بعد مرور عام على تشكيل الحكومة الإسرائيلية، ليس بالإمكان الجزم ببقائها أو انهيارها قريباً، لكن الجميع في إسرائيل، بمن فيهم أركان الحكومة، يتفقون على أنها في وضع "صعب للغاية".
صعوبة أوضاع الحكومة جعلت وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد لا يجزم حتى ببقاء هذه الحكومة حتى الثالث عشر من شهر يوليو/تموز المقبل، وهو موعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارته الأولى إلى إسرائيل، منذ تسلّمه مهام منصبه.
ورداً على سؤال للصحفيين الإسرائيليين، الأربعاء، إن كان واثقاً من بقاء الحكومة حتى موعد زيارة بايدن، قال لابيد: "لا أعرف ما إذا كنت واثقاً، لكنني سأفعل كل ما في وسعي للتأكد من ذلك… أنا لست معلقاً سياسياً، ولكن أعتقد أن هذه الحكومة ستكون هناك للترحيب بالرئيس بايدن على السجادة الحمراء".
وتشكّلت الحكومة قبل عام، من خليط غير متجانس من أحزاب اليمين والوسط واليسار، التي حصلت للمرة الأولى على دعم حزب عربي.
غير أن هذه لم تكن السابقة الأولى، فرئيس الوزراء نفتالي بينيت شكّل الحكومة رغم أن حزبه "يمينا" اليميني، لم يحصل سوى على 7 مقاعد من مقاعد الكنيست الـ120.
وإضافة إلى "يمينا"، تضم الحكومة من اليمين حزبَي "إسرائيل بيتنا"، و"أمل جديد"، ومن الوسط أحزاب "هناك مستقبل" و"العمل" و"أزرق أبيض"، ومن اليسار "ميرتس"، وبدعم من القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس.
وبموجب اتفاق تشكيل الحكومة، يتناوب على رئاستها، بينيت، ولابيد، الذي يفترض أن يترأس الحكومة في سبتمبر/أيلول 2023.
ونظر الإسرائيليون إلى الحكومة التي جاءت بعد 4 عمليات انتخابية، كمخرج معقول رغم أنها لم تحظَ سوى بدعم 61 عضو كنيست.
من الصمود إلى التراجع
وصمدت الحكومة أمام الكثير من العقبات إلى أن أعلنت عضوة الكنيست من حزب "يمينا" عيديت سليمان، مطلع أبريل/نيسان، سحب دعمها للحكومة؛ ما جعلها دون أغلبية في الكنيست.
وتفاقمت صعوبات الحكومة مع رفض أو امتناع عدد من أعضاء الأحزاب المشكلّة للحكومة عن دعم تمديد قانون أنظمة الطوارئ بالضفة الغربية، التي تعامل نحو نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية معاملةَ المواطنين في إسرائيل.
وقال بينيت، في مستهل جلسة الحكومة، الأحد الماضي: "نحتفل اليوم بمرور عام على تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني، ويبدو لي أن كل مَن هو صادق مع نفسه سيعترف بأن هذه هي أفضل حكومة في البلاد، والتي تستند إلى واحد من أصعب الائتلافات التي قام بها الكنيست بتاريخه".
وأضاف: "أعترف أن هذه ليست الحكومة التي كان يأملها معظمنا في البداية؛ ولكن مقابل البديل المتمثل في استمرار المشاحنات والفوضى، أظهرنا أن هناك قوة في العمل معاً؛ لقد أثبتنا أن الأشخاص الذين لديهم وجهات نظر مختلفة، وحتى في بعض الأحيان وجهات نظر متعارضة، قادرون على العمل معاً نيابة عن البلد".
وتابع: "أعلم أن هناك من يستهزئ بنا، لاستمرارنا في النضال من أجل وجود الحكومة رغم كل المزالق والضربات التي عانينا منها، ولكن القتال من أجل الوطن ليس سخيفاً".
نتنياهو يناور من أجل العودة
وتواجه الحكومة معارضة صلبة، يقودها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي يطمح للعودة إلى الحكم رغم محاكمته بتهم الفساد.
وتشير تقديرات إلى أن المعارضة ستعمد قريباً إلى طرح مشروع قانون حلّ الكنيست، كخطوة أولى نحو تحديد موعد للانتخابات المبكرة.
ورأى البروفيسور إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب، رئيس مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا، أن أمام الحكومة خيارين، هما: أولاً البقاء بصعوبة، وثانياً الانهيار.
وقال لـ"الأناضول": "في البداية، جلبت لنا هذه الحكومة بعض الاستقرار وبعض التغيير؛ لأنها حكومة ائتلاف من أحزاب من اليسار واليمين، وشكّل هذا جواً إيجابياً؛ لأننا كنا نخشى الذهاب من انتخابات إلى أخرى، فمع تكرار الحملات الانتخابية أصبح الجو مسمّماً".
وأضاف: "ولذا، فإنها في البداية جلبت أجواءً إيجابية، وحاولتْ دفع الكثير من الأمور إلى الأمام، وتم الترحيب بها من قِبَل المجتمع الدولي".
واستدرك: "لكن، بالطبع فإن السياسة هي السياسة، منذ البداية كانت حكومة بأغلبية مقعد واحد بالكنيست، وأعضاء الحكومة كانوا تحت ضغط كبير من اليمين واليسار، ولذا كان من الصعب إبقاؤها حية، وهي الآن تواجه تحديات خطيرة".
وقال: "الأمر لا يتعلق بما قامت أو لم تقُم به الحكومة، ولكن الجو العام فرض هذه التحديات".
وأضاف البروفيسور زيسر: "من الصعب التكهن بمستقبل الحكومة، السيناريو الأول هو أن تبقى، والآخر هو الانهيار، ودفع الأمور باتجاه انتخابات مبكرة خلال أسابيع أو أشهر، وسنعلم اتجاه الأمور قريباً".
على وشك السقوط
وتواجه الحكومة صعوبات بالغة في تمرير مشاريع قوانين في الكنيست، ولكن في حال لن تتمكن حتى نهاية العام الجاري من تمرير مشروع قانون الميزانية العامة، فإن هذا سيعني سقوطها.
ورداً على سؤال، إن كان يرى فرصة لعودة نتنياهو إلى الحكم، قال زيسر: "قد يكون الأمر صعباً؛ لأن أناساً قالوا إنهم لن يدعموه، ولكن السياسة هي السياسة، ولا أحد يدري، فنظرياً يمكن أن يحدث هذا الأمر".
وتظهر استطلاعات الرأي العام في إسرائيل، نشرها عدد من وسائل الإعلام في الأسابيع الأخيرة، أنه في حال أجريت انتخابات مبكرة الآن، فإن أحزاب المعارضة، وكذلك الائتلاف الحكومي الحالي، لن تكون قادرة على تشكيل حكومة.
ومع ذلك، تشير الاستطلاعات إلى أن الكفة تميل لصالح الأحزاب اليمينية الداعمة لنتنياهو، الذي ما زال المفضل في إسرائيل لتشكيل الحكومة، بحسب استطلاعات الرأي.