تلقى المجتمعون في مدينة شرم الشيخ، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 27" الجاري منذ 6 نوفمبر/تشرين الثاني وينتهي الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، دعماً من مدينة بالي الإندونيسية التي احتضنت مؤخراً، قمة مجموعة العشرين، غير أنه لا تزال المشاورات قائمة حتى صباح الجمعة بشأن الإعلان الختامي للقمة.
وفي ملف المناخ قال البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين التي انعقدت الثلاثاء والأربعاء الماضيين، إن دول العشرين اتفقت على السعي للحد من ارتفاع درجات الحرارة عالمياً إلى 1.5 درجة مئوية.
لكن حتى الآن لا تزال هناك فجوة كبيرة ما بين الطموحات الخاصة بالتخفيف من الانبعاثات قبل حلول عام 2030، وبين التعهدات والجهود التي تجري على أرض الواقع لتحقيق هدف الوصول إلى 1.5 درجة مئوية، ما جعل منظمات غير حكومية تطالب بتمديد المؤتمر ليوم الأحد، بدلاً من اختتامه اليوم الجمعة، من أجل مزيد من المكتسبات في قضية المناخ.
ووفق العلماء، ارتفعت درجة حرارة الأرض الآن بمقدار 1.1 درجة مئوية من مستويات ما قبل الصناعة، وكي لا يصل الكوكب إلى وضع كارثي، لا بد من كبح ارتفاع درجة الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية.
ففي غلاسيكو، خرجت الدول المشاركة في "كوب 26" العام الماضي، بمطالبات لعمل إجراءات عديدة، منها مطالبة الدول المختلفة بمراجعة الخطط الوطنية للتغيرات المناخية الخاصة بتخفيض الانبعاثات قبل حلول 2030.
والتزمت 24 دولة فقط بوضع خططها لتخفيض الانبعاثات للوصول إلى درجة 1.5 درجة مئوية، أي حوالي 3% من الدول الموقعة على اتفاقية باريس، بينما المفترض أن تلتزم 40% من الدول بخططها، بحسب ما ذكر خبراء في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالمناخ "IPCC".
قمة المناخ
وشهد "كوب 27" خلافاً حول نقطة طرحتها الهند، وهي ضرورة توسيع التعهد الخاص بخفض الفحم تدريجياً، والذي جرى الاتفاق عليه العام الماضي خلال مؤتمر "كوب 26" ليشمل جميع أنواع الوقود الأحفوري.
ويرى عدد من الدول النامية بجانب الهند، أن تعمد المطالبة بتخفيض الفحم الذي تعتمده كمصدر طاقة وإهمال تضمين الغاز والبترول اللذين تعتمد عليهما اقتصاديات الدول المتقدمة "أمر غير عادل".
وتعتبر تلك الدول أن "تخصيص نص للفحم منفرداً هو قرار سياسي وليس علمياً". ومن المتوقع أن تعترض دول منها روسيا والصين والسعودية على هذا المطلب.
وفي هذا الإطار، أعلن تحالف من الدول بقيادة الولايات المتحدة واليابان في قمة مجموعة العشرين، أنه سيستثمر 20 مليار دولار لتقليل اعتماد إندونيسيا بشكل حاد على الفحم وتحويل الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا إلى استخدام الطاقة المتجددة.
وشهد مؤتمر "كوب 27" أيضاً ترقباً لأثر التوتر على الساحة السياسية المتصلة بأوكرانيا وأمريكا والصين على مجرى المفاوضات فيه، وعلى مؤتمر مجموعة العشرين، ولكن ما شهده المؤتمران في هذا الاتجاه كان إيجابياً أكثر من التخمينات الاستباقية التي تصورها البعض.
من الإيجابيات أيضاً والتي كانت غير متوقعه ما شهده مؤتمر "كوب 27" من مشاركة أكبر للوفود الصينية، وتضمينهم في الحوارات المناخية، من خلال حضور العديد من المتحدثين والمفاوضين من الصين في المباحثات ومناقشات المناخ.
لا نتائج سلبية ولكن..
وفيما يشير محللون إلى أن "كوب 27" لم يتضمن نتائج سلبية، لكن يرى العديد أن القادة لم يعطوا دفعاً كافياً لتنفيذ المطالبات من الدول النامية.
وبحسب هؤلاء، فإنه من الواضح حتى الآن عدم إحراز تقدم في تنفيذ إجراءات في ملفات مهمة مرتبطة كلها بتمويل المناخ وتحقيق العدالة المناخية لمواجهة التحديات البيئة، مما يجعلنا نتوقع الكثير من مؤتمر العام القادم "كوب 28" في الإمارات.
أحد الملفات التي طرحت بقوة خلال "كوب 27" الحديث حول الديون التي تحول دون إمكانية الاستثمار في الطاقة النظيفة، ففي الحوارات الخاصة بالتمويل جرت مطالبة للبنك الدولي بتخصيص أموال لدعم التحول الأخضر للدول غير القادرة، لكن تتجه توقعات المحللين إلى أن هذه القضايا سيجري تأجيلها لنقاشات أوسع في المؤتمرات القادمة ولن تحسم في هذا المؤتمر.
وحول الحديث عن التمويل، يشير المراقبون إلى أنه يجب عدم إغفال تمويل الأضرار والخسائر، إذ تصدر النقاش حول هذا الملف المضاف حديثاً لجدول المفاوضات النقاشات في الأيام الأخيرة للمفاوضات الجارية بمؤتمر "كوب 27" .
وبالرغم من تعهد سبع حكومات بمنح تمويل جديد لصندوق البلدان الأقل نمواً وصندوق لتغير المناخ (SCCF)، إلا أن المطالب بإنشاء صندوق للتعويض عن الأضرار التاريخية للتغيرات المناخية، بحسب المراقبين، ما زالت قائمة.
تخفيض الانبعاثات
وجرى في الدورة الحالية للمؤتمر إطلاق خطة عمل لتخفيض الانبعاثات وهي -وفق المراقبين- فرصة فريدة للمساعدة في تحديد الاتجاه العالمي لطموح التخفيف قبل 2030 وتنفيذه.
وبحسب هؤلاء، يضع ذلك المجتمع العالمي بثبات على الطريق نحو تحقيق هدف درجة الحرارة على المدى الطويل لاتفاق باريس (الحد من زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة ومواصلة الجهود للحد من الزيادة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة).
وجرى أيضاً في "كوب 27" تفويض كل من وزيرة البيئة في جنوب إفريقيا باربرا كريسي ووزير المناخ والطاقة بالدنمارك دان يورغنسن لتسهيل المشاورات حول برنامج عمل تخفيف الانبعاثات.
ويرى مراقبون أن المؤشرات الأولية تتجه صوب احتمالية حدوث تقدم في هذا الملف مع نهاية المؤتمر، خاصة لو جرى إحراز تقدم في ملفات أخرى مثل تمويل الأضرار والخسائر.
كما تعهد الرئيس البرازيلي الجديد لولا دا سيلفا بإنقاذ غابات الأمازون المطيرة ووضع البرازيل في المقدمة من خلال استضافة كوب 30.
ورأي محللون أن النقاشات حول القرارات اتسمت بشيء من البطء في بداية المؤتمر، لكن مع الاقتراب من موعد النهاية، يكثف المفاوضون اجتماعاتهم في الغرف المغلقة لساعات طويلة للوصول لنص يجري التفاهم حوله من قبل الجميع، وتقليل الفجوة في النقاط غير المتفق عليها قدر المستطاع ومتابعة هذه الاجتماعات.