فيما قد يكون أهم تطور في مجال الوقود منذ اكتشاف النفط، زعم باحثون صينيون أنهم توصلوا إلى اختراع مزيج وقود يُمكنه تشغيل رحلات الطائرات الفرط صوتية بشكل اقتصادي، في وقت تقول فيه بكين إنها تخطط لجعلها تصل لأي مكان في العالم خلال ساعة واحدة.
وأصبح الطيران فرط الصوتي أهم مجال للتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين؛ حيث تسعى الصين إلى قيادة العالم فيما يُمكن تسميته ثورة الطائرات فرط الصوتية، بعد أن تفوقت هي وروسيا على واشنطن بالفعل في مجال الصواريخ العسكرية فرط الصوتية.
ويُقصد بالطيران فرط الصوتي أو فائق الصوتية (Hypersonic speed)، طيران الطائرات أو الصواريخ أو أي مركبات جوية بسرعة تفوق سرعة الصوت عدة مرات، وغالباً خمسة ماخ فأكثر (الماخ هو سرعة الصوت وتبلغ 1225.04 كم/الساعة).
من يتفوق في سباق الطائرات الفرط صوتية؟
سبق أن قالت بكين إنها تطوّر طائرةً تفوق سرعتها سرعة الصوت، قادرة على نقل الركاب في أي مكان في العالم في أقل من ساعة، حيث اختبر علماء صينيون النموذج الأوَّلي لمحرك الطائرة في نفق هوائي، بحسب ما ذكرته صحيفة South China Morning Post.
وتفيد تقارير إعلامية غربية بأن مفهوم هذه الطائرة جاء من تصميم أمريكي سابق للمهندس صيني المولد Ming Han Tang، ولكن هذا التصميم تم إلى حد كبير تجاهله من قِبل حكومة الولايات المتحدة، ولكن في الصين جذب التصميم اهتماماً متزايداً.
وتقول مصادر استخباراتية غربية إن بكين اختبرت مركبتين تفوق سرعتهما سرعة الصوت بقدرات نووية، حلّقتا حول الكوكب في مدار أرضي منخفض، قبل أن تعودا إلى الأرض، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Dailymail البريطانية، فيما أنكرت بكين هذا الحدث.
وإلى جانب الصين، تقوم الولايات المتحدة أيضاً بتطوير طائرات فرط صوتية، والتي أصبحت على قائمة أولويات الجيش الأمريكي منذ فترة طويلة الآن.
كانت SR-71 Blackbird من شركة لوكهيد مارتن أسرع طائرة مقاتلة تم بناؤها على الإطلاق، الآن الجيش الأمريكي يتطلع لبناء خليفة.
في شهر يوليو/تموز 2021، أعلنت القوات الجوية الأمريكية عن عقد بقيمة 60 مليون دولار مع شركة تدعى هيرميوس، تطلب منها تصميم وتطوير نموذج أولي، تفوق سرعته سرعة الصوت عدة مرات، حيث إنه في غضون ثلاث سنوات يمكن أن تسافر بسرعات ماخ 5 -حوالي 3800 ميل في الساعة- بمحرك واحد فقط.
كما أجرت الصين وأمريكا تجارب متعددة لتطوير طائرات فرط صوتية مدنية، من ضمنها تجارب لوكالة ناسا الفضائية الأمريكية، التي تدعم مشروعاً لشركة لوكهيد مارتن، لتطوير طائرة تجريبية لجمع البيانات؛ للمساعدة في صياغة اللوائح الخاصة بالرحلات التجارية الأسرع من الصوت والفرط صوتية في المستقبل، أي توفير الظروف الملائمة لترخيص الجهات المعنية للشركات الأخرى بتسيير طائرات أسرع من الصوت وفرط صوتية في رحلات تجارية.
وفي ظل هذا التنافس المحموم على تطوير طائرات مدنية تجارية فرط صوتية، فإن نوع الوقود المستخدم وأن يكون آمناً ورخيصاً وغير ملوث للبيئة، يعد مسألة شديدة الأهمية.
ولذا يسعى الباحثون في العديد من الدول، بما في ذلك الصين، لإيجاد مصادر طاقة بديلة لتشغيل طائرات فرط صوتية، بدلاً من أنواع الوقود الباهظة التي قد تعرقل دخول الطائرات فرط الصوتية، خاصة التجارية، إلى عالم الأعمال.
وتقول بكين الآن إنها تسعى لتشغيل مثل هذه الرحلات بطريقة اقتصادية، وكان ارتفاع التكلفة أحد الأسباب الرئيسية لوقف رحلات طائرة نقل الركاب الأسرع الشهيرة كونكورد، التي كانت مشروعاً فرنسياً بريطانياً مشتركاً.
وقود رخيص مكوناته شائعة الانتشار سوف يستخدم في تشغيل طائرات فرط صوتية
زعم باحثون صينيون مؤخراً أنه باستخدام محرك يتنفس الهواء يحرق مزيجاً من الإيثيلين ومسحوق الفحم، يمكن أن يقللوا بشكل كبير من تكلفة الرحلة التجارية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت عدة مرات (فرط صوتية)، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times.
وقال الفريق الصيني الذي يقوده البروفيسور وينغ تشون شنغ، في مختبر الفيزياء العابرة بجامعة نانجينغ للعلوم والتكنولوجيا، إن كثافة الطاقة العالية والأمان والسعر المنخفض لمسحوق الفحم يمنحه ميزة فريدة عند استخدامه كوقود للمحركات.
ويعد الإيثيلين أحد أكثر المنتجات الثانوية شيوعاً في مصافي النفط، فيما شكل الفحم حالياً الجزء الأكبر من مصادر توليد الكهرباء في الصين. ومع ذلك، من الجدير بالملاحظة أن الصين مرت في وقت سابق بأزمة طاقة بسبب نقص الفحم لفترة، علماً أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وعد العام الماضي بالتحكم الصارم في استخدام الفحم والبدء في خفض استهلاكه.
أي أن الوقود الجديد سيكون متوفراً للدول التي لديها احتياطات كبيرة من النفط والفحم، وتعد الولايات المتحدة وروسيا أكبر دولتين في العالم لديهما خليط من الفحم والنفط، فيما لدى بكين كميات كبيرة من النفط والفحم، ولكنها تستورد كميات كبيرة من النفط تحديداً، بسبب ضخامة استهلاكها.
الفكرة في تقنية المحرك التي ستُحدث انفجارات هائلة بهذا الوقود
لكي يتمكن برنامج الصين للطائرات فرط الصوتية من تحقيق طيران سلس وطويل المدى، يصل إلى سبعة أضعاف سرعة الصوت (7 ماخ)، يعمل Weng وزملاؤه على تطوير تقنية محرك التفجير، وهو نظام دفع يستخدم موجات التفجير عبر إحراق خليط وقود مناسب.
وقال الباحثون الصينيون، في مايو/أيار الماضي، إن محركهم الذي يتنفس الهواء، والذي يتم دفعه بواسطة انفجارات صادرة عن وقود هيدروكربوني غير مكلف، حقق أداءً مستقراً أثناء رحلة تجريبية فرط صوتية.
ينتج المحرك التجريبي الذي يعمل بالفحم انفجاراً أسرع من الصوت، عن طريق دفع جزيئات الفحم المجهرية (كل منها بحجم البكتيريا تقريباً)، إلى غرفة مليئة بالأوكسجين، ثم يتم إشعالها بالشرر الكهربائي.
وذكر الباحثون أنه إذا حدثت الصدمة الأولية بسرعة كافية فسيتم ضغط الهواء، وسيحدث المزيد من الانفجارات، ما يخلق دفعاً قوياً ومستمراً للأمام.
نظراً لقدرة المحرك على إطلاق التفجيرات السريعة بشكل لا يصدق، والذي يعني تحويل المزيد من الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية، يتوقع الفريق أنه سيعمل بكفاءة أكبر بنسبة 20% على الأقل من المحركات النفاثة المعاصرة.
سيتم بناؤه للعمل في مجموعة متنوعة من المواقف، من الإقلاع من المطار إلى الرحلات الجوية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على ارتفاعات قريبة من الفضاء.
إن فكرة استخدام مسحوق الفحم كوقود للمحرك، وفقاً لـWeng وزملائه، مستوحاة من انفجارات المناجم، والتي قد تُطلق على الفور قدراً هائلاً من القوة التدميرية.
ومع ذلك، فإنه من الصعب إشعال انفجار بطريقة محكومة، وهذا هو الدور الذي يقوم به الإيثيلين.
فنظراً لأن الإيثيلين يحترق بسهولة أكبر من جزيئات الفحم، والتي لا تحترق في كثير من الأحيان بالسرعة الكافية للتسبب في انفجار، يتّحد الاثنان لإطلاق سلسلة من التفجيرات.
اختبر فريق Weng خليط وقود الفحم والإيثيلين على الأرض، في ظل ظروف صعبة قد تحدث أثناء الرحلة، مثل شحنة كهربائية منخفضة، وفائض أو نقص في الأوكسجين.
وفقاً لنتائجهم المنشورة، اكتشف الباحثون أن المحرك يمكن أن ينتج موجات صدمة سريعة جداً في أي وقت.
وقال المحلل الدفاعي والفضائي جيريش لينجانا، لـEurAsian Times، "عادة يتم النظر إلى الإيثيلين عند البحث عن وقود دافع، هذا بسبب الدفع الذي يوفره وكثافته المحدودة، هناك أنواع وقود أفضل، لكنها أغلى ثمناً، تعطي دفعة مماثلة ولكنها أكثر كثافة.
لذلك، يمكن للمركبة إما أن تقطع مسافة طويلة، أو تستخدم مقدار وقود مخزن أصغر.
فالميزة الرئيسية في مزيج الوقود الصيني هذا أنه يهدف إلى تقليل التكاليف واستخدام أنواع وقود أكثر انتشاراً".
تم طرح فكرة استخدام الفحم لتشغيل رحلة تفوق سرعة الصوت لأول مرة منذ ما يقرب من عشر سنوات، من قبل باحثين من الأكاديمية الروسية للعلوم، والذين أظهروا أيضاً أنه يمكن إنتاج الصدمات باستخدام مسحوق الفحم وخليط الهيدروجين.
أجرت فرق البحث الأمريكية بحوثاً إضافية، وطوّرت بعض النماذج الفيزيائية لوصف النظام المعقد.