في حادث هو الأول من نوعه والأخطر بين موسكو وواشنطن منذ بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أن وزارته استدعت السفير الروسي لدى واشنطن، إثر "حادث تصادم" بين مقاتلة روسية وطائرة تجسس مسيرة أمريكية يوم الثلاثاء 14 مارس/آذار 2023، حيث لبَّى السفير الروسي الاستدعاء ووصل إلى مقر الخارجية في واشنطن، بحسب ما ذكره البيت الأبيض.
ما الرواية الأمريكية حول سقوط الطائرة (إم كيو-9)؟
بحسب الأمريكيين، فقط سقطت الطائرة الأمريكية (إم.كيو9) بسبب "احتكاك" مع مقاتلة سوخوي روسية (سو-27) مما أدى إلى سقوطها في البحر الأسود.
وقال الجيش الأمريكي، في بيان، إن مقاتلة روسية من طراز سو-27 (سوخوي)، اصطدمت بطائرة مسيرة تستخدم لأغراض تجسسية من نوع ريبر، تابعة له، فوق البحر الأسود؛ حيث يراقب حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة المنطقة بتركيز عالٍ منذ بداية حرب أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
وبحسب بيان الجيش، فإن المسيّرة كانت تقوم بجولة روتينية في "المجال الجوي الدولي" عندما اصطدمت بها مقاتلة روسية من طراز سو 27 ما أدى إلى سقوط المسيّرة.
"تصرف متهور".. كيف علق البيت الأبيض على الحادثة؟
من جانبها، أدانت واشنطن ما وصفته بـ"التصرف المتهور" بعد اصطدام الطائرة الروسية بالمسيّرة الأمريكية. وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن هذا النوع من الحوادث فوق البحر الأسود ليس خارجاً عن المألوف، لكنه أضاف أن "هذا الحادث جدير بالملاحظة بسبب أن كان غير آمن وغير مهني".
وأشار كيربي إلى أنه تم إبلاغ الرئيس الأمريكي جو بايدن بما حدث، وأكد أن وزارة الخارجية الأمريكية ستتواصل مع وزارة الخارجية الروسية، مضيفاً أن الحادث لن "يردع" الجيش الأمريكي عن تنفيذ مهماته.
وقال كيربي: البحر الأسود ليس ملكاً لأي دولة. سنواصل القيام بما نحتاج إلى القيام به من أجل مصالح أمننا القومي في ذلك الجزء من العالم.
كيف ردت روسيا على التصريحات الأمريكية؟
نفت وزارة الدفاع الروسية أن يكون "حادث تصادم" قد وقع بين طائرة مقاتلة تابعة لها والمسيرة الأمريكية، وأشارت إلى أن سلاح الجو "لم يستخدم الأسلحة ولم يؤثر على المسيرة الأمريكية" التي سقطت في البحر الأسود.
وقالت وزارة الدفاع في بيان إن المسيّرة الأمريكية حلقت على علوّ منخفض في مناورة "خطيرة" ثم "اصطدمت بسطح الماء".
من جهته، قال السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، بعد مفاوضات مع الجانب الأمريكي إن "الطائرات والسفن الحربية الأمريكية لا يجب أن تقترب من حدود روسيا الاتحادية؛ لأنه لا عمل لها هناك"، بحسب ما ذكرته وكالة تاس.
وتساءل أنتونوف: "هل يمكن لك تخيل مسيرة من هذا النوع تطير فجأة في سماء نيويورك أو سان فرانسيسكو؟ هل يمكنك تخيل ردّة فعل البنتاغون ووسائل الإعلام الأمريكية؟".
ووصف أنتونوف اقتراب المسيرة الأمريكية من شبه جزيرة القرم بالعمل "الاستفزازي"، ولكنه قال في الوقت نفسه إن هناك مشاكل في ترسيم الحدود البحرية إذ لا تعترف الولايات المتحدة بسلطة روسيا على القرم. وأكد أنتونوف أن "روسيا لا تريد مواجهة مع الأمريكيين"، وأنها تفضل "علاقات براغماتية تخدم مصلحة الشعبين الأمريكي والروسي".
ما أهمية استعادة حطام الطائرة بالنسبة لواشنطن وهل يمكنها ذلك؟
من جهتها ذكرت شبكة إن بي سي نيوز الأمريكية نقلاً عن مسؤولين لم تسمّهم أن الولايات المتحدة تدرس احتمال استعادة حطام المسيرة، ولكن الجيش الروسي بإمكانه الوصول إلى المسيرة قبل أية سفينة أمريكية أخرى.
ولم يذكر الجيش الأمريكي ما إذا كان الجيش الروسي حدد مكان الطائرة وبدأ عملية لاستعادتها. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية قيل إنها لعملية أطلقتها القوات الروسية لاستعادة الطائرة. ولا يمكن حسم هذا الأمر حتى الآن ولا تأكيد من الجانبين الروسي أو الأمريكي عليه. ومن الواضح أن واشنطن تفضل ألا تقع هذه التكنولوجيا الحساسة والحديثة في أيدي الكرملين لما قد تحتويه من معلومات هامة وحساسة.
وهذه هي المرة الأولى التي تؤدي فيها مواجهة غير آمنة مع الطائرات الروسية إلى إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، وفقاً لما قاله جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.
وقال: "ستواصل الطائرات الأمريكية والحليفة العمل في المجال الجوي الدولي وندعو الروس إلى التصرف بشكل مهني وآمن"، حسب تعبيره.
هل سبق أن وقعت أحداث مشابهة؟
في عام 2019، أسقطت إيران طائرة مراقبة بحرية واسعة النطاق تابعة للبحرية الأمريكية – طائرة بدون طيار، وهي نسخة من RQ-4 Global Hawk التابعة للقوات الجوية، في مضيق هرمز، مما دفع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب إلى التفكير في توجيه ضربة انتقامية.
لكن ترامب تراجع في وقت لاحق، مشيراً إلى أن توجيه ضربة قد يؤدي لوقوع خسائر في صفوف المدنيين. في النهاية، قدمت الدولتان ادعاءات متناقضة، وقلل المسؤولون العسكريون الأمريكيون في نهاية المطاف من أهمية الحادث.