كلما خفت نيرانها يشعلها.. كيف وجد بايدن في حرب أوكرانيا حلاً سحريا لإنقاذ أمريكا من بعض مشاكلها؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/01 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/01 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش

"بلدي ليس بخير"، هكذا عبر الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان عن وضع الولايات المتحدة بنهاية عام 2021. كرر الجملة 3 مرات بصوت ينضح بالحسرة والحزن.

فريدمان، الحائز على جائزة البوليتزر للصحافة 3 مرات وهي بمثابة الأوسكار في مجال الفن، كان يرد على سؤال بشأن ما إذا كانت الهيمنة الأمريكية على العالم قد وصلت إلى محطة النهاية.

ولم يكن فريدمان مبالغاً في حزنه، فهناك ما يشبه الإجماع بين المحللين وخبراء الاستراتيجية في الغرب والشرق على السواء بأن 2021 هو عام ضياع الهيبة الأمريكية عالمياً، لكن يبدو أن الرئيس جو بايدن وجد الحل السحري كي يحقق هدفه الرئيسي وهو "عودة أمريكا لقيادة العالم".

ودون مقدمات، أصبحت الحرب في أوكرانيا بمثابة حبل النجاة لقوة عظمى بدأت تظهر عليها أعراض الشيخوخة؛ فالعنصرية والانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين والانسحاب المهين من أفغانستان وفقدان النفوذ في الشرق الأوسط واهتزاز ثقة الحلفاء والانكماش الاقتصادي وغيرها كثير، أمور شجعت الكثيرين على تحدي الهيمنة الأمريكية وأصبح الحديث عن أفول نجم العم سام ملء السمع والبصر.

وهكذا بدأت طبول الحرب في أوروبا على الحدود بين روسيا وأوكرانيا، تدق أولاً من داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض. فتحذيرات بايدن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي تحرك عسكري في أوكرانيا تحولت إلى وجبة يومية يتم فرضها فرضاً من خلال الإعلام الأمريكي والغربي بطبيعة الحال.

تعاني من الشيخوخة فالجيش الروسي يواجه مقاومة شرسة في أوكرانيا وفقد كثيراً من "الهالة المرعبة" التي كانت تحيط به، بعد مرور شهر من الهجوم الروسي. الطلب على السلاح الأمريكي ارتفع لمستويات قياسية، وأوروبا عادت للاحتماء بقوة واشنطن العسكرية، وحتى أسعار الطاقة المرتفعة تصب في صالح صناعة النفط الأمريكية، ومآرب أخرى يبدو أن الأمريكيين في طريقهم لتحقيقها.

الفزع يصيب رئيس أوكرانيا

"توقفوا عن إثارة الفزع. إذا قامت الحرب فعلاً لن يتدخل جيش أي دولة أخرى للدفاع عن أوكرانيا".. هكذا انفعل الرئيس الأوكراني في وجه أسئلة الصحفيين المتكررة عن الحرب الروسية.

كان ذلك يوم 28 يناير/كانون الثاني 2022، أي قبل أكثر من شهر من بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا. رسالة فولوديمير زيلينسكي كانت موجهة لبعض الزعماء الغربيين. صحيح أنه لم يحددهم بالاسم، لكنه قال: "الدبلوماسيون مثل قادة السفن، يجب أن يكونوا آخر من يغادر سفينة تغرق، وأوكرانيا ليست تيتانيك". وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة تقرر سحب دبلوماسييها من كييف.

الآن وقد اندلعت الحرب بالفعل، كما توقعتها واشنطن أو كما خططت لاندلاعها إن شئنا الدقة، بات واضحاً أن إدارة الرئيس جو بايدن لا تريد لتلك الحرب نهاية سريعة حتى تحقق مآربها كاملة، بحسب محللين ومراقبين أغلبهم أمريكيون وغربيون.

"هل دفعت الولايات المتحدة بوتين إلى غزو أوكرانيا؟"، هذا السؤال قد يكون أحد أكثر العناوين تداولاً في الصحافة الغربية منذ بدأت روسيا هجومها على أوكرانيا، والذي تسميه موسكو عملية خاصة ويسميه الغرب غزواً، ولهذا السؤال أسبابه ومؤشراته التي كانت واضحة منذ تولى جو بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني 2021. فقصة الحرب في أوكرانيا لا يمكن روايتها إلا انطلاقاً من واشنطن.

جو بايدن وإدارة أزمة أوكرانيا

الرئيس الأمريكي جو بايدن هو أكبر من تولى المنصب في البيت الأبيض، وينتمي الرجل إلى حقبة الحرب الباردة وانتهائها بما يراه الأمريكيون انتصاراً ساحقاً على الاتحاد السوفييتي، ثم حقبة شهدت سيطرة واشنطن على النظام العالمي الذي يهيمن عليه قطب أوحد هو بلاد العم سام.

وهذا ما عبر عنه سايمون تيسدول، المعلِّق السياسي المخضرم والكاتب في صحيفة الغارديان البريطانية، الذي رصد ما يسعى جو بايدن لتحقيقه: "الفكرة الكبرى التي يتحرك في إطارها جو بايدن هي تحالف عالمي دولي بقيادة الولايات المتحدة، يضم الأنظمة الديمقراطية الليبرالية، في مواجهة الأنظمة السلطوية والزعماء الأقوياء، تقبع في القلب من مشروع استعادة القيادة الأمريكية للعالم".

وكانت المؤشرات الصادرة خلال حملة بايدن الانتخابية والمفردات اللغوية التي تكررت كثيراً مثل "العالم الحر" و"قيادة الولايات المتحدة للعالم" وغيرها، توحي بأن الرئيس الديمقراطي يطمح إلى إعادة ترتيب المسرح السياسي العالمي تحت قيادة أمريكا "قائدة العالم الحر"، بحسب وصفه.

تحميل المزيد