ما هي نقاط الاتفاق والاختلاف بين إسرائيل ولبنان بشأن ترسيم الحدود البحرية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/07 الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/07 الساعة 12:40 بتوقيت غرينتش
حقل كاريش للغاز الطبيعي المتنازع عليه بين لبنان والكيان الإسرائيلي/ رويترز

تواجه المحادثات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل ولبنان بشأن النزاع الحدودي البحري أزمة كبيرة، بعد أن رفضت إسرائيل، الخميس 6 أكتوبر/تشرين الأول 2022، التعديلات والمقترحات اللبنانية على مسودة الاتفاق، واعتبرتها إسرائيل خرقاً لنص الاتفاق.

خلال الأسبوع الماضي، بدا أن الجانبين يتجهان نحو إتمام الاتفاق، لكن هذه أزمة الأمس في المفاوضات قد تؤدي إلى تصعيد عسكري بين إسرائيل وحزب الله، الأمر الذي هدد به الحزب مراراً وتكراراً إذا لم تحترم إسرائيل الحقوق الاقتصادية للبنان وشعبه.

ترسيم الحدود البحرية
صورة لسفينة بحرية تابعة للأمم المتحدة قبالة الساحل اللبناني في بلدة الناقورة، التي تجري فيها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية/ رويترز

ترمي هذه المحادثات إلى التوصل إلى صفقة بحرية، حتى لو لم ترغب بيروت في اتخاذ الخطوة الأكبر بالاعتراف بوجود إسرائيل. وتعد الخلافات حول المياه الساحلية شائعة في جميع أنحاء العالم، ويتم حل العديد منها خلال المحادثات لتحقيق المنفعة للأطراف المتنازعة.

ما هي نقاط الخلاف؟

ويدور النزاع حول منطقة متنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط ​​تبلغ مساحتها 330 ميلاً مربعاً غنية بالغاز وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

1- الخلاف على تمديد الحدود الجنوبية

في عام 2011 على سبيل المثال، أشارت دراسة قد أجراها الجيش اللبناني إلى أنه يجب تمديد الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد جنوباً من "الخط 23" لغاية "الخط 29″، والذي كان من شأنه أن يضع الجزء الأكبر من حقل غاز "كاريش" في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان. 

يقع حقل "كاريش"، بالقرب من الخط الفاصل المتنازع عليه بين "المناطق الاقتصادية الخالصة" لكل من لبنان وإسرائيل.

رغم حدة التوترات بين حزب الله وإسرائيل، استطاع المبعوث الأمريكي آموس هوكستين الاقتراب من إبرام اتفاق ناجح. فوفقاً للمعلومات القادمة من الجانبين، ستحتفظ إسرائيل بجميع الحقوق الحصرية لحقل غاز "كاريش"، في حين سيحصل لبنان على حقل "قانا" بأكمله. 

قرب الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة / رويترز

ويرى الكثير من اللبنانيين، بمن فيهم بعض المسؤولين، أن هذا الاتفاق تنازل كبير لإسرائيل، فحتى الآن لم يتأكد ما إذا كان حقل "قانا" يحتوي في الواقع على الغاز أم لا، وما هي كميته. بينما في المقابل، ثبت بالفعل احتواء "كاريش" على الغاز.

 لكن الحكومة اللبنانية وحزب الله لهما حسابات أخرى، فقد زعمت وسائل إعلامية تابعة للحزب، أن الحصول على حقوق حصرية على حقل "قانا" يمثل انتصاراً على إسرائيل. بالإضافة إلى إعلان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يوم الإثنين الماضي، أن "الأمور تسير على الطريق الصحيح".

في المقابل، عبّر وزير الطاقة الإسرائيلي السابق يوفال شتاينيتس عن "دهشته لسماع أن اللبنانيين سيحصلون على مئة في المئة من المنطقة المتنازع عليها وإسرائيل صفر".

ورغم ذلك، بلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أمس فريق التفاوض برفض الاقتراحات والتغييرات التي أضافتها على المسودة هذا الأسبوع.

ماذا تريد لبنان؟

ووفقاً لموقع أكسيوس الأمريكي، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن لابيد "أوضح أن إسرائيل لن تتنازل عن مصالحها الأمنية والاقتصادية، حتى لو كان ذلك يعني أنه لن يكون هناك اتفاق قريباً".

وتمحورت التعديلات اللبنانية في ثلاث نقاط، أهمها تغيير البند الذي ينص على وجوب اعتراف "بخط العوامات" كحدود دولية، وأكد مسؤولون لبنانيون في تصريحاتهم أنهم لن يقبلوا بأن يعترفوا بشرعية خط العوامات.

 وخط العوامات العائمة هو خط كانت قد قامت إسرائيل بتركيبه عام 2000 إثر انسحابها من جنوب لبنان، ويبلغ طوله ثلاثة أميال، يمتد من ساحل ​رأس الناقورة​ إلى البحر الأبيض المتوسط​.

وتتمسك إسرائيل بضرورة الاعتراف بخط العوامات لإتمام الاتفاق، حيث من وجهة نظرها فإنه مسألة رئيسية في مصلحة أمنها القومي؛ حيث سيصبح ساحل إسرائيل الشمالي معرضاً لتهديدات من الجنوب اللبناني، وفقاً لما صرح بعض المسؤولين الإسرائيليين.

الرئيس اللبناني ميشال عون خلال مناقشته للعرض الأمريكي بشأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل مع وفد فرنسي/الأناضول

ثانياً، طالب المسؤولون اللبنانيون بتغيير عبارة (الوضع الراهن) في سياق خط العوامات في المسودة بعبارة (أمر واقع)، وهذا يوضح اختلاف الرؤية من الطرف اللبناني للاعتراف بهذا الخط، حيث يعتبرها لبنان مسألة سيادة. بينما ترى إسرائيل أن هذا التعديل في الاتفاق يضعفه من الناحية القانونية ويترك الباب مفتوحاً أمام الادعاءات اللبنانية في المستقبل.

ثالثاً: يرفض الجانب اللبناني أيضاً البند الذي يمنح إسرائيل (حق النقض) على بدء التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها. وتعد إسرائيل هذا البند في المسودة كشرط أساسي لضمان حقوقها الاقتصادية مستقبلاً؛ حيث نص الاتفاق على تعويض إسرائيل عن حصتها في  حقل "قانا" المحتمل في بنسبة تتراوح بين (20 و30) في المائة، والتي تبلغ قيمتها 200-300 مليون دولار. 

ما هي أهداف حزب الله وإسرائيل من الاتفاق؟

رغم عدم كشف التفاصيل الكاملة للاتّفاق، يبدو الجانب اللبناني مُوحداً وأكثر استِعداداً لتّوقيع الاتفاق، في سابقة تشهدها الدولة اللبنانية، فقد اجتمع رئيس الجمهورية (ميشال عون)، ورئيس مجلس النواب (نبيه بري)، ورئيس الوزراء (نجيب ميقاتي) في قصر بعبدا لتكوين جبهة موحدة ومتماسكة للموافقة والتعديل على المقترحات المقدمة من المبعوث الأمريكي عاموس هوكستين.

بجانب ذلك، يتفق حزب الله على إتمام الاتفاق وبشكل عاجل. فبرغم التهديد باستخدام صواريخه وطائراته المسيّرة ضد مصالح إسرائيل في البر والبحر، يدرك الحزب أن أي حرب أخرى يمكن أن يكون لها تداعيات أسوأ على الحزب من تقديم تنازلات لإسرائيل. فقد تراجعت جودة وكفاءة قواته القتالية بسبب مشاركتها المستمرة في الحرب السورية، لذلك يتبع الحزب استراتيجية التهديدات فقط والتي يراها تحقق نتائج أكثر من استخدام الأسلحة نفسها.

حزب الله وحلفاؤه خسروا الأغلبية للبرلمان/رويترز

بالإضافة إلى أن حزب الله يسعى لاستعادة بعض الشرعية المتأزمة من خلال الادعاء بأن أسلحة الحزب هي التي تحمي الموارد الطبيعية القيّمة للبنان ضد إسرائيل.

بينما الجانب الإسرائيلي أقل سلبية من ناحية إتمام الاتفاق، مما جعل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت"، الخميس 6 أكتوبر/تشرين الأول، يقوم بتفويض رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع في حكومته بيني غانتس، بإدارة "صراع محتمل" مع لبنان على الحدود الشمالية، في حال فشل إبرام اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وفقاً لما ذكرته قناة (كان) الإسرائيلية الرسمية. ويأتي هذا التفويض خلال اضطرابات داخلية تضرب إسرائيل، حيث تسود انقسامات حادة، خاصةً بين يائير لابيد رئيس الوزراء المؤقت وحليفه الجنرال بيني غانتس وزير الأمن من ناحية، وبنيامين نتنياهو رئيس المعارضة.

تحميل المزيد