جاء الإعلان عن استراتيجية صناعة السيارات المصرية ليكون خبراً ساراً وسيئاً في الوقت ذاته للمصريين، كما جدد التساؤلات عن سر إخفاق القاهرة في تحقيق تقدم في تصنيع السيارات مقارنة بدول مثل تركيا والمغرب وجنوب إفريقيا، وحتى كوريا الجنوبية عملاق السيارات الذي بدأ هذه الصناعة متأخراً عن مصر.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مؤخراً، عن إطلاق استراتيجية جديدة لتصنيع السيارات، وهو ما كان خبراً ساراً للمصريين، ولكن الجانب السلبي كان في إشارته إلى اعتزام مصر فرض رسوم جمركية على السيارات، دون انتهاك الاتفاقات الدولية التي أبرمتها، مما يعني أن أسعار السيارات المرتفعة أصلاً سوف تزداد ارتفاعاً.
مصر تقيد استيراد السيارات وتتعهد بتصنيعها
وفعلياً، أوقفت مصر استيراد السيارات مؤخراً حتى لو لم تعلن ذلك رسمياً، بسبب أزمة الدولار التي وقعت نتيجة الحرب الأوكرانية قبل عدة أشهر، وأدت إلى تراجع الجنيه المصري بنحو 18%.
وأدت الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية لحماية احتياطاتها المتراجعة من الدولار، إلى إلزام المستوردين بإيداع ما يعادل 120% من قيمة وارداتهم بالجنيه المصري في البنوك التي يتعاملون معها، على أن توفر لهم البنوك الدولارات اللازمة لتنفيذ معاملاتهم الاستيرادية.
الهدف من ذلك وقف الإقبال على الدولار في السوق الموازية من قبل المستوردين، من خلال جعل توفير الدولارات مهمة البنوك، مع عمل قوائم انتظار للسلع حسب أهميتها.
وهذه القوائم تعطى فيها الأولوية للسلع الضرورية ومستلزمات الإنتاج، والمواد الخام، بينما تبقى السلع غير الضرورية مثل السيارات منتظرة في قوائم انتظار لا يُعرف متى ستتم تلبيتها.
وبرر رئيس الحكومة المصرية القيود على استيراد السيارات، والعمل على استراتيجية تصنيع السيارات بأن مصر تستورد سيارات بقيمة تبلغ نحو 4 مليارات دولار، وهي نسبة كبيرة من إجمالي واردات مصر، ويتوقع أن تصل في غضون سنوات قليلة إلى 8 مليارات دولارات مع استمرار النمو الاقتصادي، حسب تعبيره.
ويعني ذلك أن السوق المصرية ستعاني على الأرجح من نقص في السيارات إلى حين بدء المصانع الوطنية المقترحة في الإنتاج بالنظر إلى أن حجم الإنتاج المحلي الحالي محدود.
وتركز استراتيجية تصنيع السيارات، على توطين صناعة السيارات خاصةً الكهربائية، والعمل على اجتذاب الصناعات المغذية للسيارات.
ولكن هذه القرارات المفاجئة التي ستربك السوق، أثارت تساؤلات حول مدى احتمال نجاح هذه الاستراتيجية، في ظل إخفاق مصر في توسيع صناعة السيارات لديها رغم أنها تعد من أقدم دول إفريقيا والشرق الأوسط التي بدأت محاولات صناعة السيارات.
وفي الوقت الحالي يتفوق المغرب الأقل في حجم السكان والاقتصاد على مصر في مجال صناعة السيارات، كذلك جنوب إفريقيا، وتفوق حجم ونسب الإنتاج المحلي للسيارات في تركيا وإيران، مصر بشكل كبير رغم تقاربهما معها في عدد السكان (مصر أكثر عدداً من كل منهما).
تاريخ صناعة السيارات المصرية بدأ قبل كوريا الجنوبية
بدأت صناعة السيارات المصرية من اتجاهين، الأول بمبادرة من القطاع الخاص والثاني قرار حكومي، والمفارقة أن التجربتين بدأتا قبل وضع كوريا الجنوبية أول استراتيجية لتصنيع السيارات عام 1962، وكوريا لديها حالياً خامس أكبر صناعة سيارات في العالم.
ففي عام 1958 قام اثنان من الشباب المصري هما المهندس جورج حاوي، والسيد عصام، بالتقدم لوزارة الصناعة بمشروع صناعة سيارة صغيرة أطلقوا عليها اسم السيارة "رمسيس"، وقدموا للهيئة العامة للتصنيع عينتين من هذه السيارة لاختبارها قبل إعطائهما الترخيص، حسب رواية المهندس عادل جزارين خبير تصنيع السيارات.
"والسيارة هي أصلاً السيارة فريسكي البريطانية بمحرك سعة 400 سم، ذات جسم تمت صناعته محلياً بعد أن تم استيراد مكوناته من إيطاليا، والمحرك كان ثنائي الأشواط ويدور في الاتجاهين، ولم يكن في السيارة تعشيقة للخلف، فكان من الضروري عند الرغبة في السير للخلف وقف المحرك وإدارته في الاتجاه العكسي.
تكونت شركة خاصة لإنتاج هذه السيارة بعد إجراء التعديلات اللازمة عليها، وخصص لها موقع في بداية الطريق الصحراوي للإسكندرية، وقد بدأت الشركة في تجميع السيارة المعدلة في يوليو/تموز 1959 بعد أن تعاقدت على توريد المئة سيارة الأولى للهيئة العامة للتصنيع بمبلغ 120 جنيهاً للسيارة، تم دفع ثمنها مقدماً كتشجيع للشركة الجديدة، وقد استمرت الشركة في إنتاج بضع مئات من السيارات، وبنسبة تصنيع نحو 40% هي قيمة مكونات يتم الحصول عليها من السوق المحلية، إضافة إلى تصنيع بعض أجزاء الجسم الصاج يدوياً داخل المصنع".
وبدأ إنتاج السيارة عام 1960 وتوقف إنتاجها عام 1972، ووجدت إقبالاً كبيراً عليها من قبل المصريين لتشجيع الصناعة الوطنية.
ولكن وقع المشروع فريسة البيروقراطية التي ميزت عهد ثورة يوليو، حيث تعرضت الشركة الوليدة للتأميم لتتراجع التجربة بعد ضمها لشركة إنتاج دراجات وموتوسكيلات لتصبح شركة لإنتاج وسائل النقل الخفيف تابعة لمؤسسة الصناعات الهندسية.
شركة النصر الحكومية الشهيرة تحتكر المشهد لعقود
أما الشركة التي سيطرت على صناعة السيارات في مصر لعقود طويلة، فهي شركة النصر للسيارات الحكومية.
وتعود بدايتها إلى صدور قرار وزاري عام 1957 بتشكيل لجنة تضم وزارة الحربية ووزارة الصناعة؛ لإنشاء صناعة سيارات اللوري والأتوبيسات في مصر، بعد أن فكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تأسيس مصنع لإنتاج سيارة بمكونات مصرية خالصة، عقب حضوره عرضاً عسكرياً شاهد فيه عربات ودراجات نارية ولوري صناعة أجنبية.
وأصدر عبد الناصر قراراً جمهورياً، عام 1960، بتأسيس شركة النصر لصناعة السيارات، كأول شركة في صناعة السيارات بمصر والعالم العربي.
وتحولت السيارة لمشروع قومي، حيث روجت لها الصحف، وفُتح باب الحجز لشراء سيارات بالتقسيط، احتفالاً بالعيد العاشر لثورة 23 يوليو عام 1962.
واحتكرت شركة النصر للسيارات عملية إنتاج سيارات الركوب في مصر إلى بداية التسعينيات تقريباً، حيث كانت تعتمد على تجميع سيارات شركة فيات الإيطالية، أو سيارات مصنعة في دول أوروبا الشرقية أو تركيا مستنسخة من سيارات فيات الإيطالية.
وخلال تلك الفترة الطويلة، يمكن رصد عدة ملاحظات:
- أن السيارة كانت تجمع في مصر، ونسبة التصنيع المحلي كانت منخفضة، ولم يحدث تعميق كبير ملحوظ في نسب الإنتاج المحلي.
- عانت الشركة من الطابع البيروقراطي الذي ميز الشركات الحكومية المصرية، والذي تعمق مع مرور السنوات.
- رغم تفضيل المصريين للسيارات المستوردة إذا أتيحت لهم، فإن جودة سيارات النصر في الأغلب كانت أقل ولكن ليس بشكل كبير من سيارات فيات الإيطالية المثيلة لها، والتي أصلاً تعاني من مشاكل في الجودة.
- تقلب السوق بالنسبة للشركة، بين ظهور منافسة أجنبية حادة في كثير من الأوقات، ومنع الاستيراد تماماً، وفي الحالتين ظلت سمات الشركة الرئيسية لم تتغير: سيارات مجمعة بنسب غير كبيرة، ومستوى جودة أقل بنسب متوسطة من المثيل الإيطالي، مع صغر السوق المحلي الذي عرقل- إضافة للبيروقراطية- أي عمليات استثمارات رأسمالية فعالة.
- بدأت مبيعات الشركة تتراجع مع استيراد وتجميع سيارات أكثر حداثة من قبل الشركات الخاصة في أوائل التسعينيات.
لماذا فشلت في التصدير؟
لم تحقق الشركة أي نجاح يذكر في التصدير، ولا يجب تفسير ذلك بتراجع الجودة فقط، لأن بعض السيارات الكورية والروسية والهندية وحتى اليابانية في بداية مشوارها كانت سيئة في جودتها.
ولكن مشكلة التصدير، إضافة إلى الأسباب السياسية والبيروقراطية الحكومية، مرتبطة بمشكلة مزمنة في المنتجات المصرية وهي ارتفاع تكلفتها مقارنة بإمكاناتها وجودتها، والأهم مقارنة بمنافسيها من الدول الناشئة مثل الصين وتركيا والهند وحتى كوريا واليابان قديماً.
ويرجع ذلك لأسباب متعلقة بالشركات وبيئة الإنتاج مثل مشكلات العمالة والتدريب والبيروقراطية ونقص الاستثمارات في البحث العلمي ومراقبة الجودة، واقتصاديات الإنتاج، والفشل في تعميق المكون المحلي.
كما يضاف لذلك أن مصر كانت على الدوام منذ دخولها الصناعة بعد ثورة يوليو، مروراً بعهود كل الرؤساء، لم تكن تتبع سياسة اقتصادية محابية للتصدير، عبر تقديم الحوافز المالية والضرائبية للشركات وتخفيض سعر صرف عملتها مثلما فعلت النمور الآسيوية في بداية نهضتها الاقتصادية، ومثلما يحدث الآن مع تركيا.
وهكذا ظلت "النصر للسيارات" ومن بعدها باقي الشركات الخاصة المصنعة للسيارات تتقلب بين بيئتين: بيئة أو مرحلة تُفرض فيها قيود كبيرة على استيراد السيارات أو تمنع بالكامل، مما يحول دون تعرضها للمنافسة الضرورية لأي مُصنع ويجعلها تحتكر السوق، فلا يصبح هناك حافز للتجويد أو التطوير أو خفض الأسعار.
وبيئة أو مرحلة يتوسع فيها استيراد السيارات من الخارج مثلما حدث بعد إزالة الجمارك من على السيارات الأوروبية قبل عدة أعوام، تنفيذاً لاتفاق الشراكة المصرية الأوروبية، ليتراجع المنتج المحلي أمام المنافسة الأجنبية.
القطاع الخاص يدخل بقوة، ولكن
وحتى عندما دخل القطاع الخاص المصري مجال تصنيع السيارات، في التسعينيات، عبر تجميع سيارات أجنبية أكثر جاذبية، ظلت نسب التصنيع المحلي قليلة، والأسعار غير تنافسية للتصدير، وعندما تتدفق المنتجات المستوردة، يتراجع نصيب المنتج المحلي من السوق، ولأن الشركات المنتجة هي نفسها المستوردة، ولم يكن الاستيراد يمثل لها مشكلة، لأنَّ تراجع إنتاجها المحلي تعوّضه بالاستيراد.
وفي الوقت نفسه، نظراً إلى ضآلة المساهمة المحلية في صناعة السيارات، فإن استثمارات الشركات كانت محدودة في المصانع، بل إن شركات مصرية كبرى كانت تجمع سيارات شهيرة في مصانع شركات أخرى دون أن تقيم مصانعها الخاصة.
وزاد من سوء الوضع أن بعض صناعات أجزاء ومستلزمات السيارات مثل الإطارات والبطاريات، كانت في البداية تتم من قِبل شركات حكومية، ومع تطور السوق ودخول سياراتٍ أكثر حداثة بدأت السيارات المحلية محاولة تجنبها، لأن مستواها أقل من المنافسين الأجانب، وفي الوقت ذاته، لم يظهر لها بديل محلي من القطاع الخاص.
ولكن يجب ملاحظة جانب إيجابي ظهر منذ الثمانينيات ولفترات طويلة نسبياً، وهو تطور صناعة النقل الخفيف والثقيل في مصر وكذلك صناعة الحافلات وبنسب تجميع جيدة، ونجحت في تحقيق صفقات تصديرية معقولة في كثير من الأوقات، ولكن هذا الوضع لم يعد بالقوة نفسها.
لماذا لدى مصر سوق صغيرة للسيارات رغم ضخامة عدد سكانها؟
وظلت مشكلة حجم السوق عاملاً معرقلاً لصناعة السيارات المصرية، وهي ميزة نسبية توافرت لصناعة السيارات الإيرانية التي كانت تفتقد للجودة والتنافسية ولكن اعتمدت على تقييد الاستيراد مع السوق الكبير.
وبلغ حجم السوق المصري ما يقارب الـ200 ألف سيارة فقط في عام 2020.
ويرجع صغر حجم السوق في مصر، إلى انخفاض عدد السيارات بالنسبة لعدد السكان، إذ بلغ 45 سيارة لكل 1000 مواطن قبل سنوات قليلة، وهو من الأدنى في الشرق الأوسط، ويصل في تونس، على سبيل المثال، إلى 125 سيارة لكل 1000 مواطن، وفي تركيا 144، وفي الأردن 165.
ومن أسباب ذلك، الكثافة السكانية المرتفعة من خلال تركز السكان في حيز جغرافي ضيق نسبياً، وهو ما يعكسه التكدس المروري في المدن المصرية الكبرى، على الرغم من العدد المتواضع للسيارات كنسبة للسكان. وبالتالي، يجعل هذا التركز من الممكن لأغلب السكان التنقل باستخدام وسائل النقل الجماعي التي تغطي الجزء الأكبر من مسار تنقلاتهم، بغض النظر عن جودتها، وبدون الحاجة إلى امتلاك سيارات، حسب تقرير للباحث الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حسين سليمان.
ويضاف إلى ذلك بطبيعة الحال، القوة الشرائية الضعيفة في السوق المحلية بسبب ضعف دخل أغلب المواطنين، الأمر الذي يقلل من الطلب على السيارات الخاصة، بوصفها سلعة مكلفة.
استراتيجيات متعددة دون تطبيق
فاقم المشكلة غيابُ رؤية أو استراتيجية للدولة لصناعة السيارات رغم تعدد الإعلان عن مثل هذه الاستراتيجيات.
ولكن على الأرض لم يحدث تدخل من الدولة يتخطى الإصلاحات الاقتصادية المطبقة إلى وضع سياسات صناعية تحفيزية شاملة، وقطاعية، وإصلاحات في بيئة الأعمال.
وفي خدمة هذه السوق المحدودة، يعمل عدد من الشركات في نشاط تصنيع السيارات محلياً، أو التجميع لمزيد من الدقة؛ نظراً إلى كونها تكتفي باستيراد المكونات من الخارج، إضافة إلى بعض المكونات المصنعة محلياً، وتجميعها، بدون إسهام كبير في القيمة المضافة، وبنسبة مكون محلي تصل إلى 17% فقط من الناتج النهائي. وكانت شركات التجميع المحلي تستحوذ على نصف مبيعات السيارات سنوياً تقريباً، أي بإنتاج إجمالي يقارب 100 ألف سيارة سنوياً، في عام 2020.
على الرغم من أن سعتها الإنتاجية مجتمعة تصل إلى 350 ألف سيارة، وهو ما يعني أنها تنتج بثلث طاقتها فقط، بسبب ضعف الطلب المحلي.
وفي العام الماضي تراجعت نسبة السيارات المجمعة محلياً إلى 40% من إجمالي مبيعات السيارات في مصر، مقابل 60% للسيارات المستوردة.
وإضافة إلى ذلك، تعمل 500 شركة أخرى في صناعة مكونات وأجزاء للسيارات لخدمة شركات التجميع المحلية من ناحية، والتصدير المباشر من ناحية أخرى. وبدورها، تكتفي هذه الشركات المغذية بصناعة مكونات غير معقدة، في مقدمتها أنابيب العوادم، ووحدات مبردات الهواء، والمقاعد، والزجاج، والبطاريات، وبعض المكونات البلاستيكية المستخدمة في التجهيزات الداخلية للسيارات.
كل ذلك بدون السعى للتصدير للأسواق الخارجية، وهو ما يتضح من بيانات التجارة الخارجية. ففي العام المالي 2019-2020، بلغ إجمالي صادرات المركبات ووسائل النقل 108.4 مليون دولار فقط، في حين وصلت وارداتها إلى 2.9 مليار دولار، كما بلغت صادرات المكونات وقطع الغيار 243.4 مليون دولار فقط، والواردات 1.6 مليار دولار، أي إن إجمالي العجز التجاري، في المركبات ووسائل النقل ومكوناتها وقطع غيارها، قد وصل إلى 4.2 مليار دولار، وهو العجز الذي تزايد سنوياً مؤخراً.
اللافت أنه في السنوات الماضية، جرى الحديث عن اتفاقات لم تنفذ لتصنيع سيارات كهربائية مع الصين، وكان معظم الأحاديث الحكومية تدور إما عن مشروعات تقودها شركات الجيش أو الشركات الحكومية، بما في ذلك حديث حماسي عن إحياء شركة النصر للسيارات، وهي توجهات تخالف منطق الصناعة الحديثة الذي يتمركز حول دور القطاع الخاص، مع تشجيع حكومي فقط.
ولكن في الاستراتيجية الجديدة برز الحديث عن دور القطاع الخاص والشركات الأجنبية، ولكن اللافت أن الاستراتيجية رغم أنه بدأ الإعداد لها منذ فترة، لكن صدورها جاء بالتزامن مع أزمة الدولار الأخيرة، ووقف استيراد السيارات، الأمر الذي قد يؤشر أنها تحمل طابع رد الفعل أكثر منها رؤية بعيدة المدى.
ويؤمل أن يكون مصير استراتيجية صناعة السيارات المصرية الاخيرة أفضل من الاستراتيجيات السابقة التي لم ينتج عنها تغيير حقيقي، وسبق أن قال رئيس رابطة تجار السيارات، أسامة أبوالمجد، "الحديث عن إستراتيجية صناعة السيارات مجرد حديث ولا يتخطى وسائل الإعلام، لكن على أرض الواقع لا يوجد شيء حقيقي".
كما علق رئيس رابطة الصناعات المغذية للسيارات علي توفيق، عند طرح موضوع استراتيجية صناعة السيارات المصرية العام الماضي: "شاركت في أول لجنة شُكلت لإعداد تلك الإستراتيجية في عام 1996، وفشلت مبادرات عديدة، مشيراً إلى أن نفس المعوقات لا تزال موجودة".
والتذرع بحجم السوق الصغير لا يقف كثيراً أمام حقيقة أن السوق المغربي أصغر من السوق المصري، ورغم ذلك فإن المغرب بات أكبر مصدّر ومصنّع للسيارات في إفريقيا، وذلك عبر توفير المناخ المناسب للشركات العالمية، وضمن ذلك إعفاءات من الضرائب وتوفير الأراضي وتدريب العمالة والتغلب على مشكلة صغر السوق بالتركيز على التصدير، خاصةً أن صناعة السيارات بدأت تواجه مشكلة ارتفاع الأجور في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، وتبحث عن مواطن جديدة لها في بلاد الجنوب.