"روسيا سوف تصبح متخلفة عن الهند"، هكذا تصف مواقع عسكرية أوروبية خطة نيودلهي لتطوير المقاتلة الروسية سوخوي 30، حيث توصف النسخة الهندية المنتظرة بأنها "سوبر سوخوي"، فما حقيقة هذا البرنامج الهندي وهل يصبح أقوى من الأصل الروسي حقاً؟
وتعتبر الهند أكبر مالك في العالم لطائرات (Sukhoi Su-30) بعدد يبلغ نحو 260 طائرة أو أكثر، ما يجعل أسطولها من هذه الطائرة أكبر من الأسطول الروسي.
وتبدو الهند على وشك إطلاق برنامج سوبر سوخوي الذي طال انتظاره، وقد تم بالفعل طلب 4 مليارات دولار أمريكي من قبل وزارة الدفاع الهندية لتطوير 150 مقاتلة سوخوي، ستخضع لتحديث كامل من أصل 260 جاهزة بحوزة نيودلهي، حسب تقرير لموقع Bulgarian Military.
لماذا تمتلك الهند أفضل نسخة سوخوي 30 في العالم؟ فتش عن إسرائيل
يطلق على النسخة الهندية Su-30MKI. وتم تجميع جزء منها في الهند، وينظر لها أنها أفضل نسخة من هذه الطائرة، سواء بسبب المواصفات التي صنعت بها من قبل موسكو، بناء على طلبات نيودلهي، والتي جعلتها قريبة في القدرات من النسخة الروسية الأحدث سوخوي 35 أو انفراد الطائرة المبيعة للهند بتقنيات فرنسية وإسرائيلية لا تتوافر لنظيراتها الروسية أو تلك المصدرة للصين والجزائر وماليزيا أبرز زبائنها.
بل تبنت القوات الجوية نسخة شبيهة بالنموذج المصدر لنيودلهي بدون التقنيات الفرنسية والإسرائيلية، بينما اشترت الجزائر وماليزيا نسخاً شبيهة بالنسخة الهندية بتقنيات فرنسية، وعامةً النسخ الشبيهة بالنسخة الهندية من سوخوي 30 أغلى من النسخ التي صنعتها روسيا للصين.
كان من المفترض أن يبدأ برنامج سوبر سوخوي منذ ما يقرب من عامين.
في عام 2022، غزت القوات الروسية أوكرانيا؛ مما أخر خطط القيادة الجوية الهندية.
ولكن مع تصاعد القوة الصينية، تبدو الهند مستعدة للاستثمار في العمود الفقري لسلاحها الجوي.
سيركز التحديث بشكل أساسي على استبدال الإلكترونيات وأجهزة الاستشعار والأسلحة.
إذا تم الانتهاء من البرنامج في الوقت المحدد، فستحصل الهند على Su-30 أفضل من الشركة المصنعة الأصلية – الاتحاد السوفييتي/روسيا، وذلك عبر استبدال الرادار السوفييتي القديم N011M Bars بإصدار AESA المطور محلياً.
طائرة عظيمة برادار ضخم وقوي ولكن قديم
تعد السوخوي 30 طائرة عظيمة باعتراف منافسيها الغربيين، الذين سلبت ألبابهم، وهي أشهر وأكثر طائرة إنتاجاً من عائلة فلانكر، التي بدأت بالطائرة السوفييتية سوخوي 27 التي كانت مخصصة فقط للقتال الجوي والهيمنة الجوية والتي ظهرت في الثمانينات كمنافس للأمريكية الشهيرة إف 15، وأبهرت سوخوي الغرب بمناورة الكوبرا الشهيرة التي تنقلب فيها على عقبيها في السماء، لتغير اتجاهها بمقدار 120 درجة بما يجعلها قادرة على مباغتة خصومها.
كانت سوخوي 30 أول تحديث جذري للطائرة سوخوي 27، وأضيفت لها قدرات قصف عالية مع زيادة المدى، وظهرت بعد ذلك سوخوي 34 القاذفة المقاتلة المتوسطة التي تستخدم بكثافة ضد أوكرانيا، وسوخوي 35 المتغير الأكثر تطوراً في هذه العائلة؛ حيث تصنف جيل 4.7، وتزعم روسيا أنها أفضل من إف 35 الطائرة الأمريكية الشبحية التي تنتمي للجيل الخامس.
تمتلك سوخوي 30 الهندية راداراً عملاقاً ذا مدى بعيد، ولديه قدرة على رصد عدد كبير من الأهداف، ولكن هذا الرادار من طراز بيسا وليس أيسا (رادار نشط ممسوح ضوئياً إلكترونياً [AESA])، والنظام الأخير أكثر دقة وأقل قابلية للتشويش عليه من نظام بيسا.
وبينما أدخلت معظم الدول الغربية رادارات أيسا للخدمة وكذلك الصين، فإن روسيا لم تتمكن من ذلك (رغم حديثها غير المؤكد عن تصنيعها لرادار أيسا لطائراتها الأصغر التي لم تبع ميغ 35).
ويجعل هذا الطائرة سوخوي 30 الهندية متخلفة أمام نظيراتها من عائلة فلانكر الصينية المزودة برادارات أيسا، خاصة المشتقات الصينية من العائلة الروسية مثل طائرات J-11 وJ-15 وJ-16.
إليك عيوب رادار سوخوي 30
يعد رادار N011M Bars الموجود على متن سوخوي 30 الهندية أقدم رادار من عائلة Bars حيث بدأ وجوده في الثمانينيات.
ولكن حسن الروس أداء هذا الرادار، ليصبح لديه مدى جيد، يبلغ 400 كم وهو أقصى مدى بحث أثناء المهمات الجوية.
ومع ذلك، يتراجع هذا المدى مع خاصية التتبع لطائرات الخصوم أو ظهور الحاجة للمسح الخلفي.
عندما يتعين على Su-30MKI تتبع هدف وليس المسح فقط، ينخفض المدى إلى النصف، أي 200 كم.
ومن الخلف، يبلغ مدى الرادار 60 كم فقط.
يمكن لأشرطة N011M اعتراض أربعة أهداف جوية من خلال الاشتباك معها مباشرة. ومع ذلك، فإن الرادار لديه ثلاثة أضعاف هذا المعدل في حالات التتبع عبر تتبع ما يصل إلى 16 هدفاً جوياً في وقت واحد.
خلال المهمات جو-أرض أي للكشف عن الأهداف الأرضية، يمكن أن يعمل الرادار الحالي للطائرة الهندية Su-30 على مدى يصل إلى 60 كم. ومع ذلك، قام الروس منذ سنوات بتحديث Su-30MKI وضاعفوا المدى إلى 120 كم.
ولكن رغم كل ذلك فإن كون الرادار من نظام بيسا يجعله قاصراً.
يعتقد أن الحرب في أوكرانيا تدفع روسيا إلى التركيز ليس على التطورات الجديدة، ولكن على تصنيع التقنيات القديمة، مما قد يؤخر احتمال تطوير رادار "أيسا" لعائلة سوخوي 30 وأخواتها.
وفي ظل إخفاق الروس في تقديم بديل من نظام "أيسا" يبدو أن الهنود الذين لديهم برامجهم الخاصة في هذا المجال قرروا الاعتماد على أنفسهم.
قصة رادار أوتام أيسا الهندي الذي سيكون محور تطوير المقاتلة سوبر سوخوي
رادار Uttam AESA الهندي هو الرادار الجديد الذي سيتم دمجه في Su-30MKI الهندية.
تم تقديمه لأول مرة في عام 2019 خلال معرض في الهند. في السنوات الأخيرة، عمل الهنود بجد لتحسينه على ما يبدو، لقد وصلوا بالفعل إلى المرحلة النهائية، حسب تقرير موقع Bulgarian Military.
سيتم دمج هذا الرادار ليس فقط في الطائرة Su-30 MKI ولكن أيضاً هناك نسخة أصغر مخصصة للمقاتلة الهندية هيل تيجاس، بالإضافة إلى بعض أنظمة الأسلحة الجوية الأخرى في الهند.
ونظراً لأن الهند تعتزم تطوير طائرتها المقاتلة من الجيل الخامس، فسيتم أيضاً دمج هذا الرادار، ولكن في نسخة مكبرة ومحسنة، لمشروع الطائرة المستقبلية HAL AMSA.
تقع وحدات التردد الرباعي المبردة بالماء في قلب رادار أوتام. يمكن للرادار تتبع 50 هدفاً على مسافة تزيد عن 100 كم، بينما يشتبك مع 4 أهداف في وقت واحد. سيكون الرادار قادراً على العمل في عدة أوضاع في وقت واحد.
ويحتوي على دوبلر نبضي متكامل، والذي من شأنه تحسين قدرات الإطلاق.
وتعد مناعة الرادار عالية، حسب موقع Bulgarian Military الذي يشير لميزات الرادار الهندي مثل هوائي الفص الجانبي المنخفض للغاية، والواجهات المرنة، والنظام الرشيق والأجهزة والبرامج المعيارية، مما يعطيه موثوقية عالية للمهمة.
الرادار الهندي، قيد التطوير بالفعل، من قبل منظمة البحث والتطوير الدفاعية التي تديرها الدولة في الهند [DRDO].
سيكون الرادار الجديد جاهزاً في عام 2024، وفقاً لما نقله موقع Bulgarian Military عن مصادر هندية.
ثم يتم التخطيط لاختبارات الطيران الأولى لطائرة Su-30MKI باستخدام الرادار الهندي.
2026 هو الموعد النهائي الذي حددته وزارة الدفاع الهندية للتشغيل الكامل للرادار الجديد.
الهند ليس لديها تقليد لتطوير مثل هذه التقنيات. ولذا يشكك العديد من الخبراء في قدرة صناعة الدفاع الهندية على مواجهة هذا التحدي. ولكن مثلما يقدر العديد من الخبراء حقيقة أنه إذا نجحت نيودلهي، فإن موسكو ستخسر مليارات الدولارات لأنها لن تبيع مزيداً من الرادارات للهند.
وتعد سوخوي 30 MKI هي العمود الفقري لقوة الهند القتالية الجوية، ورغم أنها يعتقد أنها أفضل من النسخ الصينية من سوخوي 30 وحتى المشتقات الصينية من هذه الطائرة، ولكن تقدم الصين في مجال تكنولوجيا الاتصالات مكنها من تطوير رادارات أيسا الخاصة بدون انتظار موسكو، الأمر الذي وضع نيودلهي في موقف محرج.
لكن الهند استثمرت بكثافة في صناعة التقنيات العسكرية بما في ذلك الرادارات، رغم أنها لم تدخل أي رادار حديث للخدمة في طائراتها المقاتلة بعد، فمقاتلتها الوحيدة العاملة هيل تيجاس التي ما زالت تتخبط في خطواتها الأولى، تعتمد على رادار إسرائيلي ومحرك أمريكي.
سيسمح رادار AESA المحلي الصنع لنيودلهي بتحسين قدرات الرادار لطائراتها المقاتلة المنتجة محلياً. ربما لهذا السبب قررت هيئة DRDO أن يعتمد رادار أيسا المستقبلي على رادار Uttam الموجود بالفعل.
يفترض أن تعمل ترقية Su-30MKI الهندية على تحسين التحكم في الطيران.
وسيظهر تأثير إيجابي أيضاً في دمج الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في الطائرات المقاتلة الهندية. ومع ذلك، يعتمد المشروع الأخير على موسكو، حيث يعمل البلدان معاً لتطوير وتحديث صاروخ براهموس المضاد للسفن.
سوبر سوخوي قد تصبح واحدة من أقوى الطائرات في العالم
وإذا تمكنت الهند من إنتاج رادار AESA مستقر نسبياً، فإن Su-30MKI ستثبت نفسها كواحدة من أفضل الطائرات المقاتلة في جنوب آسيا إن لم يكن العالم، بفضل قدراتها المثبتة على المناورة، ومداها الكبير، وقد تستحق في هذه الحالة لقب سوبر سوخوي.
في الحقيقة، فإن المقاتلة سوخوي 30 MKI هي واحدة من أفضل المتغيرات جودة من عائلة سوخوي 30، عندما تم تقديمها في عام 2002، كانت أقوى مقاتلة عملياتية في هذا الجزء من العالم.
لكن في وقت لاحق، بدأت الصين ليس فقط في ترقية المقاتلات القديمة إلى جيل أعلى ولكن أيضاً لإنتاج مقاتلاتها من الجيل الخامس، وتحديداً مقاتلتها J-20، لتصبح ثاني دولة بعد الولايات المتحدة التي تدخل طائرات شبحية للخدمة.
وهكذا، حلت الطائرات المقاتلة الصينية محل Su-30MKI كأفضل طائرة في جنوب آسيا، وتأخرت الهند في تحديث الطائرة.
بل إن الصين زودت المتغير الثالث من طائراتها المشتركة الصغيرة مع باكستان جي إف 17 برادار أيسا، وهي ستدخل الخدمة قريباً؛ مما مثل نقلة كبيرة لها بعد أن كانت تتهم بأنها طائرة قديمة التصميم، ولكن أصبح الآن ينظر لها أنها نظير لهيل تيجاس الهندية أو أفضل.
الهند على غرار روسيا، لديها تاريخ طويل من إطلاق البرامج العسكرية الرنانة التي كانت نتائجها عادة أقل من الدعاية المصاحبة لها، ونيودلهي تحديداً لها تاريخ طويل من التأخير وحتى التعثر في تنفيذ برامجها العسكرية، ولكن أمام التحدي المتزايد الذي سببته الصين والتأخر الروسي، في تطوير رادارات أيسا، والذي يتوقع أن يتفاقم بسبب الحرب الأوكرانية، تبدو نيودلهي أمام ضغط كبير لتفي بتعهداتها وجداولها الزمنية هذه المرة.