سلطت الاحتجاجات التي نشبت في فرنسا مؤخراً بسبب مقتل الفتى الفرنسي نائل مرزوقي ذي الأصول الجزائرية، برصاص شرطي، الضوء على مأساة ضواحي المهاجرين في فرنسا، وكيف تعمدت با ريس تهميش سكان هذه الأحياء الذين جاءت بهم منذ عقود لخدمة الاقتصاد الفرنسي؟
وحادثة مقتل نائل ليست الأولى من نوعها، فلقد قتلت الشرطة الفرنسية 13 شخصاً في 2022 بسبب مخالفات مرورية، وتُصنف فرنسا البلد الأكثر قتلاً بالرصاص من قبل الحكومة في أوروبا، حسبما ورد في تقرير لوكالة الأناضول.
كيف تعمدت باريس بناء الضواحي بطريقة جعلتها مهمشة؟ هكذا جاءت بسكانها ثم تنصلت منهم
مقتل نائل جزء من أعراض نزعة مقلقة للشرطة في فرنسا، والتي حذر منها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي من "الاستخدام المفرط للقوة".
وتتهم الشرطة الفرنسية بأنها تواصل ممارسة العنف بشكل غير متناسب وفقاً للعرق.
تمثل الضواحي البلديات التي تقع على أطراف مراكز المدن وترتبط بها عمرانياً، ويقطنها في الأغلب مهاجرون عرب وأفارقة قادمون من المستعمرات الفرنسية السابقة.
بدأت تتشكل ظاهرة الضواحي أو الأحياء الشعبية بمفهومها الحالي بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، حيث استعانت فرنسا بأبناء مستعمراتها لإعادة بناء ما دمرته الحرب، في ظل نقص عمالتها المحلية وترفعها عن الأعمال الشاقة أو الملوثة.
رئيس فرنسي يعترف بأنهم جلبوا المهاجرين بالشاحنات والقوارب
وفي هذا الصدد، يقول الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، إن "المهاجرين لم يأتوا بمفردهم وإنما تم جلبهم بالشاحنات والقوارب، لأن فرنسا كانت بحاجة إلى العمالة في المناجم وصناعة السيارات والأشغال العامة وجميع الصناعات الملوثة التي يرفضها الفرنسيون".
في خمسينات وستينات القرن الماضي تم جلب أعداد كبيرة من المهاجرين إلى فرنسا للعمل في المناجم والمصانع والبناء والأشغال العامة، مقابل أجور زهيدة مقارنة بنظرائهم الفرنسيين.
وفي هذا السياق، وقعت فرنسا مع الجزائر اتفاقية 1968، التي بموجبها منحت باريس امتيازات استثنائية للجزائريين لدخول أراضيها والإقامة بها والعمل، وحتى لمّ شمل عائلاتهم.
لم يمضِ حينها على استقلال الجزائر سوى 6 سنوات، لذلك اضطر آلاف الشباب للهجرة إلى فرنسا؛ نظراً لأن فرص العمل بالبلاد كانت محدودة والفقر كان منتشراً، ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي بسبب الصراع المسلح على السلطة، وكثرة التمردات والانقلابات في الفترة ما بين 1962 و1967.
وما كان يجري في الجزائر حينها نسخة مصغرة لما جرى في المستعمرات الفرنسية الأخرى في إفريقيا في مرحلة ما بعد التحرر، ما أدى إلى هجرة مئات الآلاف من الشباب الأفارقة إلى فرنسا من أجل العمل والبحث عن حياة أفضل.
وتشير التقديرات إلى أن أعداد المهاجرين ارتفعت من 1.7 مليون شخص عام 1946 إلى ما يزيد قليلاً على 3.5 مليون أوائل التسعينات، وفق المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا (إنسي).
ثلث سكان فرنسا يعيشون في الضواحي، إلا أن المشكلة في مناطق معينة
وما يزيد قليلاً عن 20 مليون شخص (36.5% من السكان) يعيشون في الضواحي الموزعة على 3 آلاف و395 بلدية، ووفق نفس المصدر.
إلا أن الضواحي الأكثر فقراً وتهميشاً لا تتجاوز 1514 منطقة ذات الأولوية، حيث ينتشر المهاجرون وأبناؤهم.
ويبلغ عدد سكان هذه الضواحي الأكثر تهميشاً نحو 5.5 مليون نسمة، وفق دراسة لمعهد "مونتاني".
أول مظاهر التهميش.. أبراج سكنية مكتظة تحوي غرفاً ضيقة بنيت لتسكينهم
لاستيعاب الأعداد الكبيرة من العمالة العربية والإفريقية في فرنسا في الستينات تم بناء أبراج سكنية مكتظة بالمهاجرين في الضواحي، كثيرٌ منها عبارة عن مراقد وغرف ضيقة يُحشر فيها أكبر عدد ممكن من الأشخاص، في ظروف صعبة.
الأوضاع ازدادت سوءاً في السبعينات، إذ سمحت الحكومة الفرنسية للمهاجرين في العام 1974 بلمّ شمل أسرهم، دون أن يتم توفير لهم مساكن لائقة.
وُلدت أجيال جديدة من المهاجرين كثير منهم لا يحمل سوى الجنسية الفرنسية ولا يتقنون سوى اللغة الفرنسية، ومع ذلك يتهمون بأنهم لم يندمجوا كفاية، مع تعرضهم أكثر للإهمال والتهميش والعنصرية، وفق شهادات ودراسات متخصصة.
الروبوتات والعصابات زادت الطين بلة
وما زاد الطينة بلة، إغلاق فرنسا الكثير من المناجم وتحول المصانع نحو استخدام الروبوتات بدلاً من اليد العاملة المهاجرة، ما أدى إلى انتشار البطالة والفقر وسط المهاجرين وأبنائهم، في ظل شعورهم بالظلم والتهميش.
كما فرّخت الظروف السيئة عصابات الأحياء وتجار المخدرات والسلاح في الضواحي ذات الأغلبية المنحدرة من أصول مهاجرة.
ونشط الاقتصاد الموازي للممنوعات، وانتشرت المواجهات المسلحة بين العصابات على مناطق النفوذ التي أصبحت خارجة عن السيطرة الأمنية، وتحولت العائلات إلى رهينة في هذه الأحياء الشعبية البائسة.
لماذا يغلقون أقسام الشرطة في ضواحي المهاجرين؟ "دعوا العرب يقتلوا بعضهم بعضاً"
وهناك تقارير دولية تفيد بأن الشرطة الفرنسية تتعمد ترك سكان الضواحي نهباً للعصابات، وأنها تميل لعدم التدخل لحماية السكان لأنها تفضل أن تترك العرب يقتلون بعضهم بعضاً، حسبما يقول بعض سكان ضواحي المهاجرين.
ويصف رفيق، وهو مراهق من سكان حي بوسرين بمرسيليا ثاني مدن فرنسا سكاناً وأكثرها تنوعاً من الناحية العرقية، الوضع بالقول: "الشرطة يسرُّها أن يقتل (العرب) بعضهم بعضاً. وهم يرون أنه إذا نقص العرب واحداً، فلا ضرر في ذلك"، حسبما نقلت عنه صحيفة The Guardian البريطانية.
ومما يزيد من اختلاف مارسيليا بعض الشيء عن بقية المدن الفرنسية: انتشار بنادق الكلاشينكوف بين أيدي العصابات في أحيائها، وهو أحد أبرز العوامل التي تتذرع بها الشرطة للتنصل من وظيفتها لهذه الأماكن.
تسكن "عبدي" بناية في مجمع "فريس فالون" السكني بمرسيليا منذ عام 1961، وتقول إن الدولة تخلت عن "فريس فالون" وسكانها، وتركتها نهباً لعصابات المخدرات. لذلك تقول عبدي إنها صارت -لأول مرة منذ وصولها إلى فرنسا قبل أكثر من 60 عاماً- تريد العودة إلى تونس، "فقد أصبح الأمر شديد الخطورة. عليَّ أن أغادر، وأن آخذ معي حفيدي البالغ من العمر 19 عاماً لإنقاذه".
ولد أمين في فرايس فالون في عام 2004 ورأى بأم عينيه شبكات المخدرات وهي تتوسع شيئاً فشيئاً في أحياء كارتييه نورد، واستغلال العصابات لنسبة البطالة بين الشباب في هذه المناطق، والتي تصل إلى 70%. ويستطيع أمين أن يعدِّد من بين زملائه السابقين 50 شخصاً انضموا إلى عصابات المخدرات؛ و10 آخرين في السجن.
قال أمين إن المبنى الذي نشأ فيه كان يقع به مركز للشرطة، لكن السلطات أغلقته قبل أكثر من 10 سنوات، فتوسعت بعد ذلك عصابات الجريمة المنظمة في فريس فالون، و"تركت الشرطة صغار التجار حتى كبرت أعمالهم وصاروا أباطرة دوليين" في عالم الجريمة.
وقال جوزيف داونينغ، المحاضر البارز في السياسة والعلاقات الدولية: "إن غياب المسؤولين في الضواحي يصل إلى حدٍّ يستعصى على التصور، فالشرطة تخشى الذهاب إلى هناك. وهذه الأماكن تقع خارج سيطرة الدولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. والساكن هناك إذا اتصل بالشرطة، لن يأتي إليه أحد".
هذا الوضع جعل سكان الضواحي هدفاً لسهام أحزاب اليمين المتطرف، رغم أنهم لعبوا الدور الأبرز في بناء فرنسا الحديثة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويساهمون بالنصيب الأهم في الضمان الاجتماعي، الذي يستفيد منه كل الفرنسيون، وفق دراسة لمعهد مونتاني للبحوث والدراسات.
لماذا فشلت باريس في معالجة أزمة الضواحي؟
منذ السبعينات، تنبهت السلطات الفرنسية لمشكلة الضواحي والفروقات الاجتماعية مع بقية المناطق، واتخذت عدة إجراءات على مدى أربعة عقود لتقليص الفوارق، لكنها لم تتخلص من المعالجة الأمنية لمشاكل الضواحي.
فقد أنفقت السلطات الفرنسة 10 مليارات يورو سنوياً على الضواحي للحد من الفقر والبطالة وتحسين التعليم وتحقيق الرفاهية، وسد الفجوة مع بقية المناطق.
ورغم ذلك سجلت الحكومة الفرنسية عجزاً سنوياً بمليار يورو في الإنفاق على الخدمات في هذه المناطق، وفق دراسة لمعهد مونتاني، أجريت في عام 2020.
ووفق هذا المعهد، لدى الضواحي القليل من كل شيء؛ عدد أقل من المعلمين وأقل خبرة، وعدد أقل من ضباط الشرطة وأقل خبرة، وعدد أقل من القضاة وأقل خبرة، وعدد أقل من المرافق الرياضية والثقافية.. إلخ.
شباب ضواحي المهاجرين الأكثر تعرضاً لعنف الشرطة
ومع الحديث عن قلة خبرة أفراد الشرطة العاملين بالضواحي، يقول عالم الاجتماع الفرنسي سباستيان روشي: "على مدى السنوات العشرين الماضية، قتلت الشرطة الفرنسية أكبر عدد من المواطنين في أوروبا" إذا أخذنا في الاعتبار نسبة عدد الوفيات إلى عدد السكان، وفق ما نقلته عنه وسائل إعلام محلية بينها موقع "20 دقيقة".
ويقول روشي: "قامت الشرطة والدرك في فرنسا بإطلاق النار 50% أكثر من الشرطة الألمانية، و377% أكثر من بريطانيا".
حيث قتل عناصر الشرطة والدرك الفرنسيون 444 شخصاً، بينهم 26 يصفونهم بـ"الإرهابيين" بين عامي 1977 و2020، حسب تقرير سنوي للمفتشية العامة للشرطة والمفتشية العامة للدرك الوطني.
وشباب ضواحي المهاجرين كانوا الأكثر عرضة لعنف الشرطة.
13 شخصاً قتلوا في 2022 بسبب مخالفات مرورية
بعد تعديل القانون الذي ينص على استخدام الأسلحة النارية في عام 2017، يمكن للضباط الآن إطلاق النار في مجموعة من الظروف الواسعة (وغالباً ما تكون غامضة). تم ربط هذا القانون بـ13 حالة وفاة؛ إذ قتلت الشرطة من أبناء المهاجرين 13 شخصاً في العام 2022، بسبب رفضهم الامتثال لعمليات تدقيق مرورية.
وفقاً لأرقام الحكومة الفرنسية، من المرجح أن يتم توقيف الرجال السود والعرب من قِبل الشرطة بنسبة 20 مرة أكثر من غيرهم.
وجاء مقتل الفتى نائل (17 عاماً) برصاص شرطي بسبب مخالفة مرورية، ليفجر غضب شباب الضواحي، متهمين الشرطة بالعنصرية وقتل الأطفال، وفق شعارات رفعت خلال مظاهرات منددة بالواقعة.
في مواجهة الاحتجاجات الواسعة، استخدمت الشرطة الفرنسية بانتظام الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية – وهي ممارسة نادرة أو محظورة تماماً في أماكن أخرى من أوروبا.
ماكرون فاقم المشكلة
يقول كثير من الباحثين إن المشكلة ليست في مسلمي فرنسا، بل في السياسة الفرنسية التي أعاد ماكرون تأجيجها.
عندما كان ماكرون مرشحاً للرئاسة لأول مرة عام 2017، كانت الأزمة بين فرنسا ومسلميها قد شهدت تراجعاً كبيراً بعد عهد الرئيس الاشتراكي الهادئ فرانسوا هولاند.
وقدم ماكرون نفسه في هذه الانتخابات كليبرالي وسطي منفتح يطالب بتفهم وضع الإسلام في فرنسا والكف عن مطاردة مظاهره العلنية في الحياة العامة، والذي سيقطع فرنسا عن ماضيها الإشكالي مع العرب والمسلمين في الداخل والخارج، بما في ذلك ماضيها الاستعماري.
ولكن بعد وصوله للسلطة انقلب على المسلمين الذين أوصلوه إلى الحكم في 2017، وأطلق حربه الضروس ضد معتقداتهم، من الدفاع عن الإساءة إلى النبي (ص)، والادعاء أن "الإسلام في أزمة"، وحديثه عن "الانعزالية الإسلامية"، في إشارة لقضايا حساسة بالنسبة للمسلمين مثل: الحجاب في المدارس، والنقاب في الأماكن العامة، وفرض قيود على بيع الطعام الحلال.
كما شن ماكرون حرباً على المنظمات الإسلامية والتي كثيراً منها أيدته في انتخابات 2017، وتعاونت معه في التصدي للإسلام المتطرف.
وخاض ماكرون معارك ضد ظواهر نادرة الوجود بين مسلمي فرنسا مثل تعليم الأبناء خارج نظام التعليم الرسمي، تاركاً ظواهر التهميش والعنصرية تتفاقم في أحياء المهاجرين.
في أكتوبر/تشرين الأول 2005، وقعت اضطرابات مشابهة بعد مقتل اثنين من المراهقين ذوي الأصول المهاجرة صعقاً بالكهرباء بعد أن اختبآ في محطة كهرباء فرعية هرباً من الشرطة.
أوليفييه كلاين وزير الإسكان الحالي كان في ذلك الوقت النائب الأول لرئيس بلدية كليشي، وهي البلدية التي لجأت لرجال الدين والمتدينين للحد من العنف، فوقف حوالي 60 متطوعاً، ملتحين يرتدون الزي الأبيض التقليدي بتنظيم من قبل المسجد المحلي، بين الشباب المحتج وسلطات إنفاذ القانون، وقاموا باحتواء من رشق الحجارة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Le Monde الفرنسية.
ويقول كلاين عن هذه الأحداث: "في حالة الطوارئ، كل النوايا الحسنة أمر مهم". "وجودهم ساعد على تهدئة الأمور".
ولكن في الاضطرابات الأخيرة، قال وزير الإسكان: "إنه حتى أكثر الوسطاء حنكة ودأباً، شعروا بالعجز في مواجهة صغار السن الذين نشأوا على أنهم لا يمكن السيطرة عليهم".
كانت السلطات الفرنسية على مدار سنوات ماكرون هي التي تهاجم رجال الدين وتطردهم وتقلل من احترامهم، وفي الأغلب، حتى لو أراد رجال الدين المحليون في الأحياء التدخل، فإنهم لن يلقوا آذاناً مصغية مثلما حدث في عام 2005.
تقول الباحثة أميرة أبو الفتوح إن حملة ماكرون ضد المسلمين كانت "نتاج عنصرية متجذرة في أعماق النفس الفرنسية". وهكذا، فإن الأزمة الحالية لم تكن تتعلق بالإسلام بل "بالقيم الفرنسية". وقال رمزي بارود إن المشكلة الحقيقية هي أن ماكرون يعاني من الاستياء الشعبي من حكمه. ومن هنا كان تحوله إلى استهداف "الجاليات الفرنسية العربية والإفريقية الأكثر تهميشاً وفقراً في فرنسا باسم النضال من أجل" قيم "الجمهورية ضد "الإرهاب الإسلامي".
ما فعلته فرنسا أنها حاولت إبعاد مسلميها خاصة من الشباب عن هويتهم التقليدية، بدعوى إدماجهم في التيار السائد للمجتمع الفرنسي، فأضعفت علاقة هؤلاء الشباب بجذورهم وهوياتهم الدينية والوطنية، وفي المقابل، لم تستوعبهم فرنسا العلمانية، فظلوا يتعرضون للتمييز والاضطهاد حتى ولو خلعوا الحجاب والتزموا بالقيود المفروضة على حرياتهم الدينية، وحتى لو مات آباؤهم من أجل تحرير فرنسا من النازية، أو كما قال سياسي فرنسي من أصول عربية إنها "فرنسا التي نحبها ولا تحبنا".
تسلط الأزمة الحالية الضوء على محنة العديد من الشباب الفرنسي البائس والمنسي والمهموم. "المساواة" هي الدعامة الثالثة للدولة الفرنسية، لكن البلاد أصبحت أكثر انعداماً للمساواة. مثل هذه التفاوتات هي ذاتية الاستمرارية في نظام حيث يأتي 30% من إنفاق الأسرة من منح البطالة وإعانات الأسرة.
إن مشكلة الفقر في فرنسا لا يساعدها نظام التعليم العالي الطبقي الصارم ومعدل البطالة المرتفع بعناد، والذي ينتج عن ضعف المهارات، وصعوبة سوق العمل، وتشريعات حماية العمالة، وارتفاع تكاليف صاحب العمل. في مثل هذا النظام، الاشتباكات بين سكان الضواحي الفرنسية والشرطة ليست نادرة.
في عام 2020، أظهر استطلاع للرأي بين مسلمي فرنسا أن 90% قالوا إنهم يحبون فرنسا، بينما قال 82% إنهم فخورون بكونهم فرنسيين. ومع ذلك، قال 44% إنهم لم يحظوا بتقدير جيد من قِبل بقية المجتمع. ارتفع هذا الرقم إلى 61% بين المجتمع الأفقر. تظهر هذه الأرقام أنه بدلاً من "الانفصالية" التي أكدها ماكرون في خطابه، فإن مشكلة المسلمين في فرنسا هي مشكلة الاغتراب.
أخبر أوليفييه روي، المسؤول عن الإسلام السياسي، لجنة برلمانية قبل أعوام أن معظم المسلمين يبذلون جهداً للاندماج في الثقافة الفرنسية، لكنهم غالباً "لا يحصلون على مردود في المقابل، ولا يتمتعون بميزة الاعتراف".