جاء الكشف عن تصميم طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية ليثير تساؤلات حول قدرة بكين على منافسة الدول الغربية في هذا المضمار، وهل تكون طائرة الجيل السادس هذه نسخة من التصميمات الأمريكية الجاري تطويرها أم تكون بداية تفوق بكين على واشنطن؟
ونشرت صحيفة غلوبال تايمز الصينية المدعومة من الدولة، أول مخطط من نوعه لتصميم طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية، التي هي قيد التصميم والتطوير حالياً، حيث عرضت مقطع فيديو ظهر فيه تصميم طائرة الجيل السادس التابعة لشركة صناعة الطيران الصينية.
وأظهر التصميم تشابهاً بشكل مذهل مع العديد من تصميمات الطائرات الأمريكية من الجيل السادس، حسب موقع مركز التطوير العسكري "warriormaven".
ما الفارق بين أجيال الطائرات؟
أكثر المقاتلات العاملة حالياً تطوراً في العالم هي مقاتلات الجيل الخامس، وعلى رأسها المقاتلتان الأمريكيتان إف 22، وإف 35، والصينية J-20، (وهناك صينية أخرى قيد التطوير هي J-31)، وهناك الروسية سوخوي 57 التي تشكك المصادر الغربية في دخولها للخدمة وأن بها خصائص متطورة كافية لاعتبارها طائرة جيل خامس، وهناك المقاتلة الكورية KF-21 "بوراما" التي تعتبر طائرة جيل رابع ونصف، ولكن قابلة للتطوير لتصبح جيلاً خامساً، إلى جانب مشروعات قيد التطوير لدى تركيا والهند واليابان.
ويفترض أن أبرز سمات الجيل الخامس التي تميزها عن مقاتلات الجيل الرابع والرابع والنصف هي الشبحية، أي إن لديها قدرة عالية على الاختفاء من على شاشات الرادارات، وكذلك انخفاض البصمة الحرارية والكهرومغناطيسية.
ولم يتم الاستقرار بعد على سمات نهائية لمقاتلات الجيل السادس، ولكن يعتقد أنها ستكون مقاتلات نفاثة بتصميم أكثر تقدماً من مقاتلات الجيل الخامس النفاثة التي تعمل حالياً في الخدمة أو قيد التطوير، وضمن ذلك القدرة على البقاء في سماء العدو، ومتكيفة مع بيئة التهديد المستقبلية، ومزودة بقدرات عالية للحرب الإلكترونية وحتى قدرات الحرب الفضائية، وقدرات شبحية أعلى وأكثر عملية من الجيل الخامس.
ويُعتقد أن واحدة من سمات مقاتلات الجيل السادس الرئيسية ستكون إمكانية أن تعمل بدون طيار، أو يتحكم الطيار أو الملاح الذي يقودها بطائرات مسيرة مرافقة.
كما يُعتقد أن طائرات الجيل السادس سوف تركز على قدرات شبكية ذات حركة مرور عالية لتوفير القدرة الكاملة للحصول على البيانات من جهات مختلفة مع سرعة اتخاذ القرار، وتوفر قدرات الذكاء الاصطناعي، ودمج البيانات مع الاستخدام المحتمل لأسلحة الطاقة الموجهة مثل الليزر.
إليك أبرز مشروعات طائرات الجيل السادس الشبحية
وحتى الآن لم تنتج أي دولةٍ طائرات جيل سادس شبحية باستثناء الولايات المتحدة التي كشفت قبل أشهر قليلة عن القاذفة الأمريكية الشبحية الجديدة بي-21، التي تم عرضها بشكل جزئي أمام الإعلام؛ خوفاً من سرقة الصين للتصميم، ويزعم المسؤولون الأمريكيون أنها سوف تحدث نقلة تاريخية في الحروب الجوية، ويفترض أنها أول طائرة من الطراز الجديد ستدخل في الخدمة لاحقاً خلال العقد الجاري
ولكن لم تخرج للنور أي مقاتلة جيل سادس شبحية، ولكن هناك عدة برامج قيد التطوير.
فلقد بدأ برنامج NGAD في أوائل عام 2010 لتطوير نظام التفوق الجوي لعام 2030 للقوات الجوية الأمريكية، ويهدف البرنامج إلى تطوير العديد من التقنيات الرئيسية في مجالات مثل: الدفع، والتخفي، والأسلحة المتقدمة، والتصميم الرقمي، والإدارة الحرارية لبصمة الطائرة الحرارية.
ويعتقد أن هذا البرنامج لم يطور نموذجاً بعينه (أو قد طور نموذجاً سرياً)، بل هو مجموعة من المسابقات الصناعية المتكررة وعمليات المحاكاة في عملية التصميم والتصنيع من تطوير وتحديد سمات برنامج التطوير.
ويوصف مشروع NGAD بأنه "عائلة من الأنظمة"، حيث تشكل "المقاتلة الشبحية من الجيل السادس" محور النظام، ومن المحتمل أن تكون أجزاء أخرى من النظام طائرات مسيرة مرافقة، لتحمل ذخائر إضافية وأداء مهام أخرى.
كما تتنافس بريطانيا وفرنسا على تطوير مقاتلات الجيل السادس عبر مشروعين كبيرين، يضم المشروع البريطاني الذي يدعى The Tempest إيطاليا والسويد وقد يشمل أيضاً اليابان، بينما يضم المشروع الفرنسي الجديد (NGF) كلاً من ألمانيا وإسبانيا.
عين الصين على التصميمات الأمريكية المتنافسة على مشروع مقاتلة الجيل السادس
تصميم أو تصميمات طائرة الجيل السادس الأمريكية السرية إلى حد كبير ليست مرئية للجمهور بعد لأسباب أمنية.
ولكن في إطار التنافس لإنتاج طائرة جيل سادس أمريكية، ظهرت عدة تصميمات أولية قدمها العديد من مصنعي الطائرات في الولايات المتحدة والذين يأملون التنافس على برنامج المقاتلات الشبحية من الجيل السادس في الولايات المتحدة.
ويُظهر مخطط طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية تصميمات مماثلة تظهر فيها الطائرة مسطحة ومخلوطة وجسم الجناح بدون زعانف أو هياكل عمودية.
تُظهر التصميمات التي قدمتها كل من شركتي لوكهيد ونورثروب جرومان منذ عدة سنوات، طائرة من الجيل السادس ذات سطح أملس أو سلس (بدون زوايا أو نتوءات)، بدون ذيول أو زعانف لزيادة قدرات التخفي.
وعلى الرغم من أن النموذج الأولي الفعلي الأحدث أو التصميم التجريبي للمقاتلة الأمريكية من الجيل السادس، المسمى Next-Generation Air Dominance، غير معروف أو متاح للجمهور، فإن التصميم الصيني يبدو مشابهاً بشكل لافت للنظر، لتلك التي قدمتها شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية منذ عدة سنوات، حسب موقع warriormaven الأمريكي.
فهو يعتمد على "تصميم جسم الجناح الممزوج" القادر على توفير "رفع أعلى ومدى أطول واستهلاك أقل للوقود"، ومع ذلك فإن الميزة الأكبر المرتبطة بهذا التصميم تكمن على الأرجح في قدرات التخفي.
تساعد الهياكل الرأسية مثل الذيول والزعانف بالطبع بشكل كبير على زيادة السرعة والقدرة على المناورة والتوجيه.
ولكن في الوقت نفسه، تقلل قدرات التخفي.
فالهياكل البارزة أو الرأسية وكذلك الأسلحة المعلقة في نقاط خارجية أو حاضنات أسلحة، يمكن اكتشافها بواسطة موجات رادارات العدو، لأن الموجات ترتد عن هذه الأشكال.
فالحواف الحادة والذيل، على سبيل المثال، أكثر قابلية للاكتشاف من قبل رادار العدو من طائرة خالية منها، مثل القاذفة الأمريكية الشبحية B-2.
هذا هو السبب في أن المقاتلات الشبحية مثل F-35 تطير مع حجرة أسلحة داخلية يهدف أن يكون سطحها الخارجي أملس بقدر المستطاع وخالياً من النتوءات والبروز مثل نقاط حمل الأسلحة.
ولكن المشكلة أنه بدون ذيول عمودية، ستخسر المقاتلة القدرة على المناورة، ولهذا السبب تستخدم هذه التقنيات التصميمية فقط حتى الآن في القاذفات الشبحية التي لا تحتاج للسرعة أو المناورة.
ولكن بالنسبة للمقاتلات، يجب استخدام تقنيات بديلة لتعويض غياب الذيل، مثل توجيه الدفع بمحركات قادرة على التحكم ودفات الفرامل المنقسمة، أو غير ذلك من الأساليب المبتكرة، كما نقلت الصحيفة الصينية عن محللين عسكريين.
بكين قطعت شوطاً في جعل مقاتلاتها سفينة أُمّاً للمسيرات
بينما تقول أمريكا إن أكبر ميزة منتظرة في المقاتلة الشبحية من الجيل السادس التي تطورها هي أنها ستكون قائدة ومدربة للطائرات المسيرة أو سفينة أُماً للطائرات المسيرة، فالمفارقة أن الصين يعتقد أنها قطعت شوطاً أكبر في تطوير هذا المفهوم.
فقد تصبح بكين أول دولة في العالم تطلق طائرة مسيرة يتم التحكم فيها من المقاتلات التي يقودها الطيارون من المقاتلات المأهولة.
فوفقاً لتقرير لموقع Eurasian Times، نقلاً عن مصادر صينية، فإن بكين تسعى لإنتاج نسخة ذات مقعدين من طائرتها المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس J-20، التي دخلت الخدمة، على أن تكون بأنظمة حرب إلكترونية قوية (EWS)، وتنشر طائرات بدون طيار، لمساعدتها في القتال وعمليات الاستطلاع.
التشابه بين تصميم طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية والتصميمات الأمريكية، بالطبع ليس مفاجئاً لكثيرين؛ نظراً إلى وجود قلق أمريكي كبير بالفعل بشأن الجهود الصينية لنسخ أو استخدام التجسس الإلكتروني للحصول على مواصفات الأسلحة الأمريكية.
فالمقاتلة الشبحية الصينية J-20 التي دخلت الخدمة، يعتقد أنها متأثرة بالطائرات الشبحية الأمريكية مثل إف 22 رابتور، والـ"إف 35″، أكثر من نظيراتها الروسية سوخوي 57، وكذلك الطائرة الشبحية الصينية J-31 التي تطورها شركة صينية بجهود ذاتية ويعتقد أنها مشابهة بشكل كبير للطائرة الأمريكية إف 35.
ولكن اللافت هنا أنه في طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية يحاول المطورون محاكاة أكثر فقط من التصميم الخارجي، فهم مهتمون بتطوير المفاهيم التقنية المعقدة على الطريقة الأمريكية أو على الأقل تأثراً بها.
إذ يتماشى تركيز التقنيات المصممة لتزويد الطيارين بذكاء منطقة حرب "سهل الفهم" والذي يناقشه الصينيون، تقريباً تماماً مع "اندماج المستشعرات" الذي تتم مناقشته كثيراً، في طائرة F-35، ويتم تجميع البيانات من كاميرات بزاوية 360 درجة والاستهداف الكهروضوئي بعيد المدى والتفاصيل الملاحية وأنظمة التحذير من التهديدات والمتغيرات الأخرى مثل السرعة والارتفاع وزاوية الاقتراب، وتقطيرها وتحليلها ودمجها، وتقدم للطيارين على شاشة واحدة.
تصف الورقة الصينية التي نشرت مؤخراً، كيف يجب أن تكون الطائرة قادرة على تشكيل شبكة، ورسم صور ظرفية متكاملة في الوقت الفعلي، وإنشاء طرق هجوم متعددة، ونقل معلومات الهدف عبر مناطق المهمة في الوقت الفعلي.
في الوقت نفسه، يحتل الذكاء الاصطناعي (AI) مكانة بارزة عندما يتعلق الأمر بالعمل المفاهيمي المبكر والنماذج الأولية ذات الصلة بعمل مقاتلات الشبح الأمريكية من الجيل السادس.
ربما سيتم دمج مزيد من البيانات، وضمن ذلك الحرب الإلكترونية والفضاء ومستقبلات الإنذار بالرادار وأنواع المؤشرات السيبرانية وغير المعروفة بشكل متزايد في أنظمة الذكاء الاصطناعي المدمجة. يمكن للخوارزميات المتقدمة إجراء تحليلات بسرعة على مجموعة واسعة من المعلومات الواردة، واتخاذ قرارات وحسابات وتحليلات في الوقت الفعلي تقريباً لورود البيانات.
غالباً ما يشار إلى تحسين سرعة اتخاذ القرار وتوفير الوضوح للطيارين باسم "تخفيف العبء المعرفي". هذه هي المبادئ الأساسية للبرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تمثل نقاط التركيز المنشود في الجيل الجديد من المقاتلات الشبحية الصينية.
الجلود الذكية وسيلة مذهلة للتخفي
سوف تنتقل طائرات الجيل السادس لمرحلة جديدة في التخفي.
تعد المستشعرات المطابقة المنسوجة في جسم الطائرة، والتي تسمى غالباً "الجلود الذكية"، بعض أنواع التقنيات التي يُعتقد أنها أمثلة على التطبيقات الأحدث التي من المحتمل أن تميز بناء مقاتلات الجيل السادس.
أجرى الصينيون أبحاثاً لتطوير تقنية شبحية تعتمد على شبكات معقدة تصنع منها أسطح الطائرات الخارجية أو تغطى بها، أثارت هذه الأبحاث قلق وانتباه الأمريكيين.
فتكوينات التخفي الإضافية أو الجديدة، والأسلحة المتقدمة مثل الليزر، والمحركات التكيفية و"القدرة على قيادة الطائرات بدون طيار"، كلها سمات تم الاستشهاد بها في التقرير الصيني.
هل تستفيد طائرة الجيل السادس الشبحية الصينية من تطور صناعاتها المدنية؟
في حين تمت مناقشة الكثير بخصوص المظهر الخارجي الخفي لطائرات الجيل الخامس الصينية وهل تم اقتباسها من المقاتلة الأمريكية F-35، لم يُعرف الكثير عن المواصفات الفنية الداخلية للمقاتلات الصينية المتقدمة.
والهامش الحقيقي للاختلاف، عندما يتعلق الأمر بما قد يجعل أو لا يجعل طائرة من الجيل الخامس أو السادس متفوقة على أخرى، قد يكمن على الأرجح في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الحوسبة والاستشعار والاستهداف والمناورة وأنواع مختلفة من تكتيكات الهجوم.
وقد حقق الصينيون تقدماً كبيراً في مجال الحوسبة والذكاء الاصطناعي بشكل كبير جراء تقدمهم في الصناعات المدنية بهذا الحقل، وهو أمر أدى إلى تفوقهم في هذه المجالات على معلميهم الروس، ولكن لا يعتقد أنهم تفوقوا على الأمريكيين بعد.
ولكن الواقع أن القرصنة الصينية المكثفة تكفل لهم نقل جزء من أفضل ما لدى الأمريكيين من ناحية وهم يقومون في الوقت ذاته بإضافة جهودهم التطويرية الذاتية، تساعدهم إمكانيات مالية لا تقل كثيراً عن الأمريكيين، ونظام مركزي صارم، وعمالة مدربة أرخص كثيراً مما لدى الأمريكيين، وشركات تقنية مدنية عملاقة مع غياب أي قيود على عملية نقلها للتقنيات للمجال العسكري.
لعقود، ظل الأمريكيون والأوروبيون يهزأون من تقليد الصين للمنتجات العسكرية الروسية والغربية، ويتوقعون أنها سوف تكون مثل لعب الأطفال الصينية الرديئة، والسيارات المنقولة بشكل مشوه من التصميمات اليابانية والغربية.
ولكن اليوم تسيطر الصين على صناعة لعب الأطفال في العالم، وهي أكبر منتج للسيارات في العالم مع تطور لافت في سياراتها، خاصةً الكهربائية.
وفي المقاتلات، يعترف المحللون الغربيون الآن بأن طائرات J-11 وj-16 الصينية المستنسخة من سوخوي 27 و30 الروسية أفضل من الأصل الروسي على الأقل في بعض المجالات مثل الرادارات، مما قد يجعلها متفوقة على نظيرتها الأمريكية إف 15 ولو جزئياً.
أما المقاتلة الشبحية J-20، التي كان يتم التندر عليها، فقد أصبح الغرب يراها أكثر شبحية من سوخوي 57 الروسية، وأنها مشروع أكثر جدية من مشروع موسكو، بل بات بعض الأمريكيين يحذّرون من أنها تتفوق في بعض النواحي العملياتية على الـ"إف 35″ والـ"إف 22″ الأسطورية، وتحديداً في المدى وقوة الصواريخ التي تحملها، كما تقر واشنطن بأن بكين تتفوق عليها في مجال الصواريخ فرط الصوتية، وهو المجال الذي لم تدخله واشنطن بعد.
وبالنظر إلى أن أي طائرة من الجيل السادس سوف تعتمد بالأساس على الذكاء الاصطناعي والشبحية المعقدة والعمل بالتحالف مع الطائرات المسيرة، وهي مجالات حققت فيها بكين تفوقاً على روسيا وحتى أوروبا، فإن هذا ينذر بأنها بالجمع بين قرصنة التصميمات الأمريكية والتطوير الذاتي، فإن طائرة الجيل السادس الصينية قد تهدد التفوق الأمريكي أو على الأقل سوف تقلل الفجوة مع واشنطن بشكل غير مسبوق.