تتعرض هيمنة الدولار الأمريكي لما يبدو أنه هجوم منسق يهدف إلى إيجاد بدائل من قبل عدة قوى عالمية، ولكنه لا يزال الدولار يتفوق على اليورو واليوان، فما هو السبب في ذلك، عوامل تعود لقوة أمريكا وعملتها أم عيوب ومشكلات لدى اليوان واليورو وأسواق المال الأوروبية والصينية؟
فمن الصين وروسيا غريمتي أمريكا مروراً بالسعودية والبرازيل اللتين تعدان من أقرب حلفائها، وصولاً للاتحاد الأوروبي أكبر شركائها، فإن الجميع يبحث عن بديل أو رديف للدولار.
فوضع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم يتعرض لهجوم منسق، حسب وصف تقرير للباحث الاقتصادي ريان ماكماكين، المحرر التنفيذي في معهد ميزس "Mises" النمساوي للدراسات الاقتصادية.
فقد حلّ اليوان الصيني محل الدولار الأمريكي على قمة أكثر العملات تداولاً في روسيا، بعد عام من حرب أوكرانيا، التي أدت إلى سيل من العقوبات الغربية ضد موسكو، كما اتفقت الصين والبرازيل، مؤخراً، على التخلي عن الدولار الأمريكي في التبادل التجاري بينهما واستبداله بعملتَيهما المحلية، اليوان والريال.
وسبق أن أجرت المملكة العربية السعودية محادثات مع بكين العام الماضي لتسعير بعض مبيعاتها النفطية إلى الصين باليوان الصيني بدلاً من الدولار، وهي خطوة يمكن أن "تشل" ليس فقط هيمنة نظام "البترودولار" على أسواق النفط العالمية، وتمثل تحولاً آخر من قبل أكبر مصدر للنفط الخام في العالم نحو آسيا، ولكن أيضاً خطوة تهدف بشكل مباشر إلى قلب النظام المالي الأمريكي الذي استفاد من وضع احتياطي الدولار، من خلال طباعة أكبر عدد ممكن من الدولارات اللازمة لتمويل الإنفاق الحكومي على مدى العقد الماضي.
ولا يعرف بعد هل هذه المحادثات سوف تؤدي لاعتماد اليوان في التجارة بين البلدين أم أنها وسيلة سعودية للضغط على واشنطن.
ولعبت السعودية دوراً كبيراً في صعود هيمنة الدولار العالمية، منذ مؤسس الدولة السعودية عبد العزيز آل سعود والرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت خلال الاجتماع التاريخي الذي عقد، على متن الطراد الأمريكي كوينسي في البحيرات المُرَّة قرب قناة السويس المصرية، على بيع السعودية للنفط بالدولار مقابل الحماية الأمريكية، وذلك فيما عرف باتفاقية "كوينسي"، التي حددت العلاقات بين البلدين، وكانت مدتها 60 سنة، تم تجديدها مدة مماثلة عام 2005.
كما يقال إن العراق أحد أكبر منتجي النفط يخطط لاستخدام اليوان الصيني لتسوية الواردات من الصين.
من جانبها، أعلنت الصين منتصف العام الماضي عن تأسيس صندوق نقدي دولي وهو عبارة عن نظام لتجميع احتياطيات باليوان (الرنمينبي)، يضم البنك المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني)، والبنوك المركزية لإندونيسيا، وماليزيا، وتشيلي، إضافة للسلطة النقدية في سنغافورة وهيئة النقد في هونغ كونغ (التابعة سياسياً للصين)، ويمكن أن يمهد الطريق أمام العملة الصينية للعب دور أساسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ولو خسر الدولار هيمنته، فسيتضرر الاقتصاد الأمريكي؛ إذ أوضحت شركة Allianz Global Investors في تقرير لها عام 2018: "من المرجح أن يضر تراجع هيمنة الدولار بقيمة العملة الأمريكية، ويخلق ضغوطاً تضخمية على أسعار السلع الاستهلاكية. وفي النهاية، قد تؤدي خسارة الولايات المتحدة لميزة العملة الاحتياطية إلى زيادة فقر المستهلكين الأمريكيين".
وتساعد هيمنة الدولار الولايات المتحدة على الاستدانة بشكل آمن ورخيص من بقية العالم، إضافة لتدفق الاستثمارات على اقتصادها، مما يؤدي لتعويض العجز الأمريكي المزمن في الميزانية وميزان التبادل التجاري.
فالدولار ليس فقط عملة تحتل عرش التعاملات التجارية في العالم بلا منازع، بل هو أهم رموز الهيمنة الأمريكية، ربما أكثر من القوة العسكرية للولايات المتحدة، التي انفردت بالقرار العالمي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي قبل أكثر من ثلاثة عقود.
ما الذي يجعل عملةً عما تتحول لأداة الاحتياط والتداول العالمية؟
يمكن تحديد بعض الشروط الأساسية التي تجعل العملة مرغوبة من قبل البنوك والمستثمرين والبنوك المركزية، حسب تقرير الباحث الاقتصادي ريان ماكماكين، المحرر التنفيذي في معهد ميزس "Mises"، كما يلي:
– يتم استخدام العملة بشكل متكرر في التجارة الدولية.
– العملة لديها درجة عالية من قابلية التحويل.
– الاقتصاد المحلي لبلد هذه العملة لديه أسواق مالية كبيرة ومفتوحة.
– الاقتصاد المحلي كبير.
– سياسات الاقتصاد الكلي المحلية مستقرة بشكل عام وتسمح بالانفتاح الاقتصادي.
هل يبقى الدولار مهيمناً للأبد؟
حقيقة أن الدولار هو العملة الأكثر شعبية في الوقت الحالي لا تضمن أنه سيكون في هذا الوضع على المدى المتوسط أو الطويل. فلا توجد عملة تبقى العملة الاحتياطية إلى الأبد، حسب تقرير معهد ميزس "Mises" النمساوي للدراسات الاقتصادية.
ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة للإطاحة بـ"هيمنة الدولار الأمريكي" ستتطلب الوقت والحظ لصالح القوى المضادة للدولار. في الوقت الحالي، يعتبر الدولار الأمريكي العملة المفضلة للاحتياطيات الأجنبية ولتسوية المعاملات الدولية.
وكان الدولار الأمريكي هو العملة الاحتياطية العالمية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. قبل ذلك، كانت العملة الاحتياطية العالمية هي الجنيه الإسترليني. ولكن نتيجة الحربين العالميتين، وتكاليف الإمبراطورية الاستعمارية، وتوجه الاقتصاد البريطاني نحو الاشتراكية بعد صعود حزب العمال للحكم، تم استبدال العملة البريطانية بالدولار.
يمكن أن يساعدنا فهم ما يحول عملة عادية إلى عملة احتياطي عالمية على فهم كيف يمكن للدولار أن يتراجع ويفسح المجال أمام العملات المنافسة.
يقول كاتب التقرير إن حدوث هذا في مرحلة ما أمر لا مفر منه، وسيحدث بسبب مزيج من الاقتصاد والجغرافيا السياسية والاهتمامات السياسية المحلية.
ولكن السؤال هو حول التوقيت.
كيف أزاح الجنيه الإسترليني من على عرشه؟
في بعض الأحيان، يمكن أن تلبي عملة واحدة هذه الشروط في نفس الزمن، مما يؤدي إلى فترة من المنافسة المستمرة بين عملتين أو أكثر. كان هذا هو الحال قبل الحرب العالمية الأولى، عندما كان المارك الألماني والفرنك الفرنسي والجنيه الإسترليني في منافسة على مكانة عملة التداول العالمية.
ولكن تم استبدال هذا لاحقاً بعقد أو أكثر من المنافسة بين الجنيه الإسترليني والدولار.
انتصر الدولار في النهاية، ولكن ليس فقط لأن الاقتصاد الأمريكي أصبح أكبر من الاقتصاد البريطاني. ولكن أيضاً نتيجة تحول المستثمرين والبنوك المركزية إلى الدولار؛ لأن الدولة البريطانية كانت على وشك الإفلاس بسبب حربين عالميتين، ولأن بريطانيا تخلت أخيراً عن معيار الذهب في عام 1931.
نعم تخلت الولايات المتحدة أيضاً عن معيار الذهب -في عام 1933- لكنها استمرت في النمو، وبالتالي حافظ شكل الاقتصاد الأمريكي على الدولار في اتجاه العملة الاحتياطية العالمية.
في ذلك الوقت، كانت سياسات الاقتصاد الكلي تبدو أسوأ في المملكة المتحدة. تحولت الدولة البريطانية بشكل متزايد نحو اقتصاد قائم على الإعانات وضوابط الأسعار وغيرها من اللوائح. صحيح أن الاقتصاد الأمريكي أصبح في ذلك الوقت أكثر تنظيماً، لكنه ظل حراً نسبياً.
في عام 1944، أبرمت اتفاقية بريتون وودز التي جعلت الدولار يحل محل الجنيه الإسترليني كعملة احتياط وتداول عالمية.
في ظل اتفاقية بريتون وودز، تم ربط الدولار بالذهب في المعاملات الدولية بين الدول ذات السيادة، وكانت العملات الأخرى مرتبطة فقط بالذهب عن طريق الدولار.
ومع ذلك، لم تجعل بريتون وودز الدولار عملة الاحتياطي العالمي بمرسوم. الاتفاق الجديد ببساطة "جعل رسمياً" ما كان واضحاً بالفعل بشأن الوضع الجديد للدولار باعتباره العملة الاحتياطية المهيمنة.
إلى متى تستمر هيمنة الدولار الأمريكي؟
وأدت عقود من الحرب وعدم الاستقرار والتضخم النقدي أخيراً إلى إضعاف عملات أوروبا الغربية. هذا، إلى جانب المكانة الجديدة للولايات المتحدة كقوة صناعية عالمية، مهدت الطريق لعقود من هيمنة الدولار.
إلى متى سيستمر هذا؟ صحيح أنه لا توجد عملة ستحتفظ بمكانتها كعملة احتياطية عالمية إلى الأبد. ولكن حتى الآن، يبدو أن الدولار يواصل أداءه الجيد، حسب الباحث الاقتصادي ريان ماكماكين.
ويقول في الواقع، عندما ننظر إلى المؤهلات الرئيسية الخمسة المشار إليها التي يجب توفرها في عملات الاحتياطيات الدولية، فإننا نجد أن الدولار لا يزال يتفوق على اليوان واليورو.
لماذا لم يحل اليورو محل الدولار رغم أنه كان يبدو مؤهلاً؟
صعود الدولار لم يقلل من أهمية جميع العملات الأخرى. في أواخر عام 1995، كان الين الياباني لا يزال يشكل ما يقرب من 7 في المئة من احتياطيات النقد الأجنبي، وكان المارك الألماني يقارب 16 بالمئة.
وعندما تم تقديم اليورو كعملة جديدة مبنية إلى حد كبير على قوة المارك الألماني – في عام 1999، كان يعتقد أن اليورو سوف يتنافس بجدية مع الدولار قريباً ليصبح العملة الاحتياطية العالمية.
ومع ذلك، استمر اليورو في التباطؤ، على الرغم من أن منطقة اليورو تضم العديد من أكبر الاقتصادات في العالم ولديها بعض من أكثر المراكز المالية تطوراً.
والآن بعد أكثر من عشرين عاماً من إطلاق اليورو، يُستخدم الدولار في 51 في المئة من معاملات العملات الدولية، ويستخدم اليورو في 36 في المئة فقط. علاوة على ذلك، يشكل اليورو 20 في المئة فقط من جميع احتياطيات النقد الأجنبي، بينما يشكل الدولار 58 في المئة.
السر في أسواق الديون الأمريكية
إذا كان اختيار العملة الاحتياطية يعتمد فقط على حجم الاقتصاد والاستخدام الكلي في التجارة الدولية، فكان من المتوقع أن يكون اليورو أكثر قدرة على المنافسة، حيث يحتل الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي المركز الثاني عالمياً بفارق ضئيل عن أمريكا.
ومنذ سنوات عزت اقتراح وزارة الخزانة الأمريكية سبب استمرار الدولار الأمريكي في التفوق على اليورو، كعملة احتياطية، إلى حجم وعمق أسواق السندات الحكومية.
وعلى الرغم من أن إجمالي الديون السيادية المستحقة في منطقة اليورو تنافس نظيرتها في الولايات المتحدة، إلا أنه لا توجد سوق مشتركة للديون السيادية في منطقة اليورو (كل دولة تصدر ديوناً بفائدة مختلفة وكل دولة لديها تقييم ائتماني مختلف).
هذا يقلل من السهولة التي يمكن لحاملي الأوراق المالية المقومة باليورو شراؤها وبيعها، مقارنة بسندات الخزانة الأمريكية.
فسوق السندات الحكومية الأمريكية ضخم ويسمح بقدر كبير من السهولة في شراء وبيع أذونات الخزانة، والتي تظل شديدة السيولة والتي يعتبرها الكثيرون بدائل قريبة من الدولار.
علاوة على ذلك، لا تقدم منطقة اليورو الكثير من البدائل للولايات المتحدة فيما يتعلق بسياساتها الاقتصادية الكلية. إن الإنفاق بالعجز في منطقة اليورو هائل، وعلى الرغم من أن الدولار الأمريكي يخضع باستمرار للتضخم النقدي، فإن اليورو بسهولة ينافس الدولار في هذا الصدد أيضاً.
لا تبدو الديون السيادية في أوروبا أكثر أماناً من الديون السيادية في الولايات المتحدة، خاصة أن بلداً أوروبياً متوسطاً مثل اليونان سبق أن واجه أزمة ديون مدمرة، وبلداً بأوروبا كبيراً ما زال مهدداً بأزمة ديون.
الاتحاد الأوروبي مهما فعل ليس دولة، فالعملة تحتاج إلى جيش يحميها
من الناحية النظرية نعم، حجم الاقتصاد الأوروبي يكاد يتساوى مع نظيره الأمريكي في الحجم، وأكبر بنحو الثلث من الصين.
ولكن واقعياً الاتحاد الأوروبي ليس دولة، بل كتلة، ليس لديه جيش ولا شعب على استعداد ليموت من أجله.
فعندما تعرضت أوكرانيا المجاورة للهجوم الروسي، لم يأت التحرك الرئيسي من بروكسل مقر الاتحاد الأوروبي بل من واشنطن.
هذه الحقيقة تؤثر على قدرات ونفوذ الاتحاد الأوروبي، ففي كثير من القضايا الخارجية والداخلية هناك خلافات أوروبية وعمليات التصويت المعقدة التي تستلزم الإجماع في كثير من القضايا تؤخر اتخاذ القرارات التي تأتي عادة كحل وسط بين متناقضات.
غياب وجود دولة وديون سيادية موحدة وجيش، يؤثر على قوة اليورو، فما زال الدولار عملة التداول الأولى والاحتياط عالمياً، ورغم أن اليورو هو التالي له، ولكن الكثيرين يرون أن منافس الدولار القادم هو اليوان وليس اليورو.
فكما يقول كثير من اللغويين إن اللغة هي لهجة لها جيش، فإن العملة يجب أن يكون لها جيش.
يمكن أن يتفكك الاتحاد الأوروبي يوماً إذا نفذت فرنسا استفتاء للانفصال مثل البريكسيت "الفريسكيت"، وساعتها قد يسقط اليورو، ولكن هذا أمر مستبعد مع الصين والولايات المتحدة.
كما أن الاقتصاد الأوروبي -رغم نجاحاته الكبيرة- يعاني من عيوب هائلة أبرزها الفرق الكبير في الكفاءة والدخول والديون والأجور، بين دول الشمال الغنية ودول الشرق الفقيرة ودول الجنوب المأزومة.
إضافة إلى اعتماده بشكل كبير على استيراد الطاقة والمواد الخام من الخارج، عكس الصين والولايات المتحدة (الأخيرة أصبحت مصدراً كبيراً للطاقة).
كما أن اقتصادات أوروبا تفتقر لأسواق المال القوية والمرنة (وشديدة الرأسمالية) التي تتسم بها الولايات المتحدة والتي تجذب الاستثمارات من كل العالم بما فيها أوروبا نفسها إضافة لدول الخليج وآسيا.
والأهم من كل ذلك الخلاف حول من يقود هذه الكتلة الأوروبية، فألمانيا أغنى دول القارة، ولكنها تبدو دولة شبه منزوعة السلاح، مكبلة بماضيها العنيف الذي حولها لدولة فرط سلمية.
أما فرنسا، التي تمتلك أسلحة نووية، ولكنها فعلياً اقتصادها أقل حجماً من ثلثي الاقتصاد الألماني، ولا يجاريه في الكفاءة، كما أنها مشغولة بمحاربة طواحين الهواء من أمريكا لبريطانيا وصولاً لتركيا وللإسلام السياسي المعتدل وأقلياتها المسلمة الداخلية، بينما هي شبه حليفة لعدو أوروبا الحقيقي فلاديمير بوتين.
كل هذه العوامل تجعل خلق كتلة أوروبية مستقلة بالمعنى الحرفي ومنافسة للصين والولايات المتحدة أمراً صعباً، وهذا يؤثر على قدرة اليورو على منافسة الدولار.
لماذا لم يحل اليوان الصيني محل الدولار رغم فوائض بكين المالية الهائلة؟
يقدم اليوان الصيني مثالاً آخر على سبب عدم كفاية امتلاك اقتصاد كبير بمفرده لعملة بلد ما للاستيلاء على وضع الاحتياطي العالمي. تفوقت الصين في السنوات الأخيرة على الاقتصاد الأمريكي من حيث الحجم الهائل (وفقاً للقيمة الشرائية للدولار فقط).
كما لدى الصين فائض كبير في ميزان المعاملات التجارية، ولديها فوائض مالية هائلة.
ومع ذلك، لا يزال اليوان في المرتبة الخامسة من حيث احتياطيات النقد الأجنبي العالمية. اعتباراً من أواخر عام 2021، لا يزال اليوان يحتل المرتبة الرابعة من حيث حصته من المعاملات الدولية.
على الرغم من أن اليوان يشهد بالتأكيد نمواً مرتفعاً في التجارة الدولية، إلا أنه لا يزال أمامه الكثير من الفراغات ليغطيها، حتى يقضي على هيمنة الدولار الأمريكي.
ستؤدي الصفقات الأخيرة مع روسيا والمملكة العربية السعودية وإيران وعدد متزايد من الدول في العالم النامي إلى تعزيز هذا الاتجاه، لكن هذا سيساعد الصين فقط على تلبية بعض المتطلبات لتصبح عملة احتياطي عالمية. تتحرك عوامل الحجم والنطاق لصالح الصين.
الصين تعاني من مشكلة في الانفتاح
لكن مشاكل الانفتاح وقابلية التحويل لا تزال قائمة. لا تزال الصين تستخدم ضوابط على رأس المال، مما يعني أن اقتصادها أقل انفتاحاً نسبياً من الاقتصادات الغربية. نعم، لطالما استخدمت الدول الغربية مجموعة متنوعة من أشباه الضوابط الخاصة، ولكن الصين ما زالت أكثر انغلاقاً من منافسيها الغربيين، وهذا أمر غير مريح لمن يفترض أنه يقتني اليوان وهو يعيش وراء البحار.
علاوة على ذلك، فإن أسواق سندات الحكومة الصينية ليست سائلة أو معقدة مثل أسواق الدين الأمريكية. العالم من نواح كثيرة غارق في السندات الحكومية الأمريكية – التي تم شراؤها بالدولار ولا تزال تعتبر "آمنة" للغاية – وهذا ليس هو الحال مع الديون الصينية.
أخيراً، تمثل سياسات الاقتصاد الكلي في الصين درجة عالية من المخاطر الجيوسياسية المحتملة. إن سجل الصين في عدم مصادرة رأس المال الأجنبي ليس راسخاً أو موثوقاً به (ومؤخراً يعتقد أنها اعتقلت لفترة وصادرات أموال واحد من أكثر الأثرياء في البلد شهرة وهو جاك ما مؤسس شركة علي بابا الشهيرة ومجموعة "أنت"، ويعتقد أنه ما زال قيد شكل من أشكال الإقامة الجبرية).
كما أن صرامة عمليات الإغلاق الطويلة لفيروس كورونا في الصين في السنوات الأخيرة لا تغرس الثقة أيضاً، حسب ريان ماكماكين.
الدولار الأمريكي يستفيد من "السلوك السيئ" للعملات الأخرى
باختصار، لا يزال الدولار يستفيد من حقيقة أنه بغض النظر عن مدى تضخمه، أو مدى تعثر الاقتصاد الأمريكي من خلال التنظيم، فإن منطقة اليورو والصين – ناهيك عن اليابان وبريطانيا – تمثل اتجاهات غالباً ما تبدو سيئة في الاقتصاد ولاسيما في المجال النقدي.
ومع ذلك، يقول الباحث الاقتصادي ريان ماكماكين إن الولايات المتحدة تصر على إطلاق النار على قدمها.
فعلى الرغم من المزايا الاقتصادية العديدة للدولار كعملة احتياطية، يواصل النظام الأمريكي القيام بما يصفه بالخيانة السياسية للأنظمة والاقتصادات الأخرى، الأمر الذي قد يدفعها للتخلي عن الدولار.
وذلك يتم من خلال مضاعفة الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية واستخدام الاقتصاد الدولاري كسلاح، في هذه الحالة لن ينقذ الدولار بواسطة سيولته في الأسواق أو استخدامه على نطاق واسع.