في مفاجأة جديدة بحرب أوكرانيا، أفادت تقارير غربية بأن روسيا تسعى إلى الحصول على صواريخ إيرانية باليستية بسبب تراجع مخزونها من الصواريخ وسط تقارير كذلك عن أداء مخيب لبعض الصواريخ التي كانت تصفها موسكو بالمدمرة.
ونقلت صحيفة Washington Post الأمريكية عن مسؤولين غربيين قولهم إن إيران تخطط لإرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى روسيا لحرب أوكرانيا بناء على طلب من موسكو.
وسبق أن أفادت تقارير غربية نقلاً عن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، بأن إيران قدمت لروسيا طائرات مسيرة من أنواع متعددة لمواجهة النقص الروسي في الصواريخ، ولأن الطائرة المسيرة الرئيسية الروسية المستخدمة في الحرب ذات مدى وحمولة محدودة.
ولكن الجديد أنه وفقاً لمسؤولين أمنيين أمريكيين وآخرين من دول حليفة لواشنطن، وافقت إيران سراً على إرسال ليس فقط طائرات بدون طيار هجومية ولكن أيضاً ما وصفه بعض المسؤولين بأنه أول صواريخ أرض-أرض إيرانية الصنع مخصصة للاستخدام في أوكرانيا.
ورغم محاولة إيران نفي تزويدها لروسيا بطائرات مسيرة، بعد أن قررت أوكرانيا تخفيض تمثيلها الدبلوماسي مع طهران، فإنه قد تم رصد الطائرات المسيرة الإيرانية في أوكرانيا وعرضت كييف صوراً وفيديوهات لطائرات منها قد تم إسقاطها.
في أغسطس/آب 2022، حدد بعض المسؤولين أنفسهم طائرات إيرانية مسيرة بعينها مثل طائرات سلسلة شاهد، ومهاجر-6، والتي بدأت طهران في تزويد روسيا بها لاستخدامها في أوكرانيا.
قامت القوات الأوكرانية باستعادة حطام من كلا النوعين وتحليله وتصويرها في الأسابيع الأخيرة. ويبدو أن روسيا أعادت طلاء الأسلحة ومنحتها أسماء روسية.
طلبت كييف من حلفائها الغربيين سرعة منحها مضادات أرضية لمواجهة الطائرات المسيرة الإيرانية، ولا يعرف هل ذلك بسبب فاعليتها، أم في إطار محاولة تحفيز اليمين الأمريكي المعادي لطهران على تعزيز الدعم بتقديم الحرب مع روسيا، أم أنها حرب مع تحالف الشر المفترض من وجهة النظر الغربية.
وفي كل الأحوال يعتقد أن الطائرات المسيرة الإيرانية تتسم بأنها رخيصة ومتوفرة بأعداد كبيرة، ولا تعتمد على محتويات غربية عكس كثير من المنتجات الروسية، مما يجعلها بديلاً مناسباً للصواريخ الروسية الدقيقة الباهظة الثمن والتي تعتمد على مكونات غربية.
لماذا تحتاج روسيا القوة العظمى إلى صواريخ إيرانية؟
مفارقة كبيرة أن تذهب روسيا التي ينظر لها على أنها أكفأ قوة صاروخية في العالم ولديها صاروخ يدعى الشيطان (Satan 2) متعدد الرؤوس (يستطيع حمل 10 رؤوس نووية) يوصف بأنه الأقوى في العالم، ويمكنه محو مدن بأكملها إذا سلح برؤوس نووية وأكثر من ذلك لو سلح بقنابل هيدروجينية، وقال عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه غير مرئي.
كما تفاخر الرئيس الروسي، بترسانة الصواريخ الروسية الفرط الصوتية التي لا تقهر وقادرة على تدمير الغرب.
ولكن الواقع في الحرب أكثر تعقيداً على ما يبدو.
وفقًا لتقديرات القوات الجوية الأوكرانية، أطلقت روسيا أكثر من 83 صاروخاً في هجماتها عبر أوكرانيا في 10 أكتوبر/تشرين الأول، ويُعتقد أنها نُفِّذت رداً على قصف جسر كيرتش الحرج الذي يربط شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا بالبر الرئيسي في روسيا.
قال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، يوري إحنات، إن الصواريخ التي أطلقتها روسيا تضمنت صواريخ عالية الدقة، يصعب مواجهتها، مثل كاليبر وكيه -101 و إسكندر. ومع ذلك، فإن القوات الجوية الأوكرانية استطاعت تدمير 43 صاروخاً من أصل 83 صاروخاً تم إطلاقها، على حد زعم إحنات.
ويقول المسؤول الأوكراني إنه بالنظر إلى الوسائل التي لدينا في ترسانتنا اليوم، فإن هذا مؤشر مرتفع للغاية، حيث ما زالت كييف لا تمتلك نظاماً دفاعياً جوياً بعيد المدى متطوراَ نسبياً سوى إس 300 السوفييتي الأصل وهو نظام قديم يعود للثمانينات، ويعد نسخة متقادمة من إس 400 النظام الروسي الأحدث الذي تنشره موسكو لحماية أراضيها وتبيعه في الخارج.
لا يمكن التحقق بشكل مستقل من التقديرات التي قدمتها إحنات. ومع ذلك، كان الهجوم الصاروخي بلا شك على نطاق أوسع بكثير مما لوحظ في الأشهر الأخيرة من الصراع.
ومع ذلك، كانت هناك عدة تقارير عن تضاؤل مخزون صواريخ المواجهة الروسية الموجهة بدقة طوال الصراع الدائر في أوكرانيا، وتساءلت هذه التقارير حول ما إذا كان الكرملين قادراً على مواصلة هجماته الصاروخية خلال الفترة المتبقية من الصراع بنفس الوتيرة.
لقد استنزفت موسكو ترسانة كبيرة من الصواريخ الموجهة بدقة في بداية الغزو الأوكراني، لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن مخزونها قد انخفض بشكل كبير على مدار الحرب، التي دخلت الآن شهرها السابع.
وفقاً للمعلومات التي قدمها نائب مدير المخابرات الوطنية الأمريكية مورجان موير، فقدت روسيا أكثر من 6000 قطعة من المعدات منذ بداية الحرب، وكانت "تستهلك الذخائر بمعدل لا يمكن تحمله".
يمكن أن يساعد التدفق المتزايد للأسلحة من طهران في تعويض ما يقول مسؤولو إدارة بايدن إنها خسائر فادحة في المعدات العسكرية الروسية منذ غزو موسكو في فبراير/شباط، وتضاؤل سريع في المعروض من الذخائر الموجهة بدقة من النوع المستخدم في ضربات الأسبوع الماضي ضد أوكرانيا.
وقال جيريمي فليمنج، من وكالة الاستخبارات البريطانية، لبي بي سي هذا الأسبوع: "نعتقد أن الذخيرة تنفد في روسيا".
قال فاديم سكايبيتسكي، ممثل وزارة الدفاع الأوكرانية، في سبتمبر/ أيلول، إن روسيا لديها أقل من 200 صواريخ إسكندر وأصبح نادراً ما تستخدمها في أوكرانيا.
آخر مرة تم استخدامها كانت في أغسطس/أب 2022 عندما تم استخدامها في منطقة كييف وأطلقت من أراضي بيلاروسيا، حسبما قال سكايبيتسكي.
كانت هناك أيضاً عدة تقارير عن عقوبات غربية منعت وصول صناعة الدفاع الروسية إلى المكونات الإلكترونية اللازمة لإنتاج المزيد من هذه الصواريخ.
لذلك، من الممكن أنه مع تضاؤل مخزون الذخائر الموجهة بدقة والقدرة المحدودة على تجديدها، يمكن لروسيا بعد أن استخدمت بالفعل طائرات بدون طيار إيرانية الصنع، شراء صواريخ إيرانية الصنع لدعم جهودها الحربية في أوكرانيا.
وبينما تمتلك روسيا مخزوناً هائلاً من الأسلحة القديمة الموروثة من الاتحاد السوفييتي، فإن الأزمة الديموغرافية والاقتصادية والصناعية التي حدثت بعد انهياره والتي وصلت لنقص في العمالة والمهندسين، قللت حجم الإنتاج العسكري بشكل كبير، كما لم يعد لموسكو بعد نهاية الحرب الباردة حاجة لهذا الجيش الجرار الذي كانت تمتلكه، وبدا أن روسيا حتى بعد أن استعادت عافيتها الاقتصادية أنها ليست بحاجة إلى إعادة نمط الإنتاج العسكري الضخم السابق، والذي كان يعد غير رشيد، خاصة أن الاقتصاد الروسي لا يمثل سوى أقل من عُشر منافسه الأمريكي مثلاً.
ونتيجة لذلك لا تمتلك روسيا مخزوناً كبيراً من الاسلحة الحديثة، بما فيها الصواريخ.
كما أن الحرب الحديثة تستهلك أسلحة وذخائر (وبالأخص الأخيرة) بشكل هائل، في وقت تراجع حجم الصناعات العسكرية في العالم المتقدم بشطريه الشرقي والغربي منذ نهاية الحرب الباردة، وها هي دول الناتو تكابد العناء بدورها لتوفير كميات الأسلحة والذخائر الكافية لدعم أوكرانيا.
شكوى أرمينية بشأن أداء بعض الصواريخ الروسية ظهرت قبل حرب أوكرانيا بعامين
كان يتوقع في بداية الحرب أن سيل الصواريخ الروسية المدمرة، التي كانت تمثل جزءاً محورياً من هيبة روسيا وصورتها المرعبة أن تدمر أوكرانيا ممهدة الطريق لتقدم الجيش الروسي خلف الجيش الأحمر العظيم الذي هزم ألمانيا النازية.
ولكن بعض الصواريخ الروسية بدا أن أداءها ليس مرعباً بل يعتقد أنه جاء مخيباً للآمال مثل صاروخ إسكندر الشهير.
وصواريخ إسكندر الروسية هي نظام صاروخي باليستي قصير المدى يستخدمه الجيش الروسي، ويستطيع حمل العديد من الرؤوس الحربية التقليدية المختلفة، كما يمكن للصاروخ أيضاً حمل رؤوس حربية نووية.
ويطير صاروخ إسكندر-إم بسرعة تفوق سرعة الصوت 2100-2600 م/ث أي ما يتراوح بين 6 إلى 7 ماخ (سرعة الصوت، وعلى ارتفاع 50 كم. ويبلغ مداه 500 كم ويحقق خطاً دائرياً محتملاً من 5 إلى 7 أمتار، ويشاع أنه أثناء الطيران يمكنه المناورة على ارتفاعات ومسارات مختلفة للتهرب من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، تسبب هذه الشائعات جدلاً كبيراً بين النقاد؛ حيث جادل الكثيرون بأن تصميم إسكندر الديناميكي الهوائي والارتفاع الذي يطير به لن يسمحا له بأداء مناورة عالية الجاذبية بسبب نقص الرفع.
يقال إنه يمكن للنظام تدمير كل من الوحدات العسكرية النشطة والأهداف الثابتة لتقويض قدرة العدو على شن الحرب.
وتعتبر روسيا أن هذه الصواريخ ذات قدرات تدميرية هائلة، وكانت أرمينيا أول دولة تحصل عليها بعد موسكو (نسخة تصديرية).
يزن كل صاروخ 3.8 طن ويطير بسرعة تقارب ثلاثة أضعاف سرعة رصاصة من بندقية هجومية من طراز AK-47، حسبما ورد في تقرير لموقع Radio Free Europe
ولكن في فبراير/شباط 2022، فجر رئيس الوزراء الأرميني نيكو باشينيان ضجة بعد أن قال إن بلاده استخدمت النسخة التصديرية من صواريخ إسكندر (مداها نحو 280 كيلومتراً) ضد أذربيجان أثناء نزاع ناغورنو قره باغ عام 2020، ولم تنفجر أو حتى أخطأت أهدافها، ملمحاً إلى أن هذه الصواريخ تعود للثمانينات، وجاء ذلك في معرض تبريره لهزيمة قوات جيشه في الحرب.
وقال إن 90% من صواريخ إسكندر "لم تنفجر، أو ربما انفجر 10% منها"، رغم أنه تراجع لاحقاً عن هذا البيان.
أدت تصريحات رئيس وزراء أرمينيا إلى تراشق كبير مع روسيا التي نفت أن تكون يريفان قد استخدمت هذه الصواريخ أصلاً في المعركة.
ولكن تقرير لموقع معهد البحرية الأمريكية، يعلق قائلاً: "ربما لم تكن المشكلة هي الذخائر الفاشلة بشكل أساسي ولكن المشكلة كانت في دقة هذه الصواريخ".
ويضيف أنه في حين أن النسخة الروسية من Iskander أكثر دقة، فمن المرجح أن الادعاءات الروسية حول دقة Iskander-M مبالغ فيها أيضاً.
بصرف النظر عن استخدام أرمينيا لصواريخ إسكندر أم لا، ولكن تقريراً لموقع مؤسسة Jamestown الأمريكية، يرى أن موسكو قد بالغت في قدرات صاروخ إسكندر إم، ونسخة صاروخ كروز إسكندر- كيه بالإضافة إلى صاروخ Kinzhal الذي يفوق سرعة الصوت، والذي يُعتقد أنه مجرد تكرار محمول جواً لصاروخ إسكندر الجوي الباليستي (القادر على المناورة داخل الغلاف الجوي).
يصل مدى Kinzhal إلى 1500 كيلومتر بسبب إطلاقه في الجو على ارتفاع حوالي 10 كيلومترات، حسب تقرير Jamestown، وقد استخدمته موسكو ضد أوكرانيا.
على الرغم من إنتاج أنظمة الأسلحة هذه جرى في عهد قريب، فلقد تم تصميمها في الأصل في الثمانينيات، ولذا دقتها متخلفة، والوقت المطلوب لبرمجة وإدخال مسار طيران يستغرق وقتاً (أحياناً أياماً)، وهي ليست مصممة لضرب أهداف متحركة، حسب تقرير المؤسسة الأمريكية.
يمكن لصواريخ إسكندر بالإضافة إلى الصواريخ غير الاستراتيجية الروسية الأخرى أن تكون فعالة حقاً فقط برأس حربي نووي.
ورأى التقرير أن استخدام العديد من صواريخ إسكندر في حرب قره باغ الثانية بالكاد كان سيغير النتيجة الإجمالية للحرب.
روسيا تلجاً لصواريخها القديمة بسبب نقص المخزونات الحديثة
بسبب نقص الصواريخ الحديثة، في يونيو/حزيران، بدأت روسيا في استخدام نسخ قديمة من صواريخ Kh-22 في أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية: "صُممت هذه الصواريخ التي يبلغ وزنها 5.5 طن بشكل أساسي لتدمير حاملات الطائرات الأمريكية باستخدام رأس حربي نووي، ولكن عند استخدامها في هجوم بري برأس حربي تقليدي، فإنها تكون غير دقيقة إلى حد كبير، وبالتالي يمكن أن تسبب أضراراً جانبية كبيرة وخسائر في صفوف المدنيين".
يمثل استنزاف الصواريخ الروسية الدقيقة والاستراتيجية، خطراً كبيراً على موسكو، ليس فقط في مواجهة أي تقدم أوكراني، ولكن أيضاً، لأن هذه الصواريخ هي جزء من ترسانة روسيا المحتملة في حال أي حرب مع الناتو.
لذلك علق تقرير معهد البحرية الأمريكية قائلاً: "إن الأداء الضعيف للصواريخ الروسية يعد بشرى سارة لواشنطن. من المفترض أن الجيش الروسي سيصلح مشاكل الدقة، لكن ذلك سيستغرق وقتاً، وكذلك عملية إعادة بناء المخزون تمنح الولايات المتحدة مزيداً من الوقت لترقية قواتها للردع والصراع المحتمل مع روسيا أو الصين".
إليك الصواريخ التي يحتمل أن تقدمها إيران لروسيا
وفقاً للتقديرات الغربية، هناك ما لا يقل عن 20 تصميماً مختلفاً للصواريخ الباليستية الإيرانية، إضافة لمتغيرات فرعية مختلفة غير متضمنة.
وتقدم مجموعة متنوعة من الصواريخ لروسيا للاختيار من بينها لأغراض مختلفة.
على سبيل المثال، يقال إن صاروخ قيام -1 له مدى يبلغ حوالي 804 كيلومترات، مما يمكّن القوات الروسية من ضرب أهداف عبر أوكرانيا. تحتوي الإصدارات الأكثر تقدماً من سلسلة قيام أيضاً على مركبة عودة قابلة للمناورة (MaRV) توفر دقة محسّنة ضد الأهداف عالية القيمة وتجعل من الصعب اعتراض الدفاعات الجوية.
يبلغ مدى الصاروخ قدر -110، وهو نسخة محسنة من صاروخ شباب 3 الباليستي متوسط المدى، حوالي 2000 كيلومتر.
يمكن لروسيا أن تنشر هذه الصواريخ بعيداً عن حدود أوكرانيا. إلى جانب طابع التنقل المتأصل في مختلف أنواع الصواريخ الباليستية الإيرانية (لأنها تعمل في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي والأمريكي)، فإن أوكرانيا، التي تمتلك الحد الأدنى من قدرات أسلحة المواجهة، ستجد صعوبة كبيرة في مواجهة التهديد الذي تشكله هذه الصواريخ.
في إشارة واضحة إلى توسع دور إيران كمورد عسكري لموسكو، أرسلت طهران مسؤولين إلى روسيا في 18 سبتمبر/أيلول لوضع اللمسات الأخيرة على شروط شحنات أسلحة إضافية، بما في ذلك نوعان من صواريخ أرض-أرض الإيرانية، وفقاً لما نقلته صحيفة Washington Post عن مسؤولين من الولايات المتحدة ودولة حليفة لها تراقب عن كثب نشاط أسلحة إيران.
يؤكد تقييم استخباراتي تمت مشاركته في الأيام الأخيرة مع المسؤولين الأوكرانيين والأمريكيين أن صناعة الأسلحة الإيرانية تستعد لشحنة أولى من صواريخ فاتح 110 وذو الفقار، وهما صاروخان باليستيان إيرانيان معروفان قصيري المدى قادران على ضرب أهداف على مسافات 300 و700 كيلومتر على التوالي.
قال مسؤولان مطلعان على الأمر إذا تم تنفيذ هذه الصفقة، فسيكون ذلك أول تسليم لمثل هذه الصواريخ إلى روسيا منذ بداية الحرب.
وتحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن أسمائهم وجنسياتهم بسبب الحساسيات الشديدة المحيطة بجهود جمع المعلومات الاستخبارية.
وقال المسؤولون المطلعون على شحنة الصواريخ المخطط لها إن إيران تعد أيضاً شحنات جديدة من الطائرات بدون طيار لروسيا، بما في ذلك "العشرات" من طائرات مهاجر 6 إضافية وعدد أكبر من طائرات شاهد -136. هذه الأخيرة، التي يطلق عليها أحياناً طائرات "كاميكازي" بدون طيار لأنها مصممة لتحطم أهدافها، قادرة على إيصال حمولات متفجرة على مسافات تصل إلى 1500 ميل.
وقال المسؤولون إن مستشارين فنيين إيرانيين زاروا المناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة لتقديم تعليمات بشأن تشغيل الطائرات المسيرة.
وامتنعت وكالات المخابرات الأمريكية عن التعليق على تقارير عن شحنات إيرانية معلقة لروسيا. ولم يرد مسؤولون روس وإيرانيون على طلبات للتعليق على تقارير عن صواريخ إيرانية موجهة لروسيا، حسب الصحيفة الأمريكية.
ما تأثيرها المحتمل على المعركة؟
وقال مسؤولون أوكرانيون إن الطائرات بدون طيار الإيرانية تركت بصمتها بالفعل على الحرب، حيث دمرت عدة دبابات أوكرانية وألحقت أضراراً بالبنية التحتية المدنية في ضربات متكررة في الأسابيع الثلاثة الماضية.
تنقل الصحيفة الأمريكية عن خبراء الصواريخ زعمهم أن وصول صواريخ أرض-أرض قد يمنح روسيا أسلحة جديدة قوية، في الوقت الذي تستعيد فيه قوات كييف الأراضي التي تم الاستيلاء عليها عبر مساحات شاسعة من جنوب وشرق أوكرانيا، وهي نجاحات ترجع جزئياً إلى المدفعية التي قدمها الغرب.
قال فرزين نديمي، الخبير في الأسلحة الإيرانية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث في واشنطن: "إن الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية سطح-أرض يمكن أن تمنح الروس المزيد من الخيارات والكثير من اللكمات".
وتمتلك إيران واحدة من أكبر ترسانات الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وأكثرها تنوعاً في الشرق الأوسط. قال نديمي إنه بينما يعاني مصممو الأسلحة الإيرانيون من مشاكل الموثوقية، يعتبر الخبراء أن الإصدارات الأحدث من فاتح 110، وذو الفقار قوية ودقيقة بشكل معقول على مسافات قصيرة نسبياً.
تأتي بعض الطرز مزودة بأنظمة توجيه كهربائية بصرية تسمح لمشغلي الصواريخ بتوجيههم في مساراتهم النهائية نحو الأهداف.
سبق أن قدمت إيران الصواريخ نفسها لميليشيات تابعة لها في الشرق الأوسط، أبرزها مقاتلو الحوثي في اليمن، الذين عرضوا صواريخ إيرانية التصميم في عروض عسكرية واستخدموها في هجمات على مصافي النفط وأهداف مدنية أخرى في دول الخليج المجاورة.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، أطلقت إيران سلسلة صواريخ قيام قصيرة المدى من الصواريخ الباليستية (SRBM) على قاعدة الأسد الجوية في العراق، التي تستضيف القوات الأمريكية وقوات التحالف. كان الهجوم انتقاماً لاغتيال أمريكا الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس بغارة لطائرة مسيرة.
وبينما لم تقع إصابات في صفوف القوات الأمريكية (حيث يعتقد أن الإيرانيين أنذروا الأمريكيين بشكل غير مباشر قبل الهجوم لمنع سقوط إصابات)، ولكن الهجمات تسببت في إلحاق أضرار جسيمة بالقاعدة الجوية، حسبما ورد في تقرير موقع Eurasian Times.
ومع ذلك، فإن بعض الصواريخ طويلة المدى الإيرانية الصنع لها عيب، بما في ذلك صواريخ قيام -1 وغدر، حيث يتم تشغيلها بواسطة أنظمة تعمل بالوقود السائل، مما يجعلها خطرة في الاستخدام بل تهدر قدراً كبيراً من الوقت خلال عملية إطلاقها، ويؤدي ذلك لسهولة رصدها واستهدافها.
لا تحتاج روسيا بالضرورة لأسلحة سريعة الاستجابة في كل عملياتها. لذلك، يمكنها الحصول على صواريخ قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب لتوفير الأسلحة التي لديها الأكثر تطوراً لأوقات الحاجة.
على سبيل المثال، يمكن لروسيا شراء سلسلة فاتح من صواريخ باليستية قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب ومتحركة على الطرق، وبعضها معروف أيضاً بتزويده بإرشادات نهائية، مما يوفر دقة أكبر في الضربات، حسبما ورد تقرير Eurasian Times.
يمكن لصاروخ فاتح 110، الذي أثبت جدواه في المعارك ووضع قيد الإنتاج على نطاق واسع، أن يجذب اهتمام الجنرالات العسكريين الروس. يصل مدى الصاروخ إلى 300 كيلومتر تقريباً، مما يجعله مناسباً تماماً لمهاجمة العديد من الأهداف داخل أوكرانيا.
تم الكشف عن صواريخ أخرى في سلسلة فتح، مثل ذو الفقار وهي تطلق بوقود صلب ذي مرحلة واحدة وصواريخ شهيد الحاج قاسم ذي المرحلتين في أغسطس/آب 2020 وسميت على اسم الجنرال قاسم سليماني، ويقال إن مداها يبلغ حوالي 700 و1400 كيلومتر على التوالي.
الجدير بالذكر أن صواريخ أرض-أرض الإيرانية غالباً ما تُطلق من شاحنات مأخوذة من هياكل شاحنات تجارية، مما يجعلها سهلة الصيانة والتشغيل.
لكن Washington Post تنقل عن محللين غربيين قولهم إن التصعيد الروسي لن يغير مجرى الحرب.
تظل الميزة الرئيسية للصواريخ الإيرانية هي أنها رخيصة التكلفة، ويعتقد أن طهران لديها مخزون كبير، لأن الصواريخ مع الطائرات المسيرة هي سلاحها الأساسي في ظل ضعف قدراتها وعدم تركيزها على شراء الدبابات والطائرات كبقية دول المنطقة.
فمنذ عقود وخاصة بعد الحرب العراقية الإيرانية، كان رهان الإيرانيين الأساسي على الصواريخ والطائرات المسيرة والميليشيات، وهم متمرسون في تصنيع وتشغيل وتدريب هذه الأسلحة الثلاثة، وذلك في ظل الحصار الغربي وبتكاليف رخيصة نسبياً وبأعداد كبيرة، حتى لو على حساب الجودة والدقة.
وفقاً لعرض قدمه مسؤول مخابرات أمريكي كبير يوم الجمعة، فإن اعتماد روسيا المتزايد على دول مثل إيران وكوريا الشمالية دليل على تأثير العقوبات وضوابط التصدير التي فرضتها الدول الغربية في أعقاب الغزو الأوكراني.
تجدر الإشارة إلى أنه سبق أن قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن "إيران لم ولن تقدم أي سلاح لاستخدامه في الحرب في أوكرانيا".. نعتقد أن تسليح كل جانب من جوانب الأزمة سوف يطيل الحرب.
وعلى غرار إيران، رفضت روسيا التقارير الغربية حول شحن أسلحة إيرانية لحملتها الأوكرانية، حيث سخر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف من هذه الروايات ووصفها بأنها "زائفة".