"إسرائيل ودول عربية تشارك في اجتماع لمواجهة المخدرات الصناعية"، حيث يبدو أن تل أبيب لا تتوقف عن البحث عن سبل لتوسيع التطبيع، وآخرها القلق العربي من توسع تجارة المخدرات في سوريا، بعد أن أغرقت المنطقة بحبوب الكبتاغون.
واستضاف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اجتماعاً افتراضياً على المستوى الوزاري لإطلاق تحالف عالمي لمواجهة تهديدات المخدرات الاصطناعية في 7 يوليو/تموز 2023.
وخلال الاجتماع، دعا بيان لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى إقامة تحالف إقليمي لوقف التوسع في إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها.
وباتت تهريب وتجارة حبوب الكبتاغون القادمة من سوريا، واحدة من أكبر المشاكل التي يواجهها عدد من دول المنطقة؛ أبرزها الأردن والسعودية، خاصة أن الدول الغربية تتهم نظام الأسد برعاية هذه التجارة كأداة للدخل وابتزاز سياسي لجيران سوريا.
ويعتقد أن السعودية والأردن دفعتا لعودة النظام السوري للجامعة العربية في القمة العربية الأخيرة بجدة التي عقدت في مايو/أيار الماضي، بهدف التنسيق مع نظام الأسد لوقف أو تقليل تدفق المخدرات على البلدين؛ حيث يخوض الأردن ما يشبه الحرب باعتباره بلد عبور المخدرات من سوريا أكبر منتج للكبتاغون في العالم، إلى السعودية أكبر أسواقه بالمنطقة.
مكافحة تجارة المخدرات في سوريا فرصة للتعاون مع العرب
ويبدو أن إسرائيل تسعى للاستفادة من قلق الدول العربية من توسع تجارة المخدرات في سوريا لتقديم نفسها كشريك في مكافحة هذه الآفة.
إذ تقول صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية: "يمثل الاجتماع الذي دعت إليه واشنطن فرصة فريدة للتكامل بين دول المنطقة في السياسات المتعلقة بمواجهة تهريب المخدرات التي تضر بجميع بلدان المنطقة وقد تزعزع استقرارها"، حسب وصفها.
تقول الصحيفة الإسرائيلية إن الولايات المتحدة تدعم اتفاقات أبراهام والقضايا التي تمس المنطقة. وفي إطار هذه السياسة، قد تكون مواجهة المخدرات وسيلة تتمكن بها إسرائيل من التعاون مع الدول الأخرى.
فالأردن، على سبيل المثال، حريص جداً على وقف تهريب المخدرات. وأرسلت عمان وزير خارجيتها إلى دمشق الأسبوع الماضي لمناقشة هذا الموضوع، وأصدرت الوزارة بياناً مطلع هذا الأسبوع.
وشارك في هذا الاجتماع الذي يسلط الضوء على تجارة المخدرات والتحالف الدولي لمواجهتها دول مثل السعودية والإمارات والمغرب ودول أخرى. وهذه كلها دول كبرى مسؤولة عن تعزيز الاستقرار والمصالح المشتركة في المنطقة.
أمريكا ترى في المخدرات الصناعية خطراً جسيماً على مواطنيها
قال الأردن إن تشكيل هذا التحالف خطوة مهمة لمواجهة التهديد المتصاعد لإنتاج هذه المخدرات. وقالت وزارة الخارجية الأردنية: "التحالف الدولي الجديد سيتيح لنا العمل معاً لمكافحة إنتاج المخدرات الصناعية وتهريبها وتوزيعها… وعالمية خطر المخدرات الصناعية والموارد الهائلة المتوفرة لمصنعيها ومهربيها، تستوجب جهداً دولياً مشتركاً لمواجهة هذا الخطر".
وأعلنت الولايات المتحدة عن هذه المبادرة في يونيو/حزيران، وقالت إن "المخدرات الصناعية خطر جسيم ومتنامٍ على صحة وسلامة الأمريكيين والناس على مستوى العالم؛ إذ يتسبب (الفنتانيل) غير المشروع وغيره من المواد الأفيونية الصناعية في وفيات البالغين الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً أكثر من أي عامل آخر".
وتواجه بلدان أخرى تحديات العقاقير الصناعية الخطرة؛ مثل الترامادول والميثامفيتامين والكبتاغون والإكستاسي MDMA والكيتامين. وإدراكاً منها للحاجة المُلحة للعمل الجماعي، تحشد الولايات المتحدة المجتمع الدولي لمواجهة هذا التحدي المُلح مواجهة مباشرة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن الهدف من "هذا التحالف توحيد جهود بلدان العالم لمنع التصنيع غير المشروع للمخدرات الصناعية وتهريبها، وتحديد اتجاهات المخدرات الناشئة، ومواجهة تأثيراتها على الصحة العامة".
الاجتماع تراه إسرائيل بداية لتعاون إقليمي واسع
ترى الصحيفة الإسرائيلية أن مشاركة وزير خارجية الدولة العبرية ستكون لبنة أساسية أخرى في الأدوار التي تؤديها إسرائيل في التكامل الإقليمي وأيضاً في رسائل تفاعلها مع دول اتفاقيات أبراهام الأخرى وشركاء السلام.
وهذا يعني انضمام إسرائيل إلى الأردن ومصر ودول الخليج والمغرب في هذه المخاوف. وهذا هو الشكل الدبلوماسي الجديد الذي تحاول الولايات المتحدة من خلاله إظهار قدرتها القيادية في المنطقة، ولكن بقيادة دولها، وهذا أحد النماذج الكثيرة لمستقبل المنطقة. وهو مشابه لنماذج التجارة والاتفاقيات متعددة الأطراف والمجموعات مثل منتدى النقب، ومجموعة I2U2، واتفاقية اليونان وقبرص وإسرائيل؛ بالإضافة إلى صفقات الطاقة في شرق البحر المتوسط والمناقشات حول مبادرات الدفاع الجوي الإقليمية.
ولكن اللافت أن أغلب الدول العربية المشاركة في الاجتماع لم ترسل وزراء خارجية وحرصت على إكساب الاجتماع الافتراضي طابعاً فنياً وليس سياسياً، وعقب الاجتماع قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن التطبيع السعودي مع إسرائيل ما زال أمامه وقت.