تمثل زيارة الرئيس الصيني للسعودية أكبر نشاط دبلوماسي بين بكين والعالم العربي في تاريخ الصين الحديث، والزيارة التي جاءت في وقت تطالب فيه الولايات المتحدة حلفاءها بالابتعاد عن بكين تثير تساؤلات حول هل تكون الصين هي الحليف الرئيسي للسعودية بدلاً من واشنطن أم أن الأمر مجرد مناورة وأن هناك حدوداً للشراكة بين بكين والرياض؟!
وأجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة إلى المملكة العربية السعودية يوم الخميس 8 ديسمبر/كانون الأول 2022، امتدت لثلاثة أيام، حيث شارك "شي" في قمة دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك شارك في قمة عربية-صينية التقى خلالها بعدد من الزعماء العرب.
زيارة الرئيس الصيني للسعودية قوبلت بحفاوة عكس ما حدث مع بايدن
ولفتت صحف غربية إلى الاستقبال الحار للرئيس الصيني من قبل السعودية، بدءاً من مصاحبة مقاتلات سعودية لطائرته وهي لا تزال في الأجواء، مطلقة دخاناً باللونين الأبيض والأخضر، كرمز لعلم المملكة، وقارنت هذه الصحف ذلك باستقبال الرياض لبايدن الذي وصفته بالفاتر.
زيارة الرئيس الصيني للسعودية مؤشر على أن بكين ومنطقة الخليج تعمقان علاقاتهما الاقتصادية في وقت تتحدث تقارير عن تتداعى فيه العلاقات الأمريكية السعودية بسبب قرار أوبك خفض إمدادات النفط الخام.
كما كتب الرئيس شي في مقال نُشر في وسائل الإعلام السعودية، كانت الرحلة تهدف إلى تعزيز علاقات الصين مع العالم العربي.
وقّع "شي" مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة يلتزم فيها رئيسا البلدين بعقد اجتماعات نصف سنوية، كما وقعا مذكرات تفاهم لـ"مواءمة" مبادرة الحزام والطريق الصينية مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ووقعت الشركات الصينية والسعودية على 34 اتفاقية بقيمة 30 مليار دولار، تغطي الطاقة الخضراء، وتكنولوجيا المعلومات، والبنية التحتية، حسبما ورد في تقرير لمركز أسباب للدراسات.
توفر العلاقة مع الصين فرصاً اقتصادية متنوعة تخدم توجهات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى لتنويع اقتصاد المملكة وجذب استثمارات خارجية كبيرة في مجالات البنية التحتية والتصنيع والتكنولوجيا.
الصين أكبر شريك تجاري للسعودية
تمثل دول الخليج سوقاً مهمة أصلاً للصين وقد تزيد أهميتها في ضوء التربص الغربي ببكين، واحتمالات أن يؤثر ذلك على تجارتها.
وتعد الصين في الوقت الراهن الشريك التجاري الأول للسعودية، كما أن المملكة هي أكبر شريك تجاري لبكين في الشرق الأوسط، حيث بلغت قيمة التجارة بين بكين والرياض في عام 2021 ما يناهز 80 مليار دولار.
وتلقت السعودية في العام الجاري حوالي 5.5 مليار دولار من الاستثمارات والعقود من خلال مبادرة الحزام والطريق الصينية.
في حين تمثل الصين (التي تعد أكبر مشتر للنفط في العالم) السوق الأكبر لاستقبال صادرات النفط السعودي، إذ استقبلت في العام الجاري حوالي 40% من إجمالي وارداتها النفطية من دول مجلس التعاون الخليجي، وجاءت نصف هذه الواردات من السعودية وحدها.
الطاقة ما زالت محوراً أساسياً في اهتمام بكين بمجمل منطقة الخليج العربي
وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، في أزمة طاقة عالمية جعلت جميع البلدان تتسابق لدعم الإمدادات. وزاد الغرب من صعود أسواق النفط بفرض حظر وسقف أعلى على ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم.
وبالتالي أصبح أمن الطاقة أيضاً على نحو متزايد أولوية رئيسية بالنسبة للصين، التي تواجه تحديات كبيرة خاصة بها، حسبما ورد في تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
وساهمت التغيرات الهيكلية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في تحفيز الصين لتوسيع علاقاتها مع دول الخليج الغنية بموارد الطاقة، ليس فقط مع السعودية، ولكن أيضاً قطر التي وقعت معها اتفاقاً استراتيجياً لتوريد الغاز المسال لمدة 27 عاماً، حيث تستهدف الصين بشكل استراتيجي تأمين إمدادات الطاقة الأساسية لاقتصادها، وكذلك ضمان تدفق النفط والغاز في حال تصاعدت التوترات بشأن تايوان إلى عقوبات غربية. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن استمرار إمدادات الطاقة من الخليج، يمنح بكين أيضاً قدرة تفاوضية كبيرة للحفاظ على أسعار وارداتها النفطية الروسية عند مستويات منخفضة.
وقد تكون الصين في حاجة للحفاظ على علاقتها النفطية مع دول الخليج، تحسباً لفرض الغرب عقوبات على النفط الروسي تشمل منع الدول الأخرى من شرائه، مثلما فعلت أمريكا مع النفط الإيراني رغم أنها خطوة ما زالت مبكرة بالنظر إلى أنها قد تحدث أزمة مدوية في سوق النفط.
من جانبها، تبدو السعودية حريصة على توثيق علاقتها مع بكين في ظل منافسة النفط الروسي الذي يباع بأسعار أرخص من أسعار السوق بشكل بات يهدد سيادة النفط الخليجي في الأسواق الصينية.
وقال أيهم كامل، رئيس فريق أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا: "سيكون التعاون في مجال الطاقة في قلب جميع المناقشات بين القيادة السعودية الصينية". "هناك اعتراف كبير بالحاجة إلى بناء إطار عمل لضمان استيعاب هذا الاعتماد المتبادل سياسياً، لا سيما بالنظر إلى نطاق انتقال الطاقة في الغرب".
إذ يبدو أن العلاقات المتبادلة في مجال الطاقة بين الصين ومنطقة الخليج مرشحة للتزايد، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة أصبحت مصدراً كبيراً للنفط والغاز، بينما أوروبا تتجه بخطوات صارمة للطاقات البديلة وتسعى لحظر بيع السيارات العاملة بالوقود الأحفوري عام 2035.
الموقف الأمريكي من التقارب الصيني السعودي
تأتي زيارة الرئيس الصيني للسعودية لتؤكد مساعي الرياض تأسيس موقعها كقوة متوسطة على الساحة الدولية، تحاول تحقيق أكبر استفادة من أهميتها الاستراتيجية التي تزايدت في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبينما تبدو الولايات المتحدة غير سعيدة بتعزيز العلاقات الصينية الخليجية، فإن المفارقة أن جزءاً من توجه دول الخليج لتقوية علاقتها مع بكين هو تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة، إضافة للضغوط الأمريكية في قضايا متعددة مثل حرب اليمن، والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
إذ شهدت سياسة الولايات المتحدة الخارجية تحولاً في أولوياتها الدولية بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط بصورة ملموسة، الأمر الذي انعكس على إثارة التخوفات والشكوك لدى السعودية تجاه التزام أمريكا كضامن رئيسي للأمن الإقليمي ومُوَاجِه للتهديدات الإيرانية، نتيجة لذلك؛ يأتي تعميق العلاقات مع الصين ضمن استراتيجية واسعة ومدروسة تستهدف تنويع بدائل تحالفات المملكة، وعدم الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة.
لهذه الأسباب الصين ليست متعجلة للحلول مكان أمريكا بالمنطقة
لا تسعى الصين لتغيير معادلة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، والتي ما زالت ترتكز على الدور الأمريكي على الأقل في الوقت الحالي، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: ترتبط السياسة الخارجية الصينية بشكل كبير بالتنمية الاقتصادية، وهو الأمر الذي منعها من تشكيل تحالفات أمنية دائمة في الخارج يمكن أن تورط بكين في صراعات بعيدة المدى، تؤدي إلى أزمات ومشاكل تعيق الاستثمارات الصينية، حسب مركز أسباب.
وبناء على ذلك؛ من غير المتوقع أن تسعى الصين إلى استبدال أمريكا والقيام بأدوارها في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من عدم استقرار سياسي واضطرابات مزمنة.
وعلى العكس من ذلك تستفيد الصين من الدور الأمريكي في المنطقة كضامن للأمن والاستقرار، والذي يوفر لبكين المزيد من المصالح الاقتصادية، إلى أن يجد جديد وتستخدم الولايات المتحدة نفوذها في المنطقة لتهديد مصالح الصين.
ثانياً: تتخوف الصين من أن انخراطها المتزايد في الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بالتحالفات السياسية والعسكرية، يتطلب توجيه مزيد من مواردها للمنطقة، بينما تأتي منطقة المحيطين الهندي والهادئ كأولوية لبكين لمواجهة أنشطة الولايات المتحدة في هذه المنطقة والتي تعد الساحة الرئيسية للتنافس بين بكين وواشنطن خلال السنوات القادمة.
واشنطن قلقة من التعاون السعودي الخليجي في تكنولوجيا المعلومات والمجال العسكري
على الجانب الأمريكي؛ لا تتسبب استثمارات الطاقة وعقود البناء ومجمل العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية -ودول الخليج عموماً- والصين في إثارة الكثير من القلق لدى الإدارة الأمريكية، بينما تنحصر تخوفات واشنطن فيما إذا كانت السعودية ودول الخليج، والدول العربية عموماً، تتجه لمنح الصين موطئ قدم استراتيجي في منطقة الخليج، من خلال التعاون في مجال تكنولوجيا الاتصالات وخاصة التعامل مع شركة هاواوي (Huawei) الصينية التي تخضع لعقوبات شديدة من قبل الحكومة الأمريكية، خاصة في مجال شبكات الجيل الخامس (G5)، ويعزى التخوف الأمريكي إلى إمكانية استخدام بكين المعدات والتكنولوجيا الصينية الصنع للتجسس على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.
وبينما ترتكز العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل رئيسي على استثمارات البنية التحتية وتجارة البضائع والنفط، ولكنها امتدت في السنوات الأخيرة أيضاً إلى مجالات التكنولوجيا والأمن، ومنذ عام 2005 وقعت الصين صفقات وعقوداً استثمارية ضخمة مع دول مجلس التعاون الخليجي بقيمة 116 مليار دولار، جاء نحو ثلث هذا المبلغ من تعاقدات مع المملكة العربية السعودية.
وتمثل تكنولوجيا المعلومات واحداً من الملفات التي تثير قلق واشنطن، التي بدأت في فرض حصار تكنولوجيا على بكين تحاول ضم حلفائها في أوروبا وآسيا له.
وبعد أن فرضت إدارة ترامب عقوبات على شركة هواوي الصينية، تتجه أنظار إدارة بايدن لفرض قيود على تصدير الرقائق لبكين وتقليل انتشار شركة تيك توك وغيرها.
وقد تكون هذه النقطة محل خلاف بين أمريكا وحلفائها الخليجيين الذين لديهم نفس الأسباب للابتعاد عن الصين، بل على العكس فإن رخص التكنولوجيا الصينية وقلة المحاذير المرتبطة بالخصوصية وحقوق الإنسان تمثل ميزة لبكين على واشنطن.
الطائرات المسيرة الصينية سلعة مطلوبة بالمنطقة
تحرص الولايات المتحدة على إبقاء التعاون العسكري بين دول الخليج، وحلفائها العرب عموماً، وبين الصين محدوداً وبعيداً عن المستويات الاستراتيجية، خاصة أنظمة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة من الأجيال المتقدمة والصواريخ الباليستية وأنظمة التجسس العسكرية، وهي سياسة لا تقتصر على الأسلحة الصينية، وإنما تشمل أيضاً الأسلحة الروسية، حيث تعتمد السعودية ودول الخليج بصورة رئيسية على المعدات العسكرية الأمريكية، فقد حصلت السعودية على 73% من مشترياتها العسكرية من الولايات المتحدة في الفترة من 2015-2019، وهو أمر لا يمثل فقط سوقاً مربحة جداً لشركات السلاح الأمريكية، لكنّه أيضاً يحافظ على نفوذ أمني أمريكي طويل المدى في المنطقة، يشمل مثلاً عقود وبرامج تدريب مشتركة طويلة الأجل، وتواجداً ميدانياً في كافة دول الخليج، وهي أمور لا تسعى واشنطن للتخلي عنها لمصلحة الصين أو روسيا.
ويجب ملاحظة أن تعاون السعودية العسكري مع الصين ما زال محدوداً مقارنة بالولايات المتحدة؛ (ففي عام 2021 باعت واشنطن أسلحة بقيمة 1.3 مليار دولار للمملكة، بينما باعت الصين أسلحة بقيمة 40 مليون دولار فقط)، ومع ذلك؛ فإن سعي المملكة إلى تطوير وتنويع خياراتها العسكرية، خاصة في ظل القيود السياسية المرتبطة بإقرار صفقات التسلح المهمة في واشنطن ودول أوروبية، قد يؤدي إلى تطور العلاقات العسكرية بين السعودية والصين في المدى المتوسط، ضمن خيارات أخرى تشمل دولاً أوروبية وتركيا وحتى روسيا، خاصة أن ولي العهد السعودي يتبنى توجهاً لتوطين الصناعات العسكرية.
وبصفة عامة لا تشتري دول الخليج الكثير من الأسلحة من الصين باستثناء الطائرات المسيرة، التي كان هناك إقبال عليها في المنطقة، ثم بدأت سمعتها تتراجع لصالح الطائرات المسيرة التركية.
المشكلة أن الولايات المتحدة هي التي دفعت دول الخليج للجوء للطائرات المسيرة الصينية نتيجة القيود التي فرضتها واشنطن على الصادرات في هذا المجال.
أمريكا قلقة من المشاريع الصينية ذات الاستخدام المزدوج
كما تنظر الولايات المتحدة عن كثب إلى مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها السعودية والصين وباقي دول الخليج، والتي من المحتمل أن يكون لها أغراض ذات استخدام مزدوج، كما هو الحال مع الضغوط التي مارستها أمريكا على الإمارات لوقف عمليات البناء التي تقوم بها الصين لميناء بالقرب من أبوظبي، وذلك لاعتقاد أمريكا أن الميناء سيكون بمثابة قاعدة بحرية للصين.
كما تتخوف واشنطن من أن تندفع الرياض إلى تعاون نووي متطور أو في مجال الصواريخ الباليستية مع الصين (سبق أن اشترت صواريخ من بكين).
ويتزايد هذا الاحتمال في ظل سعي الرياض للحفاظ على توازن القوى بينها وبين طهران، لا سيما مع غموض مستقبل المفاوضات النووية مع إيران، الأمر الذي لن يؤدي فقط إلى تزايد النفوذ الصيني في منطقة الخليج فقط، لكن يمكن أيضاً أن يتسبب تزايد النشاط النووي في تهديد المصالح الأمريكية الرئيسية بالمنطقة.
لهذه الأسباب لن تبتعد أمريكا عن مكانة الحليف الأول للسعودية وبقية دول الخليج لصالح الصين
على الجانب الآخر، تدرك الرياض أن اختيار علاقة واحدة مع أحد الجانبين الأمريكي والصيني على حساب الآخر ستكون له تكلفة باهظة، لذلك؛ تحرص الرياض على تطوير علاقتها مع الصين، شريكها التجاري الأكبر، وفي الوقت نفسه تحرص على الحفاظ على علاقتها مع الولايات المتحدة، حليفها الأمني الأول.
ستعتمد الرياض في إدارة سياستها الخارجية تجاه كل من واشنطن وبكين على استراتيجية "التحوط"، بمعنى تجنب الانحياز الكامل لأحد المعسكرين الأمريكي أو الصيني، على غرار الدبلوماسية الشائعة خلال حقبة الحرب الباردة، مواصلةً الحفاظ على التوازن في العلاقات بين القوتين الدوليتين، حسب تقرير مركز أسباب.
فحتى الآن ما زالت السعودية حريصة إعادة تجديد تحالفها الأمني والعسكري مع واشنطن وتسعى لوضع إطار اتفاق واضح يدعمه الكونغرس ولا يخضع لتقلب توجهات إدارات البيت الأبيض.
كما أن ولي العهد السعودي يحتفظ بعلاقة قوية مع الحزب الجمهوري الأمريكي، ومرشحه المحتمل في الانتخابات الرئاسية القادمة الرئيس السابق دونالد ترامب، وبالتالي فإن أحد أهداف القمة الصينية السعودية إرسال رسالة لإدارة بايدن الديمقراطية في التوتر المتبادل معها أكثر منها انعطافة كاملة تجاه الصين.
على الجانب الأمريكي، من غير المرجح أن تدفع الولايات المتحدة شركاءها في الخليج والمنطقة العربية إلى الاختيار بين أحد الجانبين الأمريكي أو الصيني بشكل حاسم؛ وذلك لأن العديد من أشكال التعاون بين تلك الدول والصين لا تمثل تهديداً كبيراً لمصالح واشنطن، كما أن انسحاب دول الخليج من مواصلة التعاون مع الصين قد يكون من المستحيل تنفيذه من الناحية العملية؛ لأن اقتصاديات السعودية وغالبية دول الخليج متشابكة مع الاقتصاد الصيني بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن اتباع أمريكا لهذا النهج في التعامل مع حلفائها سيدفعهم في المقابل لمطالبة واشنطن بمزيد من الضمانات الأمنية والاقتصادية، والتي قد تكون واشنطن مترددة أو غير قادرة على تقديمها.
إيران قد تكون قلقة من القمة أكثر من واشنطن
مع بروز الصين كقوة دولية صاعدة، لا تريد الرياض أن تنحصر علاقات بكين في منطقة الخليج فقط في علاقات استراتيجية مع إيران التي وقعت بكين معها العام الماضي اتفاقية شراكة استراتيجية تمتد إلى 25 عاماً قيل إنها بقيمة 400 مليار دولار.
وتستهدف السعودية تعزيز الوزن الخليجي والعربي في دائرة علاقات الصين بالمنطقة، كي تقيّد من دعم بكين لإيران في السياسة الإقليمية، خصوصاً الملف النووي، وأيضاً تقلل من دور بكين في دعم اقتصاد إيران الذي يعاني من العقوبات الأمريكية، وتكاد تكون الصين أكبر مشتر للنفط الإيراني، وإن كان أغلبه يأتي بشكل غير رسمي.
وأسفرت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الأخيرة إلى الرياض عن توبيخ دبلوماسي نادر من طهران، حسبما ورد في تقرير لموقع The Diplomat.
إذ أرسلت الحفاوة التي أحيطت بها الزيارة إشارات قوية إلى أن العلاقات الصينية السعودية تدخل مرحلة جديدة من التطور السريع، وقد يعني ذلك ضرراً واضحاً لطهران في تنافسها الذي طال أمده مع المملكة العربية السعودية.
وعلاقات الصين مع السعودية وإيران معقدة، حيث يتعين على القيادة الصينية إدارة علاقاتها بحذر مع كلتيهما للحفاظ على حيادها وحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية دون التورط في صراعات المنطقة التي تبدو بلا نهاية.