حلف المقاتلات.. قصة المحرك النفاث الذي تراهن أمريكا أنه سيبعد الهند عن روسيا ويدفعها لتحدي الصين

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/02 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/02 الساعة 14:10 بتوقيت غرينتش
الطائرة الهندية هيل تيجاس/ويكيبيديا

يبدو أن حظ الهند العاثر بمجاورتها للصين الصاعدة سوف يتغير، فها هي تستفيد من رغبة الولايات المتحدة في مناوأة بكين ومحاصرة روسيا؛ حيث تغري واشنطن نيودلهي بإحداث طفرة في صناعتها العسكرية ضمن أوجه متعددة للتعاون المتصاعد بين الهند وأمريكا، سيتصدره تحالف في صناعة محركات المقاتلات.

فعندما تلقى الجنود الهنود "علقة ساخنة" في العراك بالأيدي والأسلحة البيضاء والهراوات من الجنود الصينيين (أسفر عن مقتل 20 هندياً وخمسة صينيين، حسب بيانات الطرفين)، على الحدود المتنازع عليها، كان الأمر محرجاً جداً لنيودلهي التي تمتلك أسلحة نووية وواحداً من أكبر جيوش العالم.

ولم ينزلق البلدان في المواجهة التي وقعت في منطقة لاداخ شديدة الوعورة والبرودة إلى معركة بالأسلحة النارية، لأن هناك تقليداً بينهما بعدم استخدام أسلحة نارية بالمنطقة، بغرض منع احتمال تصعيد أيّ نزاع بين الجارتين النوويتين.

وكان هذا من حُسن حظ الهند؛ لأنه في مواجهة بالأسلحة الحديثة سيظهر تفوق الصين التي راكمت تحقيق تقدم في إنتاج المعدات العسكرية يُقلق أمريكا نفسها وليس نيودلهي وحدها.

 لكن يبدو أن الهزيمة في هذا الاشتباك غير المسلح، كانت في صالح نيودلهي نوعاً ما لأنها ساهمت، ضمن عوامل أخرى، في تعزيز رغبة الولايات المتحدة في استخدام الهند كمنافس إقليمي للصين، وبدأ ذلك عبر تفعيل تحالف كواد المناوئ لبكين في منطقة آسيا والولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان.

والآن يبدو أن أمريكا لديها في جعبتها المزيد للهند  من أجل معالجة الفجوات الهائلة بينها وبين بكين، وفي مقدمتها الفجوة في المجال العسكري والتقني، مع محاولة إبعاد نيودلهي في الوقت ذاته عن التعاون العسكري مع روسيا.

إذ تخطط الولايات المتحدة والهند للتشارك في تكنولوجيا الدفاع والحاسوب المتقدمة، بما في ذلك الإنتاج المشترك المحتمل لمحركات شركة جنرال إلكتريك النفاثة؛ حيث تسعى إدارة بايدن إلى تحويل نيودلهي بعيداً عن روسيا ومواجهة الصين، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.

تفاصيل مبادرة الهند وأمريكا للتعاون العسكري

تفاصيل الخطة، المعروفة باسم مبادرة الولايات المتحدة والهند بشأن التقنيات الحساسة والناشئة، والتي تم إصدارها يوم الثلاثاء الماضي، تعزز أجندة واشنطن الأوسع لتنمية العلاقات العسكرية والتكنولوجية وسلسلة التوريد مع الدول الشريكة.

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في إيجاز، إن إطار العمل لن يكون مدفوعاً فقط بالتحديات الجيوسياسية التي تفرضها موسكو أو بكين، لكنه أضاف أن التحركات العسكرية الصينية العدوانية والممارسات الاقتصادية التي كان لها "تأثير عميق على التفكير في دلهي" وعواصم أخرى في جميع أنحاء العالم.

والتقى سوليفان بنظيره الهندي أجيت دوفال، الثلاثاء الماضي، وحضر المسؤولان يوم الاثنين حدثًا مع المديرين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا الأمريكية والهندية ورؤساء الجامعات.

ومن المتوقع أن يسافر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الهند لحضور قمة مجموعة العشرين في سبتمبر/أيلول 2023، وأن يلتقي رئيس الوزراء ناريندرا مودي في أستراليا في قمة ما يسمى شركاء الأمن الرباعي، والتي تضم اليابان.

وقال سوليفان، يوم الثلاثاء، مستعرضاً الشراكة بين الهند وأمريكا التي يتوقع أن تشهد نمواً لافتاً: "العوامل الصينية الروسية حقيقية وراء هذا التعاون، وكذلك فكرة بناء نظام بيئي ديمقراطي عميق من التكنولوجيا العالية".

بعد نصف قرن.. مقاتلات نيودلهي ما زالت تتخبط بسبب المحركات وأشياء أخرى

أحد مجالات الاهتمام الهندي بالتعاون مع الولايات المتحدة هو الإنتاج المحلي لمحركات جنرال إلكتريك النفاثة، لاستخدامها في طائراتها المقاتلة.

وتتعثر صناعة المقاتلات الهندية، مقارنة بمنافسيها الصينيين، والكوريين الجنوبيين، بل حتى مقارنة بخصمها الأصغر والأفقر باكستان، والتي أنتجت بالتعاون مع الصين الطائرة JF-17 (قديمة التصميم نسبياً)، التي دخلت الخدمة، وتستعد إسلام أباد وبكين لإنتاج متغير ثالث أكثر تطوراً.

في المقابل، عانى برنامج المقاتلة الهندية هال تيجاس تأخيراً كبيراً وفشلاً في تحقيق الهدف الطموح في الاعتماد على محرك ورادار محليي الصنع، إلى جانب زيادة متطلبات القوات الجوية الهندية، والتي انتهت لتصبح الطائرة أثقل، وخلق هذا بدوره مشكلة لفكرة المحرك المحلي.

في الستينيات، أنتجت الهند أول قاذفة بشكل محلي، وكان المحرك المشكلة الأكبر دوماً أمام نيودلهي، وفكرت في استخدام المحرك الذي كانت أنتجته مصر بقيادة مهندس نمساوي عمل مع النازيين وانتقل للعمل مع مصر.

وكان هذا المحرك يُستخدم في المقاتلة المصرية حلوان (Helwan HA-300) التي طارت بالفعل في عمليات اختبار، ولكن المشروع أوقف بعد حرب 1967.

وبسبب إدراكها لمشكلة المحرك، قبلت الحكومة الهندية في عام 1969، توصية بأن تتبنى مشروع طائرة مقاتلة مع التركيز على إنتاج محرك محلي باعتباره أصعب خطوة في الطائرة.

ولكن القوات الجوية الهندية بدا أن لديها ثقة قليلة في الإنتاج المحلي، خاصة في ضوء عدم فاعلية القاذفة محلية الصنع، وفضلت القوات الجوية الهندية تعاون البلاد مع إحدى الشركات الأجنبية لتجميع طائراتها.

الهند وأمريكا
الطائرة الهندية تعتمد على محرك أمريكي/ويكيبيديا

ونتيجة ذلك تأخر انطلاق البرنامج بشكل رسمي إلى عام 1984 أي بعد 16 عاماً من طرح الفكرة، وكان الهدف محاولة إنتاج طائرة خفيفة، تكون بديلاً للطائرة الشهيرة السوفييتية ميغ 21 التي كانت العمود الفقري للقوات الجوية الهندية وكانت بدأت تتقادم في ذلك الوقت، وكان الهدف أيضاً، بناء صناعة طائرات محلية تكون قابلة للتصدير.

وفي 20 فبراير/شباط 2019، خلال معرض أيرو الهند 2019، منح الترخيص التشغيلي النهائي (FOC) رسمياً للشركة، أي بعد 35 عاماً من انطلاق المشروع و60 عاماً من بدء الفكرة. 

ولكن لذلك لم يكن نهاية الطريقة لأنها ستستغرق سنوات أخرى لكي تدخل الخدمة الفعلية.

فبسبب مشكلات خطيرة في التصميم والأداء والسلامة، لم تشعر قيادة القوات الجوية الهندية بالثقة الكافية لنشر مقاتلة هال تيجاس خلال عملية القصف لباكستان في 26 فبراير/أيار 2019.

ورغم طول المدة، يقال إن أكثر من 60% من المقاتلة الهندية هال تيجاس من "صنع الهند"، والـ40% الباقية مستوردة منها المحرك جاء من الولايات المتحدة، والرادار وإلكترونيات الطيران من إسرائيل.

ولكن الهند تطور رداراً محلياً لطائراتها روسية الصنع سوخوي 30 والمقاتلة الخفيفة هيل تيجاس؛ مما يجعل أنها قاربت على حل هذه المعضلة.

وتبقى مشكلة محرك الطائرة الأجنبي واحدة من أكبر مشكلاتها، وهي مشكلة أكبر لمشروع نيودلهي لتصنيع طائرة جيل خامس شبحية.

ومن هنا تأتي أهمية المبادرة الأمريكية بتقديم تكنولوجيا محركات المقاتلات للهند.

وقال سوليفان إن المسؤولين الأمريكيين يقومون بتقييم اقتراح من جنرال إلكتريك للموافقة على الإنتاج المشترك لمحركات الطائرات الحربية الهندية. ولم يتكهن حول موعد الإعلان عن قريب، مضيفاً أن الدول تهدف إلى "تقدم سريع وطموح".

لماذا يمثل هذا المحرك الأمريكي تحديداً أهمية خاصة للهند؟

سيكون تجميع محركات جنرال إلكتريك في الهند خطوة نحو تقليل الاعتماد التاريخي للبلاد على روسيا في المعدات العسكرية، وهو في الوقت ذاته تعزيز للدبلوماسية الأمريكية في محاولة لعزل موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.

وتقوم الهند الآن بتشغيل مزيج من الطائرات الروسية والأوروبية والمنتجة محلياً في أسطولها المقاتل؛ مما يعكس موقعها خارج مدارات القوى العظمى، حيث إنها لا تعتمد على نفسها في مجال المقاتلات والدبابات؛ مثل دول كالصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.

فمنافستها الصين أصبحت تنتج سلسلة من مقاتلات الجيل الرابع مثل J-10 التي تقارن بـ إف 16 والمشتقات الصينية من سلسلة سوخوي 27 الروسية، وهي مقاتلات J-11  وj-15 وJ-16 والأخيرة تحديداً يقال إنها أفضل من الأصل الروسي سوخوي 27 وتناهز سوخوي 30، بل تنافس النسخة الروسية الأحدث سوخوي 35.

كما أن بكين كانت ثاني دولة في العالم تدخل للخدمة مقاتلة شبحية من الجيل الخامس وحتى قبل معلمتها روسيا، وهي المقاتلة J-20.

وقطعت الصين شوطاً لافتاً في إنتاج محركات المقاتلات والاستغناء عن المحركات الروسية، حتى لو ما زالت اعتماديتها أقل من إنتاج موسكو.

في المقابل، يعتقد أن الصين باتت أكثر تفوقاً، في مجال المواد المركبة الشبحية من روسيا وكذلك في مجال الرادارات، عبر إنتاج رادارات أيسا المتقدمة، الأمر الذي لم تفعله موسكو بعد.

وبصفة عامة ما زالت تكنولوجيا المحركات، خاصة محركات الطائرات، واحدة من أكثر نقاط تفوق الغرب وبصورة أقل روسيا على بقية العالم؛ حيث تمثل مشكلة لكل الدول التي تتحرك لبناء صناعة أسلحة مستقلة ومتقدمة مثل الصين وتركيا، وكوريا وإندونيسيا والهند.

وتمثل محركات جنرال إلكتريك أهمية خاصة لصناعة الطائرات الهندية، بالنظر لأن أشهر محرك تنتجه الشركة الأمريكية العملاقة وهو General Electric F414 يشتهر بجودة واعتمادية عالية، حيث يستخدم في الطائرة الأمريكية الشهيرة إف 18 سوبر هورنيت، وهي مقاتلة البحرية الأمريكية الرئيسية التي تعمل في ظروف البحر الشاقة؛ ما يجعلها في حاجة لمحرك اقتصادي ويتم بالاعتمادية.

الطائرة إف 18 العاملة على حاملات الطائرات الأمريكية/رويترز

وتزود النسخة العاملة حالياً من المقاتلة الهندية هيل تيجاس، بنسخة أقدم من هذا المحرك (F404 وF412)، وهي تعمل على متن الطائرة السويدية الشهيرة جريبين، ولكن يتوقع أن المتغيرات اللاحقة من هذه الطائرة سوف تزود بالنسخة الأقوى F414.

وسيمثل إنتاج الهند ولو جزئياً لهذا المحرك نقلة هائلة للصناعة الهندية، كما أن استخدام القوات الجوية الهندية لهذا المحرك يعد نقلة كبيرة لها مقارنة بمحركات الطائرات الروسية العاملة لديها، والتي تشتهر بأنها أكثر استهلاكية وأقل في الاعتمادية والجودة والعمر وعدد ساعات الطيران، كما تحتاج لوقت أطول في الصيانة.

بالإضافة إلى محركات جنرال إلكتريك، تشمل المبادرة الأمريكية المتعلقة بالتقنيات الهامة والناشئة أيضاً التعاون في أنظمة المدفعية ومركبات المشاة المدرعة والأمن البحري، فضلاً عن أشباه الموصلات والحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي.

واعترف سوليفان بأن الشراكة مع الهند لا تخلو من المخاطر، بالنظر إلى تجارة الأسلحة بين الهند وروسيا، (في إشارة لإمكانية تسرب التكنولوجيا الأمريكية لموسكو عبر نيودلهي).

أمريكا تريد جعل الهند بديلاً للصين في صناعة التكنولوجيا، فهل تستطيع ذلك؟

تشمل أوجه التعاون بين الهند وأمريكا أيضاً مجال أشباه الموصلات، حيث يمكن للهند أن تلعب دوراً في تنويع سلاسل التوريد. وقال سوليفان إن الهند مهتمة بتنمية قدراتها في مجال التعبئة والتغليف وتصنيع الرقائق القديمة.

يمكن أن تشمل هذه الجهود أيضاً خططاً لبناء ونشر بديل للتنافس مع شركة Huawei الصينية على معدات اتصالات الهواتف المحمولة من الجيل الخامس 5G. يفكر البيت الأبيض الآن في فرض حظر كامل على الشركات الأمريكية التي تبيع المعدات لشركة هواوي الصينية، والتي أصيبت بالفعل بالشلل بسبب سنوات من إجراءات الأمن القومي والعقوبات الأمريكية.

وقال سوليفان إن العائق الذي يمنع الهند من امتلاك مرافق تصنيع الرقائق الخاصة بها هو مسألة "إرادة سياسية وسياسة"، وليس نقص المعرفة أو الموهبة.

وتعتمد جهود الولايات المتحدة لإعادة تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة إلى أمريكا إلى حد كبير على إيجاد قوة عاملة مؤهلة. يتضمن أحد أجزاء الاستراتيجية أيضاً تبسيط نظام التأشيرات في الولايات المتحدة، ويعمل البيت الأبيض مع الكونغرس على معالجة المشكلات الحالية المتعلقة بتأشيرات H1B وضمان استمرار الولايات المتحدة في جذب المواهب العلمية والهندسية.

أبل تنقل بعض عملياتها للهند، فهل نقول وداعاً للهواتف المصنوعة بالصين؟

وتُقدم الهند نفسها حالياً كبديل للصين في سلسلة سلاسل التوريد العالمية، وتروّج نفسها كمكان مناسب للشركات الغربية الراغبة في الخروج من الصين، سواء بسبب الخلافات الغربية مع بكين أو ارتفاع تكاليف الإنتاج أو تداعيات سياسة صفر كوفيد.

في أحد مظاهر المنافسة بين الصين والهند، بدأت شركة أبل تصنيع هاتفها آيفون 14 في الهند لتقليل اعتمادها على الصين، ولكن هناك مؤشرات على أن انتقال الاستثمارات من الهند إلى الصين يتعلق بالأجزاء الرخيصة من الصناعات المتقدمة، بينما على العكس يتعزز دور بكين في الأجزاء الأكثر تعقيداً، والأغلى ثمناً، والأعلى في القيمة المضافة، كما أن الشركات الصينية نفسها أصبحت تقدم منتجات متقدمة وأكثر موثوقية؛ ما يجعلها تعوض الخروج الغربي والياباني الجزئي.

وتكمن المشكلة في عدم وجود سوق أخرى لتأخذ مكان الصين محركاً للنمو العالمي. يقول أولاف برلين، الرئيس التنفيذي لشركة "أوسرام" Osram، إحدى أكبر شركات أنظمة الإضاءة في العالم، ومقرها ميونيخ، والذي حققت شركته أرباحاً كبيرة من التعامل مع الصين: "إن الهند لديها إمكانات، لكنها تفتقر إلى التنظيم بدرجة كبيرة". 

ويتوقع أن يكون التنافس الصيني الهندي، المدفوع بتحريض أمريكي، واحداً من أهم حلقات التوتر إشكالية في العالم، في ظل حقيقة أن البلدين لديهما أسلحة نووية وأكبر جيشين برّيين في العالم، وتقودهما حكومتان ذواتا نزعات قومية متشددة، مع مصالح اقتصادية واسعة تربطهما.

وبسبب شراكة الهند القوية المستمرة (والمتنامية) مع الولايات المتحدة، فإنَّ سياسة الرئيس الصيني شي جين بينغ، الخاصة بالهند، تنظر إلى نيودلهي من منظور تنافسي عالمي، وإن لم يكن يعتبرها منافساً كاملاً. وتضيف هذه الرواية إلى العلاقات الحساسة والمتوازنة بدقة بين الصين والهند، فيما يتعلق بخط السيطرة الفعلية في لاداخ، وولاية أروناتشال براديش الهندية، ومسألة التبت.

ورغم هذا التنافس، تُواصل الصين والهند تبادُل العلاقات التجارية القوية، رغم برودة العلاقات الثنائية، حتى بعد عام 2020. 

ويُرجح أن حجم التجارة بين البلدين تجاوز رقماً قياسياً يعادل 100 مليار دولار بنهاية عام 2021. وفي الوقت نفسه بلغ العجز التجاري بين البلدين، الذي هو لصالح الصين، 30 مليار دولار، في عام 2021، في انخفاض كبير عن العجز البالغ 53.57 مليار دولار في 2018-2019.

وهذه النتيجة جاءت إلى حد كبير إثر التركيز على "القومية الاقتصادية" في الهند، التي تُنفَّذ محلياً (رؤية اعتماد الهند على ذاتها التي أعلنها رئيس الوزراء مودي)، وتلقى دعماً دولياً متعدد الأطراف (مثل مبادرة مرونة سلسلة التوريد). 

هل تستطيع نيودلهي الحفاظ على علاقة متوازنة مع واشنطن، أم تصبح دُمية بيديها؟

اللافت أنه في سبيل توظيف الهند كمنافس للصين، تتجاهل الولايات المتحدة تماماً، سياسات حزب بهاراتيا جاناتا المتطرف الحاكم في الهند العنصرية ضد المسلمين، ومخاوف المعارضة والنخب الهندية من تآكل ديمقراطية البلاد على يد ناريندا مودي.

في المقابل، بينما تبدو الهند حريصة على استغلال التنافس الأمريكي الصيني لتقديم نفسها كبديل لبكين في سلسلة التوريد العالمية، والحصول على التقنيات العسكرية الأمريكية، فإنها تتأنى في الدخول في تنافس مفتوح مع بكين، وقطع الأواصر معها.

كما أن نيودلهي، تحاول الحفاظ على علاقتها وتحالفها القديم مع روسيا مع النأي بنفسها عن الحرب الأوكرانية، بل واستغلت العقوبات الغربية على موسكو، لتعزز وارداتها من النفط الروسي الذي تقتنصه بسعر رخيص عن سعر السوق، بعد أن أصبح منبوذاً في أسواقه الأوروبية التقليدية.

إذ يبدو أن الهند تسير على حبل مشدود، للاستفادة من صراعات أمريكا، بدون أن تكون دمية في يديها. 

ولكن الإغراءات الأمريكية في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا بما فيها العسكرية، قد تُسقط الهند عن هذا الحبل.

تحميل المزيد