في حدث وُصف بـ"النادر"، أعلنت المقاومة الفلسطينية وتحديداً كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح المسلّح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فجر الثلاثاء 19 أبريل/نيسان 2022، إطلاق صواريخ أرض-جو على طائرات إسرائيلية، شنت غارات على قطاع غزة، حيث تقول الصحافة الإسرائيلية ومصادر فلسطينية إن الصاروخ الذي تم إطلاقه تجاه الطائرات ودفعها للانسحاب من أجواء غزة، كان من طراز "ستريلا" الروسي.. فما هو هذا الصاروخ وما ميزاته وقدراته، وكيف ظهر في غزة؟
ما هو صاروخ ستريلا المضاد للطائرات؟
على الرغم من ظهوره لأول مرة في مطلع السبعينيات، فإن صاروخ ستريلا المصنع في الاتحاد السوفييتي، لا يزال يعتبر سلاحاً متقدماً نسبياً، ويستخدم في العديد من المناطق حول العالم حتى يومنا هذا.
وصاروخ ستريلا-2 (9K32 Strela-2) وهي كلمة روسية تعني "السهم"، ويسميه حلف الناتو بـ "SA-7 Grail"، هو نظام صاروخي أرض-جو خفيف الوزن محمول على الكتف، وهو مصمم لاستهداف الطائرات والمروحيات على ارتفاعات منخفضة، مع توجيه بالأشعة تحت الحمراء ورأس حربي شديد الانفجار.
ويقول موقع military factory الأمريكي إن ستريلا تكمن خطورته في قدرة مطلقة على ضرب الطائرات التي تحلق على ارتفاع منخفض، حيث يجبر الطائرة المستهدفة على التحليق فوق نطاق السلاح، مما يعرضها لمخاطر رادارات العدو أو دفاعات أرض- جو أقوى.
وبحسب الموقع، فإن هذا الصاروخ الذي استخدم في حروب عديدة منذ سبعينيات القرن الماضي واستخدمته مصر في حرب عام 1973 ضد الطائرات الإسرائيلية، أثبت أنه دقيق جداً، على غرار صاروخ Redeye أرض-جو الأمريكي، حيث يمتلك السلاح السوفييتي الصنع، نسبة إصابة تقارب 90٪، كما أن الرأس الحربي الذي يمتلكه شديد الانفجار.
ودخل الصاروخ الحراري الروسي، الاستخدام فعلياً في عام 1968، وبدأ الإنتاج على نطاق واسع في عام 1970. وبالرغم من التشابه الواضح بين صواريخ "ريد آي 43" الأمريكية، وستريلا-2 السوفييتية، فإنها لم تكن متطابقة. ومع ذلك، خلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أن صواريخ ستريلا السوفيتية قد استفادت من تطوير صاروخ FIM-43 Redeye الأمريكي المضاد للطائرات.
وكانت صواريخ ستريلا-2 عنصراً أساسياً في الحرب الباردة وتم إنتاجها بأعداد ضخمة للاتحاد السوفييتي وحلفائه، فضلاً عن الحركات الثورية حول العالم. على الرغم من تجاوزها منذ ذلك الحين بواسطة أنظمة أكثر حداثة، لا تزال صواريخ ستريلا ومتغيراتها في الخدمة في العديد من البلدان، وشهدت استخداماً واسع النطاق في كل صراع إقليمي تقريباً منذ عام 1972.
ما هي قدرات صاروخ ستريلا-2؟
- يبلغ مداه الأقصى 3.200 متر بارتفاع يصل إلى 2000 متر.
- الحد الأقصى لسرعة طيران الصاروخ: 385 متراً في الثانية.
- يزن الرأس الحربي للصاروخ 1.15 كغم.
- طوله يبلغ 1.44 متر، أما قطره فيبلغ 72مم، كما أن وزنه الكلي يبلغ 21.6 كغم.
- صمم خصيصاً لتدمير الأهداف الجوية دون الصوتية، والخالية من الصوت (الطائرات الثابتة الجناحين، المروحيات، الطائرات بدون طيار) في الارتفاعات الأرضية، والمنخفضة.
- يتكون من نظام قاذفات صواريخ ستريلا-2 من أنبوب إطلاق الصواريخ الذي يحتوي على الصاروخ، ومخزن قبضة، وبطارية حرارية أسطوانية، حيث يمكن إعادة تحميل الجهاز بالقذائف حتى خمس مرات.
- يتم إطلاق الصاروخ من قاذفة أسطوانية محمولة لديها اثنان من جنيحات التحكم المستطيلة المنقولة في القسم الأمامي، وأربعة جنيحات مستطيلة لتحقيق الاستقرار مستقيمة في العمق.
- يمكن تركيب نظام تحديد هوية صديق، أو عدو (IFF) لخوادم المشغلين، وعلاوة على ذلك، يمكن استخدام نظام إضافي للإنذار المبكر يتألف من هوائي راديوي سلبي، وسماعات رأس لتوفير إشارة مبكرة عن النهج، والتوجيه التقريبي لطائرة العدو.
صواريخ ستريلا الروسية تظهر في غزة.. كيف وصلت هناك؟
خلال عدوان الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2012، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن المقاومة الفلسطينية في غزة أطلقت صاروخ أرض-جو، يعتقد أنه من طراز ستريلا-2 في محاولة لإسقاط مروحية تابعة للجيش الإسرائيلي.
ويقول الصحفي الإسرائيلي، عاموس هرئيل، في مقالة له حينها، إن هذا النوع من الصواريخ لم يكن ظهوره في غزة مفاجأة بالنسبة لتل أبيب، فمنذ سنوات، "فرض سلاح الجو الإسرائيلي حماية معينة على طائراته على افتراض أن الصواريخ المضادة للطائرات قد شقت طريقها إلى غزة"، مشيراً إلى أن "حماس على الأرجح قامت بترهيب هذه الصواريخ المضادة للطائرات والمحمولة على الكتف إلى قطاع غزة بشكل كبير منذ انهيار نظام القذافي في ليبيا عام 2011".
وخلال إغارة طائرات الاحتلال على قطاع غزة فجر يوم الثلاثاء 19 إبريل/نيسان 2022، قال مصدر في المقاومة الفلسطينية إن صاروخ أرض-جو الذي استهدف طائرات الاحتلال، كان من طراز "ستريلا" الروسي، حسب ما نقلته قناة "الميادين"، وأضاف المصدر بحسب الميدان أن "هذا السلاح المحمول على الكتف يتم استخدامه للمرة الأولى على الإطلاق"، رغم التقارير الإسرائيلية التي تحدثت عن استخدامه قبل نحو 10 سنوات ضد الجيش الإسرائيلي.
ولم يعلن جيش الاحتلال عن إلحاق أضرار بطائرته أثناء الغارة. وقال مصدر أمني لقناة كان الإسرائيلية إن القوات الجوية تعمل على افتراض مسبق أن حماس تمتلك صواريخ مضادة للطائرات، وأن الحركة قد نشرتها في ضربات إسرائيلية سابقة.
مع ذلك، يصف الإعلام الإسرائيلي ومحللون أن هذا الأمر يعد تطوراً جديداً إلى حد ما، وهو نادر الحدوث حتى وقت قريب، وإذا ما قررت حماس استخدامه على نطاق واسع في المواجهة القادمة فقد يغير ذلك من قواعد الاشتباك.
رسائل من المقاومة للاحتلال
ويأتي الاستخدام النادر لهذا الصاروخ ضمن "رسالة تصعيد وتهديد" جديدة من قبل المقاومة الفلسطينية للاحتلال، وذلك بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، موقعاً يتبع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، دون أن يبلَّغ عن وقوع إصابات، في تصعيد يكسر هدوءاً استمر لأشهر طويلة.
ويحذر خبراء من أن الحرب التي وقعت في رمضان الماضي 2021 بعد اقتحامات المسجد الأقصى من قبل شرطة الاحتلال والمستوطنين والاعتداء على المصلين والمرابطين، وما سبقها من محاولات لإخلاء حي الشيخ جراح في القدس من ساكنيه، قد تتكرر خلال شهر رمضان هذا العام، لأن الأسباب التي أدت للمواجهة تتكرر الآن.
واندلعت "معركة سيف القدس" في منتصف شهر رمضان الماضي بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، حيث كانت حركة حماس قد حذرت حكومة بنيامين نتنياهو من استمرار الانتهاكات في القدس، وأعطت الجيش الإسرائيلي مهلة ساعة للخروج من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح وإلا فسوف ستندلع الحرب.
ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة السادسة مساء في يوم 10 مايو/أيار 2021، بدأت المقاومة بإطلاق رشقات صواريخ مكثفة على إسرائيل، لتشن حكومة الاحتلال حرباً جوية على القطاع استشهد فيها نحو 200 فلسطيني، فيما قتل نحو 13 إسرائيلياً في الهجمات الصاروخية للمقاومة التي طالت مناطق جديدة داخل كيان الاحتلال، قبل أن تنتهي الحرب بوساطة مصرية، في 21 من الشهر ذاته.
ومنذ بداية شهر رمضان، حذرت فصائل المقاومة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، من "اللعب بالنار" والإقدام على اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه وذبح "القرابين" فيه ضمن ما يسمى "عيد الفصح"، مؤكدةً في بيان لها، أنه "على قيادة العدو أن تتحمل المسؤولية كاملة عن تداعيات هذه الخطوة التهويدية الخطيرة، التي ستكون إن وقعت بداية أيام سوداء للاحتلال ومستوطنيه".