حالة من الذهول أصابت الأوساط الدبلوماسية العسكرية العالمية بعد تقرير صحفي عن صفقة الصواريخ المصرية مع روسيا المزعومة، وسط تساؤلات حول صحة هذه المعلومات ودقتها، خاصة أنها تتضمن رقماً ضخماً، وكيف ستؤثر هذه القضية على العلاقات المصرية الأمريكية؟
وذكرت صحيفة The Washington Post الأمريكية أن ما وصفته بوثيقة أمريكية تفيد بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خطط سراً لتزويد روسيا بـ40 ألف صاروخ مصنع في مصر في فبراير/شباط الماضي، وأصدر تعليمات للمسؤولين بالحفاظ على سرية الإنتاج والشحن "لتجنب المشاكل مع الغرب".
إذا كانت هذه الوثائق المتعلقة بـ"صفقة الصواريخ المصرية مع روسيا" صحيحة، فقد تقلب علاقة أمريكا بأحد أقرب حلفائها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حسبما ورد في تقرير لموقع Fox News Digital الأمريكي.
القاهرة وموسكو تنفيان صفقة الصواريخ المصرية الروسية
ونفى مصدر مصري مسؤول في تصريحات لـ"القاهرة الإخبارية" تقرير الصحيفة الأمريكية، وقال إن ما نشرته عبث معلوماتي ليس له أساس من الصحة، مضيفاً أن مصر تتبع سياسة متزنة مع جميع الأطراف الدولية وأن محددات هذه السياسة هي السلام والاستقرار والتنمية.
ورداً على أسئلة بخصوص الوثيقة وصحة المحادثات التي تصفها الوثيقة، نقلت الصحيفة الأمريكية عن السفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن "موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة والالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الجانبين، مع التأكيد على دعم مصر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وقال: "نواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات".
كما نفى الكرملين بدوره التقرير، وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف يوم الثلاثاء إن التقارير الإعلامية الغربية الأخيرة التي تفيد بأن مصر تآمرت لتزويد روسيا سراً بالصواريخ تبدو مجرد كذبة أخرى، حسبما ورد في وكالة أنباء تاس "TASS" الروسية.
..والبنتاغون يفضل الصمت بينما الاستخبارات الأمريكية تراجع التسريبات
عندما سأل موقع Fox News Digital البنتاغون عن هذه الوثيقة، أحال متحدث باسم البنتاغون الموقع إلى مؤتمر صحفي يوم الإثنين قدمه مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة، كريس ميجر، الذي قال إن فرقة عمل مشتركة بين الوكالات تقوم بمراجعة التسريبات وفتحت وزارة العدل تحقيقاً جنائياً.
ورفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي تأكيد صحة الوثائق يوم الإثنين، لكنه حذر وسائل الإعلام من أن المواد ليست للاستهلاك العام.
كان التسريب الاستخباراتي جزءاً من تسريب مستمر لعشرات الصور لمستندات أمريكية شديدة الحساسية تم العثور عليها على Twitter و Telegram و Discord ومواقع أخرى للتواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، على الرغم من أن بعضها قد تم تداوله عبر الإنترنت لأسابيع، إن لم يكن شهوراً، ولكن بدأ مؤخراً في جذب اهتمام وسائل الإعلام العالمية.
ما هي الصواريخ التي تحدث عنها التقرير؟
الصحيفة لم تحدد بدقة مفهوم الصواريخ المشار إليها، وهل هي قذائف صاروخية محمولة على الكتف، أم مدفعية صاروخية أم صواريخ باليستية.
ولكن رقم 40 ألف صاروخ يبدو غير منطقي بالنسبة للصواريخ الباليستية، خاصة أن مصر يعتقد أنها لا تنتج صواريخ باليستية طويلة أو متوسطة المدى، وقد يكون المقصود الصواريخ المستخدمة في المدفعية الصاروخية أو قذائف صاروخية، ولكن عنوان الصحيفة يحمل كلمة "rockets" ومقدمة التقرير تقول إن السيسي يخطط لإنتاج 40 ألف صاروخ لروسيا"، الأمر الذي قد يوحي للوهلة الأولى أنها صواريخ باليستية.
في الوثيقة، نُقل عن السيسي قوله إنه يفكر في بيع "أشياء عادية" إلى الصين لإفساح المجال "لمزيد من إنتاج صقر 45″، في إشارة إلى نوع من الصواريخ عيار 122 ملم تصنعه مصر. لا تذكر الوثيقة صراحة ما إذا كانت هذه الصواريخ هي التي سيتم إنتاجها لروسيا هي من طراز صقر 45، لكن مثل هذه الصواريخ ستكون متوافقة مع قاذفات صواريخ غراد الروسية المتعددة، حسب الصحيفة الأمريكية.
وصقر 45 هو تطوير مصري لصواريخ بي إم- 21 غراد الروسية الشهيرة، التي تطلق من قاذفات صواريخ متعددة وذاتية الدفع، أي أنها صواريخ مصرية الصنع يمكن للجيش الروسي استخدامها بواسطة عربات إطلاقه بسبب جذورها الروسية.
الوثيقة لا تقول بشكل محدد إن مصر سوف تصدر صواريخ صقر 45 لروسيا، ولكن قد يفهم ذلك بحكم إشارة الوثيقة لها، خاصة أن الأعداد الكبيرة التي يتحدث عنها التقرير يمكن أن تكون لمثل هذه الصواريخ التي تطلق من القاذفات (مدفعية صاروخية) وهو النوع الذي قد يكون متاحاً لمصر بهذه الأعداد الكبيرة.
ويلخص جزء من الوثيقة السرية للغاية، مؤرخ في 17 فبراير/شباط 2023، المحادثات المزعومة بين السيسي وكبار المسؤولين العسكريين المصريين، ويشير أيضاً إلى خطط لتزويد روسيا بقذائف المدفعية والبارود.
كيف وصلت هذه المحادثة المزعومة للأمريكيين؟
في حين أن الوثيقة لا تذكر كيف استخلصت الحكومة الأمريكية تفاصيل المداولات المصرية، يبدو أن بعض المعلومات الواردة في الوثائق التي تم تسريبها مؤخراً تأتي من استخبارات الإشارات، والتي تشير إلى وسائل تقنية مثل اعتراض الاتصالات. لطالما كانت الحكومة الأمريكية تتمتع بقدرة هائلة على التنصت وتاريخ من اعتراض الاتصالات من القادة الأجانب.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إنها حصلت على الوثيقة من مجموعة من صور الملفات السرية المنشورة في فبراير/شباط ومارس/آذار 2023 على Discord، وهو تطبيق دردشة شائع بين لاعبي ألعاب الفيديو.
وقال مسؤول بالحكومة الأمريكية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمعالجة المعلومات الحساسة: "لسنا على علم بأي تنفيذ لتلك الخطة"، في إشارة إلى صفقة الصواريخ المصرية مع روسيا.
وأضاف المسؤول: "لم نرَ ذلك يحدث".
مصر ثاني أكبر متلقّ للمساعدات الأمريكية والسيسي عمل على إعادة العلاقة مع روسيا لسابق عهدها
كان الاتحاد السوفييتي هو الداعم الرئيسي لمصر عسكرياً خلال حروبها مع إسرائيل، إذ شكلت صفقة الأسلحة التشيكية لمصر عام 1955 التي أبرمتها القاهرة رداً على منع أمريكا البنك الدولي من تمويل مشروع السد العالي، بداية لدخول الاتحاد السوفييتي بقوة للعالم العربي عبر البوابة المصرية.
وأعادت مصر بناء جيشها الذي دُمر في حرب 1967 بالأسلحة السوفييتية التي جاءت مقابل بضائع مصرية أو عبر دعم مالي عربي، أو سوفييتي، إضافة لما اشتهرت به الأسلحة الروسية من رخص أسعارها.
ولكن بعد التقارب المصري الأمريكي، ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي أبرمت في نهاية السبعينيات برعاية أمريكية، توقفت مصر عن شراء الأسلحة من موسكو وساءت علاقتها مع الاتحاد السوفييتي، بل إن القاهرة لعبت دوراً كبيراً في دعم المجاهدين الأفغان ضد موسكو.
ولكن في عهد مبارك خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تحسنت العلاقة قليلاً وأخذت طابعاً بروتوكولياً، ولكن دون حماس، وكان واضحاً أن القاهرة لا تريد إغضاب واشنطن بالتقارب مع موسكو، ولم تبرم أي صفقات أسلحة كبيرة معها في عهد مبارك، رغم الانتقادات للاعتماد الأحادي على واشنطن في مجال شراء الأسلحة.
بل إن القاهرة كانت في عهد مبارك تلجأ لأوكرانيا وأحياناً دول غربية لصيانة وتحديث أسلحتها السوفييتية القديمة، مفضلة النأي بنفسها عن موسكو، على ما يبدو.
ولكن مع توتر العلاقات بين واشنطن والقاهرة بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، وفرض واشنطن قيوداً على تصدير المعدات وقطع الغيار العسكرية لمصر، بدأ الرئيس السيسي ينوع مصادر تسليح الجيش المصري لتشمل فرنسا وروسيا تحديداً.
وأعاد السيسي مصر مجدداً لتصبح مشترياً رئيسياً للسلاح الروسي، بعد سنوات من الابتعاد عنه منذ عهد الرئيس أنور السادات في السبعينيات، حيث اشتري طائرات مروحية من طراز كيه إيه 52 ونظام صواريخ إس 300 الدفاعي، ومقاتلات ميغ 29، وتعاقدت مصر على شراء طائرات سوخوي 35، ولكن أفادت تقارير بأن الصفقة ألغيت بسبب الضغوط الأمريكية.
وبينما مصر ودول الخليج هم أقرب الحلفاء لواشنطن منذ عقود، ولكن خلال السنوات الماضية، تعززت العلاقات بشكل كبير بين القاهرة ودول الخليج وموسكو، في ظل تشابه كثير من المواقف بين الجانبين منها العداء للإسلاميين والتوجس من الديمقراطية، ولا يخفي كثير من القادة العرب إعجابهم ببوتين كنموذج للحاكم القوي، إضافة لرغبة كثير من الدول العربية في شراء الأسلحة الروسية.
على الرغم من تقوية مصر لعلاقتها مع روسيا منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة إلا أن القاهرة لا تزال مستثمرة بعمق في شراكتها مع الولايات المتحدة، التي قدمت عشرات المليارات من الدولارات لمصر منذ معاهد السلام المصرية الإسرائيلية.
وتقدم الولايات المتحدة الأمريكية معونة عسكرية سنوية قيمتها 1.3 مليار دولار لمصر، وذلك منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل في العام 1978، وتعتبر مصر أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، وكان هناك في السابق معونة اقتصادية ولكنها توقفت تدريجياً مع تحسن وضع الاقتصاد المصري.
لماذا قد تضطر روسيا للجوء إلى مصر لشراء صواريخ؟
لا تذكر الوثيقة صراحة سبب اهتمام روسيا بالحصول على الصواريخ، لكن من المعروف أن جيشها ينفق كميات هائلة من الذخيرة في الحرب، وادعت الحكومة الأمريكية أن كوريا الشمالية تزود روسيا سراً بقذائف مدفعية وأن الصين تفكر في ذلك.
كما أن إيران لم تنفِ التقارير الأمريكية بأنها زودت روسيا بطائرات مسيرة وذخائر، وسط تقارير غربية بأنها تستعد لتقديم صواريخ أيضاً لموسكو.
تصف الوثيقة إصدار السيسي للتعليمات في 1 فبراير/شباط للإبقاء على سرية توريد الصواريخ من أجل "تجنب المشاكل مع" الغرب "، حيث يخبر شخصاً يُشار إليه باسم صلاح الدين فقط أنه يجب إخبار عمال المصنع بأن المقذوفات مخصصة للجيش المصري.
صلاح الدين يرجح أنه محمد صلاح الدين وزير الدولة للإنتاج الحربي، حسب الصحيفة.
وقالت الوثيقة إن البارود المعروض على روسيا سيأتي من المصنع 18، وهو اسم مصنع كيميائي عمره عقود.
ما المقابل الذي قد تطلبه القاهرة؟
وتنقل الوثيقة عن صلاح الدين قوله إنه "سيأمر رجاله بالعمل بنظام الورديات إذا لزم الأمر لأنه كان أقل ما يمكن لمصر فعله لسداد مساعدة روسية مقدمة في وقت سابق"، ولا توضح الوثيقة ماهية المساعدة الروسية السابقة.
وتنقل الوثيقة المسربة عن صلاح الدين قوله إن الروس أخبروه بأنهم على استعداد "لشراء أي شيء".
ووقعت موسكو والقاهرة عدة صفقات مهمة مؤخراً، بما في ذلك اتفاق هذا العام لروسيا لبناء ورشة ضخمة للسكك الحديدية في مصر. كما بدأت شركة روساتوم الروسية الحكومية للطاقة الذرية، العام الماضي، بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر.
ربما الأهم من ذلك، بعد أن عطلت الحرب في أوكرانيا الوصول إلى القمح الأوكراني، بدأت القاهرة تعتمد بشكل كبير على مشتريات الحبوب الروسية. وساعد هذا الترتيب مصر على تجنب نقص القمح الذي قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية في بلد ينتشر فيه الفقر ويقدم الخبز مع كل وجبة تقريباً. تقول صحيفة واشنطن بوست إن مصر حريصة على تجنب انتفاضة في الداخل، حيث تثير أزمة اقتصادية حادة، بما في ذلك انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية – التي غذتها جزئياً الحرب في أوكرانيا – مشاعر الإحباط بين المدنيين.
وحاولت مصر، مثلها مثل الشركاء الآخرين لأمريكا في الشرق الأوسط، الحفاظ على قدر من الموازنة بين الدول الغربية وروسيا بشأن أوكرانيا، في الوقت الذي يسعون فيه إلى تحوط أمام تراجع محتمل للدور الأمريكي في المنطقة وإيجاد وسائل جديدة لضمان حماية أمنهم الاقتصادي والعسكري.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع عالمياً وفرض ضغوطاً شديدة على مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، والتي تلقت أكثر من 80% من قمحها من روسيا وأوكرانيا في السنوات الأخيرة.
وتعاني مصر من أزمة مالية خانقة وسط تمنع من قبل حلفائها الخليجيين عن تقديم مزيد من التمويل لها إلا بعد الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي، التي تتضمن مزيداً من خفض سعر الجنيه، وتقليل دور الجيش في النشاط الاقتصادي وترشيد الدعم، وهي شروط يبدو أن هناك اتفاقاً عاماً عليها بين الغرب والخليج وصندوق النقد.
ويعتقد أن العلاقة متوترة بين القاهرة والرياض بسبب هذه الشروط، الأمر قد يثير تساؤلاً هل تبحث القاهرة عن داعمين جدد مثل موسكو؟
كيف سيكون رد الفعل الأمريكي؟
حتى الآن لا تميل الإدارة الأمريكية لتأكيد أو نفي محتوى الوثائق المسربة، ولكن تطالب بعدم تداولها إعلامياً، ولكن ردة الفعل على مجمل الوثائق المسربة تشير إلى أنها قد تكون حقيقية؛ أي أنها مسربة بالفعل من الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية.
لا يعني ذلك أن محتوى كل وثيقة حقيقي أو دقيق، لأن الوثائق الاستخباراتية تخضع لمراجعة وتنقيح ومطابقة مع وثائق ومصادر أخرى، ولم يعرف هل هذه الوثيقة المتعلقة بصفقة الصواريخ المصرية مع روسيا خضعت إذا كانت صحيحة لمثل هذه المراجعة.
ولكن يبدو من الصياغات الواردة في تقرير واشنطن بوست أن الوثيقة بمثابة تفريغ أولي أو شبه أولي لمحادثات تجسست عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية.
ومن الصعب معرفة إذا كانت الوثائق صحيحة أم لا بشكل قاطع؛ لأنه في الأغلب هذا التقييم سيكون أمريكياً، وقد تفضل إدارة بايدن عدم تأكيدها لعدم تعقيد العلاقة مع القاهرة، وقد يحدث العكس، فقد تكون الوثائق غير صحيحة ولكنها قد تستخدمها واشنطن كأداة ضغط على نظام الرئيس السيسي.
وقال السناتور الديمقراطي كريس مورفي: "إذا كان صحيحاً أن السيسي يصنع سراً صواريخ لروسيا يمكن استخدامها في أوكرانيا، فنحن بحاجة إلى حساب جاد بشأن حالة علاقتنا"، حسبما نقلت عنه واشنطن بوست.
وقال السناتور الذي يعمل في لجان العلاقات الخارجية والمخصصات بمجلس الشيوخ، إن "مصر هي واحدة من أقدم حلفائنا في الشرق الأوسط".
ووصف مايكل حنا، مدير البرامج الأمريكية في مجموعة الأزمات الدولية، المناورة المحتملة من جانب مصر بأنها "إحراج" للولايات المتحدة؛ لأن الرئيس بايدن كان يضغط على الحلفاء لحرمان روسيا من الأسلحة اللازمة للحرب، ويهدد بمعاقبة خصوم الأمريكيين مثل إيران وكوريا الشمالية الذين فعلوا ذلك.
وقالت سارة مارجون، مديرة السياسة الخارجية الأمريكية في مؤسسات المجتمع المفتوح ومرشحة إدارة بايدن لمرة واحدة لمنصب حقوق الإنسان الأعلى بوزارة الخارجية، إن ما تم الكشف عنه في الوثيقة، إذا كان صحيحاً، يثير التساؤل حول ما إذا كانت الولايات المتحدة "يجب أن تستمر في الدفاع عن مصر ودعمها".
وقالت سارة ييجر، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش بواشنطن، التي دعت في السابق إلى حظر أسلحة على مصر لتورط قواتها الأمنية في الانتهاكات، إن بيع الصواريخ إلى روسيا سيمكِّن من ارتكاب المزيد من الانتهاكات في الخارج.
وقالت ييجر: "أود أن أتساءل أيضاً عما إذا كانت أي مساعدة أمنية أمريكية تُستخدم لتصنيع هذه الأسلحة التي قد تذهب إلى روسيا"، حسبما نقلت عنها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
القوانين الأمريكية تعاقب أي تجارة في الأسلحة مع روسيا
من الناحية القانونية قد يؤدي تزويد الحكومة الروسية بالأسلحة إلى فرض عقوبات أمريكية على مصر، رغم أنها تظل مسألة سياسية في يد الإدارة الأمريكية بشكل أساسي.
حتى قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، فإن واشنطن كانت تلوح بمعاقبة أي من يشتري السلاح الروسي عبر قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA)، مثلما فعلت مع تركيا بإخراجها من مشروع إنتاج الطائرة إف 35 بعد شرائها صواريخ إس 400 من روسيا.
وفي أبريل/نيسان 2019، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ بشأن الميزانية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت مايك بومبيو أن الولايات المتحدة ستعاقب مصر بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا، من خلال العقوبات (CAATSA) إذا اشترت مصر طائرات مقاتلة روسية من طراز Su-35.
كانت واشنطن مترددة حتى الآن في استخدام قانون 2017 ضد الدول الصديقة، خوفاً من إغضاب حلفائها. لكن تدريجياً بدأت تستخدمه في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولكن بعد حرب أوكرانيا، فإن التلويح بمعاقبة الدول التي تقدم أسلحة لموسكو أصبح جزءاً رئيسياً من السياسة الأمريكية، ويعتقد أنه حتى الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم وشريك روسيا الأكبر، لم تزوّد موسكو بالأسلحة خوفاً من مثل العقوبات.
الدولتان الوحيدتان اللتان يعتقد أنهما زودتا موسكو بالأسلحة هما إيران وكوريا الشمالية، وكلتاهما محاصرة وخاضعة لعقوبات غربية أشد من روسيا، وبالتالي لن تمثل العقوبات الأمريكية عليهما أي تهديد جديد يذكر.
هذا التقرير يأتي في وقت حرج بالنسبة للقاهرة، فموافقة الولايات المتحدة على قرض صندوق النقد لمصر أمر ضروري لاستكمال الاتفاق الحيوي للاقتصاد المصري، ولا يعرف تأثير الصفقة المزعومة على موقف واشنطن من القرض.
يتوقف الأمر إلى حد كبير على طريقة معالجة الإدارة الأمريكية مع الصفقة المزعومة، وهل ستتعامل معها كحقيقة أم مجرد تسريبات غير مثبتة، ولكن مما قد يخفف وطأة هذه الصفقة، إذا كانت حقيقية، أنها تبدو في مرحلة النوايا أو التخطيط ولم تصل لمرحلة التنفيذ.
ولكن حتى لو تجاوزت الإدارة الأمريكية عن هذه الصفقة حرصاً على علاقتها مع القاهرة، إلا أنها صداها المعنوي والدعائي في واشنطن قد يكون له تأثير سلبي لسنوات.