يعمل رجل الأعمال التركي سافاش ماهسيرجي في مجال إعادة تدوير البلاستيك، حيث تقوم شركته العائلية، mtm Plastik، في ضواحي غازي عنتاب، جنوب شرق تركيا، بتصنيع أكياس القمامة والقفازات وغيرها. نما العمل بسرعة، وشركته تشغل الآن 20 ضعف مساحة المصنع التي كانت تشغلها في عام 2004، وبدأت في التصدير عام 2016. ويقول ماهسيرجي لمجلة Economist إن اختناقات العرض وسلاسل التوريد في الصين تمثل "فرصة كبيرة لنا". وتستفيد شركات صناعية أخرى في غازي عنتاب من ذلك، حيث تمتعت المدينة الواقعة على الحدود السورية بصادرات قياسية العام الماضي، كما يقول ماهسيرجي.
لكن بحسب المجلة البريطانية، قد يجد المراقبون الخارجيون صعوبة في تصديق قصص ازدهار الأعمال التجارية التركية. منذ عام 2018، انتقلت البلاد من أزمة عملة إلى أخرى، حيث تخلى المستثمرون الأجانب عن السندات والأسهم التركية. وتراجعت الليرة بشكل كبير، وقفز معدل التضخم إلى ما يقرب من 80% حتى حزيران/يونيو 2022. ومع ذلك، استمر الاقتصاد في النمو بطريقة ما. فكيف استمر الاقتصاد التركي في النمو على الرغم من التضخم الهائل؟
محاولة لفهم معضلة الاقتصاد التركي
تقول الإيكونومست، إن مرونة الاقتصاد الحقيقي لتركيا هي نوع من اللغز. لقد كانت واحدة من الاقتصادات الكبيرة القليلة التي تمكنت من النمو على الإطلاق في عام 2020. حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي بنسبة جيدة بنسبة 11%. وتظهر الأرقام الأخيرة أن الإنتاج الصناعي ارتفع بنسبة 9.1% عام حتى مايو/أيار 2022.
لكن في قلب اللغز هناك لعبة شد الحبل بين قوتين. فمن ناحية، هناك ديناميكية الأعمال التي تدفع الاقتصاد التركي إلى الأمام. ومن ناحية أخرى، هناك عدم انتظام في صنع السياسات الاقتصادية أدى إلى تقويضه. وأبقى البنك المركزي أسعار الفائدة منخفضة بشكل متعمد في مواجهة ارتفاع التضخم.
لكن يرى خبراء أن هذا قرار غير حكيم بشكل خاص، لأن تركيا بلد منخفض الادخار، ويحتاج إلى جذب رأس المال الأجنبي لتغطية العجز المستمر في حسابها الجاري، وهو مقياس واسع للميزان التجاري. وتعد تركيا بلداً مستورداً للطاقة، حي تزودها روسيا وإيران بالغاز، وعندما ترتفع أسعار الطاقة، يميل عجزها التجاري، وحاجتها إلى رأس المال الأجنبي، إلى الزيادة.
حتى الآن، تفوقت الديناميكية الصناعية على الهشاشة والسياسة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة التركية. لكن تحت السطح، هناك مؤشرات على أن عدم الاستقرار النقدي في تركيا قد سبب الأذى بهذه الديناميكية.
ولجأت السلطات إلى إجراءات يائسة لدعم مخزون البلاد المتناقص من النقد الأجنبي ودعم الليرة، لكن الائتمان ينضب والاستثمارات معلقة ومترددة. حيث ترك التضخم الجامح الكثير من الناس يكافحون لتغطية نفقاتهم. ويواجه الرئيس رجب طيب أردوغان انتخابات رئاسية وبرلمانية في يونيو/حزيران 2023، ولا تزال المؤشرات في صالحه، حيث صنع الرجل سياسة تركية خاصة على طوال عقدين من الزمن، لكن من المرجح اقتصادياً أن تكون الأشهر المقبلة متقلبة.
كيف كان الاقتصاد التركي يتمتع بالاستقرار قبل هذه الأزمة؟
لفترة من الزمن، كانت تركيا تتمتع باستقرار الاقتصاد الكلي، الذي أصبح بعيداً الآن. حيث كانت الإصلاحات بعد أزمة عام 2001 تحويلية، وكان أحد التغييرات الكبيرة هو منح قدر أكبر من الاستقلال للبنك المركزي، سعياً وراء انخفاض التضخم. ووضعت القوانين الجديدة قيوداً على الإنفاق العام، وفتحت المشتريات الحكومية أمام العطاءات التنافسية. عندما وصل أردوغان إلى السلطة عام 2003، تمسك بالسياسات الجديدة وعززها، مما أدى إلى انخفاض التضخم إلى رقم واحد، وبدأ نمو الناتج المحلي الإجمالي ينعش الإنتاجية.
لكن خلال الأعوام الأخيرة، تلاشى الزخم للإصلاح الاقتصادي، حيث استسلم البنك المركزي للضغوط وغاب عن هدفه المتعلق بالتضخم. ويعرف الرئيس التركي بحساسيته لأسعار الفائدة، وربما هذا أحد أسباب إصرار أردوغان على إبقائها منخفضة.
وفي الوقت نفسه، أطلقت مشاريع البنية التحتية الكبرى، وحلت طفرة البناء محل التصنيع القائم على التصدير كمحرك للاقتصاد. يعتبر البناء صناعة منخفضة الإنتاجية، وبالتالي انخفضت جودة نمو الناتج المحلي الإجمالي.
أزمة سعر الفائدة والتضخم
مع ذلك، فإن عقداً من "المال السهل" وفائض المدخرات العالمية بعد عام 2008 أبقى خط الائتمان الدولي لتركيا مفتوحاً. ولكن كانت هناك مخاوف تتعلق بميزان المدفوعات، كما حدث أثناء "نوبة الغضب التدريجي" أو "Taper Tantrum" التي ضربت الأسواق الناشئة في عام 2013، وذلك بسبب الارتفاع المفاجئ في عوائد سندات الخزانة الأمريكية الناتج عن إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص سياسة التيسير الكمي؛ حيث أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه سيقلل من وتيرة مشترياته من سندات الخزانة، لتقليل كمية الأموال التي كان يضخها في الاقتصاد؛ مما نتج عنه في النهاية ارتفاع العوائد على السندات الأمريكية.
بحلول صيف عام 2018، أدى إصرار أردوغان على أن أسعار الفائدة المرتفعة كانت سبب ارتفاع التضخم، إلى هروب رأس المال الأجنبي بشكل تدريجي كما تقول مجلة الإيكونومست. وبدأت الليرة في الانهيار الحاد في قيمتها بعد جائحة كورونا وتبعاتها. كما حدثت اهتزازات داخل البنك المركزي بسبب تغير رؤسائه في سنوات قليلة.
وفي الأشهر الأخيرة من عام 2021، تم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار خمس نقاط مئوية، إلى 14%، مما أدى إلى تعرض الليرة لضغوط متجددة. وقد ارتفع معدل التضخم منذ ذلك الحين من حوالي 20% إلى ما يقرب من 80%. لكن الرئيس أردوغان ظل مستمراً في سياسته، وهوّن مؤخراً من شأن التضخم، معتبراً أنه أحد عدة مشاكل يعاني منها الاقتصاد.
ويُبقي البنك المركزي التركي على سعر الفائدة الرئيسية عند مستوى 14% منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، رغم وصول معدلات التضخم إلى نحو 80%.
كيف استمر نمو الاقتصاد التركي في خضم هذه الأزمة؟
وسط مثل هذه الفوضى، من اللافت للنظر أن الاقتصاد استمر كما هو، حيث يرجع جزء كبير من ذلك إلى العديد من نقاط القوة التجارية لتركيا:
1- سوق محلي ضخم وريادة أعمال متجذرة
لدى تركيا سوق محلي كبير يبلغ 85 مليون مستهلك، معظمهم من الشباب، وكانت منذ فترة طويلة نقطة انطلاق للتجارة بين الشرق والغرب. ثقافة الأعمال في البلاد لها جذور عميقة، نسبة السكان الذين يطمحون إلى أن يصبحوا رواد أعمال عالية وفقاً للمعايير الدولية.
وبشكل عام، هناك ثلاثة أنواع من الأعمال التركية. الأول هو الشركات الكبيرة، أو التكتلات. وتشكل هذه ربع العمالة ونصف القيمة المضافة لقطاع الأعمال، وبعضها مشاريع مشتركة مع شركات أوروبية. وهي أفضل تصنيع للسلع الرأسمالية عالية الجودة وقطع غيار السيارات والمعدات العسكرية للتصدير. وتقترب هذه الشركات الصناعية التركية بحسب الإيكونوميست، من مستويات الإنتاجية الألمانية.
في الطرف الآخر من المقياس توجد شركات صغيرة ذات إنتاجية منخفضة. في الوسط توجد مجموعة ثالثة من الشركات العائلية متوسطة الحجم، مع بعض العاملين في السجلات والبعض الآخر ليسوا كذلك.
ويساعد هذا الهيكل في تفسير رشاقة الأعمال التركية، حيث يتم إدارة العديد من الشركات الكبيرة وتنويعها بشكل متحفظ عبر الصناعات وأسواق التصدير، مما يمنحها مرونة داخلية. ويعد أكبر تكتل للأعمال في تركيا هو شركة Koc القابضة، التي تمتلكها أغنى عائلات تركيا "كوتش"، التي لديها أربعة أقسام رئيسية: المركبات وقطع الغيار (في مشاريع مشتركة مع Ford و Fiat)، والسلع البيضاء (كالثلاجات وأجهزة التكييف، وغيرها من الكهربائيات)، وتكرير النفط والخدمات المصرفية.
كما أن هناك شركة سابانجي القابضة، وهي تكتل آخر، لديها تجارة التجزئة والطاقة وصناعة الإسمنت والبنوك والتصنيع. وتشترك أفضل الشركات العائلية التركية متوسطة الحجم معهم في الرشاقة التي تأتي من سنوات من العيش مع التقلبات الاقتصادية. وكان لدى الشركات الوقت للتكيف مع الليرة الضعيفة منذ عام 2018، وخفض العديد من ديونهم الدولارية.
من جانبها، كانت الشركات الصغيرة تتكيف بوسائل أخرى، إذ إن الخط الفاصل بين الشركة والمنزل غير واضح. حيث يتم تجميع المخاطر بين أفراد الأسرة. وفي كثير من الأحيان تكون الاستجابة للشدائد هي العمل بجدية أكبر. ويقضي أربعة أخماس القوة العاملة في تركيا أكثر من 40 ساعة في الأسبوع في وظيفتهم الرئيسية، وهي واحدة من أعلى النسب في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على الرغم من أن ساعات العمل الطويلة تعوض عن انخفاض إنتاجية العمالة. تتمثل الإستراتيجية الأخرى للشركات الصغيرة والمتوسطة في دفع الأعمال إلى الاقتصاد الرمادي، حيث لا تواكب الأجور في كثير من الأحيان التضخم أو قوانين الحد الأدنى للأجور.
2- قوة الإنفاق الاستهلاكي في تركيا
العمل الجاد والمرونة يساعدان الشركات على الاستمرار، لكنها تحتاج أيضاً إلى الطلب. كانت إحدى المفاجآت الكبرى في تركيا هي قوة الإنفاق الاستهلاكي. أثر التضخم في الأرقام الفردية المرتفعة على المستهلكين في أوروبا وأمريكا. ومع ذلك، في تركيا، التضخم الأعلى بكثير لم يضعف الطلب.
وهناك الكثير من النظريات الاقتصادية حول السبب، أحدها أن المستهلكين رأوا هبوط الليرة، وعرفوا ما يعنيه ذلك بالنسبة للتضخم في المستقبل، وباشروا بالاستهلاك تحسباً لارتفاع الأسعار، وخصيصاً شراء السلع المعمرة على وجه الخصوص التي كانت هي التحوط ضد التضخم، مثل السيارات الجديدة أو السلع البيضاء أو الكماليات المستوردة لها قيمتها أفضل من الاحتفاظ بالليرة، حتى لو لم تكن ذات سيولة كمخزن للقيمة مثل العملات الذهبية أو الأوراق النقدية بالدولار على سبيل المثال. ومع أسعار الفائدة المنخفضة للغاية بالقيمة الحقيقية، يكاد يكون من الإهمال عدم الاقتراض للإنفاق.
لكن الائتمان ليس الوقود الوحيد، يقول أحد الاقتصاديين المقيمين في إسطنبول لمجلة الإيكونومست إن السكان الشباب في تركيا لديهم ميل كبير للاستهلاك، وأرباب البيوت الميسورون لديهم الكثير من ثرواتهم مقيدة في ودائع وممتلكات بالعملات الأجنبية، التي احتفظت بقيمتها أو زادت من قيمتها.
3- قوة تصدير وتكلفة شحن منخفضة
بالنسبة للشركات التي تبيع بشكل رئيسي في تركيا والتي تشكل المواد الخام المستوردة جزءاً كبيراً من التكاليف الإجمالية، فإن انهيار الليرة يمثل لها صداعاً. لكنها كانت حافزاً كبيراً للمصدرين الذين تتكلف معظمهم بالليرة وعائداتهم بالعملة الصعبة.
وتعد تكلفة الشحن من تركيا إلى أوروبا أقل بكثير من تكلفة الشحن من الصين. حيث يمكن شحن البضائع من غازي عنتاب عبر الموانئ المحلية في أقل من 72 ساعة، كما يقول ماهسيرجي، مقارنة بشهر على الأقل من الصين، حيث يمكن لتركيا أيضاً التصدير عبر بحر إيجة أو البحر الأسود.
التضخم المتسارع يفرض تحديات كبيرة على الاقتصاد التركي
مع ذلك، فإن التضخم المتسارع يفرض تحديات كبيرة حتى على أكثر الأعمال مرونة، استراتيجية التسعير. إذ من الصعب الحكم على عرض الأسعار، والمخاطرة بفقدان الحصص في السوق لصالح المنافسين. يقول أحد رجال الأعمال الأتراك للإيكونومسيت: "عليك أن تكون مستعداً للتفاوض مع جميع عملائك وجميع مورديك طوال الوقت، إنه متعب للغاية".
ويفرض هذا التحدي على الشركات حماية نفسها من التضخم من أجل البقاء. هذا يعني غالباً أن التكلفة يتم دفعها على عاتق الآخرين. وهذا يخلق توترات بين الملاك والمستأجرين والمتاجر والعملاء والشركات ومورديها.
وهناك نقاط ضغط أخرى، حيث لم يختفِ العجز الخارجي لتركيا. من حيث المبدأ، تخفيض قيمة العملة هو علاج، وهي تعمل من خلال تحفيز الصادرات وسحق الطلب على الواردات، لكن طلب المستهلك القوي أبقى الواردات عالية.
وما يجب على تركيا فعله، إما جذب رأس مال أجنبي جديد أو السحب من احتياطياتها الحالية من العملات الأجنبية، وكلاهما أصبح أكثر صعوبة. حيث تدهورت جودة تدفقات رأس المال إلى تركيا بشكل مطرد على مدار الأعوام الماضية. والاستثمار الأجنبي المباشر ( fdi )، وهو الشكل "الأكثر لزوجة" لتدفق رأس المال، لم يتطابق مع مستويات منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما اتبعت تركيا سياسات أكثر تقليدية.
وينظر بعض الرؤساء الأوروبيين الآن إلى تركيا على أنها بديل محتمل للصين في سعيهم لتقصير وتنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم. وقالت إيكيا العام الماضي إنها ستنقل إنتاج بعض أثاثها من آسيا إلى تركيا. فيما قالت شركة الملابس Hugo Boss إنها ستضيف قدرة إلى مصنعها في إزمير لتقليل الاعتماد على آسيا.
لكن عدم الاستقرار النقدي في تركيا، يشكل عائقاً أمام طفرة أخرى في الاقتصاد. وهذا يجعل تركيا أكثر اعتماداً على القروض المشتركة قصيرة الأجل الممنوحة للبنوك المحلية. ومع ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، يصعب الحصول عليها.
كما أن وضع الاحتياطيات محفوف بالمخاطر أيضًا، إذ أنفق البنك المركزي التركي عشرات المليارات من الدولارات في محاولة لدعم الليرة، وتكون الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية سلبية إذا تم أخذ المقايضات مع البنوك المحلية في الاعتبار.
في غضون ذلك، ارتفع طلب القطاع الخاص على الدولار واليورو. في العام الماضي، تم الاحتفاظ بثلثي الودائع المصرفية بالعملة الأجنبية. ويعني انعدام السيولة المتزايد في أسواق العملات أن المصدرين لديهم كل الحافز لاقتناص الدولار واليورو من مبيعاتهم الخارجية.
وتسعى السلطات جاهدة للحد من هذه الدولرة الزاحفة ومنع الليرة من الانخفاض أكثر. وتم تطبيق خطة منذ ديسمبر/كانون الأول لتعويض الودائع المحولة من الدولار أو اليورو والليرة من خسائر سعر الصرف. وصدرت أوامر للمصدرين الأتراك في كانون الثاني/يناير بوضع 25% من أرباحهم بالعملة الصعبة إلى البنك المركزي. وقد تم رفع هذا الرقم إلى 40% في أبريل/نيسان الماضي. لم يكن للشكاوى المقدمة من أمناء الخزينة في الشركات بأنهم بحاجة إلى تعويم من الدولارات واليورو لدفع ثمن الواردات الحيوية أو لخدمة الديون أي تأثير.
وفي علامة على اليأس المتزايد، ذهبت السلطات إلى أبعد من ذلك. في 24 حزيران/يونيو، قالت هيئة تنظيم البنوك التركية إنها ستحظر منح القروض للشركات التي تتشبث بحيازات كبيرة من العملات الصعبة. وكان هذا الإجراء لمنع الشركات من اقتراض الليرة بسعر رخيص للمضاربة بالدولار. كان رد الفعل الأولي في اسطنبول بمثابة صدمة، وفجأة لم يكن القلق الرئيسي للشركات التركية هو التضخم ولكن أزمة ائتمان محتملة.
يقول أحد المسؤولين التنفيذيين، إذا تم تطبيق اللوائح بصرامة، فلن تكون البنوك راغبة في الإقراض، وستضطر الشركات إلى تقليص الإنفاق غير الضروري. وقد يكافح البعض حتى للحصول على ائتمان تجاري كافٍ لتمويل رأس مالهم العامل.
ترويض التضخم
أخيراً، سيكون ترويض التضخم مهمة كبيرة ومؤلمة، لكن تجربة تركيا بعد عام 2001 تُظهر أنه من خلال السياسات الصحيحة، يمكن القيام بذلك. يمكن أن تنتعش الاستثمارات الأجنبية المباشرة للاستفادة من موقع تركيا كمركز تصنيع منخفض التكلفة على أعتاب أوروبا. إن الانتعاش في سوق الأسهم أمر معقول، بالنظر إلى مدى رخص أسعار الأسهم التركية.
وقبل ذلك، قد تدخل أزمة سعر الصرف مرحلة جديدة أكثر قابلية للاشتعال. بمجرد انتهاء الصيف، وتلاشي دفعة عائدات السياحة بالعملة الصعبة. تستحق شريحة من الودائع المحمية بالليرة نهاية شهر أغسطس/آب. الدولة لديها 6 مليارات دولار من مدفوعات الديون الخارجية المستحقة في النصف الثاني من هذا العام، وفقا لبنك مورغان ستانلي. الشركات الكبرى والبنوك لديها 23 مليار دولار مستحقة السداد. يبدو من غير المحتمل أن يتم تجديد كل هذه الديون بالكامل. ومع ذلك، يجب زيادة مخزون النقد الأجنبي المتناقص أو إدارته. في أسوأ السيناريوهات، قد يتم وضع قيود على عمليات سحب ودائع الأسر بالدولار.
ربما سيتعثر الاقتصاد بطريقة ما حتى الانتخابات العام القادم. على الرغم من "غرابة" نهج أردوغان في السياسة النقدية، فإن سياسته المالية كانت متحفظة للغاية. وبلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 41.6% من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي، هذا أقل بشكل مريح من عبء ديون أقران تركيا في الأسواق الناشئة. والآن، تركز الشركات التركية على البقاء، أكثر من أي وقت مضى، لكن التضخم يولد عدم اليقين، وعدم اليقين يولد الحذر.