عنصرية التعامل مع اللاجئين تكشفت بشكل واضح عبر الأزمة الأوكرانية، فدول طردت اللاجئين السوريين أو ما زالت ترفض منحهم حق الإقامة لم تكتف بسرعة الترحيب باللاجئين الأوكرانيين بل تقدم رعاية حتى لحيواناتهم الأليفة.
واليوم، فرَّ أكثر من 3.3 مليون أوكراني بالفعل من بلادهم، ويقع الجزء الأكبر من العبء الآن على عاتق بولندا ورومانيا ومولدوفا المجاورة- وهي بعض أفقر الدول في أوروبا، وغير مستعدة ببرامج قوية لإدماج اللاجئين، وتبدو طريقة استجابة الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي مختلفة تماماً عن استجابته خلال أزمة اللجوء السوري عام 2015، رغم أن الأخيرة كانت أقل حجماً والجاني واحد في الحالتين وهو روسيا.
عنصرية التعامل مع اللاجئين
بسرعة عنصرية التعامل مع اللاجئين لدى أوروبا عندما، صاغ القادة الأوروبيون إجماعاً سياسياً كان غائباً خلال الكوارث الإنسانية السابقة، وتجاهلوا الإجراءات التي لا تزال تُستخدَم لمنع طالبي اللجوء الآخرين، في تناقضٍ شكَّلَته الاختلافات والعنصرية النابعة من العرق والجغرافيا والجغرافيا السياسية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.
وسارع الاتحاد الأوروبي، لمنح صفة "الحماية المؤقتة" للاجئين الأوكرانيين، بعد فترة قصيرة من اندلاع الأزمة، وذلك في أول تطبيق لقرار الحماية المؤقتة الصادر عام 2001.
وقامت المفوضية الأوروبية، بتقديم مقترح "منح الحماية المؤقتة للأوكرانيين"، للدول الأعضاء في الاتحاد، وذلك عقب أسبوع واحد فقط من بدء التدخل العسكري الروسي.
الآن، تتعرض القارة الأوروبية لضغوطٍ في إدارة الوافدين وفقاً لشروط قواعد اللعبة الجديدة. وهناك أسئلةٌ هائلة تلوح في الأفق- حول تفريق اللاجئين بشكل منصف في جميع أنحاء الغرب، وحول إيجاد الوسائل اللازمة لتوفير حياة لهم، وحول الحفاظ على الدعم العام الضروري للتماسك الاجتماعي.
وقال مسؤولٌ أمني أوروبي، تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مُصرَّح له بالتصريح بشأن الأحداث الجارية: "أعتقد بشكلٍ أساسي أن الموارد اللازمة لاستيعاب المزيد من الأشخاص في أوروبا كانت موجودةً دائماً. لكن الإرادة السياسية هي التي كانت مفقودة".
حماية اللاجئين الأوكرانيين تتم عبر نظام لم يفعَّل إلا مع الأوروبيين
تحت ضغط مواطنيها، الذين ساعدت مظاهر تضامنهم في تحفيز صنع السياسات، تعمل الحكومات الأوروبية على إفساح المجال للإسكان في عواصمها. إنهم يقدمون المساعدة المالية لأفراد الجمهور الراغبين في استقبال اللاجئين. وربما الأهم من ذلك أنهم يتجاوزون قواعد اللجوء العادية، ويقدِّمون حمايةً مؤقَّتة للأوكرانيين بموجب توجيهٍ لم يسبق استخدامه من قبل يضمن السفر بدون تأشيرة عبر الاتحاد الأوروبي، وكذلك الحقَّ في السكن، والعمل، والرعاية الصحية، والتعليم، على الأقل لسنةٍ واحدة.
يُظهِر كلُّ ذلك كيف كانت استجابة أوروبا مختلفة عما كانت عليه في عام 2015 للأزمة التي اجتاحت القارة وقتذاك، عندما جاء 1.3 مليون شخص، كثيرٌ منهم فروا من الحرب الأهلية في سوريا، بحثاً عن اللجوء. ومع إغلاق العديد من الدول لحدودها، أصبحت ألمانيا وحدها تقريباً منارة للاجئين، واتَّخَذَت السلطات في برلين تدابير مؤقَّتة، مثل منازل الحاويات في تمبلهوف. كان من المُقرَّر تفكيك هذه الحاويات، لكنها الآن تُستخدَم لغرضٍ جديد.
وأخبر وزير داخلية من حكومة دولة تابعة للاتحاد الأوروبي مساعديه بأنه تأثَّرَ عندما تحرَّكَ الاتحاد الأوروبي هذا الشهر لمنح حمايةٍ للأوكرانيين، باستخدام توجيهٍ أُطلِقَ خلال أزمة اللاجئين عام 2001 في كوسوفو، ولكن لم يُفعَّل منذ ذلك الحين.
وقالت إيلفا جوهانسون، مفوضة الهجرة في الاتحاد الأوروبي، إن ذلك شهادةٌ على "وتيرة ونطاق ردِّ فعلنا الجماعي".
وأكَّدَت في تصريحٍ مكتوب لصحيفة Washington Post الأمريكية: "لقد تعلَّمنا دروساً من عام 2015".
وقال جيرالد كناوس، رئيس مبادرة الاستقرار الأوروبي إن التعاون الأوروبي غير المكتمل يوفر الأمل، لكن البديل الوحيد للحماية المؤقتة كان "الفوضى وإغلاق الحدود". وقال إن الاختبار الأعمق هو ما سيحدث بعد ذلك.
ألمانيا تحاول الاستفادة من تجربتها مع السوريين عام 2015
تصطف منازل الحاويات البيضاء على مدرج مطار تمبلهوف السابق في برلين، الذي استُخدِمَ قبل 75 عاماً للجسر الجوي إلى غرب برلين خلال الحصار السوفييتي.
الآن تعيش فيه لينا، 48 عاماً، التي فرَّت من منزلها خارج كييف على أمل الوصول إلى تل أبيب. كان ابنها البالغ من العمر 14 عاماً يمسك بمطبوعاتٍ ورقية بها توجيهاتٌ إلى مكتبٍ محلي للصحة والشؤون الاجتماعية يُقال إنه يساعد في الحصول على تذاكر للرحلات الجوية.
انشغلت فيكا، البالغة من العمر 29 عاماً، بخططٍ مختلفة، وكانت تتوقَّع البقاء في برلين والعثور على عملٍ وإرسال ابنها إلى روضةٍ للأطفال. وتتطلَّع أمٌّ ثالثة إلى السفر إلى العاصمة السويدية ستوكهلوم.
قالت لينا، التي تعمل خيَّاطةً: "هذا جيِّدٌ للغاية بعد الحرب. لدينا سريرٌ وحمام وطعامٌ جيِّد. لكن ذلك لن يدوم إلى الأبد".
هؤلاء الأمهات والعديد من أمثالهن لديهن ملاذٌ من الهجوم الروسي على أوكرانيا بفضل الاستجابة الإنسانية الواسعة التي سهَّلتها شركات السكك الحديدية والمنظمات الدولية والمواطنون العاديون. لكن تطلعاتهن تعتمد أيضاً على الحكومات الغربية، التي يقول منتقدون إن ردَّ فعلها الأوَّلي تأخَّر، ويظلُّ في إطار التفكير بالتمني.
ألهمت حالة الطوارئ، الناتجة عن صراع قد تنجم عنه إعادة رسم الستار الحديدي عبر أوروبا، البعض للنظر إلى النظائر السابقة لحالات الطوارئ، بما في ذلك الاستخدامات السابقة لمطار تمبلهوف.
الأزمة تعيد إحياء ذكرى حصار برلين
قال جيرالد كناوس، رئيس مبادرة الاستقرار الأوروبي، وهي مؤسسة فكرية تمتدُّ عملياتها من برلين إلى بروكسل إلى إسطنبول، إن القادة الأوروبيين لديهم نموذجٌ في جسر برلين الجوي عام 1948، وهو أهم نقطة تحوُّل في تاريخ أوروبا بعد الحرب. عندما منعت القوات السوفييتية الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها الحلفاء في برلين، ردت الولايات المتحدة وبريطانيا بنقل الطعام والوقود جواً إلى تمبلهوف، وهبطت طائرة واحدة كل 45 ثانية في ذروة الحملة. وبذلك، حوَّلت العملية مطار شيَّده النازيون إلى رمزٍ للحرية والبراعة اللوجستية.
وبدأ حصار برلين، عندما قامت الدول الغربية في 1948 بفرض الإصلاح النقدي رغم معارضة الاتحاد السوفييتي، وأدخلت المارك الألماني، فقام الاتحاد السوفييتي في 24 يونيو/حزيران 1948 بحصار الشطر الغربي من مدينة برلين. وهكذا بدأت الحرب الباردة.
المواد الغذائية وإمدادات الطاقة التي كانت في الأساس نادرة الوجود بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا، باتت الآن معرضة للانهيار الكامل. وأصبح أبناء برلين مهددين بالجوع. لهذا أطلق الحاكم العسكري في منطقة النفوذ الأمريكي لوسيوس دي كلاي مبادرة الجسر الجوي: "برلين إيرلايف" (حياة برلين الجوية). في 26 يونيو/حزيران انطلقت أولى رحلات الإمداد من فرانكفورت وفيسبادن متوجهة إلى برلين.
سرعان ما بات واضحاً: من أجل إمداد ما يزيد عن مليوني إنسان في الجزء الغربي من برلين، لا بد من تأمين أكبر عدد ممكن من الطائرات والرحلات. وهكذا عمد الحلفاء إلى استغلال الممرات الجوية الثلاثة إلى أقصى الحدود. "قاذفات الزبيب" تهبط كل بضع دقائق، حيث يتم تفريغها بأسرع ما يمكن، كي تعود أدراجها وتحمل النجدة مرة أخرى إلى أبناء المدينة. وهكذا تم يومياً نقل حوالي 5000 طن من المساعدات إلى أحياء المدينة المحاصرة.
وقال كناوس في مقابلةٍ أُجرِيَت معه: "لقد فشل ابتزاز ستالين، وكانت تلك اللفتة الإنسانية هي التي أوجدت الأساس للمؤسسات الغربية، من حلف شمال الأطلسي إلى مجلس أوروبا، وما زلنا نعتمد عليها حتى اليوم".
وقال كناوس إن نوعاً مختلفاً من الجسر الجوي اليوم يجب أن يضم ليس فقط إلى الدول الأوروبية ولكن أيضاً إلى الولايات المتحدة وكندا، في جهد استباقي لإعادة توطين اللاجئين في جميع أنحاء الغرب. وقال: "المرأة الأوكرانية التي تصل إلى مولدوفا لن تجد طريقها بمفردها إلى برشلونة".
يلقى اقتراحه قبولاً إيجابياً من بروكسل إلى البوندستاغ الألماني، حيث دعا يواكيم ستامب، وزير اللاجئين والاندماج في ولاية نوردراين فستفالن، أكبر ولاية في ألمانيا من حيث عدد السكان، هذا الأسبوع لمثل هذا التعاون. طلب ستامب من المستشار الألماني، أولاف شولتز، العمل مع نظيره الفرنسي لإجلاء مليون لاجئ أوكراني من بولندا والإشراف على إعادة توطينهم في جميع أنحاء أوروبا الغربية، وربما أيضاً في أمريكا الشمالية.
وحذَّرَ أن بعض البلدان سوف تتأزَّم بشدة إذا لم يُحدث ذلك.
وقال ستامب إن "مثل هذا الطموح المرتفع للتعاون بين الدول الغربية، الذي لا يُطبَّق فقط على تنشيط الدفاع العسكري ولكن على مساعدة اللاجئين أيضاً، من شأنه أن "يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشيءٍ لا يعرفه إنه: الإنسانية".
انتقادات لطريقة تعامل ألمانيا مع الأزمة
على الأرض، لا يزال مسؤولو الهجرة والعاملون بالإغاثة يرون تعاوناً غير مكتمل وحواجز بيروقراطية. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن السلطات في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا وزعيمها الفعلي، فشلت في توقُّع تدفُّق كبير للاجئين، مثلما يجادل البعض.
في وقت متأخر من 16 فبراير/شباط، قالت وزارة الداخلية الألمانية إنه: "لا يوجد دليل حالياً على حركات الهجرة". وبحلول 22 فبراير/شباط، أي قبل يومين من الهجوم الروسي الشامل، قالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن أيَّ نزوحٍ جماعي سيؤثر بشكل أساسي على الدول المجاورة، متعهِّدةً بأن ألمانيا ستساعد في تقديم المساعدة الإنسانية.
أطلقت وزارة الداخلية الألمانية، الخميس الماضي 17 مارس/آذار، بوابةً إلكترونية لأولئك الذين يفرون من أوكرانيا. وقال ستامب: "نعم، كان بإمكان الحكومة الفيدرالية فعل المزيد"، مع التأكيد أيضاً على أنه "من المستحيل أن نكون مستعدين لموقف بهذا الحجم".
وقال مسؤولٌ في وزارة الداخلية الألمانية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتناوله مسائل حسَّاسة، إن قادة الدول تباطأوا أيضاً، وقدَّموا إجاباتٍ "مُخزِية" عندما سُئلوا عن عدد اللاجئين الذين يمكنهم قبولهم. تعتمد السلطات الآن على نظام حصص يعتمد على السكان وعائدات الضرائب.
وقال المسؤول إن تقاسم الأعباء أصبح أصعب بسبب التقديرات غير المكتملة لعدد اللاجئين الذين عبروا إلى البلاد، حيث لا يُطلب من حاملي جوازات السفر الإلكترونية التسجيل لمدة 90 يوماً ما لم يطلبوا دعماً صحياً أو اجتماعياً. ورسمياً، سُجِّلَ 197 ألف أوكراني في ألمانيا، وفقاً للأرقام التي أعلنتها الشرطة أول أمس الجمعة 18 مارس/آذار.
كانت مجموعة كبيرة من الوافدين الجدد الذين نُقِلوا مؤخراً بالحافلات من برلين إلى بلدة في شرق ألمانيا- كجزءٍ من جهد وزارة الداخلية لتوزيع الأشخاص في جميع أنحاء البلاد- غير راضين عن وجهتهم وطلبوا من سائق الحافلة إعادتهم إلى العاصمة، على حدِّ قول المسؤول.
وفي الوقت نفسه، فإن المسؤولين في برلين، التي تستضيف أكبر مكتب للاجئين في البلاد، مرهقون ببساطة جراء استخراج تصاريح الإقامة. وقال مسؤولون إن العاصمة كانت تتوقع استقبال 100 ألف شخص في وقت قصير في مدينة يبلغ عدد سكانها 3.7 مليون نسمة. قال أحد المسؤولين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، للتحدث بصراحة عن التخطيط الجاري: "العثور على مكانٍ يقيمون فيه حتى لليلةٍ واحدة يمثِّل تحدياً".
وقال فرانزيسكا جيفي، عمدة برلين، إن المدينة "وصلت إلى أقصى قدراتها".
بدأت مجموعات المساعدة في العمل، بالاعتماد على ذاكرتها في الاستجابة لأزمة عام 2015. ويتوقَّع كثيرون أن سمعة ألمانيا كملاذ سوف تلهم اللاجئين الأوكرانيين للتدفق إلى محطات القطارات ومحطات الحافلات.
وقال هولغر ميشيل، الذي يساعد في قيادة مؤسسة Freiwillige Helfen التطوُّعية للإغاثة، والذي كان يوجِّه حركة المرور في محطة القطار الرئيسية في برلين: "اتصلت بأحد أصدقائي وقلت: علينا إعادة تنشيط المؤسسة لتعود إلى ما كانت عليه في 2015".
وقال ميشيل إن: "20% مِمّن أعمل معهم أطفال. أنا بحاجةٍ إلى بطانيات".
الدنمارك طردت السوريين وروسيا تقصف بلادهم، والآن تستقبل الأوكرانيين
كانت الدنمارك أول ديمقراطية ليبرالية تطلب من اللاجئين السوريين، في عام 2019، العودة إلى ديارهم التي مزقتها الحرب، عندما كانت الطائرات الروسية لا تزال تسقط الصواريخ في سوريا، في محاولة لمساعدة نظام الرئيس بشار الأسد على استعادة السيطرة على البلاد، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
تتعرض أوكرانيا الآن للهجوم من قبل الجيش الروسي نفسه، مما أجبر أكثر من 2.2 مليون شخص على الفرار إلى الدول المجاورة، وفقاً للأمم المتحدة. ولكن بدلاً من مواجهة كراهية الأجانب ومراكز الاحتجاز والتهديدات بالترحيل إلى الوطن، يتم الترحيب باللاجئين الأوكرانيين من قبل الدول الأوروبية مثل الدنمارك بأذرع مفتوحة.
وقال وزير الهجرة والاندماج الدنماركي ماتياس تسفاي بعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط: "عندما تكون هناك حرب في أوروبا ويتعرض أحد الجيران الأوروبيون لما نراه في أوكرانيا، لا يوجد أدنى شك في ذهني: يجب أن نساعد بأفضل ما في وسعنا.. من خلال الترحيب بالأوكرانيين على الأراضي الدنماركية".
وقال راسموس ستوكلوند، متحدث الشؤون الخارجية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في الدنمارك، لشبكة CNN، إن الحكومة الدنماركية تصيغ مشروع قانون من شأنه تعليق قواعد اللجوء الخاصة من أجل الأوكرانيين. وأضاف: "لن يكونوا جزءاً من نظام اللجوء".
وبدلاً من ذلك، سيسهل القانون المقترح على الأوكرانيين الحصول على تصاريح الإقامة "حتى يتمكنوا من البدء بسرعة في التعليم أو في العمل"، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية.
لكن منتقدين يتهمون الحكومة الدنماركية بالنفاق، إذ إنها تحث حالياً اللاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها على العودة إلى هناك، رغم الحرب الأهلية المستمرة وسمعة النظام الوحشية.
وقالت وزارة الهجرة والاندماج الدنماركية، في بيان لشبكة CNN، إن جميع اللاجئين تمت معاملتهم بالطريقة نفسها. وأضافت: "بصرف النظر عن قانون تصاريح الإقامة المؤقتة للأوكرانيين، فإن جميع الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في الدنمارك لهم نفس الحقوق في نظام اللجوء الدنماركي".
وتابعت الوزارة في بيانها بالقول إن حوالي 30 ألف سوري ممن حصلوا على تصريح إقامة في الدنمارك منذ 2014 ما زالوا يعيشون على أراضيها.
من جانبها، قالت ميشالا كلانتي بنديكسن، رئيسة منظمة "الدنمارك ترحب باللاجئين"، التي تدعو إلى نظام لجوء مبسط، إن التباين في المعاملة يشير إلى أن الحكومة تولي أهمية أكبر لحياة الأشخاص من ذوي البشرة البيضاء.
وأضافت أن أزمة المهاجرين من عام 2015 أظهرت أنه: "إذا وصل الأشخاص من أفغانستان أو سوريا، فسيتم استجوابهم بالريبة، وسيُطلق عليهم اسم مهاجرين، إلى أن يحصلوا على وضع اللاجئ. لكننا الآن على الفور نمنح الأوكرانيين وضع لاجئين. ما الفرق؟".
وتابعت بالقول: "إنه أمر مخيب للآمال ومروع للغاية أن تعاطف الناس محدود للغاية مع البشر الآخرين في العالم".
بلجيكا.. حلول سريعة للأوكرانيين وإهمال لباقي اللاجئين
سارعت بلجيكا بتقديم حلول واستثناءات متعلقة بموجة اللجوء الأوكرانية، عقب بدء التدخل العسكري الروسي، حيث تعد من أوليات الدول التي استقبلت الأوكرانيين وفق قانون "الحماية المؤقتة" الصادر عن الاتحاد الأوروبي، بينما تواصل الإهمال والمماطلة منذ سنوات طويلة تجاه اللاجئين من البلدان الأخرى.
وبلغ عدد اللاجئين الذين استقبلتهم بلجيكا، حتى الإثنين الماضي، 6 آلاف و48 أوكرانياً، بينما تبرر بلجيكا عدم قبولها طلب المهاجرين الآخرين، بعدم وجود أماكن كافية لإيوائهم.
وتشير تقديرات إلى وجود نحو 150 ألف طالب لجوء عديم الوثائق، يعيشون في بلجيكا
كانت بلجيكا من بين الدول التي استقبلت الأوكرانيين وفق قانون "الحماية المؤقتة"، حيث بلغ عدد اللاجئين الذين استقبلتهم حتى الإثنين الماضي، 6 آلاف و48 أوكرانياً.
ومن المنتظر أن يرتفع هذا العدد إلى 200 ألف لاجئ.
في الوقت ذاته، تشهد بلجيكا أزمة لاجئين منذ فترة طويلة، ويتجسد ذلك بوضوح في الطوابير الطويلة الممتدة ليلاً ونهاراً أمام الوكالة الاتحادية لاستقبال طالبي اللجوء في بلجيكا "فيداسيل".
وتبرر الحكومة البلجيكية إهمالها هذا تجاه طالبي اللجوء من الدول الأخرى، بعدم وجود أماكن كافية لإيوائهم.
ويشكّل اللاجئون الجدد القادمون من بلدان أخرى، جزءاً من طالبي اللجوء في بلجيكا، فيما القسم الأكبر هم ممن كانوا يقطنون في البلاد منذ سنوات طويلة وانتهت مدة إقاماتهم أو تصاريح العمل الممنوحة لهم، حيث ترفض السلطات البلجيكية تجديدها.
وفي صيف العام الماضي، نشرت صحيفة "دي مورجن" البلجيكية، صوراً صادمة لطالبي لجوء مضربين عن الطعام منذ نحو 46 يوماً، للمطالبة بتسوية أوضاعهم خاصة أن معظمهم مقيم منذ عدة سنوات، حيث ظهروا في الصور بأجسام نحيلة وبعضهم يفترشون الشارع.
وتستخدم عبارة "عديمي الوثائق" محلياً للإشارة إلى عدم حصول هؤلاء الأشخاص على حق الإقامة القانونية في البلاد.
وتشير تقديرات إلى وجود نحو 150 ألف طالب لجوء عديم الوثائق، يعيشون في بلجيكا، معظمهم في بروكسل.
وتظهر الإحصاءات أن 40% فقط من طلبات اللجوء التي يتم التقدم بها إلى الدول الأوروبية سنوياً، تحظى بالقبول.
بروكسل تُبقي لاجئي الشرق الأوسط في العراء
وعقب تصاعد أزمة طالبي اللجوء على أراضيها، كانت بلجيكا قد طالبت الاتحاد الأوروبي بدعمها، لتبرم في ديسمبر/كانون الأول 2021 اتفاقية مع المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) للحصول على هذا الدعم.
إبرام الاتفاقية المذكورة بين المكتب الأوروبي وبلجيكا، لم يجد حلاً لأزمة طالبي اللجوء، حيث ترك في البلد الأوروبي منذ 24 يناير/كانون الثاني الماضي، ما بين 15 إلى 40 شخصاً يومياً في الشوارع.
وفي حديثها للأناضول، قالت سوتيتا نجو، منسقة مبادرات التنسيق من أجل اللاجئين والأجانب (CIRE) في بلجيكا، إن طالبي اللجوء يبيتون الليالي في الشوارع تزامناً مع البرد القارس.
وأضافت أن القانون البلجيكي يتضمن حلولاً بديلة لهذه الأزمة، وتتمثل في تفعيل البلديات منظومة المساعدات، مردفة: "لكن ليست هناك رغبة سياسية لحل الأزمة".
وتابعت: "بلجيكا لا تريد التحول إلى بلد جذاب بالنسبة للاجئين".
ولكن عقب بدء موجة اللاجئين الأوكرانيين، قامت بلجيكا بتفعيل منظومة المساعدات المذكورة، حيث إنه وعقب منح صفة "الحماية المؤقتة" للأوكرانيين، باتوا يتوجهون إلى مراكز أخرى غير التي يتوجه لها المهاجرون الآخرون، لتقديم طلب اللجوء.
كما يتم منح الأولوية للأطفال والنساء والمسنين من الأوكرانيين المتقدمين بطلب اللجوء إلى بلجيكا.
وعقب التقدم بطلب اللجوء إلى المركز المخصص لهم، تقوم سلطات البلديات بنقل الأوكرانيين إلى مراكز الإيواء المخصصة لهم، فيما يتم تأمين مأوى مؤقت لمن لا يتمكنون من إتمام إجراءات التقدم بطلب اللجوء خلال اليوم.
وتمنح السلطات البلجيكية للأوكرانيين المستكملين لإجراءات طلب اللجوء، تصريح إقامة وإذن عمل، فضلاً عن إتاحتها لهم الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية.
كما يحصل الأوكرانيون على مساعدات بلجيكية مخصصة لـ"الرخاء الاجتماعي، والإيواء والمعيشة".
وإلى جانب هذه الخدمات الخاصة، تقدم بلجيكا أيضاً للأوكرانيين، حلولاً خاصة للمشاكل التي تواجههم.
يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الطوابير الطويلة أمام الوكالة الاتحادية لاستقبال طالبي اللجوء في بلجيكا "فيداسيل"، وإهمال مهاجري البلدان الأخرى، وتركهم يبيتون في العراء ليلاً.
وحتى حيوانات اللاجئين الأوكرانيين تحظى بالرعاية
وفي الوقت الذي تشجّع فيه بلجيكا الإعلام والصحافة على تسليط الضوء على الخدمات التي تقدمها للاجئين الأوكرانيين، فإنها تعبّر عن انزعاجها من تصوير معاناة المهاجرين الآخرين المكتظين أمام "فيداسيل".
بلجيكا التي كانت تبرر عدم قبولها المهاجرين بعدم وجود أماكن كافية لإيوائهم، قامت قبل يومين بافتتاح مركز جديد لإيواء 1500 لاجئ أوكراني في منطقة "ولويه سانت لامبرت".
ولا تقتصر الخدمات المقدمة من قبل بلجيكا على اللاجئين الأوكرانيين فقط، بل تشمل أيضاً حيواناتهم الأليفة التي اصطحبوها معهم.