لأول مرة تبدو أمريكا أكثر حذراً من أوروبا في تنفيذ العقوبات ضد روسيا، فواشنطن قلقة من فكرة بدأ الاتحاد الأوروبي في تنفيذها لـ"تحويل الأموال الروسية المجمدة" إلى أوكرانيا على سبيل التعويض، وهي الخطوة التي من شأنها قلب النظام المالي العالمي.
وأعلن الاتحاد الأوروبي مؤخراً عن رغبته في استخدام الأموال الروسية المجمدة في الغرب لدفع تكاليف إعادة الإعمار في أوكرانيا. وذلك بدعوة من عدد من دول أوروبا الشرقية ودول البلطيق، وعقدت الكتلة مجموعة عمل الشهر الماضي لتقييم إمكانية الاستيلاء على تلك الأموال وكذلك الأصول المجمدة المملوكة لأفراد خاضعين لعقوبات أوروبية.
وقال الزعماء الأوروبيون في اجتماع الشهر الماضي عن هذا الموضوع: "سنكافح من أجل استخدام الأصول الروسية المجمدة والمعطلة وفقاً لقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي"، وأضافوا ستكون هناك إجراءات لتتبع كل تلك الأصول في بلدانهم.
وقال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، الذي يتولى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي: "من حيث المبدأ، الأمر واضح: يجب على روسيا أن تدفع تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا".
وسنت كندا بالفعل تشريعاتها الخاصة للمضي قدماً في هذا الاتجاه، وصادرت نحو 25 مليون دولار كانت مجمدة.
ما هو مقدار الأموال الروسية المجمدة؟ وكم تبلغ تكلفة إعمار أوكرانيا؟
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، تم تجميد حوالي 300 مليار يورو من الاحتياطيات الدولية المملوكة للبنك المركزي الروسي من قِبل الدول الغربية تمثل نحو نصف الأموال الروسية في الخارج (لم تسر بلاد مثل الصين وتركيا والإمارات على نفس المسار).
"من الناحية القانونية في نظام العقوبات، يجب أن تكون الجهة التي جمدت الأماوال قادرة على إعادتها لأصحابها عندما يتم تعليق نظام العقوبات.
واقترحت المفوضية الأوروبية لأول مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، فكرة إعادة استثمار الأموال المجمدة واستخدام الأرباح لدعم أوكرانيا كجزء من خطتها "اجعل روسيا تدفع". وقدرت حينها أن إعادة إعمار أوكرانيا ستتطلب 600 مليار يورو على الأقل، لكن من المرجح أن تكون التكلفة قد تضخمت منذ ذلك الحين.
بينما آخر تقرير للبنك الدولي للأضرار التي لحقت بأوكرانيا، قدر تكلفة عملية إعادة البناء بنحو 411 مليار دولار، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.
عراقيل قانونية وفنية أمام القرار
الاقتراح "سيكون إشكالية عميقة بموجب القانون الدولي"، حسبما قال إيفان كريدل، أستاذ القانون في كلية وليام وماري للحقوق في الولايات المتحدة لموقع Euronews.
يمكن اتخاذ بعض التدابير المضادة التي تسمح باستخدام الأصول في ظل ظروف محددة للغاية بموجب القانون الدولي. وأضاف أن "أي استخدام أو تصرف في الأصول الروسية لأغراض أخرى، مهما كانت النوايا الحسنة، مثل توليد دخل يمكن استخدامه لمساعدة أوكرانيا، سيتجاوز الأغراض المقبولة عموماً للتدابير المضادة المشروعة دولياً".
يمكن للكيانات الروسية، على سبيل المثال، أن تدعي أنها تستحق بعض الأرباح الناتجة عن استثمار الأصول المجمدة، وأن تطعن في القرار في كل من المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حسبما قال فرانسيس بوند، الممارس بارز في شؤون العقوبات المالية الدولية من مكتب محاماة ماكفارلانيس لـ"Euronews ".
من هي الشركات التي ستجرؤ على استثمار أموال مأخوذة من روسيا عنوة؟
وهناك قضايا عملية معقدة، مثل العثور على مدير أصول شجاع بما يكفي لتحمل المسؤولية القانونية والتدقيق العام الذي قد يأتي من إدارة الأصول الروسية المجمدة، حسب كريدل.
"بالإضافة إلى ذلك، إذا خسرت الجهات المستثمرة أموالاً، فقد تجد المفوضية الأوروبية نفسها في وضع لا تحسد عليه وإما أن تقوم بضمان الأصول الروسية بالمال العام الأوروبي أو تتعرض لسيل من الإجراءات القانونية من قِبل مالكي الأصول".
واختتم كريدل حديثه قائلاً: "إذا كنت أعمل كمستشار قانوني للاتحاد الأوروبي وشركائه، فإنني أنصح ضد هذه الخطة التي تبدو إبداعية، ولكنها تمثل مشكلة من الناحية القانونية".
ويقول مؤيدو الفكرة إن حلفاء أوكرانيا نجحوا في مساعدتها بالسلاح، لكنهم تعثروا على الجبهة الاقتصادية الحاسمة، ففي الجانب الاقتصادي يبدو الروس أقل معاناة من الأوكرانيين وحتى من الغرب.
ويرون أن استخدام ما يقرب من 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي التي تم تجميدها من قِبل الحكومات الغربية في بداية الحرب سيُظهر لبوتين أنه لا يستطيع الصمود أكثر من أوكرانيا والغرب اقتصادياً.
ومن الناحية الأخلاقية يرون أن هناك عدالة في استخدام أموال الدولة الروسية لمواجهة تكاليف التدمير الذي سببت به موسكو، حسبما ورد في مقال نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، كتبه كل من لورنس سمرز، وزير الخزانة الأسبق؛ روبرت. زوليك، الرئيس السابق للبنك الدولي والممثل التجاري للولايات المتحدة؛ وفيليب زيليكو، المؤرخ في جامعة فيرجينيا والمستشار السابق بوزارة الخارجية.
ويشيد المقال بالخطط الأوروبية في هذا الصدد، قائلاً: "قد تم إعداد خطط لتحقيق ذلك مع سبل تجنب الفساد وربطها بالاتحاد الأوروبي".
ولكن اللافت أن هذا الحماس الأوروبي الكندي لاستخدام الأصول الروسية لصالح أوكرانيا لا يقابل بحماس أمريكي مماثل رغم أن واشنطن هي المبادرة بالتصعيد ضد روسيا.
القرار يأتي في ظل تزايد تكلفة الحرب وتملل شعبي غربي من استمرار نزيف الأموال
خصصت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وحلفاء آخرون مليارات الدولارات في المجهود الحربي الأوكراني، بالإضافة إلى الدبابات والصواريخ والذخيرة والطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات العسكرية.
ومؤخراً، وافق صندوق النقد الدولي على أكبر قرض له حتى الآن – 15.6 مليار دولار – فقط لإبقاء الاقتصاد الأوكراني المنهك واقفاً على قدميه.
وتنفق الولايات المتحدة المليارات شهرياً على المساعدات لدعم كييف بما في ذلك مساعدات لدفع فواتيرها الشهرية. لكن هذا ليس مستداماً، والدعم الشعبي الغربي لاستمرار التمويل قد ينضب.
وسبق حذر زعيم الحزب الجمهوري كيفين مكارثي من أن الجمهوريين لن يكتبوا "شيكاً على بياض" لأوكرانيا إذا استعادوا أغلبية مجلس النواب، ما يعكس شكوك حزبه المتزايدة بشأن الدعم المالي لكييف
ويقول المدافعون عن الفكرة منح الأموال الروسية المجمدة لأوكرانيا مهم؛ لأنه مع استمرار القتال سيصاب المواطن الغربي بالضيق من التكلفة المالية للحرب، أما إذا توقفت الحرب فاحتمال أن يقدم الغرب مساعدات كافية لكييف لعملية إعادة إعمار أقل.
وفي هذا الصدد يقول تيموفي ميلوفانوف، رئيس مدرسة كييف للاقتصاد ووزير سابق في الحكومة الأوكرانية: "إنه من الصعب بالنسبة لأوكرانيا أن تحصل على المال والمعدات "بينما نُقتل". وبمجرد أن يتوقف القتل سنجد صعوبة في الحصول على أي شيء".
هناك أيضاً إدراك غربي بأن تكلفة إعادة بناء أوكرانيا بمجرد انتهاء الحرب ستفوق بكثير المبلغ الذي قد يكون حتى الحلفاء الأثرياء مثل الولايات المتحدة وأوروبا على استعداد لتقديمه.
ولذا يرى كتاب مقال صحيفة The Washington Post الأمريكية أنه سيكون نقل الاحتياطيات الروسية المجمدة لأوكرانيا أمراً صحيحاً من الناحية الأخلاقية، ومناسباً استراتيجياً وسياسياً – لا سيما مع وجود كونغرس أمريكي مضطرب، حسب وصفهم.
إليك المبررات القانونية والسوابق التاريخية
يقول المدافعون عن الفكرة سيكون لدى الحكومات الكثير من المبررات القانونية للمضي قدماً في تحويل الآمال الروسية لصالح أوكرانيا.
ففي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اعترفت الأمم المتحدة رسمياً بأن روسيا يجب أن "تتحمل العواقب القانونية لجميع أفعالها غير المشروعة دولياً، بما في ذلك تقديم تعويضات عن الإصابة، بما في ذلك أي ضرر ناتج عن مثل هذه الأعمال". ودعت الأمم المتحدة إلى إنشاء مؤسسة الآن لتنفيذ هذا التعويض.
جادل لورنس ترايب، أستاذ القانون الدستوري بجامعة هارفارد، بأن قانون عام 1977، قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية، يمنح الرئيس الأمريكي سلطة مصادرة الأصول الروسية السيادية وإعادة تخصيصها لأوكرانيا، حسبما نقلت عنه صحيفة The New York Times.
وسبق أن صادرت السلطات الأمريكية أصولاً عراقية وإيرانية وأعادت توجيهها لتعويض ضحايا العنف أو تسوية الدعاوى القضائية أو تقديم المساعدة المالية.
بعد غزو العراق للكويت عام 1990، وباستخدام نفس سلطات الطوارئ التي استند إليها الرئيس بايدن في الأزمة الأوكرانية، صدر أمر تنفيذي في أكتوبر/تشرين الأول 1992 "وجّه وأرغم" كل بنك لديه أموال من الدولة العراقية على تحويلها امتثالاً لقرار الأمم المتحدة الذي دعا إلى تعويض ضحايا هذا الغزو.
تم دفع أكثر من 50 مليار دولار من أموال الدولة العراقية من جميع أنحاء العالم في نهاية المطاف إلى البلدان المتضررة في مقدمتها الكويت، لم تتطلب أي إجراءً قضائي أو إذن من المعتدي، حسب The Washington Post.
تقول الصحيفة: "يحق لأولئك الذين يمتلكون أصولاً روسية، بموجب القانون الدولي، إلغاء التزاماتهم تجاه الدولة الروسية واستخدام أموالها لدفع ما تدين به روسيا، بحجة أن ذلك يمثل إجراءات مضادة تتخذ بسبب خرق جسيم للقانون الدولي".
لكن هل من المشروع مصادرة أعمال رجال الأعمال الروس الذي ليس لهم يد بالحرب؟
إحدى العراقيل القانونية هي التركيز على يخوت الأوليغارشية الروسية وغيرها من الأصول المصادرة. يتضمن ذلك مبلغاً ضئيلاً نسبياً من المال، وليس شديد السيولة، وهو أكثر تعقيداً من الناحية القانونية نظراً للصعوبات الأكبر فيما يتعلق بمصادرة الأموال الخاصة وتحويلها لأوكرانيا.
بالطبع لا يركز الغرب كثيراً على مدى مشروعية وأخلاقية مصادرة أموال رجال الأعمال الروس حتى لو كانوا على صلة بحكومتهم في ظل عدم وجود دليل على تأييدهم للغزو الروسي في أوكرانيا (على الأرجح كلهم رافضون له لأنه تسبب بكارثة مالية لهم).
يقول مقال صحيفة The Washington Post الأمريكية: "لا توجد مخاوف تتعلق بالإجراءات القانونية الواجبة. روسيا ليست شخصاً بموجب دستور الولايات المتحدة، والممتلكات التي يتم الاستيلاء عليها ليست خاصة". لا توجد قضية حصانة سيادية، لأن هذه دولة على دولة، ولا توجد خصومة خاصة، حسب كتاب المقال.
ويحذر البعض من سابقة التعويضات المريرة التي فُرضت على ألمانيا المفلسة بعد الحرب العالمية الأولى والتي أدت لاندلاع الحرب العالمية الثانية بسبب العبء الذي سببته التعويضات على الألمان، حيث أثارت أحقادهم وجعلتهم ينقادون وراء تطرف أدولف هتلر.
ولكن آخرين يقللون من ذلك ويقولون: "لقد تلقت روسيا أرباحاً نفطية هائلة، لا تقل عن 100 مليار دولار، من المحتمل أن يكون بوتين قد عوض بالفعل الأموال الروسية المجمدة".
لماذا تبدو أمريكا غير متحمسة للفكرة؟
أكبر المشكلات التي تجعل الولايات المتحدة غير متحمسة للفكرة ليست قانونية أو أخلاقية.
هناك مخاوف حكومية من الإضرار بالدولار إذا حولت الأصول الروسية المجمدة لأوكرانيا، فجزء من قوة الاقتصاد الأمريكي وقدرته على التغلب على عجوزات الموازنة والميزان التجاري وعجز الحساب الجاري، هو الودائع الأجنبية الضخمة في النظام المصرفي الأمريكي، وهي التي جعلت الدولار قوياً كما هو الآن، ومكّنت أمريكا أن تنفق أكثر من تدخر، وتستورد أكثر مما تصدر.
الروس لا يمثلون نسبة كبيرة من الأرصد في البنوك الغربية ولا سيما الأمريكية ولكن الصينيين ودول الخليج واليابانيين يمثلون نسبة كبيرة.
والصينيون وبصورة أقل الخليجيون قد تقلقهم مثل هذه الخطوة، وقد تبدأ بكين تحديداً في مراجعة سياستها في شراء السندات الأمريكية وإيداع أموالها في المصارف الغربية وهي الممارسات المالية الصينية التي طالما ساهمت في تمويل رخاء أمريكا.
وبالفعل جادلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت لويز يلين وآخرون بأن الاستيلاء على حسابات روسيا يمكن أن يقوض الثقة في الدولار، العملة الأكثر استخداماً في التجارة والمعاملات في العالم.
قد تصبح الدول الأجنبية أكثر تردداً في الاحتفاظ بالأموال في البنوك الأمريكية أو القيام باستثمارات، خوفاً من إمكانية الاستيلاء عليها.
هناك أيضاً مخاوف من أن المصادرة من شأنها أن تضعف الثقة في نظام القوانين والاتفاقيات الدولية التي دافعت عنها الحكومات الغربية بصوت عالٍ.
ولكن يقول المدافعون عن تحويل الأموال لأوكرانيا، إنه لمنع تأثر الدولار، يجب أن يكون التحرك ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بتناغم، بما في ذلك اليورو والين.
يقول تقرير صحيفة The Washington Post هذا من شأنه ردع المعتدين ولكن ليس له تأثير آخر، لأن البلدان التي تريد المتاجرة بالدولار واليورو والين ليس لديها أصول سائلة بديلة للاحتفاظ بها (أي ما زال ليس هناك بديل للدولار واليورو).
يقول لورنس ترايب، أستاذ القانون الدستوري بجامعة هارفارد، بحسب قانون عام 1977، فإن الحسابات المتعلقة بتأثير القرار على الدولار ستسهم في إتخاذ صانعي السياسات الأمريكيين لهذا القرار من عدمه أكثر من العوامل القانونية. لكنه يرى أن تلك المخاوف السياسية الأوسع غير مقنعة.
وقال ترايب: "من الجنون القول إن مصادرة الأصول أمر مزعزع للاستقرار أكثر من خوض حروب عدوانية". "إن بقاء الاقتصاد العالمي مهدد بشكل أكبر بكثير جراء الطريقة التي تتصرف بها روسيا" أكثر من أي انتقام مالي غربي، حسب قوله.
وأضاف: "إن أخذ مليارات الدولارات له تأثير أكبر سواء كعقاب أو كرادع لأي معتدين محتملين من توجيه تهم بارتكاب جرائم حرب".
وبالفعل أعطى قاض فيدرالي في مانهاتن بنيويورك الضوء الأخضر الشهر الماضي لمصادرة 5.4 مليون دولار من رجل أعمال روسي يواجه عقوبات هو كونستانتين مالوفيف. وتسعى إستونيا أيضاً إلى تمرير تشريع يمنح الحكومة هناك سلطات مماثلة.
هل يطبق القرار على حروب واشنطن؟
في المقابل، يشعر الخبراء الغربيون بالقلق من أن مثل هذه الخطوة قد تعرض الأصول الأمريكية والأوروبية المملوكة في بلدان أخرى لخطر أكبر للمصادرة في المستقبل إذا كان هناك نزاع دولي.
وتتجاهل معظم التقارير التي تتناول الموضوع حقيقة واضحة للغاية أنه قد يكون من الصحيح قانونياً وأخلاقياً محاكمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المحكمة الجنائية الدولية وتحويل أموال روسيا لإعمار أوكرانيا، ولكن ألا ينطبق ذلك على الحروب الأمريكية في العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط علماً بأن حروب أمريكا وبعض حلفائها مثل فرنسا وبريطانيا أعلى وتيرة وأكثر من حيث عدد ضحايا بكثير من حروب روسيا.
وعانى العراقيون بشدة ودمرت بلادهم من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي تم دون سند قانوني ودون موافقة مجلس الأمن، وبادعاءات عن وجود أسلحة الدمار الشامل ثبت أنها غير صحيحة، وحجم الدمار الذي ألحقته أمريكا بالعراق يفوق ما ألحقته روسيا بأوكرانيا.
وليس هناك تقدير دقيق للضحايا العراقيين للغزو الأمريكي، خاصة أن أعداداً كبيرة من الضحايا غير المباشرين، ولكن بعض التقديرات تشير إلى نحو مليون قتيل وهذا العدد تم تقديره قبل أعوام.
بالطبع يتجاهل الغرب أيضاً الإشارة للحروب الإسرائيلية المتعددة في المنطقة والتي قتلت آلافاً من الفلسطينيين وأسرت آلافاً آخرين وتسببت تشريد ملايين وتنكر وجود دولتهم.
كما قتلت عشرات الآلاف من العرب الآخرين منهم أعداد كبيرة من المصريين في حرب 1967، إضافة لمذبحة مدرسة بحر البقر، ومذبحة قانا في لبنان.
وينطبق المعيار نفسه على المذابح الفرنسية في الجزائر.
ما يتجاهله الغرب أنه لو فتح ملف محاكمات الزعماء المذنبين بحق الشعوب الأخرى والتعويضات فالغرب هو الخاسر.
وحتى لو لم يستطع الضحايا في العالم الثالث الحصول على التعويضات أو محاكمة القادة الغربيين مثل جورج بوش الابن، فإن هذا سيرسخ حقيقة ازدواجية المعايير الغربية والتي هي أكبر ما يفند ادعاءات الغرب عن السمو الأخلاقي وتجعله يعطي لنفسه حق وعظ الآخرين ومحاكمتهم.