشنطن في سماء سوريا، مثلما حدث مؤخراً بتخريب مقاتلة روسية من طراز سوخوي 35 لمسيرة أمريكية.
ويتزامن ذلك أيضاً مع حديث عن رغبة أمريكية في التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، التي تمثل أهمية لطهران لأنها تصل بين نفوذ طهران في العراق وبين وجودها في سوريا وحزب الله في لبنان.
وفي مارس/آذار الماضي، نفّذت الولايات المتحدة غارتين منفصلتين على منشأتين بشرق سوريا لمييلشيات موالية لإيران، رداً على مقتل جندي أمريكي، وإصابة 5 من أفراد الخدمة الأمريكية، إضافة إلى مقاول أمريكي آخر بجروح، بعد أن استهدفت طائرة مسيّرة منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف قرب الحسكة شمال شرقي سوريا، وعقب ذلك استهدفت 10 صواريخ القاعدة الأمريكية في سوريا.
وفي وقت تفيد فيه تقارير برغبة روسيا وإيران في طرد القوات الأمريكية من سوريا، نقلت وكالة الإعلام الروسية في 22 يونيو/حزيران 2023، عن مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف قوله، إن روسيا لديها معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة تعزّز وحدتها العسكرية في سوريا.
وقبل أيام، قتل 3 مدنيين وأصيب 6 آخرون في قصف جوي نفذه الطيران الحربي الروسي على قرية عين شيب بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة الحليفة لتركيا.
ومؤخراً، ظهرت تقارير نشرتها مواقع معارضة سورية تتحدث عن نية أمريكا تشكيل حزام عشائري سني عربي في شمال شرق سوريا للتصدي للنفوذ الإيراني بالمنطقة.
واللافت أن هذه التقارير لم تشر إلى دور لقوات الإدارة الذاتية الكردية بشمال العراق حليفة واشنطن والغرب المفضلة والمدعومة من قبل واشنطن وأوروبا، رغم اتهامات تركيا لها بأنها تمثل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً في تركيا والغرب، وهو اتهام تؤكده تقارير مراكز أبحاث غربية، منها مركز "كارنيغي" الأمريكي الشهير.
هل اكتشفت واشنطن أضرار تحالفها مع أكراد سوريا؟
يواجه اعتماد واشنطن على الإدارة الذاتية الكردية كحليف رئيسي لسوريا، العديد من المعضلات، أولها الاعتراض التركي الذي نغص العلاقة بين الغرب وبين الدولة صاحبة ثاني أكبر جيش بالناتو، والتي تحتل موقعاً استراتيجياً ازدادت أهميته بعد اندلاع الحرب الأوكرانية.
ولكن هناك أيضاً مشكلات أخرى أبرزها أن هذه الإدارة عبارة عن نخبة من الحزب الديمقراطي الكردي السوري تسيطر على أغلبية عربية، مع تهميش القيادات العربية وحتى الكردية غير المنتمية للحزب، وهو الأمر الذي يثير غضباً بالمنطقة في أوساط العرب، حسب تقرير لمركز كارنيغي الأمريكي الذي نقل عن فاعلين بالمنطقة وصفهم للقيادات الكردية بـ"العلويين الجدد"، في إشارة إلى أن سيطرتهم كأقلية مماثلة لسيطرة الأقلية على مقاليد الحكم في سوريا ذات الغالبية العربية السنية منذ أواخر الستينيات.
ونقل التقرير عن بعض هؤلاء الفاعلين أن الغضب في أوساط عرب المنطقة قد يعيد إنتاج داعش أو مثيل لها.
الأكراد حلفاء روسيا وإيران السريين
كما أن إحدى مشكلات أمريكا، أن الإدارة الكردية السورية لديها علاقات وثيقة مع روسيا، والنظام السوري، كما يعتقد أنه ربطها هي وحزب العمال الكردستاني في أوقات كثيرة تحالف مع إيران ضد تركيا.
يعني ذلك أن واشنطن لا تستطيع الاعتماد على الأكراد لموازنة النفوذ الإيراني والروسي في شمال وشمال شرقي سوريا، لأنهم ببساطة أصدقاء سريون لموسكو وطهران، فحزب العمال الكردستاني الذي انبثقت منه القوى الكردية السورية في الأصل نشأ بدعم سوفييتي، وتاريخياً فضّل مهادنة إيران وتبريد القضية الكردية في إيران لصالح صراعه مع تركيا والحزبين الكرديين الحاكمين في العراق.
ولذا يبدو اللجوء للعرب السنة الذين يمثلون أغلبية سكان سوريا بما فيها هذه المنطقة أمراً بديهياً، خاصة أن عرب شمال شرق سوريا معروف عنهم الطابع العشائري الشبيه بشمال العراق، الذي يتسم برفضه للرضوخ لحكم خارجي.
إليك توزيع مناطق السيطرة في شمال سوريا
ومنطقة شمال شرقي سوريا تعادل نحو ثلث مساحة البلاد، وهي متداخلة جغرافياً وسكانياً مع الوسط السني في العراق.
وخلال الثورة السورية ضد نظام الأسد خضعت أغلب المنطقة لسيطرة المعارضة السورية الرئيسية، قبل أن تسقط في يد داعش التي جاءت من العراق ودمرت أغلب فصائل المعارضة السورية، ثم احتلها الأكراد بدعم أمريكي بعد القضاء على داعش من قبل عدد من الأطراف المتنافسة الذين لم يجمعهم سوى العداء لداعش هم الأمريكيون والجيشان العراقي والتركي وأكراد سوريا والعراق وروسيا والقوى الحليفة لإيران، وفي بعض الأحيان نظام الأسد (الذي كان في بعض الأوقات يتعاون مع داعش).
ولكن بعد ذلك اقتسم الأكراد، بدعم من الأمريكيين وإيران، مع نظام الأسد السيطرة على المنطقة بدلاً من داعش.
ويقسم نهر الفرات شمال شرق سوريا إلى قسمين؛ يطلق على الجانب الغربي "شامية" ويقع تحت سيطرة النظام السوري، بجانب ميليشيات مدعومة من طهران، وتتمتع إيران وحرسها الثوري والميليشيات الموالية لها (أغلبها شيعية عراقية) بنفوذ كبير في هذه المنطقة قد يكون مستقلاً وأكبر من نفوذ النظام، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية.
في المقابل، يحمل الجانب الشرقي اسم "الجزيرة"، ويخضع لسيطرة الأكراد عبر ما يعرف بـ"قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من أمريكا، علماً بأن المنطقة ذات غالبية عربية سنية، ويوجد الأكراد بجوار العرب بالأساس في الأجزاء الشمالية، ولذا تعتمد الإدارة الكردية على بعض الميليشيات العربية المتعاونة للسيطرة على المنطقة مع تهميش العرب في الحكم، حيث يكون لكل قائد منطقة عربية أو إدارة بالمنطقة مستشار كردي هو المدير الفعلي.
وتمارس السلطات الكردية التضييق على المعارضة العربية والكردية على السواء، حسب ما ورد في تقرير لمجلة The Economist البريطانية.
وسبق أن قال تقرير لموقع Atlantic Council الأمريكي إنه لا يجب أن يحكم الأكراد السوريون الأكراد العرب، ولا يجب أن يُحكَم الأكراد السوريون من قبل الأتراك، حسب تقرير الموقع الأمريكي.
فبعد أن تعرضت الأغلبية العربية السنية لعملية تطهير طائفي من النظام عبر القتل والتهجير (والذي أدى على الأرجح لفقدان سوريا أغلبيتها السنية العربية)، فإن الأكراد بدورهم يقيمون في شمال شرق سوريا دويلة تشبه حالة الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، حيث تحكم أقلية كردية أغلبية عربية سنية.
يقول السكان المحليون في المدن ذات الأكثرية العربية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد "قسد" إنَّ تهميش العرب من آلية الحكم في مناطقهم يولِّد مشاعرَ استياء لدى العرب المثقَّفين والمتمرِّسين، الذين يعتبرون أنفسَهم غير معنيين بإدارة مناطقهم.
في المقابل، انحسر نفوذ المعارضة السورية الرئيسية التي تمثل الأغلبية العربية السنية والحليفة لتركيا في منطقتين في أقصى الشمال السوري مكتظين باللاجئين الفارين من باقي مناطق سوريا بسبب قمع الأسد والإدارة الكردية، أكبرها إدلب ومحيطها في شمال غربي سوريا، والثانية في الشمال الأوسط لسوريا على الحدود مع تركيا.
أمريكا تريد إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، ولكنها فعلياً تزيده قوة
وأعلن مسؤولون أمريكيون أكثر من مرة أن أحد أهدافهم الرئيسية في سوريا، هو "تحديد" أو "إنهاء" نفوذ إيران.
وتدعم واشنطن عبر التحالف الدولي "قوات سوريا الديمقراطية" في سيطرتها على مناطق شرق الفرات بوجود قوات وقواعد برية وغطاء جوي ومعدات لحماية حقول النفط، ولديها قاعدتان في العراق وسوريا. إحداهما في التنف، قرب معبر التنف – الوليد الحدودي المغلق حالياً بين سوريا والعراق، الأمر الذي أدى عملياً إلى إغلاق الطريق التقليدية بين بغداد ودمشق، حيث ينتشر في القاعدة 100 عنصر وراجمات صواريخ لحماية دائرة بقطر 55 كلم.
ولكن فعلياً أدت السياسات الأمريكية بدعم الأكراد إلى تقوية نفوذ إيران وروسيا؛ لأن الإدارة الكردية معروفة كما سبقت الإشارة بعلاقتها الوثيقة مع موسكو وطهران ودمشق، وهدفها السيطرة على المنطقة وتقليل نفوذ تركيا وجماعات المعارضة السورية العربية، بل إنه في مواجهة تهديدات أنقرة بالتدخل، كان الأكراد أحياناً يسلمون بعض المناطق للنظام السوري لمنع الجيش التركي من استهدافها.
المرصد السوري يتحدث عن حماس المقاتلين بشمال البلاد لمحاربة ميليشيات إيران حول قاعدة التنف
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مناطق نفوذ القوات التركية في "غصن الزيتون" و"درع الفرات" و"نبع السلام" ستكون مركزاً لانطلاق دفعات المقاتلين عبر تركيا للوصول إلى قاعدة التنف.
ووفقاً لمصادر المرصد، فإن مئات الشبان والمقاتلين في شمال غرب سوريا سجلوا أسمائهم عند فصائل المعارضة السورية.
ويبدي هؤلاء ارتياحاً للالتحاق بالقوات التي يقال إنها سوف تنتشر حول قاعدة التنف، لقتال الميليشيات الموالية لإيران، والحصول على مكسب مالي في الوقت ذاته، في ظل الأوضاع التي يمر بها الأهالي في شمال سوريا.
وأشار المرصد السوري في 4 أغسطس/آب، إلى أن مقاتلين تلقوا تدريبات من قوات "التحالف الدولي" في منطقة التنف، تمركزوا في ضمن مناطق "قسد" شرقي الفرات.
وأكدت مصادر المرصد السوري أن المقاتلين يدخلون مناطق "قسد" بشكل سري ضمن مجموعات لا يتجاوز عدد أفرادها 15 مقاتلاً.
كما تلقى مئات المقاتلين من أبناء دير الزور والبوكمال والميادين (مناطق نفوذ الميليشيات الإيرانية)، تدريبات عسكرية مكثفة في قاعدة التنف ضمن منطقة الـ55 كيلومتراً عند مثلث الحدود السورية-العراقية-الأردنية، وانتقلوا إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بأمر من القوات الأمريكية التي أشرفت على إعدادهم وتدريبهم، بهدف تجنيد مقاتلين لشن عمليات ضد القوات الإيرانية في مناطق غرب الفرات التي ينحدر منها هؤلاء المقاتلون، حسب المرصد السوري.
وفي الوقت ذاته، نقلت وسائل إعلام سورية معارضة، عن تقرير لمجموعة "كاندل" للدراسات، عن قيام الولايات المتحدة بالتخطيط لتشكيل قوة عشائرية عربية سنّية بهدف السيطرة على مناطق استراتيجية شرقي سوريا، وذلك لقطع طريق التواصل بين إيران وحلفائها في لبنان.
اللافت أنه رغم تأكيد التقارير الإعلامية الأمريكية على رغبة واشنطن في تقليص نفوذ إيران بالمنطقة، فإنها لم تُشِر لمسألة نقل قوات عربية إلى قاعدة التنف أو محيطها، أو ما تتحدث عنه مواقع المعارضة السورية عن تشكيل حزام عربي سني لمواجهة نفوذ طهران بالمنطقة.
لا يعرف هل سبب غياب الحديث الأمريكي عن هذا الملف هو عدم رغبة واشنطن في إغضاب الأكراد وحلفائهم في الغرب، المتحمسين لهم بشدة (دون الالتفات لطبيعة نظامهم العنصري الذي تحكم فيه أقلية كردية متحزبة أغلبية عربية دون أية انتخابات).
أم أن هذه التقارير هي مجرد تمنيات من قبل المعارضين السوريين بأن يتوفر لهم دعم أمريكي، لاستعادة هذه المناطق ذات الغالبية العربية السنية، والتي كانت أغلبها خاضعة لسيطرة المعارضة السورية الرئيسية خلال الثورة.
هل تغير تركيا سياستها ببطء في المنطقة؟
لا يمكن تجاهل موقف تركيا من الوضع الحالي بشمال شرقي سوريا.
فالسياسة التركية في شمال سوريا، أصبحت في حالة توتر مع أمريكا وأوروبا منذ أن تخليا عن دعم المعارضة السورية الرئيسية في مواجهة الأسد، وعن دعم أنقرة في مواجهة الوجود الروسي في سوريا، كما ظهر في أزمة إسقاط تركيا لطائرة روسية اخترقت أجواءها الجنوبية عام 2015.
فمنذ ظهور داعش ألقى الغرب بثقله وراء أكراد سوريا، متجاهلاً تنسيقهم منذ بداية الثورة مع الأسد ضد المعارضة السورية، رغم أن الأخيرة عرضت على الأكراد الانضمام لإطار المعارضة الرئيسي في ذلك الوقت (المجلس الوطني السوري الذي ترأَّسه المعارض الكردي عبد الباسط سيد لبعض الفترات).
وكان هذا الملف، سبباً رئيسياً لتوتر العلاقة بين تركيا والغرب، ودفع ذلك أنقرة للتنسيق مع روسيا، لتقليل خسائر المعارضة السورية الحليفة لها وتأمين حدودها ضد إرهاب حزب العمال الكردستاني القادم من الأراضي السورية.
وقبل الانتخابات الرئاسية التركية، أبدت تركيا على لسان كبار مسوؤليها بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان، استعداداً بل حماساً للتطبيع مع الأسد على أساس التنسيق الأمني والعمل على إعادة اللاجئين وضبط الحدود بوساطة روسية، ولكن نظام الأسد تمنع، ما دفع أنقرة للتلميح بأن لديها خيارات أخرى بما فيها عمل عسكري ضد النظام لتأمين الحدود.
ومؤخراً، وتحديداً منذ قمة حلف الناتو الأخيرة في ليتوانيا، فإن هناك تقارباً وتحسناً لافتاً في العلاقات التركية الغربية، مقابل توتر وإن كان محدوداً في علاقات أنقرة بروسيا، وهو توتر ألمحت له موسكو بعد إعادة أنقرة قادة أوكرانيين إلى كييف كانوا أسرى لدى موسكو وسُلّموا لتركيا، إضافة لموافقة الأخيرة على انضمام السويد لحلف الناتو.
كما رفعت روسيا منسوب التوتر مع واشنطن في شمال سوريا، رداً على ما يبدو على الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
ومؤخراً، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن بلاده ستبذل جميع الجهود لمنع تحول سوريا إلى "ملجأ للمنظمات الإرهابية وساحة للحروب بالوكالة"، وستسرّع عملية العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين.
قد تعني التسريبات عن دور للمعارضة السورية الحليفة لتركيا في دعم النفوذ الأمريكي في محيط قاعدة التنف أن تركيا تلوّح ضمناً لروسيا ونظام الأسد وإيران، بأن لديها أوراقاً أخرى للضغط من أجل الوصول لتفاهمات حول ضبط الحدود وعودة طوعية للاجئين (الملف الأخير يرفضه النظام السوري بشدة).
وفي الوقت ذاته، فإن النقل المحتمل لقوات عربية من مناطق النفوذ التركية لمحيط قاعدة التنف المقسومة حصراً بين نفوذ الأكراد وأمريكا مقابل إيران والنظام يمثل مكسباً لأنقرة من ناحية، وللمعارضة السورية الحليفة لها من ناحية أخرى، فمنطقة شمال شرقي سوريا هي أغنى مناطق البلاد، حيث يوجد أغلب حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد، ومناطق زراعة القمح.
لو صدقت التقارير عن نقل مقاتلين من مناطق المعارضة السورية لهذه المنطقة، فإن هذا لا يعني بالضرورة نشوب القتال بين الأطراف المتناحرة الأكراد والأمريكيين والمعارضة السنية والميليشيات التابعة لإيران والنظام.
فما قد يحدث هو تغيير لموازين القوى على الأرض وتوزيع القوات ومناطق السيطرة بشكل محدود ولكن تدريجي وذي تأثير استراتيجي، مع بعض التحرشات العسكرية كالتي تحدث بين القوى الموالية لإيران والقوات الأمريكية.
فلقد تحول الصراع في سوريا من نمط المعارك الكبيرة والحاسمة أثناء الثورة السورية إلى مباريات الفوز يكون فيها بالنقاط المتراكمة وليس بالضربات الكاسحة، وهي مباريات فاز بها الإيرانيون والأكراد بشكل كبير حتى الآن؛ لأن لديهم موارد بشرية أكبر على الأرض من الروس والأمريكيين.
ولكن هذا النمط قد قد يكون في صالح المعارضة السورية، إذا تحالفت جزئياً مع واشنطن ضد النفوذ الإيراني، لأن العنصر البشري الرئيسي في المنطقة هو العرب السنة الذين عانوا منذ هزيمة المعارضة السورية أمام داعش من غياب للقوى المنظمة والداعمة لهم، حيث خضعوا لسيطرة داعش ثم الأكراد دون أن تتوفر لهم المقومات لحكم مناطقهم، والتعبير عن أبسط مصالحهم.