بينما ما زال العالم يعاني من أزمة سلاسل التوريد التي ظهرت بعد جائحة كورونا، ثم حرب أوكرانيا، تظهر مشكلات بعضها جديد تهدد بحدوث نقص في السلع وارتفاع في الأسعار.
وسلَّطت الجائحة الضوء على مدى ترابط العالم في الوقت الحالي. أدت الاختناقات المتعددة إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية– شبكات الأشخاص والشركات ووسائل النقل التي تطلب البضائع وتصنِّعها وتسلِّمها إلى المستودعات أو المتاجر أو حتى إلى منازلنا مباشرةً.
لقد تحوَّل الاهتمام من أزمة سلاسل التوريد ونقص السلع إلى ارتفاع تكلفة المعيشة هذا العام.
وقد يؤثر هذا التضخم على أنواع وكميات السلع المتاحة ومدى سرعة وصولها إلى أرفف المتاجر. فمن ناحية، يمكن أن يؤدي ارتفاع الفواتير المعيشية وتأثير التضخم إلى خفض الطلب إلى حد ما، ولكن هناك مخاوف أيضاً من حدوث نقص في السلع، حسبما ورد في تقرير لموقع The Conversation الأسترالي.
ورغم أنه من غير المرجح حدوث نقص في السلع على نطاق واسع النطاق. ولكن قد يكون هناك المزيد من التأخير في شحن بعض البضائع، لا سيما تلك المصنوعة في الدول الآسيوية وتسليمها إلى الأسواق الغربية.
ومن خلال رصد الأزمات المختلفة التي يمر بها العالم يمكن رصد 6 مشكلات تتعلق بسلسلة التوريد يمكن أن تؤثر على ما يمكننا شراؤه هذا الشتاء وقد تسبب نقصاً في السلع قد يكون جزئياً في الأغلب، حسبما ورد في تقرير الموقع الأسترالي.
1. ارتفاع تكاليف المعيشة أدى إلى ارتباك المنتجين وتأثير هذا سيظهر في عيد الميلاد
تسبب التضخم المتصاعد بشدة في تضرر الأسر بشدة من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. أدت التوقعات بأن المستهلكين سيضطرون لتقليص الإنفاق بشدة هذا الشتاء إلى إغراق الطلب على السلع والخدمات في حالة من الارتياب.
هذا يجعل من الصعب على مخططي سلسلة التوريد تقدير كميات وأنواع السلع التي قد يحتاجها المستهلكون بدقة مقدماً. لقد غيَّرت الجائحة هذه الصورة بالفعل إلى حد كبير، لكن توقع الطلب أصبح أصعب في العام 2022.
يجري التخزين والشحن من أجل فترة التسوق في عيد الميلاد قبل أشهرٍ منه، لذا من المحتمل أن تؤدي حالة الارتياب الحالية إلى تغذية توقعات غير صحيحة. قد يؤدي هذا إلى خيبة الأمل في عيد الميلاد هذا العام إذا كان من الصعب العثور على منتجات معينة أو كان شراؤها أكثر تكلفة حيث يؤدي تشديد العرض إلى ارتفاع الأسعار.
2. الاضطرابات العمالية مرشحة للزيادة
أدى الارتفاع في تكلفة المعيشة إلى مطالبة العمال بزيادات في الأجور لمواجهة تأثير التضخم على رواتبهم.
تزيد الإ ضرابات العمالية من الضغط على سلاسل التوريد. لقد تسبب سائقو الشاحنات المضربون في كوريا الجنوبية بالفعل في تعطيل سلاسل إمداد أجهزة الكمبيوتر هذا الصيف، بينما أثرت إضرابات السكك الحديدية في المملكة المتحدة على شحنات مواد البناء.
كان عمال الرصيف في إضراب في ألمانيا والمملكة المتحدة، بينما من المتوقع أن تنسد مراكز الشحن في أيرلندا بسبب الإضرابات في ميناء ليفربول عبر البحر الأيرلندي. طرحت بعض النقابات في المملكة المتحدة فكرة الإضراب المنسق في الأشهر المقبلة، مما قد يتسبب في مزيد من الاضطراب في سلاسل التوريد.
3. نقص العمال يتفاقم
بالإضافة إلى ذلك، استمر النقص في سائقي الشاحنات الذي شوهد في عام 2021 هذا العام. في الواقع، انتشر نقص العمالة إلى قطاعات أخرى تدعم سلاسل التوريد، بما في ذلك الموانئ والمستودعات.
إلى جانب زيادة الطلب على التجارة الإلكترونية منذ بداية الجائحة، أصبحت العمليات التجارية مرهقة بشكل متزايد للعديد من الشركات.
4. شح الطاقة قد يؤدي لحدوث نقص في السلع
لم يكن التضخم مشكلة بالنسبة لأسعار المواد الغذائية فحسب، بل كان يمثل أيضاً مشكلة في تكاليف الطاقة. يؤدي ارتفاع أسعار الغاز وانخفاض الإمدادات من روسيا إلى إجبار الشركات الأوروبية على البحث عن مصادر طاقة بديلة مثل الفحم، بينما يُظهر البحث من غرف الصناعة والتجارة الألمانية أن 16% من شركاتها تتوقع إما تقليص الإنتاج وإما إيقاف العمليات التجارية جزئياً.
ألمانيا هي أكبر اقتصاد في أوروبا وتعتمد بشدة على الصادرات. وإذا حدث بها ركود أو تباطؤ في الإنتاج الصناعي، فقد يكون التأثير على سلاسل التوريد التصنيعية على مستوى العالم كبيراً.
لكن حتى البلدان الأقل اعتماداً على الغاز الروسي تشهد ارتفاعاً في أسعار الطاقة مع عواقب وخيمة على الشركات. اختصرت باكستان مدة العمل كل أسبوع لخفض الطلب على الطاقة. في النرويج، انخفض إنتاج الأسمدة؛ مما أثر على سلاسل الإمداد الغذائي.
ويقوم تجار التجزئة الأمريكيون بخفض توقعات مبيعاتهم، ويشعر صانعو السيارات في المملكة المتحدة بالقلق بشأن إنتاجهم. وفي جنوب غرب الصين، بدأت مصانع تجميع السيارات ومصانع الإلكترونيات بالفعل في الإغلاق بسبب نقص الطاقة وسوف تسبب كل هذه الاضطرابات تموجات على طول سلاسل التوريد العالمية، وهو ما قد يؤدي إلى نقص في السلع.
5. تصاعد التوتر السياسي خاصة بين الصين وأمريكا قد يخلق أزمة كبيرة
يُعَد الهجوم الروسي على أوكرانيا السبب الجذري لكثير من الدول التي تعاني من تضخم أسعار الطاقة والغذاء في الوقت الحالي. لقد ألقى الهجوم الروسي بسلاسل التوريد في حالة من الفوضى هذا العام؛ مما أدى إلى أزمة غذاء عالمية.
هذا علاوة على أن نقص الأسمدة يحد من الإنتاج الزراعي في العديد من البلدان. وفي حين أن بعض سفن الحبوب غادرت أوكرانيا الآن، وفتحت الإمدادات الهامة التي ستعالج المجاعة في بلدان مثل اليمن، فإن هذا لن يحل أزمة الإمدادات الغذائية العالمية.
وفي أجزاءٍ أخرى من العالم، استمرت التوترات بين الصين والولايات المتحدة التي كانت تلعب بالفعل قبل الجائحة. وأحدثت التدريبات العسكرية الصينية في مضيق تايوان عقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، تعطل إحدى أكثر مناطق الشحن ازدحاماً في العالم في أغسطس/آب.
يمكن لأي تصعيد إضافي للتوتر أن يعطل، على سبيل المثال، سلاسل التوريد التي تقدم أشباه الموصلات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر للمصنعين في جميع أنحاء العالم.
6. الطقس القاسي يؤثر على النقل والطاقة الكهربائية
يُعَد تغير المناخ مشكلة طويلة الأمد بالنسبة لسلاسل التوريد. وتسبب الجفاف هذا العام في انخفاض مستويات المياه في جميع أنحاء العالم، مما أثر على طرق إمداد الشحن الرئيسية.
تعني المياه المنخفضة أن السفن لا يمكنها حمل سوى جزء صغير من حمولتها المعتادة لتقليل مخاطر الجنوح. بينما يمكن تحويل الشحن إلى أنواع أخرى من النقل، قد تتطلب السفينة الواحدة أكثر من 500 شاحنة لنقل حمولتها.
في الأشهر الأخيرة، أُغلِقَت أجزاء من نهر يانغتسي بالصين، الذي يُنقَل عبره 45% من الناتج الاقتصادي للبلاد، أمام السفن لأن مستويات المياه أقل من المعتاد بنسبة 50%. ويعاني ثلثا أوروبا أيضاً من ظروف الجفاف، والتي أثرت على حركة الملاحة ولا سيما في نهر الراين، حيث من المتوقع أن تزداد الأمور سوءاً.