جاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا ليمثل تطوراً خطيراً في الحرب الأوكرانية، وستكون له تداعيات عسكرية كبيرة في ساحة المعركة، كما قد تكون له تداعيات داخلية روسية كبيرة بل وعالمية، وبالفعل أدى القرار إلى صدمة في الأوساط الاقتصادية العالمية.
ولكن الأخطر في قرار بوتين إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا، أنه إذا فشل فقد ينتقل بوتين إلى استخدام آخر سلاح في جعبته وهو الحرب النووية.
وجاء قرار بوتين بعد قرابة سبعة أشهر من الحرب، لم تحقق فيها روسيا أهدافها، ورغم احتلالها مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية، فإنها تعرضت مؤخراً لنكسات في إقليم خاركيف الأوكراني الملاصق لحدودها، وهي انتكاسة خسر لأول مرة بسببها الجيش الروسي أرضاً أوكرانية، سيطر عليها منذ بداية الحرب.
واللافت أن خطاب بوتين الذي أعلن فيه قرار التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا، يأتي بعد يوم من إعلان موسكو خططاً لإجراء استفتاءات لضم أربع مناطق أوكرانية لروسيا.
ومن شأن إعلان بوتين الذي صدر اليوم الأربعاء أن يساعد روسيا في إعلان الحرب رسمياً على أوكرانيا، بعد أن كانت تصف الحرب بأنها عملية عسكرية خاصة، الأمر الذي كان يشكل قيداً على تعبئة مواردها الداخلية للمجهود الحربي.
ويعني ذلك وضع روسيا بمواردها الهائلة في حالة حرب حقيقية، حيث يعد قرار بوتين أول إعلان تعبئة روسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال الرئيس الروسي إنه وقع بالفعل على مرسوم بشأن التعبئة الجزئية، والتي من المقرر أن تبدأ يوم الأربعاء.
بوتين يحثّ الروس على التصدي لما يصفه بمحاولات الغرب تفكيك البلاد
لجأ بوتين لاستدعاء المشاعر القومية للروس ومخاوفهم من الغرب، بعد أن اقتربت القوات الأوكرانية من حدود البلاد أثناء تقدمها في إقليم خاركيف، حسبما ورد في تقرير لصحيفة the Guardian البريطانية.
وجاء قرار بوتين بعد دعوات لليمين الروسي لاستدعاء الاحتياطي وحشد موارد البلاد، واستخدام أساليب أكثر قسوة، بعد هجوم أوكرانيا المضاد في إقليم خاركيف.
ويمثل القرار تراجعاً عن مساعي بوتين لإبقاء آثار العمليات العسكرية بعيداً عن الداخل الروسي.
وفي خطاب متلفز للأمة الروسية، قال بوتين إن "التعبئة الجزئية" كانت رداً مباشراً على الأخطار التي يشكلها الغرب، الذي "يريد تدمير بلدنا"، وادعى أن الغرب حاول "تحويل شعب أوكرانيا إلى وقود للمدافع".
وأضاف أن هدف الغرب هو إضعاف وتقسيم وتدمير بلادنا في نهاية المطاف. إنهم يقولون بالفعل إنهم تمكنوا في عام 1991 من تفكيك الاتحاد السوفييتي، والآن حان الوقت لروسيا نفسها، التي يجب أن تتفكك، لقد كانوا يخططون لذلك منذ فترة طويلة".
وقال إن القرار اتُّخذ لحماية الدولة (روسيا) وشعبها وسيادتها وسلامة أراضيها، بما يضمن أمن الشعوب في الأراضي المحررة، حسب تعبيره.
كما قال بوتين في خطابه إنه سيدعم الاستفتاءات المقرر إجراؤها في نهاية هذا الأسبوع، في أجزاء من مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريزهيا بأوكرانيا، الواقعة تحت سيطرة موسكو للانضمام إلى روسيا.
ماذا يعني قرار إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا؟
مرسوم بوتين بشأن التعبئة الجزئية يعني استدعاء 300 ألف فرد إضافي للخدمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، حسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
فبعد وقت قصير من إعلان بوتين، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إنه سيتم استدعاء "أولئك الذين لديهم خبرة عسكرية سابقة"، أي أن الخدمة العسكرية وفقاً للقرار ستنطبق فقط على المواطنين الموجودين حالياً في الاحتياط، وخاصة الذين من خدموا في القوات المسلحة، ولديهم مهن عسكرية معينة وخبرات ذات صلة".
ونقلت رويترز عن شويغو قوله "روسيا لديها موارد بشرية ضخمة تبلغ نحو 25 مليون شخص، ولكن سيتم استدعاء 300 ألف احتياطي منهم".
وقال إن الطلاب الذين خدموا كمجندين لن يتم استدعاؤهم، وإن غالبية احتياطي روسيا البالغ ملايين لن يتم تجنيده.
وفقاً للمرسوم سيتم أيضاً تمديد عقود الجنود المقاتلين في أوكرانيا حتى نهاية فترة التعبئة الجزئية.
كيف كان رد فعل أوكرانيا وداعميها الغربيين على القرار؟
تنظر الجهات الغربية لإعلان بوتين التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا، على أنه اعتراف بفشل الكرملين العسكري في أوكرانيا.
وبالفعل، اعترف وزير الدفاع الروسي في خطابه بأن الأوضاع في أوكرانيا كانت "صعبة"، قائلاً إن روسيا في حالة حرب مع "الغرب كله".
ولكن بصرف النظر عن دوافع القرار، سوف تؤدي التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا إلى تصعيد الصراع على أوكرانيا بشكل كبير، وتأتي في الوقت الذي تتصدى فيه موسكو لهجوم مضاد لأوكرانياً، أجبر قواتها على التراجع والانسحاب من بعض الأراضي الأوكرانية المحتلة، خاصة في إقليم خاركيف بالشمال الشرقي للبلاد، وبصورة أقل في محيط خيرسون في الجنوب.
وسرعان ما أدان القادة الغربيون خطاب بوتين. ووصفت وزيرة الخارجية البريطانية جيليان كيجان خطاب الرئيس الروسي بأنه "تصعيد واضح".
وقال نائب المستشار الألماني، روبرت هابيك، إن قرار روسيا الإعلان عن تعبئة جزئية هو "خطوة أخرى سيئة وخاطئة من جانب روسيا".
وقال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، إن قرار بوتين الإعلان عن تعبئة جزئية كان "خطوة متوقعة"، تسلط الضوء على أن الحرب لم تعد تسير وفقاً لخطة الكرملين.
وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي "الوضع على خط المواجهة يشير بوضوح إلى أن المبادرة تخص أوكرانيا". "مواقفنا لا تتغير بسبب الضوضاء أو أي إعلانات في مكان ما. ونحن نتمتع بالدعم الكامل من شركائنا في هذا الأمر".
وأعلنت ليتوانيا، رفع مستوى جاهزية قواتها المسلحة للرد السريع، وذلك بعد إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا، فيما قالت فنلندا إنها تراقب الوضع عن كثب بعد الإعلان الروسي.
وكتب وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس على فيسبوك: "بما أن التعبئة العسكرية الروسية ستنفذ أيضاً في منطقة كالينينغراد المجاورة لبلاده، فلا يمكن لليتوانيا أن تكتفي بالمراقبة، وأضاف أن هذه الخطوة ترمي "لمنع أي استفزازات من الجانب الروسي".
كيف سينعكس على المعركة وهل يؤدي لهزيمة أوكرانيا؟
ويأتي هذا القرار وسط حديث غربي أوكراني عن خسائر كبيرة في المعدات والأفراد، تكبدتها روسيا، حيث تزعم التقديرات الأوكرانية أن موسكو فقدت نحو 80 ألف جندي، وهي تقارير ينظر لها على أنها مبالغ فيها حتى من قِبل حلفاء كييف الغربيين، فيما ينظر كذلك بشكوك إلى تقديرات روسيا بشأن خسائر، والتي تذكر في أوقات متباعدة، وتكون أقل كثيراً من التقديرات الغربية، وكان آخرها قول وزير الدفاع الروسي أن 5937 جندياً روسيّاً قتلوا في أوكرانيا حتى الآن.
ولكن الأكيد أن الحرب مع أوكرانيا المدعومة بفاعلية من الغرب ليست نزهة كما كانت يتوقع بوتين، فأوكرانيا بلد ليس صغيراً، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 48 مليون نسمة أي نحو ثلث سكان روسيا.
وأدى الدعم الغربي بالأسلحة والمعلومات والتدريب والتوجيه المباشر، إلى تحييد التفوق العسكري التقني الروسي إلى حد كبير، حيث ساعدت منظومات الدفاع الجوي الأوكرانية السوفييتية الصنع من طراز إس 300، وأنظمة الصواريخ المضادة على الأكتاف التي وردها الغرب بالآلاف لكييف، إلى إجبار أسطول الطائرات الروسية الضخم على العمل من مسافات بعيد فوق ساحات المعارك، الأمر الذي أدى لإضعاف دوره في دعم القوات البرية الروسية كما ظهر في معركة خاركيف.
وعلى الأرض، ساعدت آلاف الصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الأكتاف التي قدمها الغرب لأوكرانيا في تدمير أعداد كبيرة من الأسطول الروسي من الدبابات، الذي يعد الأكبر في العالم، والذي أضيف تأثيرها لنقاط الضعف التقليدية في الدبابات الروسية، وخاصة أن موسكو ليس لديها سوى عدد قليل من دبابات تي 90 الأحدث في ترسانتها، فيما لم تدخل الدبابة أرماتا المتطورة إلى الخدمة بعد.
وأضيف لذلك تأثير أسطول أوكرانيا من الطائرات المسيرة من طراز بيرقدار التركية الصنع، وما قدمته واشنطن من طائرات مسيرة من طرازات مختلفة، منها سويتش بيلد، وأثبتت الطائرات المسيرة التركية والأمريكية على حد سواء تفوقاً على نظيراتها الروسية، الأمر الذي دفع موسكو لشراء طائرات مسيرة من إيران، الدولة المعزولة التي تنتمي للعالم الثالث، حسب تقارير أمريكية.
كما تفوقت أنظمة المدفعية الغربية التي قدمت لكييف على المدفعية الروسية، حسب التقارير الغربية، وكذلك أنظمة الصواريخ المدفعية الأمريكية من طراز هيمارس التي يقال إنها لعبت دوراً كبيراً في الخسائر الروسية مؤخراً.
موسكو تعاني بالفعل من فجوة في عدد الجنود مقارنة بكييف
يعني كل ذلك أن روسيا فقدت ميزة تفوقها التقني على أوكرانيا في المعدات، بينما تحظى الأخيرة بتفوق في أعداد الجنود.
فبينما يخصص الجيش الروسي نحو 250 ألف جندي للحرب، لأنه لم يكن قد استدعى الاحتياط كما أنه بحاجة لنشر وحداته في مناطق روسيا الشاسعة، فإن أوكرانيا التي منعت الذكور من السفر خارج البلاد وتجند من الاحتياطيـ لديها حالياً نحو مليون مقاتل حالياً، حسب مصادر أوكرانية.
وهو أمر ظهر تأثيره الإيجابي لصالح كييف في معركة إقليم خاركيف، حيث يعتقد أن أحد أسباب الهزيمة الروسية في الإقليم أن موسكو لم تكن لديها الأعداد الكافية من الجنود لتوفير خطوط قتال متعددة ومتتالية في المنطقة (كما يقضى التخطيط العسكري)، ما سمح للأوكرانيين باختراق خط الدفاع الروسي الرفيع في المنطقة، بعدما نقلت موسكو جزءاً من قواتها للجنوب تحسباً لهجوم أوكراني على خيرسون كانت كييف قد أعلنت عنه فيما وصفته المصادر الغربية بأنه خدعة أوكرانية ناجحة.
وأدى وجود الأعداد الكافية من الجنود لدى أوكرانيا، إلى قدرتها على حشد قوات في الجنوب لإلهاء الروس عن الهجوم الأساسي في الشمال، بل وخصصت قوات بالفعل لهجوم الجنوب بموازاة هجوم الشمال، رغم أن الانتصارات الأوكرانية في الجنوب كانت أقل في حجمها.
ويتضافر مع الحشود الأوكرانية دعم غربي اقتصادي وعسكري هائل لكييف، وهو ما يعني أنه من ناحية المعدات العسكرية والقدرات الاقتصادية فإن روسيا تواجه اقتصادات الغرب مجتمعة، والتي حجمها أكبر من اقتصادها بنحو 20 مرة، وهي اقتصادات تمنح كييف المساعدات بسخاء.
ورغم أن الـ300 ألف جندي روسي المتوقع استدعاؤهم قد لا يكونون كافين لملء الفجوة العددية مع الجيش الأوكراني، ولكنهم سيساعدون على إعادة التوازن لصالح الروس.
الأهم أن قرار التعبئة الجزئية الأولي هو الأصعب، ولكن بعد اتخاذه من قبل بوتين، فإنه لا يمكن استبعاد استدعاء مزيد من قوات الاحتياط الروسية، وروسيا بلد ضخم يزيد عدد سكانه عن 140 مليون نسمة، وله تاريخ معروف من تحويل النكسات العسكرية المذلة إلى انتصارات كبرى بعد حشد موارد البلاد وشحذ المشاعر القومية مثلما حدث لألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
في المقابل، قد يؤدي القرار الروسي إلى توسيع كييف لعملية استدعاء الاحتياطي لديها، اعتماداً على أن الدعم الاقتصادي الغربي قد يعوض نقص العمالة المترتب على هذا القرار، إضافة إلى أن الغرب قد يرد على قرار التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا بتعزيز المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا، وهو ما يعني أن الحرب الروسية الأوكرانية تتحول فعلياً لحرب عالمية.
هل يؤدي القرار لتذمر شعبي داخلي ضد بوتين؟
على الجانب الآخر، فإن القرار قد يؤدي لتذمر داخلي روسي، خاصة إذا عادت جثث الجنود الروس لعائلاتهم، إضافة لتداعيات القرار على الأوضاع المالية للأسر الروسية التي قد يذهب ذكورها للحرب ويتخلون عن أعمالهم، إضافة إلى تداعياته السلبية على الاقتصاد الروسي بصفة عامة.
كما قد يصاحب القرار توسيع حشد الموارد المدنية الروسية لصالح الحرب، ما قد يؤدي إلى آثار سلبية اقتصادية على المواطنين الروس، وكان أحد أنجح جهود بوتين في الحرب الحالية هو تجنيب بلاده الآثار الاقتصادية للمعارك والعقوبات الغربية.
بل على عكس التوقعات ازدادت قوة الروبل، مع انتعاش ميزانية البلاد جراء ارتفاع أسعار الغاز والنفط، في وقت تعاني أوروبا من مجاعة في مجال الطاقة، ويكافح العالم كله الآثار التضخمية للحرب الأوكرانية.
ومن شأن حدوث معاناة للمواطنين الروس، الذين عاشوا عصرهم الذهبي الاقتصادي في عهد بوتين، أن يؤثر على العقد الاجتماعي الروسي الحالي، والذي يعطي بوتين سلطة مطلقة مقابل تمتع الروس بمستوى معيشة لم يسبق أن رأوه في عهود القياصرة أو السوفييت.
ولكن في المقابل فإن تركيز بوتين على المؤامرة الغربية المفترضة تجاه روسيا واقتراب القوات الأوكرانية من الحدود الروسية، من شأنه أن يستفز الشعور القومي الروسي، وخاصة إذا تزامن ذلك مع تشديد القبضة الأمنية على البلاد، ما قد يقلل من التداعيات السلبية لقرار التعبئة العسكرية على الداخل الروسي.
وما يؤشر على ذلك أن القرار صدر بعد انتقادات حادة غير مسبوقة من اليمين الروسي (وكثير من أعضائه من مؤيدي بوتين)، لأداء الحملة العسكرية الروسية ومطالبتهم باستدعاء احتياطي الجيش وكذلك نظرة هؤلاء للحملة العسكرية بأنها تفتقد القسوة اللازمة، لدرجة أن البعض دعا لقصف كييف بالأسلحة النووية وخطف الأطفال الأوكرانيين وتربيتهم كمواطنين روس.
ولكن هذا الصعود في المشاعر القومية الروسية، الذي يبدو أن بوتين يستغله قد يؤدي لنتائج مدمرة، ليس فقط على روسيا وأوكرانيا وأوروبا بل العالم كله.
بعد هذا القرار لم يبق لبوتين سوى الورقة النووية
أخطر ما في قرار بوتين إعلان التعبئة العسكرية الجزئية في روسيا هو احتمالات عدم ظهور نتائج إيجابية لهذا القرار، أو حدوث تصعيد غربي أوكراني قد يؤدي إلى انتكاسات روسية أخرى.
فاستدعاء الاحتياط هي ورقة بوتين العسكرية قبل الأخيرة في الحرب، وإذا لم تكن لها جدوى أو لم تؤد لحسم الحرب فإنها قد تفتح الباب للورقة الأخيرة، وهي الأسلحة النووية.
وبالفعل هدد الرئيس الروسي في خطابه الذي أعلن فيه القرار بالانتقام النووي، قائلاً إن لدى روسيا "الكثير من الأسلحة للرد" على ما وصفه بالتهديدات الغربية على الأراضي الروسية.
وأضاف "إلى أولئك الذين يسمحون لأنفسهم بمثل هذه التصريحات فيما يتعلق بروسيا، أود أن أذكركم بأن بلادنا لديها أيضاً وسائل تدمير مختلفة، ومعدات أكثر حداثة من تلك الموجودة في دول الناتو وعندما تتعرض وحدة أراضي بلدنا للتهديد فسنستخدم بالتأكيد كل الوسائل المتاحة لنا.
وأضاف: "هذا الكلام ليس خدعة".
وليست هذه أول مرة يلوح بوتين باستخدام الأسلحة النووية، ويبدو أن كثرة تهديدات روسيا بالنووي تجعل البعض في الغرب يستبعده، ولكن الوضع قد يتغير مع استمرار الإحراج الذي تشكله الحرب على بوتين.
كما أن الضغط الأوكراني المدعوم بالغرب على ما تحقق في ساحة المعركة دون أية مبادرات دبلوماسية على الإطلاق سوف يحصر روسيا أكثر في الزاوية، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وقد يؤدي تصاعد التوتر وسعي الطرفين الروسي والغربي لهزيمة الآخر تماماً دون حل وسط، إلى احتمال تورط الناتو في الصراع، وقد يحدث ذلك بشكل عرضي مثلاً، خلال عملية اعتراض روسية لمساعدات غربية للناتو.
ولا يمكن استبعاد أيضاً أن يلجأ بوتين للسلاح النووي للقضاء على مقاومة أوكرانيا، خاصة أن الغرب بالفعل يحاصر روسيا اقتصادياً، ولم يعد لديه الكثير ليخسره، علماً أن تقليل الأمريكيين تحديداً لاحتمال لجوء موسكو للسلاح النووي يبدو غريباً لأنهم سبق أن استخدموه ضد اليابان البلد غير المسلح نووياً، والذي كان على وشك الهزيمة في نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكنهم فعلوا ذلك فقط لتقليل خسائرهم وتوجيه رسالة للاتحاد السوفييتي الذي كان قد صعد لتوه كقوى عظمى في نهاية الحرب العالمية بعد هزيمته لألمانيا النازية.
ومن هنا فإن حلف الناتو يجب أن يستغل نجاحات كييف الأخيرة لطرح مبادرات دبلوماسية إضافية، لتحقيق تسوية تحافظ على استقلال أوكرانيا وسيادتها، وتحفظ وجه روسيا الدولة التي لديها أسلحة تكفي لتدمير العالم كله.