رغم استمرار القتال فإن الوساطة بين روسيا وأوكرانيا مازالت مستمرة، وكذلك المفاوضات بين الطرفين.
وتتسرب بعض التفاصيل عن مقترحات الحل للصراع الدامي، والذي يتضمن تفاصيل حول البنود المتنازع عليها، وأبرزها حياد أوكرانيا ونزع سلاحها ووضع اللغة الروسية وإقليم الدونباس الانفصالي وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.
من يقود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا وأبرز الملفات؟
ويقود جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، كل من تركيا وإسرائيل، كما أن هناك تفاوضاً مباشراً بين الطرفين يدور على حدود أوكرانيا مع بيلاروسيا التي لا يُنظر إليها كطرف محايد رغم أنها لم تدخل الحرب بعد إلى جانب روسيا.
ومن الواضح أن الموضوعات الرئيسية هي حياد أوكرانيا ووضع جيشها، حيث طالبت روسيا في بداية الحرب بنزع سلاحه، فيما تسميه بإنهاء عسكرة أوكرانيا، كما تطالب موسكو بجعل اللغة الروسية لغة ثانية في البلاد، وتطالب باعتراف كييف بضمها شبه جزيرة القرم الذي جرى عام 2014، وبانفصال دونتيسك ولوغانسك اللذين يشكلان جزءاً من إقليم الدونباس الأوكراني ذي الأغلبية الناطقة بالروسية والتابع لموسكو.
كما تطالب موسكو باستئصال من تصفهم بالقوميين الأوكرانيين الذين تصمهم بالنازية.
في المقابل، تطالب أوكرانيا بضمانات أمنية روسية ومن دول الناتو وأعضاء مجلس الأمن بعدم تكرار الغزو الروسي، وأيضاً تعويض عن التدمير الذي أصاب البلاد.
ولا يعرف إلى أين وصلت المفاوضات، التي يبدو أنها تعثرت بعد أن أعلن الرئيس الأوكراني أنها حققت بعض التقدم، كما لمّح نائب الرئيس التركي، ياسين أقطاي، إلى أنها حققت بعض التقدم أمس، قبل أن تعلو أصوات المدافع مجدداً.
كما فشلت المفاوضات والوساطة بين روسيا وأوكرانيا في تحقيق تقدم فيما اتفق عليه، في توفير ممرات آمنة للسكان الأوكرانيين المدنيين في العديد من المدن، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين، حيث تقول روسيا إن أوكرانيا تمنع المدنيين من خيار الذهاب لروسيا أو بيلاروسيا، فيما تقول كييف إن موسكو تريد تحقيق مكاسب دعائية من استقبال اللاجئين الأوكرانيين، وهو أمر غير مقبول من وجهة نظر أوكرانية.
الحياد قد يكون الموضوع الأقرب للحسم
قد تكون مسألة الحياد هي المسألة الأقرب للحسم، وتقول المصادر الروسية إنه جرى بحث مسألة حياد أوكرانيا على غرار النمسا والسويد، ولا يبدو النفي من أوكرانيا حاداً لحديث الروس في هذا الشأن، وقد يكون هذا النفي سببه أن كييف لا تريد الموافقة على هذا المطلب قبل أن تحقق مكاسب في بنود أخرى، أو تحصل على ضمانات أمنية في ظل حيادها المحتمل.
وفي كل الأحوال يبدو أن خيار الانضمام إلى الناتو بعيد المنال لكييف حتى قبل الحرب، فالناتو الذي كان صريحاً في تأكيده أنه لن يتدخل عسكرياً لحماية أوكرانيا، واكتفى بإرسال الدعم العسكري والمالي والاستخباراتي، ليس لديه استعداد لضم دولة محتلة أجزاء كبيرة منها من قبل روسيا وتمثل خطاً أحمر بالنسبة للكرملين، كما أن قرار الانضمام للحلف يحتاج إلى موافقة بالإجماع من أعضائه، وهو أمر يصعب تحقيقه؛ في ضوء المعارضة المعروفة لألمانيا وفرنسا تحديداً، وحتى القلق الأمريكي من هذه الخطوة، التي كان أعضاء الحلف من دول أوروبا الشرقية الشمالية هم الأكثر حماسة لها (بالأخص بولندا ودول البلطيق).
ماذا يعني الحياد وهل يمكن أن يؤدي إلى السلام؟
يقول بعض الخبراء إن بقاء أوكرانيا على الحياد وخارج حلف الناتو قد يكون مفيداً للأمن الإقليمي، حسبما ورد في تقرير لموقع الجزيرة باللغة الإنجليزية
ترفض روسيا المزاعم الغربية بأنها تريد التأثير على أوكرانيا، وتدعي أن رغبتها الرئيسية هي أن تكون أوكرانيا محايدة، ودولة عازلة، وخارج الناتو.
منذ عام 2019، أصبح الانضمام إلى حلف الناتو مكرساً في الدستور الأوكراني. وطالبت روسيا أوكرانيا بالتخلي عن ذلك وإعلان نفسها محايدة.
بعد أسبوعين من الحرب، يبدو أن أوكرانيا لم تعد تصر على عضوية الناتو ولم تستبعد المحادثات حول حياد البلاد المحتمل في المفاوضات مع روسيا.
في القانون الدولي، الحياد يعني التزام الدولة، الناتج عن الإعلان أو الإكراه من جانب واحد، بعدم التدخل في النزاعات العسكرية لدول ثالثة.
توجد أمثلة على الحياد، مثل سويسرا وأيرلندا والسويد وفنلندا والنمسا، علماً بأن الدول الأربع الأخيرة جزء من الاتحاد الأوروبي، مما قلل من انطباق مفهوم الحياد عليها حالياً بمقارنة بحالها خلال الحرب الباردة.
ومع ذلك، وفي حين أن الاتحاد الأوروبي لديه سياسة خارجية وأمنية ودفاعية مشتركة، فإن بنود الانسحاب متاحة؛ لتجنُّب حدوث إشكالية في هذا الشأن.
وفقاً لفوتيوس موستاكيس، الأستاذ المشارك في الدراسات الاستراتيجية بجامعة بليموث، فإن إصرار روسيا على أنها لا تريد التأثير على أوكرانيا أمر يصعب تصديقه.
فروسيا لا تريد حياداً حقيقياً لأوكرانيا، بل تريد أن تكون ساحة لنفوذها.
وقال موستاكيس لقناة الجزيرة: "حقيقة الأمر هي أنه منذ عام 2008 وبعد إعلان قمة الناتو في بوخارست، أوضحت روسيا للغرب أنه لن يُسمح لأوكرانيا بالهروب من المدار والنفوذ الروسي".
روسيا تريده حياداً صورياً
"أعلنت روسيا بشكل صريح وثابت، أن إعلان قمة الناتو في بوخارست في أبريل/نيسان 2008 ، والذي أكد أن جورجيا وأوكرانيا ستصبحان عضوين في الناتو، كان خطأً استراتيجياً فادحاً وشكَّل تهديداً مباشراً للمصالح الاستراتيجية الأساسية لروسيا".
وأضاف أن غزو أوكرانيا يهدف من وجهة نظر بوتين، إلى تأمين ما يعتبر مجالاً حيوياً للمصالح الاستراتيجية الروسية. إذا هدد بوتين بأنه إن لم يأخذ الغرب المصالح الروسية في الاعتبار، فإنه سيدمر أوكرانيا، وهو ما يقوم به حالياً.
ليس لدى روسيا الرغبة أو القدرة على احتلال البلاد بالكامل. وقال موستاكيس: "الحياد هو الدواء الشافي لحل الأزمة الحالية".
وكان يُعتقد أن فنلندا هي النموذج الذي يوفر مساراً معقولاً في المستقبل، وهو ما سبق أن تسرب من مبادرة ماكرون خلال زيارته لموسكو ولقائه الشهير مع بوتين قبل الحرب.
ومع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول ما يعنيه الحياد بالنسبة لأوكرانيا، كما قالت كاثرين إيه إم رايت، المحاضِرة البارزة في السياسة الدولية بجامعة نيوكاسل، لقناة الجزيرة.
"لكي تكون أي شروطٍ وضعَها [الرئيس الأوكراني فولوديمير] زيلينسكي واقعية، سيحتاجون إلى قبول الأوكرانيين لذلك بعد أن عاشوا في ظل روسيا الجار العدواني.
أوكرانيا المحايدة حسب الحد الأدنى من رغبات بوتين، قد لا تكون شريكاً للناتو بعد الآن، على الرغم من أن الدول المحايدة الأخرى، لاسيما فنلندا والسويد، شركاء للناتو. مِثلُ هذا المسار إلى عضوية الناتو، على الرغم من أنه من غير المحتمل أن يتحقق، سيكون خطاً أحمر بالنسبة لبوتين الذي ينظر إلى أوكرانيا بشكل مختلف.
بالنسبة لبوتين، تعتبر أوكرانيا جزءاً من عالَم روسي متخيَّل أو مجتمع مبنيٍّ على اللغة والثقافة الروسية والماضي المجيد المشترك بطريقة ليست كذلك في فنلندا والسويد، وكان هذا دافعاً وراء قرار غزو أوكرانيا"، قالت رايت.
الفرق بين النموذجين الفنلندي والسويدي
ولكن يجب ملاحظة أن المصادر الروسية تحدثت عن أن المفاوضات تطرقت إلى الحياد الأوكراني على غرار النمسا والسويد، وهذا قد يكون في صالح كييف جزئياً أو مكسباً لها مقابل شروط موسكو السابقة.
لأنه قبل الأزمة كان يُطرح- كما قيل إنه حدث من قِبل الرئيس الفرنسي إيمانويل خلال زيارته موسكو- نموذج الحياد الفنلندي أو فنلندة أوكرانيا، وفنلندا تاريخياً أكثر خضوعاً للنفوذ الروسي أكثر من أي دولة محايدة أخرى، وضمن ذلك السويد والنمسا الأقرب إلى الفلك الغربي.
سمح الحياد الفنلندي لروسيا- الجار العملاق للبلد الإسكندنافي الصغير- بأن تكون صاحبة نفوذ استثنائي وصل خلال الحرب الباردة، في بعض الأحيان، إلى أن هلسنكي تعيد الانتخابات إن لم ترضَ موسكو، وتفرض قيوداً على النقد ضد الاتحاد السوفييتي وغيرها من السياسات المتوددة للجار العملاق.
أما السويد فرغم أنها غير منحازة عسكرياً، فقد أصبحت تفضّل وجهة نظر أوروبية أكثر على حساب نزاهة سياستها الحيادية، حسبما ورد في تقرير لموقع Research Gate.
ولكن قام الحياد السويدي والفنلندي، على السواء، على أن عنصر المصلحة الذاتية المتمثل في عدم الانحياز العسكري من أجل الأمن، يحتاج إلى التعويض عن طريق دور مناسب، مثل إظهار المسؤولية والمشاركة في القضايا الدولية.
كانت السويد أكثر اعتماداً من فنلندا في ضمان أن سياستها الحيادية الخاصة مُكملة بدور دولي مناسب. كان هذا ممكناً خلال الحرب الباردة، لكنه أصبح أكثر صعوبة بعد انهيار النظام العالمي ثنائي القطب، حيث ازداد اقتراب البلدين من الناتو.
كيف تضمن أوكرانيا أمنها في ظل الحياد المحتمل؟
"تحتاج أوكرانيا المحايدة إلى البحث عن علاقات أمنية خارج الناتو لمنع تكرار الغزو؛ نظراً إلى أن روسيا هي المعتدي الذي يجب أن يأتي هذا من جانبهم، ولكن من المحتمل أن تنظر أوكرانيا إلى الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة [الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة] للمساعدة في دعم هذا"، حسبما أشارت رايت.
قال غراهام جيل، الأستاذ الفخري بجامعة سيدني الأسترالي: "في عالمه المتخيل، ربما كان بوتين يحلم بأوكرانيا مُتَّحدة مع روسيا في شكل دولة شاملة واحدة، لكن الأحداث التي وقعت في الأسابيع الماضية، أظهرت أن هذه نتيجة غير مرجحة إلى حد كبير".
وأضاف جيل لقناة الجزيرة، أنه "في حين لا تزال هناك مشاعر كبيرة مؤيدة لروسيا في بعض أجزاء أوكرانيا، فقد تسبب الغزو في توتر آراء العديد من الأوكرانيين تجاه الروس".
وأردف: "آمل أن يدرك بوتين أن الوحدة ليست مطروحة على الورق. على المدى القصير على الأقل، من غير المرجح أن تكون الحكومة الأوكرانية التي تتمتع بسلطة واسعة في البلاد موالية لروسيا. قد يبدو الحياد بعد ذلك أكثر جاذبية".
في بداية الأزمة، طالب بوتين الناتو بضمان عدم عضوية أوكرانيا، وسعى إلى انسحاب قوات الناتو من الحدود الروسية.
قال جيل: "لقد رفض قادة الناتو والولايات المتحدة هذه الأمور بشكل قاطع. لو أجريت تلك المفاوضات بشكل واقعي، فلربما تم تجنب الصراع. لسوء الحظ، أشك في أن الناتو أو الولايات المتحدة سوف يتوصلان إلى هذا الاستنتاج، لأن القيام بذلك سيكون بمثابة الاعتراف ببعض المسؤولية عن الصراع".
ووافقت رايت على ذلك قائلةً إن أوكرانيا المحايدة "من المرجح أن تكون مفتاح الحل السلمي للصراع الحالي وإنهاء الغزو الروسي".
هل توافق كييف على نزع سلاح جيشها ووقف مساعدات الناتو العسكرية؟
ولكن يرتبط بمسألة كيف تحقق أوكرانيا أمنها في الحياد موضوع آخر قد يكون أشد صعوبة، وهو مسألة الضمانات الأمنية، ووضع الجيش الأوكراني الذي تريد موسكو نزع سلاحه، وكذلك علاقات كييف العسكرية والأمنية مع الناتو، خاصةً مساعدات التسليح التي لعبت دوراً أساسياً في صمود كييف ضد الجيش الروسي العملاق حتى الآن.
حتى لو قبلت أوكرانيا الحياد، فقد تحاول موسكو طرح فكرة نزع سلاح الجيش الأوكراني الذي طالبته روسيا في بداية الحرب بتسلم السلطة، وحتى لو تغاضت موسكو عن هذا الطلب، فقد تشترط وقف أي مساعدات عسكرية مستقبلية من الغرب لكييف، وكذلك التدريب العسكري، وهو أمر يعني أن أوكرانيا ستسلم السلاح الوحيد الذي في يديها، وقد تكون هذه واحدة من أصعب نقاط التفاوض.
اللغة الروسية.. بوتين أحياناً يكون على حق
إحدى النقاط القليلة التي يكون لموسكو بعض الحق فيها، انتقادها التمييز ضد اللغة الروسية، في ظل أن الروس يمثلون نحو 17% من سكان أوكرانيا، وهي لغة أولى أو ثانية لنحو سكان البلاد، ولقد انتقدت منظمة هيومان رايتس واتش الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان القوانين التي تستهدف اللغة الروسية في أوكرانيا.
وسبق أن أعربت منظمة هيومان رايتس واتش عن قلقها من القانون الخاص باللغة في أوكرانيا والذي صدر في عام 2013، وأثره على الأقلية الناطقة باللغة الروسية، وقالت إن قضية اللغة مسيسة للغاية، لاسيما في ضوء العمل العسكري الروسي المستمر ضد أوكرانيا (ذلك قبل الغزو الأخير).
يمكن القول إن الأقلية الروسية في أوكرانيا واللغة الروسية في البلاد هما ضحية لسياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك لسياسات كثير من القوميين الأوكرانيين الذين كانت معاقلهم في الغرب المتحدث بالأوكرانية ثم امتدت للوسط، وهؤلاء يريدون قطع أي صلة للأوكرانيين باللغة الروسية وليس روسيا فقط.
وقيل إنَّ طلب روسيا أن تكون اللغة الروسية هي اللغة الثانية في البلاد، صعب القبول، ولكنّ كييف يمكنها تقديم ضمانات حماية حقوق المتحدثين بالروسية.
أما المطلب الأصعب في المفاوضات، فهو شرط روسيا الغريب باعتراف أوكرانيا باستقلال إقليم الدونباس وضمّها شبه جزيرة القرم، فلا يوجد دولة تقبل بمثل هذا حتى لو تعرضت للغزو، فيكفي أن تطلب موسكو ضمانات لوقف إطلاق النار لضمان الوضع في المنطقتين لصالحها، ولكنّ طلب الاعتراف الأوكراني إمعان في الإهانة، كما أن اشتراطها الاعتراف بانفصال الدونباس، وبالتالي إخراجه رسمياً من حدود أوكرانيا، سيُضعف دور متمردي الإقليمين كطابور خامس روسي داخل أوكرانيا، خاصةً أن موسكو كانت تحاول تفسير اتفاقات مينسك المنظِّمة لإطار لحل أزمة 2014، بأنها تعطي الإقليم قدراً واسعاً من الحكم الذاتي الذي سيفضى حسب تفسيرات روسيا إلى شكل من أشكال حق الفيتو على القرارات الأساسية للدولة الأوكرانية، وضمن ذلك مسألة الانضمام للناتو.
ماذا عن القوميين الأوكرانيين الذين يصفهم بوتين بالنازيين؟
أما المطالب الروسية، فيما يتعلق بالقوميين الروس، فلقد أشارت تقارير إعلامية إلى أنه طُرحت خلال عملية الوساطة بين روسيا وأوكرانيا بعض الإجراءات الرمزية مثل تغيير بعض أسماء الشوارع المنسوبة إلى شخصيات أوكرانية حاربت مع النازية.
وقد تتخذ كييف لتجاوز هذه النقطة أيضاً بعض الإجراءات غير الحادة ضد بعض الجماعات القومية الأكثر تطرفاً، وهي بصفة عامةٍ صغيرة الحجم ودورها عسكري أكثر من كونه سياسياً (مثل كتيبة آزوف اليمينية المتطرفة التي كان هناك توجه بالكونغرس لوصمها بالإرهاب).
شروط موسكو خفتت، ولكن الأمر يظل مرتبطاً بتطورات المعركة
إنّ حل هذا الصراع سيعتمد على تنازلات كبيرة من الجانبين، وسيرغب بوتين بصفته المعتدي، في سحب قواته دون أن يفقد ماء الوجه.
ولكن يظل العامل الأساسي في المفاوضات، الوضع على الأرض وتأثير العقوبات الغربية على موسكو، فمن خلال متابعة الشروط الروسية، يلاحَظ أن حدتها تراجعت من استسلام أوكرانيا كما كانت تلمّح موسكو أحياناً في مراحل الصراع الأولى وكذلك نزع سلاح أوكرانيا إلى حيادها.
وقد يرجع ذلك بشكل كبير إلى صمود الأوكرانيين، ولذا لو انهارت مقاومتهم فإن هذا من شأنه رفع سقف مطالب الروس، من جانبهم يحتاج الأوكرانيون بجانب الصمود إلى المرونة والتخلي عن سقف الأحلام المرتفع المتطلع بشغف إلى أوروبا والناتو.
بل يجب أن يركزوا على ضمان أمنهم وقدراتهم الذاتية، دون محاولة إهانة روسيا أو صب جام غضبهم على المكون الروسي الداخلي في بلادهم، بل يجب أن يبحثوا عن حل يضمن استقلالهم دون استفزاز روسيا.
وقال موستاكيس: "الرسالة الرئيسية للحرب في أوكرانيا هي أن كل دولة يجب أن تعتمد فقط على قواتها الخاصة في الردع… من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار، من الضروري في بعض الأحيان التخلي عن بعض مُثُلك العليا".