أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين 10 أبريل/ نيسان 2023 بدء تشغيل حاملة الطائرات التركية تي سي جي أناضول؛ والتي تعد الأولى في العالم في هذا الإطار، والتي استمر تطويرها ما يقرب من عقد من الزمان.
وتعتبر حاملة الطائرات، هي الأولى لتركيا كما أنها ستعزز من قدرة الجيش التركي على إبراز القوة والعمليات الاستكشافية، وستجعل تركيا واحدة من الدول القليلة التي لديها حاملة طائرات محلية الصنع، بحسب تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
لكن تي سي جي أناضول ستكون أكثر من مجرد أول حاملة طائرات تركية؛ إذ ستصبح أيضاً أول سفينة مسطحة في العالم بجناح جوي يتكون في الغالب من طائرات مسيَّرة.
دخلت الولايات المتحدة مع تركيا في خلاف بسبب شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الجوي الروسية s-400، وبسببها فضت الشراكة بين تركيا والولايات المتحدة في برنامج طائرات إف-35 في عام 2019، تاركة أنقرة دون طائرات مقاتلة لحاملتها الجديدة. لكن المسؤولين الأتراك كانوا مصممين على تشغيل طائرات ثابتة الجناحين على متن حاملة الطائرات تي سي جي أناضول، وتحولوا إلى صناعة الطائرات المسيَّرة ذات القدرات المتزايدة في تركيا لسد الفجوة.
لا طائرات إف-35
بطول 757 قدماً وعرض 105 أقدام ووزن 27,436 طناً، ستكون تي سي جي أناضول أكبر سفينة حربية تابعة للبحرية التركية. تبلغ سرعتها القصوى 20.5 عقدة، ومدى 9 آلاف ميل بحري، ويمكن أن تعمل في البحر لمدة 50 يوماً.
بالمعنى الدقيق للكلمة، ليست تي سي جي أناضول حاملة طائرات مخصصة، ولكنها سفينة هجومية برمائية -على وجه التحديد رصيف لهبوط المروحيات-. يعتمد تصميمها على شركة بناء السفن الإسبانية Navantia's Juan Carlos I-class، والتي تعد أيضاً أساس اثنين من أرصفة هبوط المروحيات من فئة كانبيرا. ومن المقرر أيضاً إنشاء رصيف تركي آخر، سيُطلَق عليه اسم TCG Trakya.
طُلِبَت تي سي جي أناضول في عام 2015، ووُضِعَت في فبراير/شباط 2018، وأُطلِقَت في أبريل/نيسان 2019. وكان من المقرر بدء تشغيلها في عام 2021، ولكنها أُجِّلَت بسبب جائحة كوفيد.
كان من المخطط أن يتكون الجناح الجوي لحاملة الطائرات أناضول من طائرة شبحية من طراز إف-35 بي. كانت تركيا شريكاً من المستوى الثالث في برنامج إف-35 الذي تقوده الولايات المتحدة، حيث تصنع الشركات التركية حوالي 900 قطعة للطائرة.
بحلول عام 2019، ساهمت تركيا بمبلغ 1.4 مليار دولار في البرنامج، وتلقت 6 من أصل 30 طائرة من طراز إف-35 طلبتها (سُلِّمَت الطائرات في الولايات المتحدة ولم تصل أبداً إلى تركيا). كان هناك حوالي 20 طياراً ومسؤول صيانة في الولايات المتحدة يتعلمون كيفية تشغيلها.
ومع ذلك، في يوليو/تموز من ذلك العام، خرجت تركيا من برنامج إف-35 بسبب شرائها نظام صواريخ أرض-جو إس-400 الروسي، والذي كان مسؤولو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي قلقين من أنه يمكن استخدامه لجمع معلومات استخبارية عن إف-35.
طائرات مسيَّرة على متن الحاملة التركية
كان بإمكان تركيا أن تجعل من أناضول حاملة طائرات هليكوبتر، كما فعلت أستراليا بسفنها من طراز كانبيرا، لكن رغبة تركيا في إجراء عمليات استطلاعية وضربات بعيدة عن شواطئها تتطلب طائرات ثابتة الجناحين.
لحسن الحظ بالنسبة للبحرية التركية، لم يكن عليها البحث بعيداً عن بديل، حيث أصبحت تركيا واحدة من الشركات الرائدة في تصنيع الطائرات المسيَّرة في العالم.
لا يزال التركيب الدقيق للجناح الجوي لأناضول غير محدد، لكنه سيتألف في الغالب من طائرات بيرقدار تي بي 3، وهي البديل البحري من بيرقدار تي بي 2 الشهيرة الذي تصنعه شركة الدفاع التركية بايكار.
ستحصل طائرات بيرقدار تي بي 3 المسيَّرة، التي لا تزال قيد التطوير، على عدد من التحسينات، بما في ذلك وزن إقلاع أعلى، وأجنحة أطول يمكن طيها للتخزين، وحمولة إجمالية تقارب ضعف تلك الموجودة في بيرقدار تي بي 2. سيمكِّن ذلك بيرقدار تي بي 3 من حمل ما لا يقل عن قنبلتين ذكيتين إضافيتين موجهتين بالليزر والطيران أبعد من بيرقدار تي بي 2، بينما تتمتع بقدرة تحمل مماثلة تبلغ حوالي 24 ساعة.
نموذج آخر من المتوقع أن يكون في الجناح الجوي لحاملة الطائرات أناضول هو طائرة بيرقدار قزل إلما، وهي طائرة مسيَّرة تعمل بالطاقة النفاثة ولا تزال قيد التطوير. تتمتع الطائرة قزل إلما بنطاق يبلغ 500 ميل بحري وسقف يبلغ 35 ألف قدم وحمولة 1.5 طن وسرعة إبحار 0.6 ماخ.
وسيكون لديها رادار نشط يمسح ضوئياً إلكترونياً، وسيكون قادراً على العمل بشكل مستمر لمدة 5 ساعات. وتقول الشركة المصنِّعة، بايكار، إنها ستتمتع أيضاً بخصائص أخرى بفضل المقطع العرضي الزاوي وخلجان الأسلحة الداخلية. وزعمت وسائل الإعلام التركية أن طائرة قزل إلما ستكون قادرة على أداء دعم جوي قريب، وقمع وتدمير الدفاعات الجوية للعدو، والقتال الجوي.
أجرت الطائرة رحلتها التجريبية الثانية الشهر الماضي، وتزعم شركة بايكار أنها ستكون قادرة على الإقلاع من حاملات الطائرات قصيرة المدى دون مقلاع. ومن المتوقع أن تقوم طائرة بيرقدار تي بي 3 بأول رحلة له هذا العام.
دعم البنية التحتية للمسيرات
تجري إعادة تجهيز حاملة الطائرات أناضول بشكل طفيف لدعم البنية التحتية لعمليات الطائرات المسيَّرة، مثل محطات التحكم في الطائرات المسيَّرة مع محطات الأقمار الصناعية للاتصالات بعيدة المدى. ويجري تثبيت نظام الأسطوانة للمساعدة في إطلاق طائرة بيرقدار تي بي 3 في مقدمة السفينة، وسيُثبَّت نظام تعليق الخطاف على سطح السفينة لتمكين طائرة قزل إلما من الهبوط بأمان. وستتوفر أيضاً شبكات الأمان لعمليات هبوط بيرقدار تي بي 3.
وبالإضافة إلى الطائرات المسيَّرة، ستعمل حاملة الطائرات على استخدام طائرات هليكوبتر ميدانية، بما في ذلك الطائرة تي-129 المصنَّعة محلياً. أجرت البحرية التركية بالفعل تدريبات باستخدام مروحيات هجومية من طراز إيه إتش-1 سوبر كوبرا وطائرات هليكوبتر متعددة الأغراض من طراز إس إتش-70 بي تعمل على سطح حاملة الطائرات أناضول.
قال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار إن أناضول يمكنها حمل ما يصل إلى 94 مركبة في المجموع. ويشمل ذلك المركبات المدرعة مثل دبابة ألتاي التركية ومركبة الإنزال، والتي يمكن أن تنتشر من سطح البئر الخلفي لحاملة الطائرات. ويمكن للحاملة أيضاً حمل ونشر 700 جندي، ولديها مستشفى بسعة 30 سريراً.
قد يتغير حجم وتركيب الجناح الجوي لأناضول بناءً على مهمتها. قال آكار إنها يمكن أن تحمل 24 طائرة هليكوبتر، بينما قال إسماعيل دمير، رئيس المكتب الحكومي الذي يشرف على صناعة الدفاع التركية، إنه يمكن أن تحمل ما يصل إلى 80 طائرة مسيَّرة، يمكن تشغيل 10 إلى 15 منها في وقت واحد، ما قد يعني مساحة أقل لطائرات الهليكوبتر.
ستصل أناضول في وقت مهم بالنسبة لتركيا، التي تنشط بشكل متزايد في منطقتها وحول العالم. لديها قواعد أو أفراد عسكريون متمركزون في قبرص والعراق وقطر وسوريا والصومال، وهي متورطة في الحرب الأهلية الليبية.
علاوة على ذلك، فإن استراتيجية تركيا "الوطن الأزرق" تضعها على خلاف مع جيرانها والقوى الأوروبية الأخرى في البحر المتوسط. ازدادت رغبة أنقرة في السيادة على البحر الأسود منذ أن غزت روسيا أوكرانيا العام الماضي.
ستسمح أناضول لتركيا بإبراز قوتها حتى المحيط الهندي، ودعم قواتها أو القوات المتحالفة معها في مهام الاستطلاع والضربة.
وحاملة الطائرات أناضول هي أيضاً جزء مهم من جهود تركيا لتحسين صناعة الدفاع المحلية. حوالي 70% من السفينة وأنظمتها مصنوعة في تركيا، وتسعى أنقرة وراء فرقاطات وطرادات جديدة ستُبنَى في الأغلب محلياً.