مع محاولة روسيا تطويق العاصمة الأوكرانية كييف، فإنه من المنتظر أن يتحول الجيش الأوكراني لخوض حروب المدن ضد نظيره الروسي، حرب قد تبدأ بالحصار، وقد تنتهي بمعارك شوارع.
ومنذ البداية ركز الدعم الغربي للجيش الأوكراني، على دعمه لخوض حرب غير متماثلة ضد الجيش الروسي الأضخم بكثير.
ولذا لم يكن غريباً أن ترفض الولايات المتحدة المقترح الذي طرح أولاً من الاتحاد الأوروبي ثم بولندا، بتزويد أوكرانيا بطائرات بولندية سوفييتية الصنع من طراز ميغ 29، ليس فقط لأن هذا القرار من شأنه استفزاز روسيا واحتمال حدوث اشتباك بين الناتو وموسكو خلال عملية تسليم هذه الطائرات، ولكن الفكرة نفسها ليست ذات جدوى عسكرياً.
صفقة إعلامية لا جدوى من ورائها
تواصل روسيا تقدمها في أوكرانيا مستعينةً بضربات جوية مدمرة يشتد وقعها في العاصمة كييف ومدينة خاركيف الواقعة في شمال شرق البلاد.
وفي ظل التسابق الغربي لدعم أوكرانيا خرج جوزيب بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، بتصريح غريب قال فيه إن أوكرانيا ستحصل على 70 طائرة مقاتلة من عدة دول، وإن هذه الطائرات يمكن أن تتمركز في مطارات بولندية، متحدثاً عن تمويل أوروبي محتمل لهذه الصفقة.
وقال المكتب الصحفي للبحرية الأوكرانية: "إذا لزم الأمر، يمكن للطائرات التمركز في المطارات البولندية، وأن يخرج الطيارون الأوكرانيون في طلعاتهم القتالية من هناك".
لكن الأمين العام لحلف الناتو قال إن الحلف لن يرسل طائرات مقاتلة أو قوات أو يفرض حظر طيران فوق أوكرانيا لدعم كييف، لأنه لا يريد أن يكون جزءاً من الصراع، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.
ورغم إعلان بولندا استعدادها لتسليم هذه الطائرات للولايات المتحدة في قاعدة رامشتاين الألمانية، لتسلمها الأخيرة بدورها لأوكرانيا، إلا أن المسؤولين الأمريكيين رفضوا الفكرة تماماً، وأصروا على هذا الرفض رغم الانتقادات الأوكرانية والبولندية.
المقارنة بين طيران البلدين تظهر لماذا تبدو فكرة الميغ فاشلة تماماً؟
تشير التقديرات الصادرة هذا العام 2022 عن قاعدة بيانات Flight International World Air Forces، المعنية برصد حجم القوة الجوية للدول، أن القوات الجوية الأوكرانية كانت تمتلك قبل الحرب 210 طائرات عسكرية، منها 98 طائرة مقاتلة.
وتتكون القوة الجوية الأوكرانية في أغلبها من طائرات "ميغ 29" MiG-29 السوفييتية، كما تملك عدداً قليلاً من طائرات "سوخوي 27" النفاثة (أقل من 30 طائرة).
على الجانب الآخر، تملك روسيا قوة جوية عسكرية أكبر بكثير، تضم 3863 طائرة في الخدمة، وفقاً لقاعدة بيانات Flight International، من بينها نحو 1500 طائرة مقاتلة أي يزيد عدد الطائرات المقاتلة التي تملكها روسيا بنحو 15 مرة على نظيرها لدى أوكرانيا.
لكن على الرغم من صغر ترسانة أوكرانيا العسكرية، فإن وزارة الدفاع الأوكرانية ذكرت أنها في 1 مارس/آذار، كانت قد نجحت في إسقاط 29 مقاتلة روسية، و29 طائرة هليكوبتر، و7 وحدات دفاع جوي.
في المقابل، تحدث الروس عن تحييدهم أو تدميرهم لمعظم سلاح الجو الأوكراني، وبالتالي فإن حصول سلاح الجو الأوكراني على 70 طائرة كما اقترح الاتحاد الأوروبي من دول أوروبا الشرقية، لن يغير في الميزان العسكري شيئاً، ومثلما دمرت روسيا جزءاً كبيراً من ترسانة أوكرانيا الجوية من الطائرات التي ورثتها كييف عن الاتحاد السوفييتي، فإنها تستطيع أن تفعل مع الطائرات الميغ المقدمة لكييف من دول أوروبا الشرقية التي ورثتها بدورها عن حلف وارسو.
وقد يكون الاستثناء الممكن هو أن تتحرك هذه الطائرات من المطارات البولندية وتحت حماية طائرات بولندية أو تابعة للناتو، وهو ما يعني فعلياً انخراطاً من قبل الغرب في الصراع يهدد بوقوع حرب عالمية ثالثة، كما قال أمين عام الناتو.
لماذا لم تزود أمريكا الجيش الأوكراني بأية دبابات؟
ضاعفت أوكرانيا ميزانيتها الدفاعية 3 مرات منذ عامي 2014-2015، في محاولة لتحسين جيشها وللوفاء بالمعايير المطلوبة ضمن شروط الانضمام إلى حلف الناتو. وقد أسهمت تلك الزيادة في تعزيز قدرة أوكرانيا على التصدي للغزو الروسي كما يبدو حالياً.
يبلغ تعداد الجيش الأوكراني حالياً 125600 ألف جندي، مقابل 280 ألف جندي حول وداخل أوكرانيا لدى روسيا. ومع ذلك، تظل روسيا التي تملك 900 ألف جندي، متفوقة بكثير من حيث العدد الإجمالي للأفراد العسكريين، على أوكرانيا الذين لا يتجاوز العدد الإجمالي لهم 196900 ألف جندي.
وتملك أوكرانيا أيضاً 900 ألف جندي احتياطي، ممن تلقوا تدريبات عسكرية في السنوات الخمس الماضية، موازنةً بنحو مليوني جندي تملكهم روسيا.
يلاحظ أنه رغم تدفق المعدات العسكرية الغربية على أوكرانيا، فليس هناك تقارير تفيد بأن هذه الصفقات تضم دبابات أو مدفعية ثقيلة.
ويرجع ذلك إلى أنه في مجالي الدبابات والمدفعية الثقيلة كما الطائرات، هناك تفوق روسي نوعي وكمي ساحق على أوكرانيا.
إذ تحوز روسيا قوة مدفعية تزيد كميتها بنحو 3 أضعاف نظيرتها لدى أوكرانيا، و6 أضعاف عدد دبابات أوكرانيا، وما يربو على 7 أضعاف المدرعات الأوكرانية، ناهيك عن الفروق النوعية.
ويعني ذلك استحالة نجاح أوكرانيا في تجسير الفجوة بينها وبين روسيا في هذا المجال، وأن محاولة خوض حرب دبابات ومدفعية تقليدية ثقيلة، تجعل رصد طوابير الجيش الأوكراني أكثر سهولة للطائرات والوحدات العسكرية الروسية، وسوف ينتهي الأمر بمذبحة للجيش الأوكراني.
وفي مجال البحرية، وتشغِّل البحرية الروسية 74 سفينة حربية، و51 غواصة، في مقابل سفينتين بحريتين أوكرانيتين، وهنا التفوق الروسي يزداد وضوحاً، ولذلك اكتفت الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بقوارب للدوريات الساحلية.
يقول خبراء عسكريون إن الدفاعات الأوكرانية المضادة للطائرات والصواريخ ضعيفة، ما يجعلها معرضة بشدة للضربات الروسية على بنيتها التحتية، ويقولون إن روسيا ستسعى أيضاً إلى استخدام تفوقها في أدوات الحرب الإلكترونية لتعويق خصمها والسيطرة عليه وقطع الاتصال مع الوحدات في الميدان.
ما الأسلحة التي يراهن الغرب أنها ستجعل أوكرانيا تواصل المقاومة؟
قدمت دول غربية عديدة المساعدة لأوكرانيا لتعزيز دفاعاتها العسكرية، ولكن الملاحظ أن معظم الأسلحة المقدمة تعزز فكرة الحرب غير المتماثلة أي أنها تساعد الجيش الأوكراني على خوض حرب مدن (أو حرب غابات في بعض المناطق) من مواقع محصنة أو مخفية ضد جيش أكبر بكثير ويسيطر على السماء وخطوط الإمدادات.
منحت الولايات المتحدة أوكرانيا أكثر من 2.5 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ عام 2014، ويشمل ذلك صواريخ جافلين المضادة للدبابات وقوارب للدوريات الساحلية وعربات هامفي وبنادق قنص وطائرات استطلاع بدون طيار وأنظمة رادار ورؤية ليلية ومعدات راديو.
كما باعت تركيا إلى أوكرانيا عدة دفعات من طائرات "بيرقدار تي بي 2″، ومنحتها بريطانيا 2000 صاروخ قصير المدى مضاد للدبابات في يناير/كانون الثاني وأرسلت متخصصين من بريطانيا لتدريب القوات الأوكرانية.
إليك الأسلحة التي قد تستخدمها أوكرانيا في حروب المدن
صواريخ "غافلين" Javelin الموجهة المضادة للدبابات
تعتمد صواريخ غافلين المضادة للدبابات على التوجيه بأنظمة الأشعة تحت الحمراء لتتبُّع أهدافها، ما يعني أن مستخدمها لا يتحمل عناء كبيراً في التصويب. وتستطيع تلك الصواريخ أن تحلق حتى ارتفاع 490 قدماً (149 متراً) في الهواء قبل إصابتها للهدف.
ورغم أن روسيا تقول إنها طوّرت تقنيات ردع جديدة، إلا أن القوات الأوكرانية تقول إنها نجحت بتدمير عشرات الدبابات الروسية وإخراجها عن الخدمة بواسطة صواريخ جافلين الأمريكية وغيرها من الصواريخ الحرارية المحمولة على الأكتاف، وذلك خلال المعارك في وسط وشرق وجنوب أوكرانيا، بحسب ما تقول وزارة الدفاع الأوكرانية.
وأظهرت العديد من مقاطع الفيديو والصور المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي لقطات لما قيل إنها دبابات روسية بعضها من طراز T27، قد تم إعطابها بواسطة صواريخ جافلين، وسبق أن وصف المسؤولون الأمريكيون شحنات جافلين الأمريكية إلى أوكرانيا بأنها "مصممة خصوصاً لتغيير حسابات بوتين بشأن غزو محتمل"، كما تنقل ذلك مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
تقول المجلة الأمريكية إن إيمان أوكرانيا بنظام جافلين قوي للغاية، لدرجة أن وزير الدفاع في البلاد ذهب مؤخراً إلى حد القول إن ثقته بالقوات المسلحة كانت فعالة "مثل ذلك الصاروخ جافلين الذي يطلق من على الكتف".
الجيل القادم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات؛ صواريخ "نلاو" NLAW
ومسمى ""NLAW" هو اختصار لمصطلح "The Next Generation Light Anti-tank Weapon "أي الجيل القادم من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات، وهو نظام بريطاني- سويدي مشترك للصواريخ المضادة للدبابات قصيرة المدى، وتعمل أيضاً على نظام "أطلق وانسَ".
وصُممت صواريخ NLAW للاستخدام من قِبل قوات المشاة، حيث تطلق من الكتف ويُمكن التخلص منها بعد الإطلاق. وبحسب وزير الدفاع البريطاني بن والاس، فقد أرسلت لندن الآلاف من هذه الصواريخ لكييف مؤخراً وقد ترسل المزيد، كما قامت السويد مؤخراً بإرسال 5000 صاروخ مضاد للدبابات من الجيل الجديد لصواريخ (NLAW).
وتستطيع هذه الصواريخ أن تحلق بسرعة 440 ميلاً (708 كيلومترات) في الساعة، باستخدام منظومة توجيه تعتمد على القصور الذاتي للطيران إلى المركبة المستهدفة.
تقول القوات الأوكرانية إنها تعتمد على هذه الصواريخ بشكل كبير خلال المعارك الجارية حالياً في الأراضي الأوكرانية إلى جانب صواريخ جافلين، حيث تعد صواريخ MBT LAW سلاح قتال رئيسياً مضاداً للدروع.
وبحسب الإيكونوميست، فإن صواريخ "أطلق وانسَ"، مثل NLAW و Javelin يمكن أن تصعّب من مهمّة الجيش الروسي بدخول المدن الأوكرانية، إذ تعد الصواريخ المضادة للدبابات "أسلحة كمائن".
وعلى الرغم من أن صواريخ جافلين يمكن أن تضرب الدبابة على بعد ميلين، فإن صواريخ NLAW تتطلب من صاحبها الدخول في مسافة تصل إلى 800 متر أو نحو ذلك لضرب العدو، وهي مهمة أسهل في الغابات أو المدن أكثر من السهول.
وبالتالي ستكون ترسانة أوكرانيا الكبيرة والمتنامية من هذه الصواريخ أكثر فاعلية في المناطق الحضرية أو مناطق الغابات، حيث يمكن للمدافعين الاختباء بين المباني أو الأشجار والاقتراب دون أن يتم اكتشافهم.
صواريخ "ستينغر" Stinger المضادة للطائرات صديقة الأفغان
صواريخ ستينغر هي نظام دفاع جوي محمول (MANPADS) يستخدم تقنية التوجيه بالأشعة تحت الحمراء لرصد الأهداف الجوية واستهدافها.
تبرعت لاتفيا وليتوانيا بصواريخ ستينغر إلى أوكرانيا، ثم توالت التبرعات من الدول الغربية، واشتهرت هذه الصواريخ خلال الحرب الأفغانية بعد أن زودت الاستخبارات الأمريكية المجاهدين الأفغان بها ويقال إنها لعبت دوراً في الانسحاب السوفييتي، ولقد استخدمته القوات الأوكرانية بالفعل في إسقاط طائرات روسية.
طائرات بيرقدار: كييف تقول إنها كبدت روسيا خسائر كبيرة
الغرض منها: هي طائرات تركية بدون طيار، تستطيع التحليق لمدة 24 ساعة على ارتفاع 24 ألف قدم (7300 متر) ونقل حمولة تبلغ 330 رطلاً (150 كغم). وهي قادرة على تنفيذ ضربات جوية ضد الدبابات والمخابئ، والتحليق على ارتفاع 5 أميال (8 كيلومترات) لتجنب الإصابة برشاشات العدو. كما تستطيع هذه الطائرات التنقل حتى لو فقدت إشارة "نظام تحديد المواقع العالمي" GPS.
تقول تقارير إن أوكرانيا تمتلك بدءاً من عام 2018، ما يقرب من 20 طائرة بدون طيار من طراز TB-2 Baykar والتي أثبتت فاعليتها ضد المنظومات الدفاعية روسية الصنع في العديد من البلدان، مثل سوريا وليبيا وأذربيجان. كما تزود تركيا أوكرانيا أيضاً بطائرات "أكينجي" Baykar Akinci، وهي طائرة بدون طيار تركية أخرى على ارتفاع متوسط وطويلة التحمل كشفت أنقرة النقاب عنها قبل نحو عامين.
خلال المعارك الجارية، نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر تدمير طائرات بيرقدار عشرات المدرعات والدبابات والأرتال العسكرية الروسية في أوكرانيا، قائلة إن القوات الروسية تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد ولم تنجح في عملياتها حتى الآن بفضل ضربات الطائرات المسيرة والعديد من الأسلحة الأخرى التي تستخدمها القوات الأوكرانية.
كيف ستكون نتيجة حروب المدن؟
من المرجح أن تؤدي حرب المدن التي يغذيها الغرب إلى تدمير المدن الأوكرانية، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
وحتى الآن، نفذت القوات المسلحة الأوكرانية دفاعاً غير متوقع وفعالاً في مواجهة الغزو الروسي.
واستخدمت القوات الأوكرانية، إلى جانب الآلاف من المقاتلين الأجانب المتطوعين، الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة وأوروبا بشكل فعال. استغل المدافعون ضعف التخطيط العسكري الروسي في الأيام القليلة الأولى من الصراع لتدمير أو الاستيلاء على أعداد كبيرة من الأصول العسكرية الروسية.
وأثار التقدم العسكري الروسي دعوات لمزيد من المساعدة العسكرية والدعم للتمرد الحضري ضد الحصار الروسي للمدن الأوكرانية، في ظل توفر الأسلحة في أوكرانيا، فضلاً عن العدد المتزايد من المقاتلين والمرتزقة الأجانب في النزاع.
في المقابل تفيد التقارير بأن موسكو تقوم الآن بتجنيد مرتزقة سوريين موالين للأسد في القتال في المناطق الحضرية للقتال في أوكرانيا.
يقول بحث للموقع الأمريكي إن تقديم المزيد من الأسلحة لدعم حرب المدن سيفيد المدافعين الأوكرانيين، ولكنها ستؤدي إلى حرب أطول تدميراً وستكون لها آثار متابعة طويلة المدى.
ويعد الاستمرار في تزويد الأوكرانيين بالأسلحة الذين يدافعون عن مدنهم مفهوماً جذاباً، لأن المدن تتمتع بمدافعين أصغر حجماً وضعيفي التسليح. تسمح المدن، بشوارعها الضيقة وأزقتها، للمدافعين بالاختباء في المباني وخلق مخاطر طبيعية لتقدم القوات العسكرية التقليدية.
يمكن دفن العبوات الناسفة المرتجلة عند تقاطعات الشوارع، مما يؤدي إلى إبطاء تقدم المهاجمين. تحد المدن من أنواع ونوعية المعلومات الاستخباراتية التي يمكن أن تجمعها القوات المهاجمة حول المدافعين، مما يجعل من الصعب على القوات المهاجمة القتال بفاعلية. الذكاء البشري أمر بالغ الأهمية لنجاح الحملات العسكرية الحضرية. لكن في حروب المدن، لا يوجد حافز كبير للسكان لتبادل المعلومات الاستخباراتية. في كثير من الحالات، يدعم سكان المدينة المدافعين المحليين.
ما لم ترغب القوات العسكرية المهاجمة في تدمير المدينة، فإنها تحد من استخدامها للدبابات والمدرعات والمدفعية الثقيلة والقوة الجوية. تجعل الأحياء الحضرية الضيقة الجيوش التقليدية تعمل في مجموعات أخف وأصغر، مما يزيد من تعرضها للهجوم من الصواريخ المحمولة على الكتف وزجاجات المولوتوف والمدنيين المسلحين بأسلحة خفيفة.
الجانب السلبي لتسليح المدافعين عن المدن هو الموت والدمار الذي يمكن أن يسببه.
تشير الدراسات المتعلقة بحرب المدن إلى أن المزيد من الناس يموتون عندما تحدث الحروب في المدن الكبيرة والمكتظة بالسكان. في الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، حيث اتخذ تنظيم الدولة الإسلامية معركته الأخيرة، يقدر البعض مقتل ما يصل إلى 40 ألف شخص، وفر أكثر من مليون شخص من المدينة، وتدمير 32 ألف مبنى. تقدر تكلفة إعادة البناء بأكثر من مليار دولار؛ لا يشمل عدد مواقع التراث العالمي التي دمرت في المدينة القديمة بالمدينة.
أوكرانيا على طريق أفغانستان أم الشيشان؟
يحاول الغرب أن يجعل أوكرانيا أفغانستان الجديدة، ولكن ليس في أوكرانيا، جبال مثل أفغانستان، وبالتالي المدن هي وسيلة الملاذ الوحيدة للمقاومة الأوكرانية.
ولكن قد تنتهي محاولة الغرب لجعل أوكرانيا أفغانستان جديدة إلى تحويلها إلى سوريا أو شيشان أخرى، ينتصر فيها الروس ولكن بثمن بشري باهظ للطرفين.
وتشير جميع الأدلة المتاحة حول النهج الروسي لحرب المدن إلى أنه ينبغي توقع حدوث دمار حضري واسع النطاق. وشملت العمليات العسكرية الروسية في المدن السورية الاستخدام العشوائي للبراميل المتفجرة والذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة في حلب وإدلب. وأمر بوتين، بهدم جروزني، عاصمة الشيشان، خلال حرب الشيشان الثانية في عام 1999 كجزء من حملته لإخضاع التمرد الشيشاني. أصبحت غروزني معروفة بأنها المدينة الأكثر تدميراً على وجه الأرض.
قد تختار روسيا مهاجمة شحنات الأسلحة، مما يدفع الدول الموردة للأسلحة إلى الصراع. الأهم من ذلك أنه مثلما حدثت من قبل في مثل هذه الصراعات فإن جزءاً من هذه الأسلحة يصل إلى الإرهابيين وتجار السوق السوداء من خلال المسؤولين الحكوميين الفاسدين (والذي يمثل بالفعل تحدياً في أوكرانيا)، حسب الموقع الأمريكي.
غالباً ما تجد الأسلحة غير المؤمنة من إحدى مناطق الصراع طريقها إلى حروب أخرى. ليبيا مثال مناسب. تفجر تهريب الأسلحة من ليبيا بعد الحرب الأهلية الليبية، حيث تم استخدام الأسلحة الليبية في جميع أنحاء شمال إفريقيا وكينيا والعراق وغزة وسوريا. في أوروبا، يمكن أن ينتهي المطاف بمجموعة الأسلحة التي تدخل أوكرانيا في أيدي الميليشيات الأوكرانية اليمينية المتطرفة التي تطوعت للقتال ضد روسيا.