هل تكون عملة البريكس المقترحة بداية نهاية الدولار، خاصة مع نية عدد كبير من الدول الانضمام لتجمع البريكس؟ أصبح هذا السؤال ملحاً مع تعالي الدعوات للتخلي عن الدولار، وآخرها الدعوات التي انتشرت في القارة الإفريقية، وقيام الصين والسعودية وروسيا بخطوات من شأنها تعزيز المساعي لإزالة الدولرة من اقتصاد العالم تحت مظلة البريكس.
في قمة البريكس الرابعة عشرة العام الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تدابير لإنشاء "معيار عملة دولي" جديد. في غضون ذلك، تحث الصين منتجي النفط والمصدرين الرئيسيين على قبول مدفوعات اليوان، وقالت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إنها "منفتحة" على فكرة تداول عملات أخرى.
ففي أماكن مختلفة من العالم تتصاعد الدعوات للتخلي عن الدولار، كعملة للتبادل التجاري بين الدول، وآخرها دعوة الرئيس الكيني وليام روتو الدول الإفريقية إلى وقف التداول بالدولار الأمريكي في المعاملات عبر الحدود فيما بينها، قوبل خطابه أمام المشرعين بالتصفيق في وقت تتطلع فيه 30 دولة للانضمام إلى تحالف البريكس.
يأتي ذلك في وقت تقدمت فيه نحو 25 دولة بطلب للانضمام إلى البريكست، بالتزامن مع بحث الدول الأعضاء في البريكست فكرة إنشاء عملة دولية جديدة تنافس الدولار الأمريكي.
وبريكس عبارة عن مجموعة من الاقتصادات الناشئة، تمتد عبر قارات مختلفة من العالم، تضم الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، تأسست في عام 2001، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة بين الدول الأعضاء وكذلك التعاون السياسي، والدول الأعضاء بالتجمع تمثل 41% من سكان العالم ولديها إجمالي ناتج محلي إجمالي يزيد عن 24.4 تريليون دولار أمريكي، بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي.
لماذا يريدون إيجاد بدائل للدولار؟
أدت العديد من التطورات لتشجيع التوجهات لإيجاد بدائل للدولار بما في ذلك الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي لوقف التضخم المحلي، والحرب التجارية مع الصين، والعقوبات الأمريكية التي تم فرضها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
حتى الحلفاء القدامى لأمريكا، مثل فرنسا، أجروا معاملات بغير الدولار منذ أن شددت الولايات المتحدة عقوباتها. في أبريل/نيسان 2023، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن على أوروبا أن تقلل اعتمادها على الدولار الأمريكي من أجل الحفاظ على "استقلاليتها الاستراتيجية" وتجنب أن تصبح "تابعة" لأمريكا.
وشهد الدولار الأمريكي انخفاضاً بنسبة 8% في حصته من الاحتياطيات العالمية في عام 2022 – مما دفع البعض للتساؤل عما إذا كانت أيام هيمنة الدولار قد ولت.
قصة عملة البريكس المحتملة
عملة البريكس المحتملة لا تزال قيد المراجعة والتطوير، ويفترض أنها ستسمح لهذه الدول بتأكيد استقلالها الاقتصادي بينما تتنافس مع النظام المالي الدولي الحالي.
في مارس/آذار الماضي، قال ألكسندر باباكوف، نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، في نيودلهي إن روسيا تقود الآن تطوير عملة جديدة، سيتم استخدامها للتجارة عبر الحدود من قبل دول البريكس.
كانت روسيا أول دولة تصادق على اتفاقية لإنشاء "تجمع احتياطي" من العملات الأجنبية بقيمة 100 مليون دولار، هذا التجمع، المعروف باسم ترتيب الاحتياطيات الطارئة، هو في الأساس مخزن للعملات الأجنبية يمكن لأي دولة من دول البريكس الانغماس فيها إذا احتاجت إلى ذلك.
امتلاك احتياطي من العملات الأجنبية قد يساعد في استقرار اقتصاد دول البريكس، وهذا بدوره يشجع التجارة والسياحة، وغالباً ما يعني بطالة أقل، حيث يأتي الاستقرار عادةً مع أسعار صرف ثابتة.
كما أفادت تقارير بأن البريكس بحثت التعامل بالعملة الشهيرة بيتكوين، وهي أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية.
وبحسب أحد المقاييس، يُستخدم الدولار الآن في 84.3% من التجارة عبر الحدود – مقارنة بـ4.5% فقط لليوان الصيني، بينما يهيمن الدولار على نحو 100% من تداول النفط.
وشكل الدولار الأمريكي 58.36% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية في الربع الرابع من العام الماضي. وجاء اليورو في المرتبة الثانية، حيث يمثل حوالي 20.5% من الاحتياطيات، وفقاً لبيانات من تكوين احتياطي العملات الأجنبية التابع لصندوق النقد الدولي (COFER).
وفي الوقت نفسه، فإن اليوان الصيني – الذي يعتقد البعض أنه أكبر تهديد للدولار – شكل 2.7% فقط من الاحتياطيات في نفس الفترة وما يقرب من ثلث ذلك تحتفظ به روسيا، وفقاً لورقة صندوق النقد الدولي لعام 2022.
إليك الدول التي طلبت الانضمام للبريكس
وألمحت جنوب إفريقيا إلى أن تحالف البريكس يمكن أن يتوسع هذا العام ليصبح بريكس +. وقد تضيف هذه الخطوة الضغط على الدولار الأمريكي، حيث قد يؤدي إلى إنهاء الدول النامية اعتمادها على الدولار. يمكن أن يميل النظام المالي العالمي من الغرب إلى الشرق، مما يخلق اقتصاداً عالمياً جديداً متعدد الأقطاب.
وفقاً لآخر تقارير، تلقى تحالف البريكس رسمياً طلبات من 25 دولة للانضمام إلى الكتلة. الدول الخمس والعشرون التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام هي أفغانستان والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا ومصر وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والمكسيك ونيكاراغوا ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والسنغال والسودان وسوريا والولايات المتحدة، والإمارات وتايلند وتونس وتركيا وأوروغواي وفنزويلا وزيمبابوي.
تعني جهود البريكس لإيجاد بديل للدولار مع احتمال توسع التجمع أن هذا قد يؤدي لمشاركة 30 دولة في عملية إخراج الدولار الأمريكي من وضع العملة الاحتياطية العالمية.
ورغم أن الحديث عن إيجاد بدائل للدولار قديم، ولكن عملة البريكس المقترحة ستكون مختلفة، ستكون بمثابة عملة صادرة عن اتحاد جديد من الساخطين الصاعدين الذي يفوق مجموع نواتجهم المحلية ليس فقط، الولايات المتحدة، ولكن مجموعة الدولة السبع الصناعية G-7 بأكملها، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy.
الحملة ضد الدولار تنتقل لإفريقيا
شكك رئيس كينيا وليام روتو في استخدام الدولار في التجارة العالمية، وقال إن إفريقيا يجب أن تروج للعملات المحلية في المدفوعات فيما بينها أثناء التجارة وليس الدولار. الهدف هو تعزيز العملات المحلية ومساعدة الاقتصادات والشركات الإفريقية على الحفاظ على نفسها على المدى الطويل.
وأكد روتو أن بنك التصدير والاستيراد الإفريقي (Afrexim) يقوم ببناء منصة تسمح للمتداولين بتسوية المدفوعات بالعملات المحلية. سيتم تكامل المدفوعات بالعملات المحلية أثناء التجارة عبر الحدود بين الدول الإفريقية.
قال الرئيس إنه ليس مناهضاً للدولار الأمريكي ولكنه يؤيد التداول بالدولار أثناء التعامل مع أمريكا بالأساس وأردف قائلاً: "نحن لسنا ضد الدولار الأمريكي، نريد فقط التجارة بحرية أكبر بكثير. دعونا ندفع بالدولار ما نشتريه من الولايات المتحدة. دعونا ندفع بعملتنا ما نشتريه من جيبوتي"، وتساءل: "لماذا يكون الدولار جزءاً من التجارة بين جيبوتي وكينيا؟ ".
من جانبه، تحدث المفوض السامي لجنوب إفريقيا في الهند ضد "هيمنة" الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، حسبما ورد في تقرير لموقع The Print الهندي.
إليك قائمة الساخطين على الدولار
ليس فقط إفريقيا هي التي تتحدث عن إيجاد بدائل للدولار، انضم قادة عالميون آخرون من البلدان النامية أيضاً إلى الدعوة إلى "إزالة الدولرة" من التجارة العالمية- مما يعني أن التجارة يجب أن تتم بين دولتين بعملات أخرى غير الدولار الأمريكي.
في أبريل/نيسان من هذا العام، ورد أن الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أثناء زيارة دولة إلى الصين، وجه نداءً حاراً للدول لتبادل التجارة بالعملات المحلية قائلاً: "لماذا لا يمكننا القيام بالتجارة على أساس عملاتنا الخاصة؟". جاء ذلك بعد أن ورد أن البرازيل والصين اتفقتا على التخلي عن الدولار للتجارة الثنائية.
كما أفادت تقارير بأن الأرجنتين ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، قررت أيضاً دفع ثمن الواردات الصينية باستخدام الرنمينبي (اليوان)، العملة الرسمية للصين.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الهندية في مارس/آذار الماضي أن بنك الاحتياطي الهندي (RBI)، قد سمح بفواتير ومدفوعات التجارة الدولية بالروبية الهندية عبر 18 دولة، بما في ذلك بوتسوانا وفيجي وإسرائيل وميانمار، وماليزيا وروسيا وسنغافورة.
وستقوم مصر بتسوية التجارة مع الصين وروسيا والهند، باستخدام العملات المحلية للدول المنخرطة في هذه التجارة.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت فرنسا أول دولة أوروبية تتخلى عن الدولار الأمريكي في تجارة الغاز الطبيعي المسال مع الصين. قامت فرنسا بتسوية الدفع عن طريق الدفع باليوان الصيني وليس الدولار. كانت هذه الخطوة بمثابة تحول في المعاملات العالمية.
قبل أيام، قامت باكستان أيضاً بتسوية التجارة لواردات النفط الروسية عن طريق الدفع باليوان الصيني.
وتحاول الصين وروسيا إقناع العديد من الدول بتسوية التجارة مع اليوان الصيني وليس الدولار الأمريكي. تواصلت روسيا مؤخراً مع المملكة العربية السعودية وحثت الدولة الغنية بالنفط على قبول عملة البريكس بعد إطلاقها.
محاولات لجعل عملة البريكس المقترحة مدعومة بالذهب والسلع
لدعم العملة الجديدة المقترحة، تعمل دول البريكس على زيادة احتياطياتها من الذهب، والتي ستكون بمثابة دعم محتمل للعملة، كما أن هناك تفكيراً في جعلها مدعومة بمجموعة من السلع الحيوية الأخرى.
إضافة لذلك يستكشف الأعضاء إمكانية إنشاء بنك تنمية بريكس لتمويل مشاريع البنية التحتية في البلدان الأعضاء وتقليل الاعتماد على مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
في حين أن فكرة العملة الجديدة المدعومة بالذهب أو السلع المادية الأخرى كما تفكر دول البريكس، ستحل المشكلة الحالية المتمثلة في دعم العملات الورقية بالهواء مثل الدولار (بدون رصيد من الذهب)، إلا أن هناك أيضاً مخاوف صحيحة بشأن التطبيق العملي لمثل هذا النظام في العصر الرقمي.
سؤال آخر هو من سيقوم بمراجعة كميات السلع التي تدعم العملة المقترحة، هذه قضية حاسمة يجب معالجتها للحفاظ على سلامة نظام العملة الجديد.
فالثقة هي إحدى المشكلات الرئيسية في دعم العملة بسلع مادية. يجب أن تكون هناك ثقة في أن السلع موجودة بالفعل وأنها من النوعية والكمية المحددة. قد يكون من الصعب ضمان ذلك، لا سيما عند التعامل مع دول متعددة ذات أنظمة تنظيمية ومستويات مختلفة من الشفافية.
انضمام الدول العربية ولا سيما الخليجية قد يغير المعادلة
أرسلت المملكة العربية السعودية طلباً رسمياً للانضمام إلى تحالف البريكس، حسبما ذكرت بلومبرغ. وأكد سفير جنوب إفريقيا أنيل سوكلال أن خمس دول في الشرق الأوسط أبدت اهتمامها بالانضمام إلى الكتلة. الدول الخمس هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر والجزائر. تصدر الدول ملايين من براميل النفط إلى الغرب كل عام لتسوية المعاملات بالدولار الأمريكي.
كما أفادت تقارير بأن العراق وهو مصدر كبير للنفط، أعرب عن اهتمامه بالانضمام إلى تحالف البريكس، قد يعني ذلك أن بغداد ستقبل عملة البريكس المقترحة، خاصة أن معظم صادرات العراق من النفط تذهب للأسواق الآسيوية.
هذه الدول إذا طلبت تسوية مدفوعات النفط والغاز بعملة البريكس المقترحة، فقد يتضرر الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني.
يمكن لهذه الخطوة أن ترسل الاقتصادات الغربية المتقدمة إلى حالة من الارتباك وتعيد ترتيب النظام الجيوسياسي العالمي.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن المملكة هي أكبر شريك تجاري لمجموعة بريكس في الشرق الأوسط.
وأوضح أن المملكة تشترك في القيم الأساسية مع دول البريكس، وهي الإيمان بأن العلاقات بين الدول تقوم على مبادئ احترام السيادة وعدم التدخل والالتزام بالقانون الدولي ووجود أطر متعددة الأطراف والعمل الجماعي كنقاط مرجعية. لمواجهة التحديات المشتركة، وكذلك عبر إيمانها بأهمية السلام والأمن والاستقرار من أجل إعادة تركيز الجهود نحو التنمية الوطنية والازدهار المشترك.
وارتفع إجمالي التجارة الثنائية مع دول المجموعة من 81 مليار دولار في عام 2017 إلى 128 مليار دولار في عام 2021، و160 مليار دولار في عام 2022.
دول الخليج تحصل حالياً على الدولار من الصين وترسله لأمريكا
ويقدم بيع النفط السعودي والخليجي للولايات المتحدة ميزة تدوير مئات المليارات من الدولارات في الأسواق المالية، والبعض يقدرها بتريليونات الدولارات، علماً بأن أكبر مشترين للنفط في العالم هما الهند والصين، وهما من الأعضاء في البريكس، مما يجعل الخطوة ليست صعبة إذا قررت الدول الثلاث اتخاذها.
في الحقيقة واقعياً الآن، فإن الصين وغيرها من الدول الآسيوية تحقق فائضاً تجارياً كبيراً مع الولايات المتحدة، يعود هذا الفائض لجيوب للغرب، وخاصة الولايات المتحدة، عبر دول الخليج من خلال مشتريات السلاح والاستثمارات والودائع في الغرب، بجانب شراء دول الخليج للسلع الغربية.
هل تساهم السعودية في تمويل بنك البريكس؟
تفيد تقارير بأن هناك محادثات جارية مع المملكة العربية السعودية بشأن تمويل بنك بريكس، المعروف باسم بنك التنمية الجديد (NDB) في حال انضمامها للبريكس.
تم إنشاء البنك في عام 2014 ليكون بمثابة ثقل موازن لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
إذا قبل تحالف البريكس التمويل السعودي، فسيؤدي لمزيد من الصعود للتجمع.
كما يشكل تمويل المملكة العربية السعودية المحتمل لبنك بريكس تحدياً لتفوق الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن انضمام المملكة العربية السعودية إلى هذا البنك هو خطوة من شأنها أن تمنح البنك المزيد من القوة المالية.
ماذا تقول أمريكا عن جهود إزالة الدولرة من الاقتصاد العالمي؟
في المقابل، تقلل التقارير الغربية من هذه المخاوف بشأن الدولار، ويرون أن إزالة الدولرة جزئياً أمر ممكن حين يصبح اليوان الصيني جزءاً أكبر من التجارة العالمية، لكنهم يرون الصين لن تتخلى عن العملة الخضراء حتى لو أصبحت أكبر اقتصاد في العالم، حسبما ورد في تقرير لموقع businessinsider الأمريكي.
وقال محللو مؤسسة جي بي مورغان الاستراتيجيون إن هيمنة الدولار لن تختفي في أي وقت قريب، بغض النظر عن نمو الصين.
من جانبها، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إن على الأمريكيين أن يتوقعوا انخفاضاً في مكانة الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية العالمية.
ولكن جانيت يلين قالت في جلسة استماع في الكونغرس مؤخراً إنه لا توجد عملة حالياً يمكن أن تحل محل الدولار.
غير أنها حذرت من أن حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية قد تستمر في الانخفاض حيث تتطلع البلدان إلى "التنويع".
عند سؤالها عن تأثير هذه الاتجاهات أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، اعترفت يلين بأن العقوبات الأمريكية قد حفزت بعض البلدان على البحث عن بدائل للعملة؛ لكنها كانت مُصرَّة على أن الدولار سيظل مهيمناً.
وقالت إن الدولار يلعب الدور الذي يلعبه في النظام المالي العالمي لأسباب وجيهة للغاية لا تستطيع أي دولة أخرى تكراره، بما في ذلك الصين. "لدينا أسواق مالية مفتوحة ذات سيولة عميقة، وسيادة قوية للقانون، وغياب ضوابط رأس المال التي لا يمكن لأي بلد تكرارها".
نشر الخبراء الاستراتيجيون في Eurizon SLJ Asset Management مذكرة في أبريل/نيسان الماضي، حيث أقروا بالانخفاض "الاستثنائي" في حصة الدولار في السوق في عام 2022 بسبب العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد موسكو؛ لكنهم أضافوا: "من المرجح أن يستمر الدولار للتمتع بالهيمنة كعملة دولية لفترة أطول".
وبالمثل، قالت فيتش سوليوشنز إنها لا تتوقع "نقلة نوعية" في أي وقت قريب، نظراً لعدم وجود بديل عملي للدولار الأمريكي في التجارة الدولية.
قد تؤدي جهود إيجاد بدائل للدولار وآخرها عملة البريكس المقترحة، لإضعاف هيمنة الدولار تدريجياً وليس القضاء عليها تماماً، ويرجع ذلك أن مصالح بعضاً من أقوى اقتصادات العالم مرتبطة بالدولار القوي، الصين على سبيل المثال جزء كبير من احتياطياتها واستثماراتها بالدولار (رغم أنها تخفض نسبته)، وهي مستفيدة من قوة الدولار التي تؤدي لتعزيز تنافسية صادراتها للسوق الأمريكية الضخمة؛ حيث تكسب من هذا السوق معظم فوائضها المالية والتجارية.
السعودية ودول الخليج بدورها جزء كبير من استثماراتها بالدولار، كما أنها ما زالت ترتبط مع الولايات المتحدة والغرب بتحالف أمني وثيق.
بالنسبة لروسيا، فإيجاد بديل للدولار يبدو الخيار الحتمي في ظل الحصار الغربي لها، ولكن الصين بالنسبة لها إيجاد بديل للبديل هو خيار احتياطي في حال تصاعد الحرب التجارية مع أمريكا، أما بالنسبة للسعودية فإنه جزء من تنويع الخيارات، وتقوية أوراق الضغط في مواجهة أمريكا، وعدم وضع كل الرهانات في الكفة الغربية.
يعني ذلك أننا في الأغلب أمام عملية إزالة للدولرة تدريجية، وليست سريعة كما حدث للجنيه الإسترليني بعد الحرب العالمية الثانية لصالح العملة الأمريكية، وتعد عملة البريكس المقترحة إحدى الخيارات في هذا المسار التدريجي الطويل.