صحيح أن مهارة أوكرانيا تزداد أكثر فأكثر في تدمير الطائرات المسيَّرة، مقارنة مع فترة بداية الحرب، لكن هناك اختلالاً متزايداً في التوازن: فالعديد من أسلحتها الدفاعية مثل صواريخ أرض جو تكلف أكثر بكثير مما تكلفه الطائرات المسيَّرة. ويقول بعض الخبراء العسكريين إن هذا قد يرجح الكفة لموسكو على المدى الطويل.
تُعد الطائرات المسيَّرة صاخبة ومن السهل نسبياً إطلاقها من السماء، وقد أسقط جيش أوكرانيا، مطلع هذا الأسبوع، نحو 80 طائرة أرسلتها روسيا إلى الحرب لتغير على عشرات المواقع والأهداف، كما تقول وزارة الدفاع الأوكرانية. وقال متحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية يوم الثلاثاء، 3 يناير/كانون الثاني 2023: "مثل هذه النتائج لم تتحقق من قبل". لكن بعض الخبراء العسكريين يتساءلون عما إذا كانت هذه "النجاحات" مستدامة، في ظل ارتفاع تكلفة إسقاط هذه الطائرات بدون طيار رخيصة الثمن.
أوكرانيا تواصل إسقاط الطائرات الروسية المسيَّرة.. لكن تكلفة ذلك مرتفعة
تقول صحيفة New York Times الأمريكية، إن مهارة أوكرانيا تزداد أكثر فأكثر في تدمير الطائرات المسيَّرة مقارنة مع بداية الحرب، لكن هناك اختلالاً متزايداً في التوازن: فالعديد من أسلحتها الدفاعية مثل صواريخ أرض جو تكلف أكثر بكثير مما تكلفه الطائرات المسيَّرة. ويقول بعض الخبراء العسكريين إن هذا قد يرجح الكفة لموسكو على المدى الطويل.
قدَّر أرتم ستاروسيك، رئيس شركة مولفار، وهي شركة استشارية أوكرانية تدعم المجهود الحربي للبلاد، أن تكلفة إسقاط طائرة مسيَّرة بصاروخ تزيد 7 مرات على تكلفة إطلاقها. ويقول بعض المحللين إن هذه معادلة قد يعتمد عليها الكرملين.
حذّر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطاب ألقاه مؤخراً من أن روسيا تراهن على "استنفاد شعبنا، ودفاعنا الجوي، وقطاع الطاقة لدينا". تعهدت أوكرانيا بعدم الرضوخ للهجوم الجوي، لكن الهجمات كانت تستمر بلا هوادة.
تقول شركة مولفار إنها قدَّرت أنه منذ سبتمبر/أيلول أطلقت روسيا نحو 600 طائرة مسيَّرة على أوكرانيا. وقد تسببت الحملة، التي استهدفت البنية التحتية ورافقها العديد من الضربات الصاروخية، في انقطاع الكهرباء والتدفئة والمياه في جميع أنحاء أوكرانيا في الوقت الذي بدأ فيه الشتاء القاسي في البلاد بالظهور، ما أدى إلى تفاقم بؤس الغزو الروسي الذي يقترب من إتمام عامه الأول.
تكلفة إسقاط الطائرة المسيَّرة الواحدة قد تصل لنصف مليون دولار
تُعد طائرات "شاهد -136″، الإيرانية الصنع، التي تعتمد عليها موسكو بشكل متزايد منذ أكتوبر/تشرين الأول، أجهزة غير معقدة نسبياً ورخيصة إلى حد ما، في حين أن مجموعة الأسلحة المستخدمة لإطلاقها من السماء يمكن أن تكون باهظة الثمن، وفقاً للخبراء. وقد تكلف الطائرة المسيَّرة ذاتية التدمير ما لا يقل عن 20 ألف دولار لإنتاجها، في حين أن تكلفة إطلاق صاروخ أرض-جو يمكن أن تتراوح من 140 ألف دولار لصاروخ S-300 من الحقبة السوفييتية إلى 500 ألف دولار لصاروخ أمريكي من NASAMS.
منذ بدء الحرب في فبراير/شباط، استخدم كلا الجانبين طائرات مسيَّرة، ليس فقط للاستطلاع، ولكن أيضاً للهجمات. هذه هي المرة الأولى التي تُنشَر فيها هذه الطائرات على هذا النطاق. وينظر بعض الخبراء العسكريين إلى أوكرانيا باعتبارها ساحة اختبار لأحدث الأسلحة وأنظمة المعلومات التي قد تنذر بشكل الحرب لأجيال قادمة.
لم تقل السلطات العسكرية في كييف الكثير عن تفاصيل دفاعاتها الجوية -تماشياً مع السرية العملياتية التي غطت الكثير من خططها للحرب- أو عن التكلفة، ما يجعل التحليل صعباً.
ما أنظمة الصواريخ والأسلحة التي تستخدمها أوكرانيا لمواجهة الطائرات المسيَّرة الروسية؟
لكن من المعروف أنه في حين أن القوات الأوكرانية حققت بعض النجاح ضد الطائرات المسيَّرة باستخدام المدافع المضادة للطائرات وحتى نيران الأسلحة الصغيرة، فقد تغير ذلك مع قيام الروس بشن هجمات في الليل. الآن تعتمد كييف أيضاً بشكل كبير على الصواريخ التي تطلق من الطائرات الحربية والأرض. قال المسؤولون إن أوكرانيا استخدمت خلال عطلة نهاية الأسبوع صواريخ أرض-جو، أطلقت من نظام NASAMS عدة مرات لمواجهة الطائرات المسيَّرة.
وقال مايكل كوفمان، الخبير في الشؤون العسكرية الروسية في معهد أبحاث CNA، إن الأوكرانيين يستخدمون "أنظمة دفاع جوي متنوعة" لمكافحة التهديد، بما في ذلك أنظمة الصواريخ التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وحلف شمال الأطلسي، ولكل منها ملف تكلفتها الخاصة.
بعض المدافع الأوكرانية المضادة للطائرات، مثل نظام المدفع المحمول Gepard 2 الموجه بالرادار، غير مكلفة مقارنة بأنظمة الدفاع الأخرى الأوروبية وتلك التي تعود إلى الحقبة السوفييتية. لكن بعض الصواريخ الاعتراضية أمريكية الصنع باهظة الثمن إلى حد ما مقارنةً بالطائرات المسيَّرة.
ضجر لدى الحلفاء الغربيين
مع ذلك، فإن تقييم الحكمة من إسقاط الطائرات المسيَّرة ليس دائماً أمراً سهلاً. قال جورج باروس، المحلل في معهد دراسات الحرب، إنه يشتبه في أن أوكرانيا تنشر أنظمة دفاع جوي أكثر تعقيداً وباهظة التكلفة لحماية البنية التحتية الحساسة والحرجة.
وأشار ستاروسيك إلى أن إسقاط طائرة مسيَّرة، على سبيل المثال، يكلف أقل بكثير من تكلفة إصلاح محطة طاقة مدمرة. وقال ماتيو بوليغ، الزميل الاستشاري في برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس، وهي منظمة بحثية مقرها لندن، إن أوكرانيا لديها حالياً أسلحة وذخائر دفاع جوي كافية لمكافحة تهديد الطائرات الروسية المسيَّرة.
وإدراكاً منهم لخطر أن يشعر الحلفاء الغربيون بالضجر من تكلفة دعم الدفاع الأوكراني -وهو قلق زاده نقل القيادة في مجلس النواب الأمريكي إلى الجمهوريين- حذر المسؤولون الأوكرانيون من أن التكتيكات الروسية آخذة في التغير، ويجب الاستعداد لها.