يسعى بوتين إلى إكساب المناطق الأوكرانية المحتلة من قِبل قواته طابعاً روسياً محضاً، تمهيداً على ما يبدو لجعلها تابعة لموسكو أو ضمها حتى للاتحاد الروسي.
إذ يتخذ الكرملين تدابير صارمة لتحويل البلدات والمناطق الأوكرانية المحتلة إلى روسية في سير أعمالها وأجوائها العامة، من إدخال العملة الروسية إلى الوقف الكامل لبث وسائل الإعلام الأوكرانية، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
فرغم العديد من النكسات والإخفاقات العسكرية خلال الأسابيع العشرة الماضية، بسطت روسيا سيطرتها تدريجياً على جزء كبير من أراضي أوكرانيا في الجنوب والشرق.
وبينما تتطلع روسيا إلى ترسيخ أقدامها في المدن الأوكرانية التي استولت عليها، بدأت السلطات الروسية وعملاؤها في إزالة الأعلام الأوكرانية التي تزين المباني الحكومية وساحات المدينة ووضعت مكانها الأعلام الروسية والسوفييتية.
الروبل وسيلة التداول النقدي في المناطق الأوكرانية المحتلة
وأعلنت وسائل إعلام رسمية روسية، الأسبوع الماضي، أنها ستبدأ في استخدام الروبل بمدينة خيرسون المحتلة بدلاً من عملة الهريفنيا الأوكرانية.
وكانت خيرسون، الواقعة على بُعد 200 كيلومتر شرق أوديسا قريباً من البحر الأسود، أول مدينة أوكرانية تسقط في أيدي القوات الروسية أوائل مارس/آذار.
وتقول إميلي فيريس، الباحثة بمعهد رويال يونايتد للخدمات، وهو مركز أبحاث للدفاع والأمن في لندن، لشبكة NBC News: "استخدام الروبل الروسي وسيلة لتأكيد هيمنة روسيا على الحياة اليومية ولتعويد المواطنين عليها في المناطق الأوكرانية المحتلة".
وهكذا يتم عزل الأوكرانيين عن وسائل إعلام بلادهم
وهاجمت روسيا أبراج الاتصالات في خيرسون؛ للتحكم في المعلومات المنشورة وعزلها عن بقية العالم.
ووسط الانقطاع المستمر للإنترنت والخدمات الخلوية، حرصت السلطات الروسية على ضمان وصول السكان الأوكرانيين في المدينة إلى القنوات التلفزيونية الحكومية الروسية، التي بدأت بثها هناك الشهر الماضي.
ويُشار إلى أن الإعلام الحكومي الروسي مصدر رئيسي لدعاية الكرملين، التي تهدف إلى إقناع سكان خيرسون بأن كل شيء على ما يرام في المدينة المحتلة بفضل القوات الروسية.
وتشير تقارير إلى أن روسيا تخطط لإجراء استفتاء صوري في خيرسون؛ لتمكين موسكو من تعزيز سيطرتها على المدينة بإنشاء "إقليم انفصالي".
وتقارير عن عزم موسكو تنفيذ استفتاء لإنشاء جمهورية شعبية في خيرسون
وتشير المعلومات الأمنية الواردة من أوكرانيا وحلفائها، إلى أن روسيا قد تجري الاستفتاء قريباً إما لإنشاء "جمهورية خيرسون الشعبية" على غرار الأقاليم الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك ولوغانسك شرقي أوكرانيا وإما لضم المنطقة بالكامل، مثلما فعلت مع شبه جزيرة القرم عام 2014.
والشهر الماضي، استبدلت روسيا بعمدة بلدة هينيتشسك الساحلية في إقليم خيرسون المحتل قائداً موالياً لروسيا.
وقد شوهد العمدة الأوكراني السابق لبلدة هينيتشسك، أولكسندر تولوبوف، آخر مرة في 9 مارس/آذار، وفقاً لصحيفة The Guardian، وهو يقف لالتقاط صورة في حديقة المدينة مع أصدقائه. ومصير تولوبوف ليس معروفاً في الوقت الحالي.
وذكرت الصحيفة أن الروس اخترقوا موقع حكومة هينيتشسك وقالوا إن تولوبوف "استقال طواعية". وحل محله بعدها عمدة جديد، جينادي سيفاك، الذي قضى السنوات الثماني الماضية في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا.
وفي الوقت نفسه، أواخر الشهر الماضي، أُعفي عمدة خيرسون من منصبه، وحل محله إيغور كاتسيوكيفيتش، النائب الروسي من حزب بوتين، وفقاً لصحيفة The Guardian.
الجنرالات الروس يحلّون محل رؤساء البلديات المنتخبين
وذكرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، مطلع هذا الشهر، أن معظم رؤساء البلديات المنتخبين في البلدات والقرى التي احتلتها روسيا حل محلهم عسكريون روس.
ووفقاً لصحيفة The Wall Street Journal، تُصدر قاعة زفاف في مدينة بيرديانسك الساحلية، الواقعة بمنطقة زابوروجيا في أوكرانيا، شهادات زواج روسية لجميع العرسان الجدد.
ويظهر في صورة لمكتب التسجيل الجديد علم روسي معلق بين الزهور.
ولجأوا إلى إعادة نصب تماثيل لينين
ورغم الجهود التي بُذلت مؤخراً لإزالة الآثار السوفييتية من الأماكن العامة في أوكرانيا، بدأت تماثيل فلاديمير لينين تعود للظهور على مستوى البلاد بعد الغزو الروسي.
ففي أعقاب الثورة الأوكرانية عام 2014، والتي شهدت اشتباكات دامية بين المتظاهرين الأوكرانيين والسلطات أدت في النهاية إلى إطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، أزالت كييف معظم تماثيل لينين والآثار السوفييتية.
ولكن خلال الشهر الماضي، ظهر تمثال ضخم للزعيم السوفييتي فلاديمير لينين في هينشتيسك، أمام مبنى المجلس الرئيسي للمدينة، وفقاً لصحيفة The Guardian.
وبعدها بأسبوع، نصب الغزاة الروس تمثالاً آخر للينين في نوفا كاخوفكا، بإقليم خيرسون أيضاً، وفقاً لصحيفة Kyiv Independent.
وقالت آن أبلباوم لصحيفة The Guardian: "لأن روسيا الحديثة لا تمثل شيئاً سوى الفساد والعدمية والقوة الشخصية لبوتين، فقد أعادوا الأعلام السوفييتية وتماثيل لينين لتكون رمزاً للانتصار الروسي".
وقال بيتر أندريوشينكو، مستشار عمدة ماريوبول: "تلاميذ المدارس في منطقتي مانغوش ونيكولسكوي مطالَبون الآن بكتابة عبارة (إقليم روستوف) على دفاترهم".