من الرصاصة وحتى النووي.. كيف تعتمد أمريكا بالكامل على الصين وروسيا في صناعة الذخيرة لديها؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/10 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/10 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش
ذخيرة تظهر أمام مقاتلة أمريكية الصنع من طراز F-16V خلال مناورة عسكرية في تايوان ، 15 يناير 2020/ Getty

رغم الخلافات والحالة العدائية في معظم الأحيان التي جمعتها مع هاتين القوتين، اعتمدت الولايات المتحدة بالكامل تقريباً على الصين، وبدرجة أقل على روسيا، في السنوات الأخيرة لشراء معادن حيوية وضرورية لإنتاج وصناعة الذخيرة والأسلحة بكافة أشكالها وأنواعها. وبعد تصاعد الخلافات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، يسعى المشرعون الأمريكيون لـ"تصحيح ذلك".

كيف تعتمد أمريكا في صناعة الذخيرة على الصين وروسيا؟

يقول تقرير لموقع Defense News الأمريكي، إن من أبرز المعادن التي تعتمد عليها واشنطن في صناعة الأسلحة المختلفة لديها هو "الأنتيمون" المعدني، حيث يعد هذا العنصر ضرورياً لسلسلة الإمدادات الصناعية الدفاعية، وهو ضروري لإنتاج كل شيء؛ بدءاً من الرصاص الخارق للدروع والمتفجرات إلى الأسلحة النووية، بالإضافة إلى المعدات العسكرية المتنوعة الأخرى؛ مثل نظارات الرؤية الليلية.

وصار الأنتيمون الآن في الخطوط الأمامية لجهود الكونغرس الأخيرة لدعم الاحتياطي الاستراتيجي للمعادن الأرضية النادرة، والمعروفة باسم مخزون الدفاع الوطني. ويشتمل المخزون على العديد من المعادن الأخرى المهمة لسلسلة التوريد الصناعية الدفاعية مثل التيتانيوم والتنغستن والكوبالت والليثيوم، لكن المُشرّعين يتوقعون أن يصبحوا معسرين بحلول السنة المالية 2025 في حال غياب "الإجراءات التصحيحية".

ما الإجراءات التي اتخذتها واشنطن للحد من سيطرة الصين على هذه المعادن النادرة؟

يقول الموقع الأمريكي المختص بالشؤون الدفاعية، إن لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب اتخذت أولى خطواتها في مواجهة سيطرة الصين على سلسلة توريد الأنتيمون في مسودة قانون أصدرتها، يوم الأربعاء 8 يونيو/حزيران 2022. وسيطالب التقرير المصاحب لمشروع القانون مدير مخزون الدفاع الوطني بإطلاع اللجنة على حالة الأنتيمون بحلول أكتوبر/تشرين الأول مع تقديم "نظرة مستقبلية لمدة خمس سنوات عن هذه المعادن ونقاط الضعف الحالية والمستقبلية في سلسلة التوريد".

الصناعات العسكرية الأمريكية بولاية كونيتيكت الأمريكية التي تشمل مراكز تصنيع التيتانيوم/ Sikorsky

وأشار التقرير إلى أنَّ "اللجنة قلقة بشأن الديناميات الجيوسياسية الأخيرة مع روسيا والصين وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى تسريع اضطرابات سلسلة التوريد، لا سيما مع الأنتيمون".

وسيتطلب مشروع القانون أيضاً من وزارة الدفاع وضع سياسة لإعادة تدوير البطاريات المستهلكة لاستعادة "المعادن الثمينة والمعادن الأرضية النادرة والعناصر ذات الأهمية الاستراتيجية (مثل الكوبالت والليثيوم) في سلسلة التوريد أو الاحتياطيات الاستراتيجية للولايات المتحدة".

ووافقت اللجنة الفرعية للجاهزية في مجلس النواب على مسودة النص، يوم الخميس 9 يونيو/حزيران، ومن المقرر أن تقدم لجنة القوات المسلحة التشريع ضمن مشروع قانون التفويض الدفاعي السنوي في وقت لاحق من هذا الشهر.

الصين هي أكبر منتج للأنتيمون الخام في العالم تليها روسيا

بعد أن قطعت اليابان إمدادات الولايات المتحدة من الأنتيمون من الصين خلال الحرب العالمية الثانية، بدأت الولايات المتحدة في شراء خام المعدن من منجم ذهب في ولاية أيداهو. ومع ذلك، توقف هذا المنجم عن الإنتاج في عام 1997.

ووفقاً لتقرير عام 2020 الصادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وهي وكالة حكومية، "لا يوجد منجم محلي للأنتيمون. والصين هي أكبر منتج للأنتيمون الخام والمُكرّر ومصدر رئيسي لواردات الولايات المتحدة منه".

وأشار التقرير إلى أنَّ الصين "تفقد حصتها في السوق مع روسيا، المنتج الثاني في العالم"، مع اكتساب طاجيكستان مكانة في السوق العالمية باعتبارها ثالث أكبر مورد للأنتيمون في العالم.

ويمثل اهتمام المُشرّعين الأخير بدعم مخزون الدفاع الوطني من المعادن الاستراتيجية تحولاً مهماً للكونغرس، الذي سمح مراراً وتكراراً بمبيعات بملايين الدولارات من الاحتياطي على مدى العقود العديدة الماضية لتمويل برامج أخرى.

الصناعات العسكرية الأمريكية، قاذفات صواريخ هاربون كروز على ظهر سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، تعبيرية/ shutterstock

"مخزون الدفاع الوطني"

ووصل المخزون الاستراتيجي الأمريكي للذروة، خلال بداية الحرب الباردة في عام 1952، إذ قُدِّر بحوالي 42 مليار دولار، بقيمة دولارات اليوم. وانخفضت هذه القيمة إلى 888 مليون دولار حتى العام الماضي.

وقدّمت وزارة الدفاع الأمريكية اقتراحها التشريعي إلى الكونغرس الشهر الماضي؛ إذ طلبت من المُشرّعين الموافقة على ميزانية 253.5 مليون دولار في مشروع قانون تفويض الدفاع لشراء معادن إضافية للمخزون والتي تدخل في صناعة ذخيرة الأسلحة المختلفة.

وقاد النائب الديمقراطي من ماساتشوستس، سيث مولتون، العضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، سبعة جمهوريين في أبريل/نيسان؛ في مطالبة اللجنة الفرعية لمخصصات الدفاع بتوفير 264 مليون دولار إضافية لتمويل المخزون للسنة المالية 2023.

وكتب المُشرّعون: "المخزون الحالي غير كافٍ لتلبية متطلبات المنافسة بين القوى العظمى. [مخزون الدفاع الوطني] لم يعد قادراً على تغطية احتياجات وزارة الدفاع للغالبية العظمى من المواد المحددة في حالة حدوث اضطراب في سلسلة التوريد".

"المعادن النادرة احتياطي استراتيجي مثل النفط"

يقول النائب مولتون لموقع Defense News: "أوشك المخزون على بلوغ حالة العجز عن الوفاء بالاحتياجات في الوقت الحالي. أما القضية الثانية، فهي أن عمليات البيع هي التي أدت إلى تقلص المخزون بشدة على مدى السنوات الماضية". 

يضيف مولتون: "أحد أبرز الأسباب في ما حدث، أن الكونغرس تمكَّن منه الجشع، وأصبح غاية همه البحث عن أي طريقة ملائمة سياسياً لتمويل البرامج التي لم يكن النواب مستعدين لزيادة النفقات من أجلها".

فيما قال السيناتور الديمقراطي مارك كيلي، إن الغاية أن يصبح احتياطي البلاد من المعادن الأرضية النادرة أقرب إلى احتياطي النفط الاستراتيجي، بحيث "إذا آلت بنا الأمور إلى صراع مع بلدٍ ما كنا نشتري منه الليثيوم أو الكوبالت، على سبيل المثال، فيمكننا أن نلجأ وقتها إلى الاحتياطي الاستراتيجي".

وشملت عمليات البيع 3 آلاف طن أمريكي من التيتانيوم، الذي يستخدم في بناء هياكل الطائرات العسكرية، و76 مليون رطل من خامات التنغستن ومكثفاته، التي تستخدم في صناعة المحركات التوربينية العسكرية والذخيرة الخارقة للدروع بكافة أنواعها، بالإضافة إلى أكثر من مليوني رطل من معدن التانتالوم المستخدم في الإلكترونيات، و26 مليون رطل من الكوبالت، و62.881 ألف طن أمريكي من الألومنيوم.

من الجدير بالذكر أن الصين تملك أكبر حصة من التيتانيوم في العالم، وتصدر إلى الولايات المتحدة كمية كبيرة من احتياجاتها، كما تهيمن على تجارة التعدين والمعادن في كثير من البلدان النامية التي تصدر كميات كبيرة من المعادن الهامة، وأحد الأمثلة على ذلك أنها تهيمن على نسبة 70% من الكوبالت المستخرج في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكبر مورد لمعدن الكوبالت في العالم.

تحميل المزيد